هناك أدلة على أن تناول الفطر السحري (magic mushrooms) يمكنه فعلاً أن يُحسن من الحالة المزاجية للشخص. العديد من الدراسات من بينها اثنتان من التجارب السريرية الواعدة تقترح أن المُركب الفعال في الفطر وهو مركب سيلوسيبين (psilocybin) ربما لديه القدرة على تخفيف التوتر الشديد والإكتئاب.

لكن وبما أنها مُصنفة في الجدول رقم 1 والذي يعني أن تناولها غير قانوني وأن ليس لها أي استعمال طبي مقبول، فإن ذلك يجعل من الصعب جداً على العلماء أن يكتشفوا ما يمكن أن تفعله هذه الفطريات وما لا يُمكنها أن تفعله بالتحديد.

إليك بعض من الطرق التي يمكن أن يؤثر بها الفطر السحري على مخك وجسدك:

الفطر السحري يُمكنه أن يُحسن مزاجك

طبقاً للمعهد الوطني لسوء استخدام العقاقير (the National Institute on Drug Abuse)، فإن الفطر السحري يُمكنه أن يؤدي للشعور بالاسترخاء والذي يُماثل تأثير جرعات صغيرة من الماريجوانا (الحشيش).

الفطر السحري كما العقارات المُهلوسة الأخرى كال إل سي دي ((LSD ونبات البايوتي (peyote)، تنتج معظم تأثيراتها عن طريق عملها على المسارات العصبية في المخ التي تستعمل السيروتونين (serotonin).

للتحديد اكثر، يؤثر الفطر السحري على القشرة الجبهية (prefrontal cortex) وهي الجزء من المخ المسؤول عن التفكير المُجرد وتحليل الأفكار وأيضاً يلعب دوراً رئيسياً في تنظيم الحالة المزاجية والإدراك.

يُمكنه أيضاً أن يجعلك تُهلوس

They can also make you hallucinate.

في الصورة: تصوير للوصلات العصبية في الدماغ في شخص تعاطى السيلوسيبين (على اليمين) وآخر تعاطى دواءاً وهمياً (على اليسار).

الكثيرون ممن تناولوا الفطر السحري وصفوا أشياءاً من قبيل “رؤية أصوات” أو “سماع ألوان”. إحدى الدراسات التي أجريت عام 2014 كانت الأولى التي تُرجع هذا التأثير إلى السيلوسيبين وتأثيره على الاتصالات داخل الشبكات العصبية في المخ.

في الناس الذين حُقنوا ب 2 ملليجرام من هذا المركب، وجد الباحثون نشاطاً جديداً وأكثر قوة يتركز في عدة مناطق في المخ والتي نادراً ما انخرطت في مثل هذا التداخل العصبي.

كون الباحثون التمثيل الظاهر في الصورة أعلاه لتصوير ما وجدوه من نشاط غير طبيعي في الناس الذين تناولوا هذا المركب.

هذه الهلاوس ربما تكون المدخل لفهم كيفية قيام الفطر السحري لتخفيف الاكتئاب

عالم الأعصاب ديفيد نات (David Nutt) والذي أجرى دراسة على السيلوسيبين عام 2012، وجد تغيرات في أنشطة المخ لدى الناس الذين يتناولون هذا المُركب.

بينما أصبحت بعض المناطق أكثر نشاطاً، أصبحت مناطق أخرى بالمخ صامتة أو غير عاملة بما فيها المنطقة في المخ التي تلعب دوراً في الشعور بالذات.

يعتقد ديفيد نات أن الاتصالات العصبية في هذه المنطقة من المخ تكون قوية جداً في الأشخاص المُصابين بالإكتئاب، لكن تفكيك هذه الإتصالات وتكوين أخرى جديدة يُمكنه أن يُوفر راحة كبيرة (كما يفعل السيلوسيبين).

تقترح دراسة أجريت لمدة خمس سنوات على هذا المركب أنه يُمكن أن يعمل كـ “تدخل جراحي” في الأمراض العقلية

تقترح نتائج إثنتين من الدراسات السريرية التي أجريت على السيلوسيبين في المرضى المُصابين بالاكتئاب والاضطراب المُتعلق باقتراب الموت أن جرعة واحدة من السيلوسيبين يُمكنها أن تصبح يوماً ما أداة قوية لمُعالجة الإكتئاب والتوتر.

أجريت الدراسة الأولى بواسطة باحثين من جامعة جونز هوبكنز (johns Hopkins University)، والأخرى بواسطة باحثين من جامعة نيويورك (New York University).

80 بالمائة من المُشاركين في دراسة جامعة جونز هوبكنز أظهروا إنخفاضاً ملحوظاً في أعراض الإكتئاب والتوتر بعد مُضي ستة أشهر من التجربة.

صرح الفريق الذي أجرى دراسة جامعة نيويورك أن 60 إلى 80 بالمائة من المُشاركين بالدراسة أظهروا أيضاً إنخفاضاً ملحوظاً بأعراض الاكتئاب والتوتر بعد مُضي ستة أشهر ونصف على التجربة.

يعتقد بعض الباحثون أن الفطر السحري يُمكنه أن يُساعد في تخفيف التوتر

في دراسة أعدتها جامعة نيويورك حول تأثير هذا الدواء على مرضى السرطان المُصابين بالتوتر الشديد، لاحظ الباحثون تأثير السيلوسيبين على المرضى الذين تناولوا جرعات منه بالمُقارنة مع آخرين تناولوا دوءاً وهمياً.

The New Yorker/Sky Dylan-Robbins

تُبين الصورة أعلاه إعادة تمثيل أو إستحضار لهذه التجربة.

قال نيك فيرنانديز (Nick Fernandez) أحد المُشاركين في هذه الدراسة أن هذا المُركب أخذه في رحلة عاطفية والتي ساعدته على رؤية “قوة أكبر منه”. قال أيضاً أن شيئاً ما بداخله قد إنفجر مما حمله للتيقن من أن إحساسه بالقلق وانعدام الأمان لم تكن أشياءاً تستحق القلق بشأنها.

المُعالج النفسي بجامعة نيويورك جيفري جاس (Jeffrey Guss) صرح لصحيفة نيويوركر (the New Yorker) أن العديد من المُشاركين في الدراسة أظهروا نتائج مُماثلة وأضاف بأنه يعتقد أن ذلك قد يُمثل جزءاً من عملية العلاج في هؤلاء المرضى.

لكنك قد تشعر بالقلق أيضاً…. على الأقل وأنت تتناول هذا العقار

في العديد من تقارير الحالات المُشاركة في دراسة جامعة نيويورك، بلغ المُشاركون عن اختبارهم لتوتر شديد وشعور بعدم الارتياح في مُدد تترواح بين عدة دقائق وعدة ساعات خلال تناولهم للمركب، ثم بدأوا بالشعور بالراحة بعد ذلك.

يُمكن أن تتسع حدقتا عينيك أيضاً

الفطر السحري يرفع من مستويات السيروتونين في الدم والذي بدوره يؤدي لاتساع حدقتي العين.

يُمكن أن يضطرب شعورك بالوقت أيضاً

من الأعراض الجانبية للفطر السحري هو الشعور بتباطؤ الوقت وذلك طبقاً للمعهد الوطني لإساءة استخدام العقاقير.

يُمكن أن تختبر تجربة الخروج من الجسد

الفطر السحري يُمكنه أن يحفز الشعور بتجارب تبدو حقيقية لكنها ليست كذلك.

تجارب الخروج من الجسد هذه والتي يُمكن أن يرى فيها الأشخاص الذين يتناولون الفطر نُسخة أخرى من أنفسهم تبدأ عادة في خلال 20 إلى 90 دقيقة بعد تناول المُركب ويُمكن أن تستمر حتى نحو 12 ساعة.

هذه التجارب يمكن أن تختلف من شخص لآخر وتعتمد على مقدار ما تتناوله وتعتمد أيضاً على شخصيتك وحالتك المزاجية والأشخاص المُحيطين بك.

يُمكنك أيضاً أن تشعر أنك أصبحت أكثر إنفتاحاً وواسع الخيال

بعد أن تمكن خبراء النفس بجامعة جونز هوبكنز من تحفيز تجربة الخروج من الجسد في مجموعة صغيرة من المتطوعين الأصحاء باستخدام السيلوسيبين، أبلغ المُشاركون أنهم شعروا بأنهم أكثر انفتاحاً، أكثر خيالية وأكثر تقديراً للجمال.

بعدما تابع الباحثون مع هؤلاء المتطوعين لاحقاً بعد مُضي عام، أبلغ نحو الثلثين منهم أن هذه التجربة كانت من أهم التجارب في حياتهم، ونحو النصف استمروا في إحراز نتائج أعلى في اختبارات الشخصية بالمقارنة مع نتائجهم السابقة قبل تناولهم للسيلوسيبين.

بعض من استخدموا المركب أبلغوا عن اضطرابات إدراكية شبيهة بالهلوسة والتي يُمكن أن تكون مُرتبطة بمرض نادر يُدعى اضطراب الإدراك الهلوسي المُستمر HPPD

Some users have reported lingering hallucinatory perceptions that may be linked with a rare disorder called HPPD.

منذ عام 1960، كانت هناك تقارير مُتفرقة عن مرض يُدعى اضطراب الإدراك الهلوسي المُستمر وذلك بعد إستمرار الهلاوس بعد مُضي فترة على تناول الشخص لعقار مُهلوس والذي عادة ما يكون عقار LSD. هناك أيضاً تقارير شفهية عن تأثيرات مُشابهة لذلك في الأشخاص الذين تناولوا الفطر السحري.

ما زال العلماء يبحثون عن تعريف دقيق لإضطراب الإدراك الهلوسي المُستمر لكن جون هالبيرن (John Halpern) وهو أستاذ مُساعد في علم النفس بكلية الطب بجامعة هارفارد وهو أيضاً المؤلف الرئيسي لأحدث مُراجعة أجريت على هذا المرض صرح لصحيفة نيويوركر قائلاً: “إنه لأمر مُحقق أن بعض الأشخاص الذين استخدموا عقار LSD بالذات قد اختبروا شذوذاً إدراكياً مُستمراً والذي لا يُمكن إرجاعه لأي مرض طبي أو نفسي آخر، وذلك إعتماداً على نتائج 20 دراسة مُرتبطة بالأمر منذ عام 1966”.

 

ترجمة: محمد أحمد نعمان.

المصدر:

ERIN BRODWIN, “Here’s what magic mushrooms do to your body and brain“, sciencealert.com, 28 DEC 2016