هذا المقال هو الجزء الثاني من المقال حول المجرات والتابع لسلسلة كيف يعمل الكون. لقراءة الجزء لاول يمكن مراجعة الرابط: كيف يعمل الكون؟ المجرات

أنواع المجرات

هُناك 200 مليار مجرة في الكون الذي نعرفه، كُل واحدة منها فريدة من نوعها، هائلة وديناميكية. وبطبيعة الحال وُلِدَت المجرات في فترة عنيفة جداً، وستموت بنهاية عنيفة، وغالباً ما يتم تصنيف المجرات بناءً على شكلها المرئي. والمُثير للإهتمام أن أهم ثلاث فئات رئيسية في تصنيف المجرات هي: الإهليجية، الحلزونية وغير المُنتظمة. على أن هناك أنواعاً أخرى أكثر شمولاً -تختلف اختلافاً بسيطاً عن تلك المذكورة أعلاه،  وهي موجودة في تصنيف المجرات الذي جاء به هابل. لكن طالما أنه يعتمد أساساً على الضوء المرئي لتحديد خصائص المجرات، فإنه يفوّت خصائص مجريّة مُهمَّة للغاية، كمُعدل ولادة النجوم في مجرات الانفجار النجمي، وكذلك النشاطات التي تحدث في أنوية المجرات النشطة. هذه الخصائص لا تظهر بالضوء المرئي، وإنما تحتاج مُعدات اُخرى أكثر تعقيداً لاستخراجها. وقد كان الاعتقاد السائد لدى هابل وغيره من الفلكيين، أن المجرات تبدأ إهليجية ثم تتطور إلى أن تصبح حلزونية ثم تدخل في طور غير المنتظمة. لكن ثَبُت حديثاً أن هذا الاعتقاد خاطئ تماماً، وبشكل عام فالمجرات تتكون من ثلاثة عناصر كالتالي: انبعاج مركزي أو نواة تتركز فيها معظم كتلة المجرة، قُرص، إكليل أو هالة وهي نقطة مُشعَّة تُحيط بالمجرة تتكون من العناقيد الكروية والنجوم المُعمّرة. يُمكن القول أن المجرات الإهليجية غالباً ما تشتمل على نجوم حمراء مُعمّرة  (من ذوات الأعمار الطويلة)، في حين تشتمل المجرات الحلزونية على نجوم حمراء مُعمّرة ونجوم زرقاء، أما المجرات غير المنتظمة فهي تشتمل في الغالب على نجوم زرقاء.

المجرة الإهليجية يظهر فيها الشكل البيضاوي بوضوح كسطح ناقص، وفي تصنيف هابل يتم تقييم المجرات الإهليجية بناءً على إهليجيتها، حيث تتراوح بين (0) تلك التي تكاد تصبح دائرة، وحتى (7) ذات الاستطالة المُمتدة إلى حد كبير. فكُلما زاد الامتداد كلما زاد الرقم والعكس بالعكس صحيح، وتظهر هذه المجرات بالمظهر الإهليجي بغض النظر عن الزاوية التي تتم مشاهدتها بها، ومظهرها يُوحي بأن بنيتها ضعيفة وكمية المادة في وسطها البين نجمي قليلة نسبياً. بناءً على ذلك، فإنه بشكل عام هذا النوع من المجرات له عناقيد نجمية مفتوحة قليلاً، ومُعدل قليل نسبياً من ولادة النجوم. إذ عوضاً عن ذلك فإن الصورة المُهيمنة عليها هي النجوم المُعمّرة، وتُعتَبَر كذلك فقيرة بالعناصر الثقيلة، لأن أغلب النجوم المُعمرة القديمة التي تشكّلت من سُدم تاريخية، لم تكن غنية بالعناصر الثقيلة في ذلك الوقت، وهذا عائد لقلة المُستعرات العُظمى التي تكوّن العناصر الثقيلة في تلك الحقبة. لذا، يُفهَم أن لها أوجه تشابه كثيرة مع العناقيد النجمية المغلقة. وقد تنمو المجرات الإهليجية إلى أحجام عملاقة للغاية مقارنةً بالأنواع الاُخرى، وتتواجد هذه العمالقة في بعض الأحيان في أنوية العناقيد المجرية. كما أن مجرات الانفجار النجمي نتيجة لهذه الاصطدامات الفلكية العظيمة، ينتج عنها تشكّل مجرة إهليجية.

المجرات الحلزونية يُمكن تصورها من اسمها، أو يُمكن تصورها على شكل يُشبه دواليب الهواء. في هذا النوع غالباً ما تتوزع النجوم والسُدم على شكل مستوٍ. في حين تتركز مُعظم كتلة المجرة في هالة كروية من المادة المظلمة، غير القابلة للرصد بأي حال من الأحوال حتى يومنا هذا.

تشتمل المجرات الحلزونية على قُرص دوّار من النجوم والسُدم والوسط بين النجمي، بالإضافة إلى حوصلة مركزية تحتوي غالباً على نجوم مُعمّرة، ومن الحوصلة تمتد أذرع نحو الخارج تُعرف باسم الاستطالات المُضيئة. غالبية المجرات الحلزونية بما فيها مجرتنا لديها تشكيل طولي يُشبه الأعمدة مُكوّن من نجوم تمتد من الحوصلة حتى طرفي نواة المجرة، ومِن ثَمَّ تلتحم مع الأذرع الحلزونية. يُعتقَد أن هذه الأعمدة مؤقتة في الأساس؛ لأنها ناتجة عن موجة الكثافة المُنبثقة من نواة المجرة نحو الخارج، أو أن يكون سببها هو المد والجزر المجري. ويُعتقَد أن سبب نشاط المجرات الحلزونية الضلعية، هو وجود الغاز الذي يُضغَط نحو نواة المجرة على إمتداد الأذرع الحلزونية.

أما المجرات غير المنتظمة لا يُمكن تصنيفها تحت أي من الأنواع سالفة الذكر، فهي ليست ذات خصائص إهليجية ولا حلزونية، ولا تملك تشكيلاً معيناً بذاته أصلاً، وبالتالي تُصنّف هذه المجرات، التي لا يُوجد بينها قاسم مشترك على أنها مجرات شاذة، ولا يجب أن يُفهَم من ذلك أن هذا النوع لا يملك بُنية مجرية، بل يوجد لها تشكيل وبُنية ولكنها غير منتظمة، وغير واضحة المعالم؛ لذا فإنها لا تندرج تحت أي تصنيف من تصنيفات هابل، وقد تكون هذه المجرات قد تعرضت للتمزيق في الماضي. فمثلاً سحابتي ماجلان الكُبرى والصُغرى، كلتيهما مجرتان قزمتان غير منتظمتين.

وبوجهٍ عام، بمعزلٍ عن المجرات الإهليجية والحلزونية الكبيرة، فإن أغلب المجرات في الكون ليست في الحقيقة سوى مجرات قزمة. هذه المجرات صغيرة نسبياً إذا ما قُورنت بتلك التقليدية، حيث قد تكون أقل من 1% من حجم درب التبانة، ولا تشتمل سوى على بضعة مليارات النجوم مقارنة مع مئتي مليار نجم لدرب التبانة، بالإضافة إلى أنه تم اكتشاف مجرة قزمة قطرها لا يتجاوز ثلاثمئة سنة ضوئية فقط، في حين أن قُطر درب التبانة يبلغ مئة ألف سنة ضوئية. قد تحوم الكثير من المجرات القزمة حول مجرات أكبر منها، فدرب التبانة مثلاً لديها قرابة إثني عشر من المجرات التابعة. ويُعتقَد نظرياً بوجود من ثلاثمائة إلى خمسمائة مجرة تابعة لدرب التبانة لم تُكتَشَف بعد. وتجدُر الإشارة إلى أن المجرات القزمة ليست نوعاً مُستقلاً من المجرات؛ لأنها قد تتخذ شكلاً إهليجياً أو حلزونياً مصغراً أو حتى قد تكون ذات شكل شاذ. ويُوجد نوع منها يُطلَق عليه مجرة بيضاوية قزمة، هذا النوع يمتلك خصائص المجرات الإهليجية لكن بشكل مُصَغّر. في دراسة اُجريت على 27 مجرة قزمة من جيران درب التبانة، توصل الباحثون إلى أن كل هذه الـ27 مجرة لها منطقة مركزية تبلغ كتلتها قرابة عشرة ملايين كتلة شمسية. بغض النظر عن هل تتكون تلك المجرة من آلاف أو ملايين النجوم، فإنه يُستنتَج من هذا أن المادة المُظلمة لعبت دوراً أساسياً في تشكيل المجرات، على أن ذوات الحجم الأصغر قد يوجد فيها شكل من أشكال المادة المظلمة الدافئة، وهذه غير قادرة على الإلتحام الجاذبي (Gravitational Adhesion) في النطاقات الصغيرة أو الأحجام الصغيرة للمجرات.

أنواع المجرات الموجودة بالكون (The Alien Galaxies)

أنواع المجرات الموجودة بالكون (The Alien Galaxies)

ماذا عن تطوّر المجرات؟

إن المُستعرات العُظمَى هي التي تلعب دوراً أساسياً في تطوّر المجرة، حيث يزيد توافر العناصر الثقيلة فيها، وذلك من خلال قوة الانفجار الشديدة التي تدمج العناصر الخفيفة إلى أخرى ذات دمج نووي أثقل. فبعد مليار سنة من تشكُّل المجرة، تبدأ العناصر الأساسية فيها بالظهور بوضوح، ويُمكن تلخيص هذه العناصر كالتالي: العناقيد المُغلقة، الثقب الأسود فائق الضخامة في النواة، والحوصلة المجرية للنجوم. كما أن نشأة ثقب أسود فائق الضخامة في مركز المجرة يلعب دوراً هاماً بتَكفُلُه بتنظيم نمو المجرة، عن طريق ضبط كمية المادة الجديدة التي تدخل المجرة. خلال هذا العصر تكون المجرة خاضعة لإنفجار نجمي تتشكّل فيه نجوم جديدة بمُعدل عالٍ.

أما خلال الملياري سنة التي تتلو المليار الأول، تقوم المادة المُتراكمة بالاستقرار في قُرص المجرة، وتستمر المجرة بابتلاع السُحب فائقة السرعة والمجرات القزمة، وهذه المادة غالباً ما تكون هيدروجين وهيليوم. كما أن دورة ولادة ووفاة النجوم تزداد بثبات حيث توافر العناصر الثقيلة، مما يسمح بتشكُّل الكواكب.

يُمكن لتطوّر المجرات أن يتأثر بشكل شديد للغاية على عمليات التفاعل بين المجرات، وكذلك بالاصطدامات والاندماجات. وقد كانت الأخيرة منتشرة في العصور الاُولى لتكوّن المجرات، حيث كانت الغالبية العظمى من المجرات مُشوّهة الشكل وغريبة، وليست ذات أنماط مُعينة. وقد وُجِدَ أنه بناءً على المسافات الشاسعة بين المجموعات الشمسية، فإن النجوم غالباً لن تتأثر بالاصطدامات المجرية، وعلى أية حال فإنه مُنذ أن بدأ البشر بدراسة النجوم والمجرات لم يتم رصد حالة اصطدام بين نجمين على الإطلاق. كما أن التقطيع والتمزيق الجاذبي للغبار والغازات البين نجمية التي تشكّل الأذرع الحلزونية، سيُنتج ما يُمكن أن يُطلَق عليه قطار طويل من النجوم تُعرف بذيول المد والجزر.

يُعتقَد أن العصر الحالي لتشكّل النجوم الجديدة المُفعَمة بالحيوية سيستمر حتى مئة مليار سنة، ثُم سوف تبدأ حقبة جديدة من النجوم المُعمّرة تُدعى حقبة النجوم، وستستمر هذه الحقبة من عشرة تريليونات حتى مئة ترليون سنة، ستسود فيها الأقزام الحمراء؛ لأن أعمارها تُقدَر بالترليونات، وتُصبح المجرات متشكلة من البقايا النجمية بأنواعها: الأبيض، البُني، الأسود، النجوم النيوترونية، الثقوب السوداء، وأيضاً بقايا المُستعرات العظمى. هذه الأنواع ذات أعمار طويلة جداً تُعد بعشرات الترليونات، على عكس النجوم التقليدية التي تُقدَّر أعمارها بقرابة العشرة مليارات سنة فقط؛ لأنها بعد نهاية هذه المدة ستتحول إلى أحد الأجرام سالفة الذكر، وفي المُحصلة سيسود الكون نوع من الارتخاء الجاذبي المُرتبط بالاتزان الثرموديناميكي –الإتزان الحراري-. كل النجوم ستتساقط في ثقوب سوداء فائقة الضخامة، أو ستُقذَف في الوسط بين المجري نتيجة للاصطدامات. لكنها في النهاية ستسقط في أحد الثقوب السوداء التي يعتقد بعض العلماء أنها ستجتمع مُشَكَّلةً ثقباً أسوداً واحداً يبتلعُ الكون كُله -المعيار الزمني هٌنا يُقَدّر بعشرات ترليونات السنين-؛ لأنه في النهاية لابُد للكون من التوقف عند نقطة ما، تماماً كما بدأ من نقطة ما. كما يجهل العلماء مالذي حدث قبل النقطة التي بدأ فيها الخلق -الانفجار العظيم-، فإنهم يجهلون أيضاً ما الذي سيحدث عندما نصل إلى النقطة التي ينتهي فيها الكون.

لماذا المجرات كما هي عليه الآن؟

في البداية كانت المجرات فوضوية، كانت باقات مُتكتلة من النجوم والغاز والغُبار. أما اليوم فهي أنيقة وتأخذ أشكالاً مُحددة. إذاً كيف تحوّلت المجرات من تلك الفوضى إلى هذه الأناقة؟. الإجابة تكمُن في الجاذبية. تُشَكّل الجاذبيةُ المجراتَ وتتحكم في مُستقبلها. هُنالك قوة لا تُصَدَق ومصدر تخريب عظيم في قلوب مجرات كثيرة. إنها الثقوب السوداء. لك أن تتخيل ما هو الشيء المهول الذي يستطيع تغيير سلوك مجرة بأكملها؟!. تحوي الكثير من المجرات ثقباً أسوداً هائلاً في نواتها النشطة. -على سبيل المثال- يوجد في مركز مجرتنا ثقباً أسوداً هائلاً يُسمَّى “الرامي أ” (Sgr A)

صورة توضح كينونة الثقب الأسود في قلب المجرة

صورة توضح كينونة الثقب الأسود في قلب المجرة

وهو ذو كتلة تبلغ أربعة ملايين مرة كتلة شمسنا. ويجدرُ ذكر أن أول دليل على وجود الثقوب السوداء الهائلة، هو انطلاق كمية هائلة من الطاقة من قلوب المجرات إلى خارجها.

لكن هل الأرض في خطر؟. في الحقيقة الأرض بعيدة جداً عن مركز المجرة حيثُ يقبع الثقب، بعيدة حوالي 25 ألف سنة ضوئية؛ لذا الأرض آمنة في الوقت الراهن.

الثقوب السوداء هي الوحوش الكونية، لكنها لا تمتلك القوة الكافية لإمساك المجرات معاً. طبقاً لقوانين الفيزياء يجدُرُ بالمجرات أن تطير أشلاءاً. إذاً لماذا لا يحدث هذا؟. ذلك أن هُناك شيء أكبر قوة من الثقب الأسود. إنها المادة المُظلمة، غير المرئية، والتي من المُستحيل عملياً رصدها. كما أنها في كُل مكان في الكون.

 

ماذا بشأن المادة المُظلمة؟

في ثلاثينيات القرن العشرين قَدَّم الفلكي السويسري/ فريز زويكي (Freese Zwicky) فرضية المادة المُظلمة، وقد قال عن الأمر “أنا أعرف أن المجرات لم تتشت عن بعضها، كما أني اُلاحظها مُجتمعة معاً في هذا التجمُع الجميل؛ لذا لابُد من أن شيئاً يربطها معاً”. إن المادة المُظلمة لا تمسك المجرات معاً في مجموعات فقط، وتمسك المجرات كُلاً على حِده.

هل المجرات إجتماعية كالبشر؟

المجرات تعيش في مجموعات تُسمى عناقيد المجرات، وعناقيد المجرات هذه مرتبطة معاً في مجموعات عنقودية تكتنف عشرات الآلاف من المجرات. أما عن مجرتنا فهي تقع في مجموعة محلية من المجرات، رُبما ثلاثين مجرة، وهذه المجموعة المحلية جُزء من مجموعة عناقيد العذراء.

كما أن أكبر البُنى الكونية على الإطلاق، هو الخيط المجري، فهو يتشكّل من ملايين أو مليارات المجرات التي تُجرى في الفضاء السحيق. تَبيّن أن المجرات غالباً ما تكون في مجموعات أو في عناقيد مجرية، ونادراً ما نُشاهد مجرات لم تتعرض للتفاعل مع مجرات اُخرى خلال المليار سنة الماضية. حوالي 5% فقط من المجرات يمكن أن تُوصَف بالمجرة المُنعزلة تماماً عن أي مجموعة أو عنقود مجري آخر. هذه المجرات من البديهي أنها ليست في طور أي تفاعل مع أي مجرة اُخرى، ولن يحدث ذلك خلال مدة طويلة في المستقبل؛ بسبب انعزالها التام عن باقي المجرات. لكن هذا لا يعفيها من أنها قد تعرضت لهذه التفاعلات في مرحلة مُبكرة من عمرها، ويُعتَقَد أن هذه المجرات لديها مجرات تابعة صغيرة، ويُعتَقَد كذلك أن المجرات المُنعزلة لديها مُعدل ولادة نجوم أعلى من المتوسط؛ بسبب أن إنتظام غازاتها وأغبرتها لم يتعرض للتمزيق جراء تفاعل مع مجرة اُخرى.

إذاً هل يوجد خريطة للكون؟

في الوقت الراهن يهتم العُلماء برسم خريطة للتركيب البنائي للكون؛ لأجل ذلك تم بناء ماسح رقمي للسماء بنيو ميكسيكو. منظار صغير ذو تكلفة باهظة يُعرف ب “سولون”

(S.D.S.S) صورة للماسح الرقمي (Soloan Digital Sky Survery)

(S.D.S.S) صورة للماسح الرقمي (Soloan Digital Sky Survery)

الماسح الرقمي (Soloan Digital Sky Survery) ومهتمه الفريدة من نوعها تكمُن في بناء خريطة ثُلاثية الأبعاد للسماء. حيث يقوم بالتعرف على مواقع الملايين من المجرات بدقة عالية.

خارطة ثلاثية الابعاد للكون

خارطة ثلاثية الابعاد للكون

خارطة ثلاثية الابعاد للكون

خارطة ثلاثية الابعاد للكون

 

و هل تصطدم المجرات؟

بالطبع هذا يحدث، فعندما تصطدم مجرتان ينتج ذلك مجرة جديدة. وجديرُ بالذكر أن حركة المجرات هي التي تؤدي إلى الإصطدام، وعندها إما أن تأكُل وإما أن تؤكَل. على سبيل المثال مجرتنا درب التبانة ستصطدم بمجرة أندروميدا بعد خمسة أو ستة مليارات سنة ضوئية، أي أن درب التبانة و أندروميدا يقتربان من بعضهما مسافة رُبع مليون ميل كُل ساعة. ستقتلع الجاذبية الناجمة عن الاصطدام النجومَ من مداراتها وتُلقي بها بعيداً في الفضاء. لكن خمّن ماذا؟، النجوم نفسها لن تصطدم!، فهي ما زالت بعيدة جداً عن بعضها. كُل النجوم ببساطة ستمر بجوار بعضها البعض، أي أن احتمالية تصادُم نجم مع الآخر هي صفر!.

كيف ومتى تموت المجرات؟

المجرات في الكون ستستمر بالتصادم. سيولد عصر يُسمى عصر الإصطدام المجري، ولكنه سينتهي بنهاية الكون نفسه؛ لأن هُناك قوة تدميرية هائلة قابعة بالكون، تُعرف باسم الطاقة المُظلمة. إنها تقوم بإزاحة المجرات بعيداً عن بعضها. وستستمر في شدّ كُل شيء إلى أن يُمزق الكون نفسه. الطاقة المُظلمة لها تأثير مُعاكس عن المادة المُظلمة، فبدلاً من بناء المجرات مع بعضها فهي تقوم بإزاحتها عن بعضها.

اكتُشِفت الطاقة المُظلمة العقد الماضي، وهي القوة المُهيمنة بالكون، كما أنها غامضة إلى درجة عدم معرفة ماهيتها. كما لا يعلمُ الفيزيائيون سبباً لوجودها.

نسبة الطاقة المظلمة (73%) والمادة المظلمة (23%) في الكون

نسبة الطاقة المظلمة (73%) والمادة المظلمة (23%) في الكون

يقول عالِم الفيزياء/ لورانس كراوس  (Prof. Lawrence Krauss) “في المستقبل ستربح الطاقة المُظلمة المعركة ضد المادة المُظلمة، والنتيجة ستكون نهاية الكون نفسه. ليس اليوم، وليس غداّ، رُبما خلال تريليون سنة قادمة.”

الكون فعلاً هائل الحجم، وكُل مرة نكتشف شيئاً جديداً. كُل مرة نعتقد بأننا لا نملك إجابة لمسألةٍ ما نجدُها جزءاً من مسألة أكبر بكثير، وذلك مُثير جداً. هُنالك أسئلة لا نهائية يتم طرحها، وألغاز تحتاج لحلول.

المجرات تُولَد، تتطور، تتصادم، وتموت. المجرات هي النجوم اللامعة للمُجتمع العلمي، حتى العُلماء الذين يدرسونها لديهم مُفضلاتهم منها.

مُنذ عشر سنوات مَنْ كان يظُن أن المُجتمع الفلكي سيؤمن بالمادة المظلمة والطاقة المُظلمة؟!، مَنْ كان يظن أن الثقوب السوداء موجودة فعلاً؟. الكثير والكثير من الأبحاث العلمية تعتمد على المجرات، وتحمل معها المُفتاح لفهم آليات عمل الكون. يجدُر بنا أن نذهل بشأن عيشنا هذه الفترة العشوائية من الكون، على كوكب عشوائي، في طرف مجرة عشوائية، حيثُ يمكننا سؤال أنفسنا، حيثُ يُمكننا فهم أشياء من بداية الكون حتى نهايته. يجدُر بنا الإحتفال بوهلتنا القصيرة في النظام الشمسي الخاص بنا.

المصادر:

(n.d.). How the Universe Works: Alien Galaxies. Retrieved April 30, 2017.

http://www.sdss3.org/

“Galaxy Interactions”. University of Maryland Department of Astronomy. Archived from the original on May 9, 2006. Retrieved December 19, 2006.

Galaxy Clusters and Large-Scale Structure”. University of Cambridge. Retrieved January 15, 2007.