نقص الأوكسجين في المحيطات: ورقة بحثية جديدة تربط انخفاض نسبة الاوكسجين في البحار بالاحتباس الحراري العالمي.

عندما نتكلم عن الحياة البرية، فإن الأكسجين يعتبر أساسي وضروري،  ويعد البحث مهماً لجميع الكائنات الحية بدءاً من الإنسان حتى قطط المنازل وإلى الغوريلا وأسماك القرش الأبيض العملاق. يعتبر جزيء ثنائي الذرات مهماً جداً لنجاح التنفس الخلوي، حيث يكسر الكربوهيدرات المعقدة لإنتاج الطاقة اللازمة للبقاء على قيد الحياة. ولكن هنالك مقال نشر مؤخراً في مجلة العلوم (Science magazine) يفيد بانخفاض  محتوى الأكسجين في محيطاتنا بسرعة كبيرة في جميع أنحاء العالم.

والمقال يحمل عنوان “تراجع الأكسجين في المحيطات العالمية والمياه الساحلية” وهو عمل تعاوني لما يقارب اثني عشر باحثاً، كل واحد منهم قام بوضع خبرته في الجدول البحثي. وقد جمعت منظمة اليونسكو الدولية الفريق العلمي المتنوع لجذب الانتباه نحو قضية تتزايد بشدة وتستحق اعترافا على نطاق واسع. وستقوم بإرسال وثيقة صاغها العلماء مع بعض السياسيين في الولايات المتحدة إلى الكابيتول هيل “(Capitol Hill) كناية لمجلس الكونغرس الأمريكي (المترجم)*”. وسوف تخدم الأشخاص العاديين المهتمين بنشر العلوم التقنية.

الفريق العلمي الذي قام بالبحث

الفريق العلمي الذي قام بالبحث

ترتبط أزمة الأكسجين الضارة بارتفاع درجة حرارة المحيطات، التي ترتبط  بدورها بانبعاثات الغازات الدفيئة من قبل الإنسان. حيث أن ذوبان الأوكسجين يرتبط عكسيا مع درجة حرارة المياه، لذلك عندما تسخن مياه المحيطات يكون من الصعب ذوبان الأكسجين فيه، وهذا يعني أن نسبة قليلة من الأوكسجين تصل للكائنات البحرية. كما أن ارتفاع درجات الحرارة يزيد من معدلات الأيض عند الكائنات البحرية، لذلك قد تحتاج أجسادهم للمزيد من الاكسجين.

وتقول دينيس بريتبورغ (Denise Breitburg) عالمة البيئة في مركز سميثسونيان للبحوث البيئية (Smithsonian Environmental Research Center) في إيدجووتر بولاية ماريلاند، وهي من المؤلفين المشاركين في ورقة البحثية: “في وقت ازدياد الحاجة للأكسجين، تبدأ معدلات تركيزه بالانخفاض”.

وقد لاحظت بريتبوغ وزملاؤها جميع الآثار الضارة في البيئات البحرية التي تعاني من نقص الاكسجين، أو بشكل غير طبيعي. ففي الكثير من الحالات لا تحتاج  الطحالب والكائنات البسيطة للكثير من الاكسجين للتكاثر والاستمرار على قيد الحياة على حساب الكائنات المعقدة. لكن في بعض الحالات، قد يصل تأثير نقص الاكسجين للكائنات البسيطة، التي قد تحتاج فقط لكمية قليلة من الاكسجين، بحيث يبدأ اختفاءها بشكل سريع.

وهنالك مضار اخرى للاحتباس الحراري التي سوف تزداد إذا لم يتم أخذ الإجراءات المناسبة، حيث قالت بريتبورغ: “هنالك مواقع تنتج مركبات مثل أوكسيد النتروس (nitrous oxide)،  وهو من الغازات الدفيئة التي تزيد من التغير المناخي”.

لكن ما هي الإجراءات التي علينا القيام بها لرفع مستويات الأكسجين في المياه العالمية؟ تؤكد بريتبورغ أنه في حالة وجود قضية واسعة النطاق، مثل استهلاك الوقود الاحفوري والممارسات الصناعية المنتشرة والتي تحيط بمجرى المياه والتي تعتبر المغذي الرئيسي لهذه القضية. لا يمكن عمل الكثير إلا على مستوى المؤسسات.

تقول بريتبورغ “أن حجم المشكلة كبير بما فيه الكفاية، وعلى الرغم من أهمية الإجراءات الفردي، إلا أننا بحاجة إلى بذل جهود اكبر لحلها”. وهي على ثقة بأننا نمتلك الوسائل المتاحة لمعالجة الكثير من القضايا الرئيسية،  لكن نحتاج فقط الإرادة والعزم على العمل.

واضافت حول التلوث: “لدينا القدرة والتقنية الكافيتان للتعامل مع هذه القضية، لكنها مكلفة، ولا نستطيع الانتظار أكثر، لأنه سيجعل المشكلة أكبر، وبدورها ستكون التكاليف اكبر”.

وتصر بريتبورغ على أن انبعاث الغازات الدفيئة هي السبب في فقدان بعض أنواع الحياة في المحيطات، ويجب أن نحد منه في المستقبل القريب. وتقول: “ليس أمامنا خيار غير معالجة هذه المشكلة”.

وتدرك بريتبورغ أن مستويات الأوكسجين المذاب في مياه البحر ليست سوى جزء  واحد من مشكلةٍ أكبر، وهدفها هو التأكد من أن وسائل الإعلام والجمهور قد وعوا المشكلة بشكل صحيح، التي ستكون بمثابة دراسة حالة قيمة للمشرعين الذين يحاولون إحداث فارق.

حيث تضيف: “إن عواقب تغير المناخ أكبر من مجرد أنخفاض نسبة الاكسجين في المحيطات. حيث تشمل جميع جوانب قدرة الأرض على دعم الحياة، وأن الخطوات المطلوبة ليست سهلة، لكنها الخيار الوحيد المتاح حالياً”.

المصدر:

Smithsonian magazine, “Why our oceans are starting suffocate“, smithsonianmag.com

مراجعة لغوية: نورس حسن