الخلق والتطور … بين هارون يحيى وادم رذرفورد

بقلم: ادم رذرفورد

ترجمة: حيان الخياط

عالم الاحياء ادم رذرفورد

على نحو غير متوقع، لقد تلقيت مؤخراً دعوةً من الكاتب التركي “هارون يحيى” للذهاب الى اسطنبول من أجل مقابلة حصرية معه ـ واسمه الحقيقي عدنان اوكتارـ وهو شخص مثير للاهتمام فعلاً.

يعتبر هارون يحيى من اشهر الخلقيين المسلمين، وعلى العكس من معظم الخلقيين المسيحيين، اوكتار وزمرته يمثلون جماعة تركية تدعى “مؤسسة البحوث والعلوم” وهم لا يعتقدون ان الارض وجدت منذ 6 آلاف سنة فقط.

اوكتار قام بتأليف مجلد ضخم اسمه “اطلس الخلق” وفيه يؤكد وبلا كلل ان سجل الحفريات يدل على ان جميع المخلوقات وجدت منذ البداية كما هي اليوم. الكتاب يدافع عن الفكرة في كثير من الاحيان بشكل سطحي وغير دقيق، وهو يستعرض صورة احفورة معينة والى جانبها صورة مماثلة لنفس الكائن اليوم.

يتميز هذا الكتاب بوزنه الذي هو ستة كيلوغرامات و800 صفحة لامعة بالإضافة الى الشروحات المبهرجة على الجانب. وهو تقريباً مقارب لقصة الخلق في الكتاب المقدس والتي هي عبارة عن قصة اسطورية رمزية من مرحلة الطفولة البشرية. للعين غير المدربة والواعية، كتاب الاطلس يبدو مثيراً للإعجاب وذا مصداقية، على الرغم من كونه خدعة كبيرة.

الخلقي هارون يحيى

وقد تلقيت مراسلات غير مرغوب بها من مكتب اوكتار هذا الاسبوع، ـ الذي يصادف العيد الـ200 لميلاد دارون ـ ونبهت على الهراء الذي يدعو للضحك في اراء اوكتار، بما في ذلك رأيه ان “دارون هو اسوأ فاشي وجد حتى الان، واسوأ عنصري شهده التاريخ، وهذا ليس اتهاماً او اهانة بل حقيقة فلسفية وتقنية.”

بعد ان طرحت بعض الاسئلة عن الدعوة، تناقصت اللهفة حولها، فالعاملون في صحيفة الغارديان  ونيتشر، بل وحتى احد اشهر الملحدين واكثرهم سحراً في المملكة المتحدة وهو “أريان شيرين” قد وجهت اليهم دعوة مماثلة للمقابلة في عرين اوكتار.

بشكل ظاهر للعيان، يعد هذا الامر تكتيكاً قديماً ليس للفوز بالجدال، ولكن للحصول على جدال، حیث ان الدخول في النقاش یحسن موقف الخلقیین الی حد ما. انا حذر جداً، ومع هذا فهارون يحيى مؤثر في فكرة الخلق بالنسخة الاسلامية، وبالتالي قد يكون من المفيد مناظرته، ولهذا تشاورت مع “أوجيتي سكوت” وهي رئيسة حكيمة للمركز الوطني لتعليم العلوم الذي يعد من المنظمات التي تسعى للدفاع عن نظرية التطور وشرحها. وقد قالت بضرورة ان اذهب، واقترحت ان اضغط عليه في مسألتين:

1 ـ من أين يحصلون على التمويل؟ هذا التمويل الهائل الذي يمكنهم من ارسال كتاب اطلس الخلق الى آلاف المؤسسات التربوية ووسائل الاعلام حول العالم.

الغارديان صرحت: الكتاب مبهرج لكنه ليس تافهاً، ان تكلفة الانتاج ضخمة جداً، صحيح انهم تكفلوا بلعق الكثير من الطوابع ولكن من الذي دفع؟

2 ـ لا يبدو ان هنالك اية اشارة لحقوق النشر او تصريحات بشأن آلاف الصور في كتاب “اطلس الخلق”، ان مشروعية هذا الامر محيرة بالتأكيد، لماذا لا توجد دعوى او منازعة مع هارون يحيى حول هذا الموضوع؟

صفحة من كتاب اطلس الخلق التي تحتوي على ذبابة القمص

على اية حال، هنالك جانب اخر مضحك يتعلق بهذا السؤال، ففي الصحفة 244 من الكتاب توجد صورة  لذبابة القمص (a caddis fly)، مع الاسطورة التي يؤكد عليها ـ كما يفعل تقريباً في كل صفحة ـ وهي ان هذه الحشرة كانت موجودة دائماً في شكلها الحالي، وذلك بمقارنتها مع أحفورة مماثلة لها، وهذا يثبت ان التطور كلام فارغ! الا انها ليست ذبابة القمص، بل هي طعم لصيد الاسماك متقنة الصنع من قبل سيد غراهام أوين، مع الخطاف الواضح جداً الذي يثقب البطن الصناعية، يضاف الى هذا وجود أمثلة رائعة اخرى من عمل أوين في الاطلس!

موظفة الغارديان “Riazat” قابلت اوكتار وكتبت عنه في مدونة العلم، وسألته عن موضوع التمويل ولكنه لم يجب!

وقد طغى على المدونة انصار متحمسون وصلت ردودهم الى 457 تعليقاً، على الرغم من انني احصل على ما يكفي من رسائل المضايقة من قبل الخلقيين بالإضافة الى بضعة ملاحقين مملين، فان الالقاب نفسها لا تلحق مدونتي عن التطور او نظرية الخلق. مما يعني انه ضرب من الدفاع المنسق، هؤلاء الناس ليسوا اغبياء حتى وان كانوا حمقى.

اوكتار يطارد بعيداً عن الجدل حول الخلق، فلديه تكيتك مفضل هو الحصول على المواقع المحظورة وذات النجاحات البارزة في تركيا مثل موقع عالم الاحياء “ريتشارد دوكينز”، ولكن اوكتار لديه تعاملات غير سارة اخرى، بما في ذلك الجنس وفضائح الابتزاز.

في مايو 2008 حكم عليه بالحبس مدة ثلاث سنوات وذلك لـ “إنشاء منظمة غير مشروعة لتحقيق مكاسب شخصية”

لكي اكون صادقاً، انا لا افهم لماذا هو ليس في السجن.

من الممكن جداً بعد هذه المقالة ان يتم سحب العرض بمقابلة هارون يحيى، ولكن هل هنالك اي شيء يمكن ان نجنيه بالحديث معه؟ باعترافه الشخصي، هارون يحيى ليس عالماً، وبذلك يمكننا التأكد من المسار الذي سيتخذه النقاش.

ان عرضه مبلغ (th4) جنيه استرليني جائزة لمن يأتي بمتحجرات انتقالية لا يوحي بعقل متفتح.

نظرية الخلق بالنسخة الاسلامية مختلفة ولكنها ليست اقل شطحاً مما لدى الاصولية المسيحية. قد تكون فكرة مقابلة هارون يحيى مغامرة، لكن انا حائر ولذلك اضع لك عزيزي القارئ السؤال التالي: هل عليّ ان أذهب الى تركيا لمقابلة هارون يحيى؟ واذا كانت الاجابة نعم، فماذا اسأله؟

الرابط الاصلي: http://www.guardian.co.uk/commentisfree/belief/2009/feb/10/religion-evolution