أحد الأخبار المنتشرة كثيراً حول الأكاذيب المتعلقة بتغيرات الشخصية بعد عمليات زراعة القلب هو خبر عن رجل لم تكن له جنح أو تهم أو حالات قتل من قبل ومن ثم قام فجأة بقتل 27 شخصاً بعد اجراءه لعملية زراعة قلب، ليتضح فيما بعد أن القلب المزروع له يعود لقاتل متسلسل. ونحن بدورنا أوضحنا سابقاً الفكرة العامة حول العلم الزائف المعروف بالذاكرة الخلوية كما أوضحنا التضليل والنافذة الواسعة للعلم الزائف في كتاب شيفرة القلب (Heart code) وأيضاً أوضحنا دور القلب كمضخة للدم فقط وأشرنا الى مقارنة في تعداد العصبونات الموجودة في المعدة والقلب كما أوضحنا العلاقة مع كائنات حية عديدة لنوضح بطلان هذه الأخبار والاشاعات. لكن وجب علينا أن نرد على هذا الخبر بشكل مفصل لشيوعه وكثرة انتشاره.

أوضح موقع سنوبس (snopes) أن أول نشر للخبر كان في موقع وولد نيوز ديلي ريبورت (World News Daily Report) (التقرير اليومي لأخبار العالم) والذي يزعم أن الرواية مروية عن زوجة القاتل مايكل رودريغز (Michael Rodriguez) (صاحب القلب الذي تم التبرع له) والتي تقول أنه قتل 23 امرأة و4 رجال بدءاً من 2013 حتى فبراير 2015 والتي تقول أيضاً أن شخصية رودريغز قد تغيرت بشكل كبير منذ عملية الزرع.

وفي الحقيقة إن الصورتين الموضوعتين في الخبر المنشور في الموقع المذكور تشيران الى حوادث مختلفة أحدهما لشخص هدد سائق تكسي (وهو المفترض أنه قتل 27 شخصاً) فقامت الشرطة باعتقاله وتصويره في سبتمبر 2015، والصورة الأخرى لشخص اعتقل في مارس 2014 لجرائم ضد الحيوانات. كما يذكر موقع سنوبس أن جميع طلبات التبرع بالاعضاء من قبل المجرمين المصطفين في طابور  انتظار الاعدام قد تم الشروع برفضها منذ بداية 2013[1] في الولايات المتحدة. هذا وقد كان للموقع الذي نشر الكذبة سوابق في نشر أكاذيب وإشاعات أخرى أيضاً.

تعليقنا على هذا الموضوع هو تساؤل كبير عن مدى اليأس الذي يعاني منه هؤلاء الذين يؤلفون أخباراً كهذه أو مدى اليأس الذي يعاني منه الجمهور الذي ينتظر أكاذيباً كهذه لينشرها ويستند اليها حالما تظهر من صحفي يحب أن يرفع من معدل قراءات مقاله. ولنفترض أن ربط القلب بالتفكير والوجدان والضمير الإنساني سيكون نابعاً من دوافع دينية أو قصص شعبية حيث كان البشر يعتقدون أن للقلب دوراً كهذا، فكيف يبرر هؤلاء لأنفسهم صياغة الأكاذيب أو قبول ونشر الأكاذيب بهدف تعزيز آيديولوجياتهم وقصصهم الشعبية التي يفترض بها في النهاية أن تكون حقائب وحزم من التعليمات الأخلاقية؟

مصدر:

[1] Lin, Shu S., et al. “Prisoners on death row should be accepted as organ donors.” The Annals of thoracic surgery 93.6 (2012): 1773-1779.