ما اكتشفه هايزنبيرغ في نظرية الكم: استمرت نظرية الكم بالتطور عبر السنوات وظهرت العديد من النتائج و المبادئ التي ساعدت في تطور هذه النظرية ومن هذه النتائج هو مبدأ عدم اليقين الذي اكتشفه العالم الألماني فيرنر هايزنبيرغ عام 1927.

ينص هذا المبدأ أن هناك نهاية رياضية لحاصل ضرب دالتين احدهما نعبر عن موضع الجسيم والأخرى تعبر عن عدم اليقين في كمية حركته و نهاية رياضية تعادل حاصل الضرب لدالتين احدهما تعبر عن عدم اليقين في الطاقة، وتعبر الأخرى عن عدم اليقين في الزمن، ويعني هذا المبدأ انه كلما حددنا موضع الإلكترون على نحو أكثر دقة تترتب على ذلك أن تحديد كمية تحركه ستكون اقل دقة والعكس صحيح والنتائج الفلسفية المترتبة على هذا المبدأ كثيرة جداً فهو يعني أن هناك حدودا لمعرفتنا، وهو أمر وجد كثير من العلماء صعوبة في تقبله ومنهم اينشتاين فإذا كان عدم اليقين في قياس موضع الجسيم هي X∆ و كان عدم اليقين في قياس طاقة الجسيم هي P∆ فان مبدأ عدم اليقين يعطى بالعلاقة التالية :X ∆P ≥ h ∆       h هو ثابت بلانك.

فكلما كانت قيمة P∆ كبيرة كانت قيمة X∆ صغيرة والعكس صحيح، و قد ظهرت العديد من التناقضات والتجارب الذهنية ضد مبدأ هايزنبيرغ في عدم اليقين ومنها:

اولاً: الساعة في الصندوق

استخدمت هذه التجربة الذهنية للتنبؤ بتفسير كوبنهاجن (هو التفسير الذي يقول ان وعي الراصد يؤدي إلى انهيار دالة الموجة أي أجبار الجسيم على السلوك بمسلك واحد فقط وليس السلوك بجميع المسارات) و ابتدعت هذه التجربة من قبل ألبرت اينشتاين حيث يقول:تخيل صندوقا به ثقب في أحدى جدرانه مغطى بحاجز يمكن فتحه ثم إغلاقه بتحكم من ساعة داخل الصندوق وبجانب الساعة توجد آلية فتح وإغلاق الثقب، فالصندوق مليء بالإشعاع حيث تعمل التجربة لفتح غطاء الثقب عند لحظة معينة حددت بواسطة الساعة ليسمح بمرور فوتون واحد ليهرب قبل ان تغلق ثانية زن الصندوق في البداية ثم اسمح للفوتون بالهرب ثم زن الصندوق ثانية.

ولان الكتلة هي الطاقة حسب معادلة اينشتاين E=mc² فالفرق بين الوزنين سيدلنا على طاقة الفوتون الذي هرب وبذلك سنعرف كمية طاقة الفوتون بالضبط والزمن الذي استغرقه الفوتون للمرور خلال الثقب داحضين بذلك مبدأ عدم اليقين هذه التجربة لم تنجح لان الصندوق واقع تحت تأثير مجال الجاذبية وقبل أن يهرب الفوتون من الصندوق يسجل الشخص الوهمي الذي يجري التجربة موقع المؤشر المثبت على المقياس وبعد أن يهرب الفوتون يمكن لهذا الشخص من حيث المبدأ أن يضيف أوزانا للصندوق ليعيد المؤشر إلى ما كان ويتضمن هذا علاقات عدم اليقين

ثانياً: تناقض EPR

هي من التجارب الذهنية ترجع إلى عام 1935حيث عمل اينشتاين مع بوريس بودولسكي وناثان روزين حيث قالوا:تخيل جسيمين يتداخل كل منهما مع الأخر، ثم يبتعدان عن بعضهما و لا يتداخلان مع أي شيء آخر، حتى يقرر الشخص الذي يجري التجربة أن يفحص أحداهما ولكل جسيمة كمية حركة خاصة بها وتقع كل منهما في موقع ما في الفضاء وحتى بالنسبة لقواعد نظرية الكم فانه مسموح لنا بقياس كمية الحركة الكلية للجسيمين معاً بدقة بالإضافة إلى المسافة بينهما عندما كانتا قريبتين وعندما نقيس كمية حركة أحدى الجسيمات فأننا نعلم كمية حركة الجسيم الأخر ونستطيع قياس الموقع الدقيق للجسيم الأول وسنعرف أيضا الموقع الدقيق للجسيم الأخر أن القياسات الفيزيائية لكمية الحركة للجسيم الأول يدمر معرفة موقعه الخاص ومن ثم لن نستطيع معرفة موقعه بالضبط فالقياسات الفيزيائية لموقع الجسيم الأول يتسبب في اضطراب كمية حركته فقد قالوا بان حالة الجسيم الثاني تعتمد على أي من القياسين نختار أن نجري على الجسيم الأول كيف للجسيم الثاني أن يعرف هل يجب أن يكون لديه كمية حركة محدودة بدقة او موقع محدد؟ هذا يخالف السببية وهو الاتصال التلقائي عبر الفضاء الذي سمي أيضا بالـ (فعل عن بعد)

ثالثاً: قطة شرودنجر

اقترح شرودنجر عام 1935 أننا يجب أن نتصور صندوقاً يحتوي على مصدر مشع، وكشاف لتسجيل الجسيمات المشعة، وزجاجة تحتوي على سم مثل السيانيد، وقطة حية، وترتب الأدوات في الصندوق حتى يمكن تشغيل الكشاف لمدة كافية، فقط لتحقيق فرصة تفكك إحدى الجسيمات.

إذا سجل الكشاف مثل هذا الحدث، ستنكسر الزجاجة وتموت القطة وإذا لم يحدث ستعيش القطة وليس لدينا أي وسيلة لمعرفة ما حدث داخل الصندوق ويحدث التفكك الإشعاعي بالصدفة البحتة و لا يمكن التنبؤ به بالمعنى الإحصائي، وطبقا لتفسير كوبنهاجن الصارم وتماما كما في تجربة الثقبين حيث أن الفرصة متساوية للإلكترون أن يمر خلال أي من الثقبين وينتج من هذين الاحتمالين المتداخلين حالة من التطابق ولذا في هذه الحالة تتساوى فرصة حدوث التفكك الإشعاعي وعدم حدوث التفكك الإشعاعي ويجب أن يؤدي ذلك إلى حالة تطابق وعند هذه اللحظة تنهار دالة الموجة إلى أحدى الحالتين والى أن ننظر إلى الداخل فهناك عينة مشعة قد تكون تفككت أو لم تتفكك، وزجاجة بها سم مكسورة أو سليمة وقطة حية وميتة أو لا حية و لا ميتة.

فكر شرودنجر في هذا المثال ليثبت أن هناك عيبا في تفسير كوبنهاجن الصارم حيث انه من الواضح أن القطة لا يمكن أن تكون حية وميتة في أن معا ولكن هذا أكثر وضوحا من حقيقة أن الإلكترون لا يمكن أن يكون جسيم وموجة في الوقت نفسه. وقد وصف هايزنبيرغ عندما رأى ما حققه مبدأ عدم اليقين:

يمكننا معرفة المستقبل أذا عرفنا الحاضر بدقة وان عدم استطاعتنا معرفة المستقبل لا تنبع من عدم معرفتنا بالحاضر وإنما بسبب عدم استطاعتنا معرفة الحاضر.

المصادر

اهم خمس أفكار في العلوم -تشارلز ويجنز وارثر وين

المبادئ الفيزيائية لنظرية الكم -فيرنر هايزنبيرغ

البحث عن قطة شرودنجر -جون جريبين

الكون الانيق -براين غرين