يتداول كثيرٌ من المعجبين بالخارقية والتأثيرات النفسية غير المنطقية قصة مفادها أن “تجربة” علمية جرت في أمريكا (أو في أي دولة أخرى بحسب الرواية) وتضمنت إخبار شخصٍ سيُحكم بالإعدام أنه سيعدم عبر تفريغ دمه، وطبعاً تختلف القصص فتارة يقال إنه عرض عليه شيءٌ ما ليقبلبذلك وتارة أن النازيين كانوا هم الذين يقومون بالتجربة وإلى غير ذلك من القصص. وافق الرجل وجرى تركيب معدات سحب الدم منه وأغمضت عيناه وغطي رأسه وأوهم أنه يتعرض لسحب الدم، ثم مات الرجل بعد نصف ساعة، لكن في الواقع لم يكن الرجل قد تعرض لأي سحبللدم، بل إنه مات بسبب تفكيره بالموت!

إصدارات أخرى لهذه القصة منها أن رجلاً دخل في الخطأ إلى آلة تجميد، وخوفاً من الموت من التجميد فقد مات الرجل رغم أن الآلة لم تكن تعمل. وأيضاً إصدارٌ آخر قديم للقصة بأن رجلاً قيل له أنه سيُقطعُ رأسه، فحزت رقبته بخفة دون إحداث قطع بينما عُصبت عيناه وغطي رأسه فمات ايضاً من التفكير، وهذا الأخير في الحقيقة ما هو إلا إصدار آخر للرواية الأولى.

نأتي إلى الأدلة. حسناً، لم تجر أي تجربة علمية بهذا الشكل على أي عملية إعدام، انتهت القصة هنا. حاول أن تبحث بقدر ما شئت في المصادر الأكاديمية ولن تجد قصة كهذه. وهكذا الحال مع جميع إصدارات القصة في مصادرها الصحفية أو العلمية، لن تجد سوى قصة متغيرة خالية من الثوابت حول مكان الحادثة أو التجربة، اسم الشخص، تاريخ الحادثة أو التجربة أو أي تفاصيل أخرى.

يروي الكاتب البريطاني بول سميث (Paul Smith) في كتابه (الأساطير الأكثر شراً) (Nastier Legends) أحد إصدارات القصة ويتضمن سرداً أكثر موضوعية، بأن طلبة من جامعة بيرمنغهام حاولوا خداع أحد مساعدي المختبر ثم أظهروا له أنهم قطعوا رأسه وما فعلوا سوى أنهم مرروا منديلاً رطباً على رقبته، فمر بحالة عصبية ومات. طبعاً لا وجود لقصة من هذا النوع في تاريخ الجامعة أو الأخبار المروية عنها. يكمل سميث القول بأن القصة لها إصدار آخر يعود للقرن التاسع عشر ولكن في جامعة أبردين (وطبعاً دون أدلة) مع تغييرات في القصة بأن الذي قتل كان حمالاً، ويقول سميث أن جذور القصة تمتد إلى قصة إيطالية مشابهة من القرن السادس عشر حول مهرج[1].

طبعاً الظواهر الحقيقية التي تحدث لنا نحن البشر وخصوصاً أسباب الوفيات لا تحتاج إلى هذه القصص المفبركة والمشتقة من بعضها والتي لا نسمع بها مطلقاً في بلداننا أو أزماننا أو طيلة حياتنا أو حياة آبائنا. ومن الواضح أن قصصاً كهذه ليست قصصاً حقيقية فنحن لسنا كائنات أخرى حتى نحتاج لمعرفة طرق غريبة بهذا الشكل للوفاة دون أن تحدث في محيطنا الزماني والمكاني مطلقاً.

يبقى هناك أمرٌ واحد ولا يُمكن أن يحتسب على الموت بسبب التفكير، وهو السكتة القلبية، لكنه غير مرجح تماماً في هذه الحوادث، فصاحب الثلاجة والشخص المتجه للإعدام كلهم كانوا قد مروا بالخوف على نحو تدريجي وليس بشكل صدمة فائقة. أما قصة عامل المختبر فلماذا يتخيل الرجل أصلاً أنه سيقتل ولو كان يتوقع ذلك فسيكون ذلك أيضاً على نحو تدريجي وهذا ما تفترضه أساساً فكرة (الموت بسبب التفكير).


[1] Paul Smith, “The Book of Nastier Legends”, London: Routledge & Kegan Paul 1986, Page 50, ISBN 0-7102-0573-2