تنتشر الحملات المضادة للقاحات حاليا في عدد من الدول، وتأخذ هذه الحملات صدى بين العديد من الأشخاص الغير متخصصين في هذا الأمر. ولكن عندما يروج علماء مناعة كير مثل يهوذا شونفيلد والذي يعد أستاذ المناعة في جامعة تل أبيب، ومدير مركز الأمراض ذاتية المناعة في مستشفى شيبا (أكبر مستشفيات اسرائيل) ومراجع للمقالات العلمية في عدد من المجلات المختصة، فإن الأمر يدعو إلى البحث عن الأسباب والأدلة التي  دعت هذا العالم إلى الترويج لهكذا حملات. 

من المعروف عن الدكتور شونفيلد دعمه لعدد من النظريات التي يتبناها مناهضو اللقاحات. هذا الدعم ظهر للعلن مع كتابة شونفيلد مراجعة إيجابية لكتاب مضاد للقاحات في موقع النقابة الطبية في اسرائيل (هاري) وقد بين في مراجعته ” أن الكتاب يطرح تساؤلات عن أمان اللقاحات والتي على الأرجح لم يتم اختيارها حتى الآن” ، واصفا الكُتاب بأنهم أصحاب معرفة كبيرة في اللقاحات، لكن من المفارقات أن الكُتاب أنفسهم قد بينوا في المقدمة انهم ليس لديهم معرفة بطريقة عمل اللقاحات أو أمنها!

كانت ردود الأفعال على ما كتبه شونفيلد مختلفة، فقد استقال شموئيل ريشبون رئيس اللجنة الاستشارية للأمراض المعدية من منصبه كرئيس تحرير مجلة هاري، وقد كانت هذه الاستقالة بحسب ريشبون احتجاجاً على تضليل الرأي العام والذي دأب المجتمع الطبي على توعيته وحمايته من الأصوات الرافضة للقاحات. كما طالب عدد من الأطباء بالتحقيق في ما كتبه شونفيلد ومنعه من مراجعة المقالات العلمية. 

وكما ذكرنا فأن آراء شونفيلد المناهضة للقاحات ليست بالأمر الجديد، فقد نشر عدة أوراق بحثية في عام 2011 عن مخاطر المواد المساعدة التي تضاف إلى اللقاحات لتحفيز الجهاز المناعي. فقد اعتبرها من المسببات لمتلازمة المناعة الذاتية  (ASIA ). ولكن بحسب رأي طبيب الأطفال بول أوفت فأن هذه المتلازمة غير واضحة الأسباب حتى الآن، وتظهر أعراضها بعد عقدين من استخدام المضادات وتشمل هذه الأعراض جفاف الفم وفقدان الذاكرة. 

ومن ضمن الردود على آراء شونفيلد، بين العالم رون ارنون أن الأعراض الجانبية للمضادات الحيوية متوقعة ومعروفة وليس هناك ما يؤيد رأي شونفيلد او ادعاءه.

وقد أجريت الكثير من الدراسات عن الربط بين استخدام المضادات الحيوية والأمراض المناعية. ومن هذا الدراسات دراسة تمت في 2017 شملت 18000 متطوع أعطوا كمية عالية من الألمنيوم (احدى المواد المساعدة في المضادات ) وأظهرت النتائج قلة معدل الإصابة بأمراض المناعة في غالبية المشاركين. 

في عام 2016 قام شونفيلد بنشر بحث في مجلة اللقاحات أثر دراسة قام بها لمعرفة أسباب متلازمة ASIA وذلك من خلال إعطاء الفئران لقاح الورم الحليمي. تم سحب الدراسة من المجلة  لاحقاً وذلك بعد أن وأوضح أحد المراجعين أن دراسة شونفيلد ليست دقيقة ولا يمكن الاعتماد عليها، ولكن تم نشر نفس البحث في مجلة (البحوث المناعية) والتي يعمل شونفيلد كأحد المراجعين للمقالات فيها! 

وفي معرض دفاعه عن نفسه صرح شونفيلد بأنه يرفض وصفه كشخص معادي للقاحات حيث قال إنه يعتبر اللقاحات أكبر اكتشاف علمي في ال 300 سنة السابقة. لكن مواقف شونفيلد لا تتوافق مع هذا التصريح، ومن الأمثلة على ذلك حضوره في مؤتمر التوحد في روسمنت/ ولاية ايلينوي، وهو تجمع للأشخاص الذين يعتقدون أن اللقاحات تسبب التوحد. كذلك يعمل شونفيلد كخبير في قضايا الأشخاص الذين يدعون تعرضهم لأمراض مناعية أو الأم شديدة نتيجة أخذ اللقاحات. وحسب نظام المحاكم في الولايات المتحدة فإن الشخص يجب أن يقدم نظرية تبين الربط بين ما يعانيه واستخدام اللقاحات، وهذا ما عمل عليه شونفيلد من خلال مساعدة رافعي القضايا. ومن الجيد أن المحاكم ترفض  هذه القضايا، معتبرة أن لا علاقة بين استخدام اللقاحات والأمراض المناعية أو غيرها من الادعاءات.

تصنف منظمة الصحة العالمية رفض استخدام اللقاحات من أكثر 10 إخطار صحية في العالم، وبناء على هذا الأساس تم رفع عده طلبات من قبل المركز الاستشاري للأمراض مطالبة بمنع شونفيلد من العمل كمراجع للمقالات  معتبرين استمراره في العمل خطر على المجتمع وموثوقية المجلات التي يعمل بها، لكن لم يتم اتخاذ أي إجراء حقيقي ضده حتى الآن. 

المصدر:-

Kai Kupferschmidt, “Top Israeli immunologist accused of promoting antivaccine views”, Nov. 6, 2019, AAAS Science