الكون مليء بالمجرات والسُحب الغازية والنجوم والكواكب والأقمار وغيُرها من الأجرام. ولدينا من الكواكب ثمانية في نظامنا الشمسي، لكننا نعلم أنها مجموعة صغيرة بالمقارنة مع العائلة الكونية الضخمة من الكواكب عبر المجرات. إنها حقاً لحظة مُذهلة في التاريخ العلمي أن نتأكد من وجود أنظمة كوكبية اُخرى هُناك في هذا الكون الواسع.

الكواكب هي تلك الأجرام السماوية التي تدور في مدارات حول نجم أو بقايا نجم، وهي كبيرة بما يكفي لتأخذ شكلاً مُستديرًا تقريباً بفعل قوة جاذبيتها، ولكنها ليست ضخمة بما يكفي لدرجة حدوث اندماج نووي بداخلها. وقد أثبت العالِم الألماني يوهانس كيبلر (Johannes Kepler)  أن مدارات الكواكب بيضاوية وليست دائرية، ومع تَطوُر أجهزة الرصد أدركنا أن جميع الكواكب تدور حول محاورها ولكن بميل طفيف.

يقول عالِم الفلك جيوف مارسي (Prof. Geof Marcy) “هناك في الكون من بين مائتي بليون مجرة توجد مجرتنا الحميمة درب التبانة، وهُناك بالتاكيد عشرات البلايين من الكواكب هناك”.

في عام 2009 أطلقت وكالة الفضاء ناسا مقراب “كيبلر” الفضائي في مهمة للعثور على كواكب جديدة تدور حول نجوم اُخرى. وقد أكتشف 400 كوكب خلال سنتين فقط. في الماضي القديم كان يُعتقد أن الكواكب الوحيدة التي نعلمُها هي ما تدور حول الشمس، ولكن تم إكتشاف عوالِم صخرية وعمالقة غازية تدور حول نجوم اُخرى، كما أنها تُخبرنا قصصاً مُدهشة، كما أن التاريخ الأول لتلك الكواكب كان عنيفاً للغاية.

إن أغلب ما نعرفه عن كيفية عمل الكواكب يأتي من الكواكب الثمانية التي تدور حول نجمنا المعروف بالشمس، وتأتي كواكبنا  في مجموعتين رئيسيتين: أربعة كواكب في المجموعة الداخلية الصخرية، وأربعة في المحموعة الخارجية الغازية. وقد بدأت كواكبنا بالتشكُّل قبل 4.6 مليار عام لكن كل منها متميز ومختلف للغاية.

تتكون الكواكب دائماً بنفس الطريقة، تتكون من الغُبار والأطلال التي تخلَّفت من مولد النجوم؛ لكن لو تكوَّنت جميعاً بنفس الطريقة فما الذي يجعلُها مُختلفة عن بعضها البعض؟

يقول عالِم الفلك/ ستيف سكواريس (Prof. Steph Scwares): “تتألف جميع الكواكب من سحابة الغبار والغاز التي خلفتها النجوم التي تدور حولها، لكنها تكوَّنت تحت ظروف مُختلفة بالكامل. بعضها تكوَّنت على مقربة من الشمس حيث كانت الحرارة عالية، وبعضها الآخر بعيد حيثُ كانت الحرارة أقل. ولأن الأجواء كانت مُختلفة تماماً، فكانت النتيجة النهائية أن ناتج تكوين الكواكب نفسها مختلف أيضاً.”

وتقول عالمة الكواكب كلاوديا ألكسندر (Claudia Alexander) “النظام الشمسي من وجهة نظري مزيج مُتماثل للغاية من السيليكات وبخار الماء والكثير من الهيدروجين والميثان وعناصر اُخرى. هذه العناصر في سحابة الغاز تُشبه المكونات في الكعكة حيثُ يتم طهيها باختلاف حسب مزيج المكونات وحرارة الفرن، وكما هو الحال مع الكعك، فإنك تخلط المكونات وتخبزها ثُم تضعها في الفرن وستتغير وتنضُج وهذا ما حدث مع كواكب النظام الشمسي عموماً، حيثُ تُطهى الكواكب بطريقة مختلفة قليلاً حسب قُربها من الشمس. لكن المكونات في سحابة الغبار والغاز هي التي تُحدد بدقة النوع الذي ستكون عليه الكواكب.”

وعن مكونات السحابة التي تُحدِّد نوع الكواكب يقول عالِم الفيزياء الجيولوجية دان لاثروب (Dan Lathrop): “حسناً، حسب نوع السحابة التي يكوّنها النظام الشمسي فقد نحصل على أنظمة كوكبية كاملة خالية من الكواكب الصخرية؛ لإفتقارها للعناصر اللازمة لبناء كواكب تُشبه الأرض، وبالمقابل قد ننتهي بالمزيد من العمالقة الكوكبية الغازية. فلو أردنا مثلاً كواكب صخرية لابُد أن تحتوي سحابة التكوين على الغُبار (معادن وصخور) بالإضافة للحرارة الهادئة.”

كما يقول رائد الفضاء بوكالة ناسا ستانلي لاف (Stanley Love) “عندما تبرُد السحابة فإن بعض العناصر بداخلها ـوالتي لديها نقطة غليان عاليةـ تبدأ بالتكثُّف للحالة الصلبة، ومن ثَمَّ تكون بذورالكواكب الصخرية.”

وبمرور الوقت ستبدأ هذه العناصر بالإلتصاق معاً وتصير جُزيء من الغاز يصطدم مع جُزيء آخر ثُم يلتقطان المزيد والمزيد والمزيد، وتُعرف هذه العملية باسم التنامي، وعندما تزداد في الحجم تُصبح صخوراً ثُم تلطم الصخور ببعضها مكونةً جلموداً، وتستمر العملية ليتكون جلموداً أكبر، في النهاية نحصل على شيء ضخم كفاية بحيث لو كانت الجاذبية قوية بما يكفي فتبدأ بجذب المواد للداخل عوضاً عن مجرد الإرتطام ومن ثَمَّ يُصبح كوكباً.

في الحقيقية كان هناك عدة كواكب ناشئة نامية في مجموعتنا الشمسية، ربما يبلغ عددها المئة كوكب، لكن أغلبها لم ينجح في أن يكون كوكباً كاملاً صامداً في مدار مُحدَّد حول الشمس، فمثلاً لو ذهبنا لحزام الكوكبيات لرؤية الكوكيب فيستا 4 فسنجد أنه مؤشر جيد لما يجب ان يكون عليه الكوكب الصخري قبل أن يأخذ الشكل الكروي. فيستا 4 هو بعرض 329 ميل فقط بالتالي هو ليس كبيراً بما يكفي ليصبح كروياً، فحتى يصير الكوكب النامي كروياً عليه أن يمتد لعرض 500 ميل ومن ثَمّ أن يُسحَق إلى كُرة لاحتواءه على جاذبية تكفي، فلو كان أصغر فسيظل غير منتظم الشكل، وعندما تستمر الكواكب الناشئة بابتلاع المواد فإن كل تصادم يجعلها أشد حرارة حتى تبدأ بالذوبان ومن ثم تبدأ الجاذبية بفصل المواد الثقيلة عن الخفيفة، وتميل المواد الأخف للطفو إلى الطبقة القشرية أما المواد الأثقل مثل أغلب المعادن تسقط وتكوّن لباً أكثف عند مركز الكوكب.

صورة الكويكب فيستا

( صورة الكويكب فيستا 4)

بعد مولد الشمس نشأت كواكبنا الثمانية من ذات سحابة الغبار والغاز ومع ذلك إنتهت بشكل كانت فيه مختلفة عن بعضها البعض بالكامل. وسواء أحدث الأمر وِفقَ نظام دقيق دقيق جداً أو وِفقَ صُدفة محضة فإن الأمر سابقاً كان عبارة عن سباق تدمير بين حوالي مائة كوكب انتصرت فيه الكواكب الثمانية التي نعرفُها الآن، كان إنتصاراً اعجوبياً.

يقول عالِم الفلك/ ستيف سكواريس (Steph Scwares): ” إن التاريخ المُبكِر لتلك الكواكب كان عنيفاً للغاية بحدوث مثل هذه الاصطدامات في المراحل الأخيرة من نمو كل كوكب. وعندما حدثت هذه الاصطدامات دارت جُسيمات حول بعضها وبدأت جسيمات بعينها في النمو، على حساب الاُخرى، على حساب هذا الحشد من الكواكب الصغيرة والحُطام وتلك الأشياء التي كانت لتصير كواكب، وأخذت تنمو تنمو وعندما زاد حجمها قامت بسحق كل الكواكب الصغيرة والنتيجة كانت كمية ضخمة من القصف على سطح الكواكب. وعندما انتهى الأمر لم يتبق سوى أربعة كواكب صخرية مختلفة بالكامل عن بعضها وأربع كواكب غازية أخرى مختلفة أيضاً عن بعضها بطريقة ما.”

وعند الحديث عن الإصطدامات والفوضي فإننا نجد عطارد على سبيل المثال، إنه عالي الكثافة وبقشرة رفيعة فمن الممكن أنه بدأ ككوكب ضخم ثُم اصطد به شيء وجرَّد القشرة الأخف وزناً، مُخلفاً اللبّ الكثيف وحسب. أيضاً الأرض قد تعرضت لصدمة كبيرة في أواخر تكوينها، هذه الصدمة أزاحت الأطلال من وشاح الأرض ومن ثَمَّ دارت هذه الأطلال حول الأرض وتجمعت لتكوّن القمر الحالي.

عطارد صغير وقارس وشديد الحرارة، الزهرة جحيم بركاني، الأرض تزخر قشرته بالماء السائل، أما المريخ فهو أرض قاحلة مُنجمَّدة. هذه الكواكب الصخرية الأربع القريبة من الشمس لديها لُبّ حديدي ساخن صلد مُحاط بطبقة من الحديد المُنصهر ومُحاطةٌ جميعها بغطاء من الصخور المذابة، وعلاوة على ذلك فإنها تتمتع بقشرة سطحية خارجية.

المشتري ضخم و ذو غلاف كثيف وسميك، زُحل ذو الحلقات الرائعة، أورانوس الهادئ ذو اللون البهيج، نبتون الأزرق البعيد البارد جداً. هذه الكواكب الغازية الأربع البعيدة عن الشمس لديها غلاف جوي ضبابي سميك من الهيدروجين والهيليوم والميثان. وفي الحقيقية لدى الكواكب الأربعة الغازية أنظمة حلقية كزُحل لكنها باهتة جداً وضعيفة فلا يُمكن رصدها. وأيضاً لديها مجالاتٍ مغناطيسية لكنها تفوق القياس حقاً، فمثلاً المجال المغناطيسي للمُشترى يفوق مجال المغناطيسي للأرض بعشرين ألف مرة.

انتظر لحظة!، أين بلوتو؟

قام علماء الفلك والاتحاد الفلكي الدولي بتقديم العديد من الأجرام السماوية على أنها كواكب، لكنه تمت إعادة تصنيف هذه الأجرام في أغسطس عام 2006 على أنها كواكب قَزمة بُغية تفرقة بينها وبين الكواكب العادية. وقد أقرَّ الاتحاد الفلكي الدولي دخول خمسة كواكب قزمة ضمن المجموعة الشمسية (سيريز ـ بلوتو ـ هوميا ـ ماكيماكي ـ إيريس). وجديرُ بالمُلاحظة أن الكواكب القزمة تشترك مع الكواكب العادية في كثير من الخصائص.

لكن لماذا الكواكب الخارجية غازية؟ ولماذا الكواكب الداخلية صخرية؟

الأمر يتعلق بالموقع، بالخارج على بُعد 500 مليون ميل حيثُ الحرارة المنخفضة للغاية عند نشأة النظام الشمسي. كان هُناك بعض الغُبار لكن الأغلب كان غاز ومياه مُجمَّدة في شكل حبّات جليدية حيثُ جعل هذا لُبّ الكواكب الخارجية ضخم بما يكفي لتوليد جاذبية كبيرة قادرة على امتصاص كافة الغاز المُحيط ومن ثَمَّ كوَّنت الأغلفة الضبابية السميكة. وعكس الأمر قد حدث على مقربةٍ من الشمس إذ تواجد الغُبار بكمية أكبر.

مواقع الكواكب حول الشمس

مواقع الكواكب حول الشمس

الفضاء في النظام الشمسي، هل هو فارغ حقاً ؟

قد يبدو الفضاء فارغاً لكنه ليس كذلك مُطلقاً، إنه مليء بمادة تنفجر من الشمس. توّلد الشمس مجالات مغناطيسية قوية ترتفع فوق سطحها في حلقات ضخمة وعندما تتصادم فإنها تُثير عاصفة من الجُسيمات بالغة الحرارة عالية الشحنة تنفجر نحو الفضاء تُسمّى الرياح الشمسية. لكن هذه الرياح لا تُمثّل تهديداً كبيراً؛ لأن لدينا درعاً خفياً يقي ويحمي الأرض، إنه المجال المغناطيسي الذي يوّلده مركز (لُبّ) كوكب الأرض. وأحياناً تختلط الرياح الشمسية الكبيرة بالمجال المغناطيسي للأرض فتظهر لنا عروض ضوئية كبيرة فوق القطبين تُعرَف بالشفق القُطبي.

صورة محاكاة المجال المغناطيسي للأرض أثناء الرياح الشمسية

صورة محاكاة المجال المغناطيسي للأرض أثناء الرياح الشمسية

تتكون الكواكب وفقاً لقوانين الفيزياء والكيمياء لكن ما صارت عليه الآن له علاقة أكبر بالحظ، ويعتقد الكثير من العُلماء أنها مسألة وقت فقط قبل أن نجد كوكباً آخر كالأرض، كوكب تكوّن من ذات المكونات في الموضِع المُلائم بالقدر المُناسب من الماء ويظل الأمر الأكيد أنه يوجد بلايين الكواكب تنتظر أن تُكتَشَف. وقد تبدو الكواكب جامدة ولا تتغير لكنها لا تتوقف عن التطوّر. قد يبدو الأمر تحدياً للإنسانية أن نقول بأننا نريد العثور على كوكب آخر به نفس مقومات الحياة الموجودة على الأرض، أن نعثر على مواطن اُخرى تُذكرنا بموطننا، لكننا سنستمر بالبحث، سنستمر باقتحام ما يُعتقد في المُستقبل أنه العصر الذهبي للإستكشاف الكوكبي. بدأنا للمرة الأولى بفهم التنوع الحقيقي لما يقبعُ هُناك.

لا شك أن الكواكب جزء أساسي في تكوين أى نظام شمسي، بالتالي ستجدون معلومات أكثر ربطاً بين الكواكب والأنظمة الشمسية في مقالة الانظمة الشمسية.

المصادر:

CosmoLearning‎: How The Universe Works: Extreme Planets | ‎CosmoLearning Astronomy. ‎CosmoLearning. N.p., n.d. Web.‎

“Planets”. David A. Rothery.

Kuhn, Thomas S. (1957). The Copernican Revolution. Harvard University Press.

Holden، James Herschel (1996). A History of Horoscopic Astrology. AFA.

Working Group on Extrasolar Planets (WGESP) of the International Astronomical Union”. IAU.

IAU 2006 General Assembly: Result of the IAU Resolution votes”. International Astronomical Union.

“Definition of planet”. Merriam-Webster OnLine.

“planet, n.”. Oxford English Dictionary.

Lambert، W. G. “Babylonian Planetary Omens. Part One. Enuma Anu Enlil.

Bernard R. (1997). “Saving the phenomena : the background to Ptolemy’s planetary theory”. Journal for the History of Astronomy. Cambridge (UK).