البرمجة اللغوية العصبية هي احدى برامج التنمية الذاتية التي ظهرت في السبعينات والثمانينات  ولكن تضائلت شعبيتها في السنوات الاخيرة، تظهر البرمجة اللغوية العصبية كمنافس لمنتدى لاندمارك (Landmark Forum) وهو معهد للتنمية الذاتية، وتوني روبننز (Tony Robbins) وهو محاضر في التنمية الذاتية، وحشد من شركات اعادة تهيئة الاشخاص. ومن ضمن ما يدعون من تهيئة (مفاتيح النجاح، الصحة، السعادة…وغيرها).

يقول ستيفن نوفيلا الدكتور في الطب: إن افتراضات البرمجة اللغوية، بأن ادراكنا وسلوكنا وعواطفنا يمكن  برمجتها من خلال محاكاة الجوانب السطحية من الصفات المرغوبة (مثل طريقة الوقوف والتصنع) هي افتراضات خاطئة. السنوات الثلاثين الاخيرة من الابحاث اظهرت ببساطة ان البرمجة اللغوية العصبية  هي مجرد  كلام فارغ.  

انتوني روبنز وهو من المرجح  أن يكون الاكثر نجاحا في البرمجة اللغوية العصبية. بدأ امبراطوريته الخاصة بحسب ما يصف نفسه من الساذج السمين الى السائر على النار، يعتبر ان  مثله الاعلى  ومرجعيته  في علم نفس ترقية الاداء الشخصي  والتحولات التنظيمية والمهنية. أما مؤسسي البرمجة اللغوية العصبية فهما  ريشارد باندلير (Richard Bandler) وجون كراندير (John Grinder) ولكن  قد يحدث  اختلاف حول من هو الزعيم الرئيسي في علم نفس الاعتماد على الذات والنجاح.

تدعي  البرمجة اللغوية العصبية امتلاكها لشيء ما للجميع، المرضى والأصحاء، الافراد او الشركات. بالاضافة  الى كونه عامل لتغيير الاشخاص الى اشخاص  أصحاء. وتستخدم البرمجة اللغوية العصبية ايضاً في معالجة الاضطرابات العقلية  المتنوعة من مشاكل الرهاب والفصام، وتهدف البرمجة اللغوية العصبية ايضا في تطوير الشركات والتي تبين كيفية تحقيق اقصى الامكانيات  وتحقيق اكبر نجاح. سوف تجد ان  تدريب الحصول على  شهادة ممارسة البرمجة اللغوية العصبية يكلف اقل من 100 دولار وبضعة ايام من وقتك.

ما هي البرمجة اللغوية العصبية؟

تدعي البرمجة اللغوية العصبية انها  التدريب الشامل الذي يغطي كل شيء تحتاج معرفته للنجاح  (ومساعدة الاخرين على النجاح) في اي مجال من مجالات الحياة  بما في ذلك الاعمال التجارية، العلاقات، الوظيفة، والمجالات الاخرى من الحياة.

اختراع البرمجة اللغوية العصبية

بدأت البرمجة اللغوية العصبية  في منتصف السبعينات من قبل اللغوي كراندير وطالب الرياضيات باندلر الذي كان لديه شغف في (A) الشخصيات الناجحة، (B) علم النفس، (C) اللغة، (D) برمجة الحواسيب. من الصعب تحديد وتعريف البرمجة اللغوية العصبية بسبب ان الذين بدأوا بإستخدامها او الضالعين بها كانوا يستخدمون لغة  مبهمة وغامضة تفيد ان البرمجة اللغوية العصبية  تعني اشياءاً مختلفة لأناس مختلفين. وفي حين من  الصعب ايجاد  وصف ثابت  للبرمجة اللغوية العصبية بين أولئك الذين يدعون انهم خبراء بها او على الاقل العثور على استعارة واحدة تبقى متكررة لحد ما لوصف البرمجة اللغوية العصبية. تدعي البرمجة اللغوية  مساعدة الناس على التغيير بواسطة تعليمهم برمجة عقولهم. لقد اُعطينا العقول، كما قيل لنا، لكن بدون دليل استخدام. تقدم البرمجة اللغوية  دليل استخدام العقل. ودليل  استخدام العقل يظهر انه كناية عن تدريب البرمجة اللغوية العصبية والتي يشار اليها بـ  (برامج الدماغ) وايضا (البرمجة اللغوية العصبية) سواء كان الشخص  واعياً او غير واعياً.  

وتعتمد البرمجة اللغوية العصبية بشكل كبير على (1) مفهوم العقل الباطن  وتاثره الدائم على التفكير الواعي والعملي، (2) السلوك المجازي والخطابا وخاصةً البناء على طريقة فرويد في تفسير الاحلام، (3) العلاج بالتنويم المغناطيسي كما وضعه ميلتون اريكسون (Milton Erickson)  وتتاثر البرمجة اللغوية الحديثة  ايضا بواسطة اعمال جريجوري باتيسون ونعوم تشومسكي.

وهناك خيط مشترك في البرمجة اللغوية العصبية وهو التركيز على تعليم تشكيلة متنوعة من مهارات التواصل والاقناع، واستخدام التنويم المغناطيسي لتحفيز وتغيير الشخص. معظم ممارسي البرمجة اللغوية يروجون لمجالهم في شبكة الانترنت بدعايات كبيرة على قدرتهم على مساعدة اي شخص ليصبح اي شيء. وفيما يلي مقتطفات من موقع على الانترنت يسمى المجلس الدولي لمعايير واخلاقيات المهنة للبرمجة اللغوية العصبية.

“البرمجة اللغوية العصبية يمكن ان تعزز جميع جوانب حياتك بدءاً من تحسين علاقاتك مع الاحباء وتعلم التدريس بشكل فعال (التدرب على التدريس او القاء المحاضرات)، والحصول على شعور قوي بالثقة في النفس، وزيادة الحافز، تحسين طرق التواصل الاجتماعي، وتعزيز عملك او وظيفتك، وكمية هائلة من الاشياء الاخرى التي تتضمن استخدام عقلك.  انها تجعلك  تثني قضبان الحديد بعزيمة واحدة صلبة”.

المجلس الوطني للمهنية والمعايير الاخلاقية المذكور اعلاه وهو مجلس غير معتمد، وقد نال اسمه من شخصه يدعى برادي، يقول برادي ان لديه ثلاث شهاداة دكتوراة،  لكنه لا يقول من اين حصل عليها، وانه (اي برادي) معتمد في البرمجة اللغوية العصبية، ويزعم  احد النقاد انه حصل على شهادته من دبلوم ميل ( diploma mill) * وهي شركة تدعي انها مؤسسه للتعليم العالي  توفر شهادات غير شرعيه مقابل رسوم.

افتراضات زائفة

من افتراضات البرمجة اللغوية الزائفة (اذا كان شخص يمكنه عمل شيء  فهذا يعني أن أي  شخص اخر يمكن  تعلم ذلك واستنباطه )  هذا يأتي من الناس الذين يدعون انهم يفهمون العقل ويمكنهم مساعدتك في اعادة برمجة عقلك. انهم يريدون منك ان تعتقد ان الشيء الوحيد الذي يميز الشخص العادي عن أينشتاين او بافروتي او بطل العالم في الرفع هي البرمجة اللغوية العصبية

معهد باندلر

معهد باندلر هو اول معهد  للبرمجة اللغوية وتصميم ما يسمونه بالهندسة البشرية Design Human Engineering))  وهذا ما يقولونه عن البرمجة اللغوية:

“تعرف البرمجة اللغوية العصبية بانه دراسة بنية التجربة الشخصية (structure of subjective experience) وما يمكن ان يحتسب من ذلك مبني على اساس ان  كل سلوك يمتلك بنية من البرمجة اللغوية العصبية خصوصية  خلقت من اجل السماح لنا بالقيم باعمال سحرية من خلال خلق طريقة جديدة في فهم كيفية تأثير التواصل اللفظي وغير اللفظي على الدماغ البشري، وعلى هذا النحو فانه يقدم لنا فرصه ليس فقط افضل طريقة للتواصل  ولكن ايضا كيفية  اكتساب المزيد من السيطرة على ما اعتبرناه الوظائف التلقائية في علم الاعصاب الخاص بنا”.

لقد اخبرنا ان بادلير انه  استخدم  اول نموذج لكل من  فرجينيا ساتير (Virginia Satir) والمعروفه بأم العلاج الاسري، ميلتون اريكسون (Milton Erickson) اب العلاج بالتنويم المغاطيسي الحديث، وفريتز بيرلز (Fritz Perls)  الذي صاغ مصطلح علاج جاشتالت (Gestalt Therapy) (وهو احد انواع الطب البديل الزائفة).  ولانهم حققوا نتائج مذهلة مع عملائهم . تمت دراسة الانماط السلوكية واللغوية لهؤلاء الاشخاص واستخدمت كنموذج . هؤلاء المعالجين اعجبوا بمصطلحات مثل، احترام الذات، المصداقية، التغيير، الانسجام او الوئام، التنمية، الايكولجي، ادراك الذات، العقل الاواعي، التواصل الغيراللفظي. النماذج التي يدعوها هؤلاء بأنها مشاعل ضوء نحو علم نفس جديد لم تثبت او تقدم حقيقة علمية عن ما يسمونه برمجة الدماغ من قبل أي عالم عصبي ولم تتضمن سوى تسويقاً جيداً لمصطلحاتها نحو السعادة والنجاح.

كراندير و تطوير الشركات عن طريق البرمجة اللغوية العصبية

من ناحية اخرى  جون كراندير  استمر بالمحاولة في القيام للشركات العالمية ما يقوم به معهد باندير للاشخاص، وقد ايده كارمن باستك وسانت كلير. يدعي كراندير انه انشى استباط جديد (evolved new) وايضا نظم ورموز  اكثر اشراقا.

وهذا ما يقوله:

“الرموز والنظم  الجديده تتضمن مجموعة من البوابات وتلك طريقتي في التفكير بالربط  المناسب بين اجزاء  التفكير الواعي وغير الواعي لشخص يريد تقديم التدريب او شرح  بعض اساليب البرمجة اللغوية العصبية، هذا يقطع شوطا طويلا باتجاه الاصرار على حضور  الانسجام الشخصي في هذا الشخص، بعبارة اخرى الشخص الذي يفشل في تحمل الانسجام الشخصي بشكل عام فسوف يجد نفسه غير قادر على استخدام وتعلم النظم  الجديدة بالاضافة الى اي نوع من النجاح المتناسق

وقد صدم بعض الناس بمصطلحات مثل الانسجام الشخصي (personal congruity) لكونها غير دقيقة وغير علمية. هو ينفي ان يكون عمله وباندلير مجرد خليط انتقائي من الفلسفه وعلم النفس او انه مبني من اعمال الاخرين. انه يعتقد انه هو وبانلير قد خلقو نقله نوعي.

هل البرمجة اللغوية العصبية مفيدة؟

في حين انني لا أشك في أن هنالك العديد من الاشخاص الذين استفادوا من دورات  تدريب البرمجة اللغوية العصبية، يبدو ان هنالك العديد من الفرضيات الخاطئة والمشكوك بصحتها التي تستند عليها البرمجة اللغوية العصبية. منها، اعتقاداتهم حول العقل البطن، التنويم المغناطيسي وقدرته في التاثير على الناس من خلال التخاطب المباشر مع العقل الباطن وهذه الاشياء غير مثبتة. ان  جميع الادلة العلمية التي تناولت هذه الامور اشارت الى ان ما تدعيه البرمجة اللغوية العصبية ليس صحيحاً.

لا يمكنك تعلم التخاطب مع العقل الباطن كما يدعي أريكسون ومدربي البرمجة اللغوية العصبية ” الا من خلال الطريقة الاكثر صرامة ضمن  استخدام قوة الايحاء” على حد قولهم.

تدعي البرمجة اللغوية  ان خبرائها درسوا  العقول  المبهرة وانماط سلوك الاشخاص الناجحين واستخلصوا النماذج منهم.

لكن دراسة عمل اينشتاين او تولستوى قد تنتج عشرة نماذج عن كيفية عمل  تلك العقول وليس هناك اي طريقة  لمعرفة أي من هذه النماذج هي الصحيحة؟  انه لغز لماذا اي شخص يفترض ان اي نموذج معين معطى يعني تقنية مضمونة للتغير السريع والفعال للتفكير والمعتقدات. انا اعتقد ان معظمنا لو تعرضنا لنفس الخبرة والسلوك  التي لدى اينشتاين وتولستوى فان ادراكنا الحسي ينبئنا اننا لن نصبح مثلهم ولن  نصل الى مرتبتهم.

الخلاصة

يبدو ان البرمجة اللغوية العصبية  تنمي نماذج من الصعب التحقق منها، كما  انها  تطور تقنية لا علاقة لها بالنموذج الذي تطرحه  ولا تعطي مصادر للنموذج، ان ادعاءات البرمجة اللغوية العصبية حول التفكير والادراك لا تبدو  معتمدة  ومدعومة من قبل علم الاعصاب، وهذا لا يعني ان تقنياتها لا تعمل، فربما تعمل وتعمل بشكل جيد  ولكن لا توجد اي طريقة لمعرفة اذا ما كانت هذه الادعائات تستند الى  مصادر صالحة.  تصرح البرمجة اللغوية العصبية بنفسها على  علمية منهجها. ولكن كيف يمكن قياس مصداقية ادعائها (بانها علمية )”؟ انا لا اعرف  ولا اعتقد ان مدربي البرمجة اللغوية يعرفون. يبدو ان الحكايات والشهادات تؤخذ على انها ادوات  القياس الاساسية . للأسف فأن مثل هذا القياس  يظهر للمدربين   كيفية تعليم عملائهم لأقناع المزيد من الاشخاص على الانخراط في المزيد من الدورات التدريبية.

 

حسين شاكر

http://skepdic.com/neurolin.html