قد يبدو الجوع أحد الأعراض المشتركة لدى مرضى السكري عند تعرضهم لنقص سكر الدم. المشكلة بالنسبة لمرضى السكري تتمثل في اتخاذ الإجراء الأصح والأسرع لمعالجة نقص سكر الدم.

خدمات الصحة البريطانية (NHS) تنصح مرضى السكري بتناول الجلوكوز أو أي صنف من الكاربوهيدرات سريعة الامتصاص. لكن ورغم ذلك، فإن بعض مرضى السكري قد يميلون لمعالجة القضية بناءاً على ما يشعرون به من الجوع، مما يؤدي إلى تحول نقص سكر الدم إلى وليمة مليئة بالأطعمة غير الصحية. السبل غير الصحيحة لمعالجة نقص السكر قد تنتهي بعواقب غير محمودة مثل زيادة الوزن أو بارتفاع السكر، وخصوصاً عند حدوث نقص السكر في الليل، حيث لا يكون المريض قادراً على مراقبة الحالة وهو نائم. كل ذلك يحدث بسبب الجوع الشديد المرافق لنقص سكر الدم.

قد يعلل مرضى السكري ذلك بحاجتهم للطاقة، وقد يفسره آخرون بالتوتر الحاصل أثناء نقص سكر الدم والذي يرتبط لدى كثيرين بالجوع والرغبة في تناول الطعام. لكن السبب قد يكون أكثر عمقاً من ذلك. وقد يكون السبب في الدماغ! نعم، إن ما يفسر وجود حالات متعددة أثناء نقص سكر الدم يُعلل إلى حدٍ كبير بما يحدث في الدماغ كرابط وحيد بين تلك الحالات. وهذا ما وجده علماء من الجمعية الملكية البريطانية حول تأثير المركب المعروف بالببتيد العصبي (Y).

يفرز الببتيد العصبي واي من منطقة ما تحت المهاد في الدماغ (Hypothalamus) ورغم دوره المشهور في سلوك التغذية والشعور بالشبع غير أن عمله يتقاطع مع أنظمة أخرى في الجسم إذ رأى العلماء ببعض التجارب أن بعض الفئران التي عانت من اضطرابات في الببتيد العصبي واي لم تكن بدينة بالضرورة.

يُسبب نقص سكر الدم زيادة في الببتيد العصبي واي والذي يُعرف بأنه الببتيد الأكثر وفرة في الدماغ وله أدوار عديدة في الفعالية الجنسية، سلوك التوتر، سلوك التغذية وزيادة الوزن، النظام اليوماوي (Circadian rythem)[1]. وجدت تجربة أن حقن الفئران بأجسام مضادة للببتيد العصبي واي سبب حجباً لسلوك التغذية لديهم. يزيد الببتيد العصبي واي من التحفيز لتناول الطعام ويؤخر الشبع وقد وجد أن له دور في وزن الجسم وتنظيم التغذية[2]. وقد تم اكتشاف زيادة افراز الببتيد العصبي واي مع السكري في نهاية الثمانينات.

يُحفز إفراز الببتيد العصبي واي عبر طرق عدة أبرزها الضغوط (stress) حيث يعد الببتيد العصبي واي مهدئاً وله خواص وقائية للأعصاب، لذا ومع التعرض للضغوط فإن إفراز الببتيد يزداد[3]. ومن تأثيراته أيضاً أنه يزيد من مقاومة الأنسولين[4]. ولعل هذا يفسر رد فعل الجسم بإفرازه في نقص سكر الدم وفي حالات التوتر، حيث يفرز في الأولى لكبح تأثير الإنسولين، بينما يفرز في الثانية كنوع من المهدئات.

ما يجب أن يعرفه مرضى السكري من هذا الأمر هو أن الجسم قد يقوم بردود فعل معقدة تجاه الحالات التي تحدث، ولا ينبغي تجاه ذلك إلا أن نتبع النصائح التي يقدمها الأطباء والمختصون، لا أن نستجيب للنتائج بدلاً من معالجة الأسباب.


[1] Neuropeptide Y, Colorado state university

[2] Beck, B. “Neuropeptide Y in normal eating and in genetic and dietary-induced obesity.” Philosophical Transactions of the Royal Society of London B: Biological Sciences 361.1471 (2006): 1159-1185.

[3] Reichmann, Florian, and Peter Holzer. “Neuropeptide Y: a stressful review.” Neuropeptides 55 (2016): 99-109.

[4] Ludwig, David S., et al. “Melanin-concentrating hormone overexpression in transgenic mice leads to obesity and insulin resistance.” The Journal of clinical investigation 107.3 (2001): 379-386.

[5] Laslop, A., et al. “Insulin hypoglycemia increases the levels of neuropeptide Y and calcitonin gene-related peptide, but not of chromogranins A and B, in rat chromaffin granules.” Regulatory peptides 26.3 (1989): 191-202.