يقول رجلٌ: “نحن نصدقكم، إن هؤلاء محتالون ودجالون، لكنني تحسنت بعد أن أخذت خلطة الأعشاب التي أعطاني إياها الشيخ، لقد كانت تتكون من العسل والحبة السوداء وبضعة مواد أخرى”.  ويقول آخر: “لقد كنت مواظباً على الدواء الذي أعطاني إياه الشيخ وكان ضغط الدم عندي جيداً، كنت آخذه كل يوم، لكن عندما تركته ساءت الأمور”.

لا يُمكن أن نُهمل إشارات كهذه، ما الذي يفعله هؤلاء لينجحوا في كسب الناس؟ نعم إن للعلاج بالوهم (البلاسيبو) تأثيرات لا تحصى، وللموهومين وغير المصابين بأي مرض نسبة أخرى كبيرة من الحالات التي تدعي النجاح، فضلاً عن المتواطئين مع السحرة والشيوخ ممن يدعون أنهم نالوا الشفاء من خلال اخذ الخلطات السحرية التي قدمها الشيخ. لكن هل هذا كل شئ؟

ما نكتبه هو اعتراف لأحد الذين عملوا مع محتالي الرقية الشرعية والطب النبوي والذين لا يختلفون عن المشعوذين والسحرة سوى بطريقة تسويقهم للعلاجات الكاذبة كما لا يختلفون كثيراً عن العشابين والعطارين الذين يزعمون معالجة الأمراض المستعصية. يقول الرجل بأن صاحبه كان يدق حبوب علاج المرض ذاته مع الأعشاب ويقدمها للمريض ليأخذ المريض علاجه ويتعافى.

ببساطة شديدة، يميل كثيرٌ من المرضى إلى عدم الالتزام بالعلاج الحقيقي مع القاء اللائمة على الطبيب أو على ظروف الحياة، لكن عندما يُحاط العلاج بهالة من القدسية ووعود بالشفاء التام تصبح المغريات كبيرة أمام المريض، فما الذي يقوم به الدجال؟ ببساطة سيضع له دواءه في العلاج، أما عن الربح المادي فالدجال أخذ بشكل مسبق أضعاف الكلفة المطلوبة للعلاج وسيؤدي ذلك إلى ملازمة المريض له ليأخذ علاجه ذاته مخلوطاً مع الأعشاب.

ماذا عن من يشكون من آلام معينة؟ الخيارات كثيرة للمسكنات، سيعطيك خلطة أعشاب ممزوجة بمسحوق لمسكن قوي جداً مثل الفولتارين (diclofenac sodium) الفوار، وسيطلب منك أن تضعه في الماء، الأعشاب ذات الطعم اللاذع ستخفي أثره وستأخذه وتتحسن وتظن أن الأعشاب أو الطب النبوي أو الرقية أو الشعوذة قد نجحت معك. البراسيتامول أيضاً ستختفي مرارة طعمه بعدما يُحل في الماء مع الطعم المر لكثير من الأعشاب التي سيصفها الدجالون.

أحد الدجالين في العراق يقدم للناس العسل فقط، وهو يأخذ من المريض الواحد ما يُقارب الـ 60 دولار أمريكي، بالتأكيد سيسألهم عن أمراضهم وسيقرر ما هو الخيار الأفضل ليعطيهم إياه.

إن الأدوية بقدر ما تبدو بسيطة وسهلة التداول فهي خطيرة وتحتوي على ما يُمكن أن يُحدث تأثيراً معاكساً بكل سهولة، كثير من الناس صاروا يتداولون الأدوية دون استشارة الطبيب، ومع تردي الواقع الإقتصادي الممتزج بالجهل الشديد وتردي مستويات التعليم والخدمات الصحية فإن كثيراً من هؤلاء سيفكرون بإستخدام الانترنت وبعض المعلومات العامة لإعطاء الناس هذه الأدوية وتحت غطاء الدين أو الأعشاب أو الشعوذة، بحسب طبيعة متطلبات الجمهور ليحققوا منهم مكاسب مادية كبيرة.

ضريبة الجهل ثقيلة على ضحايا هؤلاء الدجالين، فمن جهة سيدفعون أضعاف ثمن الدواء الأصلي ليأخذوا جرعة غير منتظمة منه مخلوطة بأعشاب ذات طعم غير مقبول ربما وليعرضوا أنفسهم للخطر من أخذ الدواء من شخص غير مختص ولا يعرف تضارب تأثيرات الأدوية المختلفة.