تشترك جميع الآلات الموسيقية تقريبا، سواء كانت بيولوجية (أحيائية) أو من صنع الإنسان، في ثلاثة عناصر رئيسية، وهي:

1- مصدر صوت يتذبذب في الهواء لتكوين تردد أساسي معين (يُدْرَك كطبقة صوت) وترددات توافقية مرتبطة به (عبارة عن مضاعفات صحيحة تامة للتردد الأساسي) تحدد الجرس أو لون الصوت.

2- مرنان يقوي أو يضخم التردد الأساسي وتوافقياته.

3- مشع (هوائي مرسل) للصوت ينقل الصوت إلى حيز هواء طلق، ومنه إلى أذن المستمع.

يميل البشر إلى اعتبار الجسم بأكمله آلة موسيقية بشرية، وهذا يجعله مشابها من حيث الحجم للَّدَبْلبَس double bass (أكبر آلة في العائلة الكمانية).

ولكن معظم الجسم البشري لا يسهم بأي شيء في إصدار الصوت، لا الصدر ولا الظهر ولا البطن ولا الإليتان ولا الساقان. فالصوت كله يصدر عن علبة الصوت (أي الحنجرة) والمسالك الهوائية.

إن الطبيعة شحيحة فيما يخص مرنان المغني، حيث يبلغ الطول الكلي للمسلك الهوائي البشري فوق الطيتين الصوتيتين ما يقرب من 17 سنتيمترا فقط.

ويبلغ التردد الأكثر انخفاضا والذي يمكن تضخيمه حوالي 500 هرتز (دورة في الثانية)، ونصف ذلك القدر عندما تُغنى بعض حروف الحركة(11)، مثل الحرف u أو الحرف i (كما في الكلمتين الإنكليزتيين “pool” أو “feel”).

ولما كان السبيل الصوتي أنبوبا رنانا شبه مغلق عند أحد طرفيه، فإن تردداته الرنانة تتضمن فقط المضاعفات التامة الوِترية (1، 3، 5،…) لتردد الرنين الأكثر انخفاضا.

لذلك يستطيع هذا الأنبوب القصير أن يضخم في الوقت نفسه النغمات التوافقية الوِترية لتردد مصدر مقداره 500 هرتز فقط (500 هرتز، 1500 هرتز، 3500 هرتز،…).

ولأن السبيل الصوتي لا يستطيع تغيير طول الأنبوب بصمامات أو شرائح (إلا ببضعة سنتيمترات بواسطة مد الشفة للأمام أو خفض الحنجرة)، فإن مجال عمل مرناننا يبدو أنه سيظل محدودا من دون أمل في توسيعه.

عرفت <J.ساوثرلاند> [مغنية الأوبرا الأسترالية وصاحبة الصوت الندي soprano] بالغريزة أن بعض حروف الحركة لا يمكن استخدامها في الغناء عند طبقات صوتية معينة، فقامت بتغيير بعض حروف الحركة في كلمات أغانيها الأوبرالية (حتى لو أدى ذلك إلى لفظ الكلمات بطريقة خاطئة) لتتلاءم على النحو الأفضل مع طبقات الصوت المطلوبة.