الاعجاز العلمي هي مدرسة مخالفة للعقل تقوم على مجموعة من التلفيقات التي لا يمكن لإنسان عاقل (المسلم قبل غيره) أن يقبلها، وهي غالبا ما تسيء للديانة الإسلامية ولا تصمد أمام أبسط مبادئ الفكر النقدي والمنهج العلمي. يشمل هذا المقال مجموعة من الادعاءات التي يوجه بها صاحب المقال نجيب المختاري مجموعة من الإشكاليات والمغالطات الى زغلول النجار إثر زيارته لجامعة العلوم والتكنولوجيا في مدينة فاس في المغرب، وقد وجهت العديد من هذه الاسئلة والإشكاليات لزغلول النجار أثناء ندوته مما وضعه في حرج شديد أمام جمهوره بخلاف ما كان يواجهه في جامعات أخرى:

الإعجاز في أحد عشر كوكباً

قلتم في المقالة رقم 439 من موقعكم[1] في سنة 2004 أن تعريف الكوكب هو “كل جسم كروي من أجرام السماء يدور حول ذاته ويجري في مدار محدد له حول الشمس” وأن عدد كواكب المجموعة الشمسية هو 11 وقلتم أنه لا يمكن إيجاد كواكب أبعد من ذلك لأنها “ستفلت من مجال جاذبية الشمس” (حسب ادعائكم المرفق في الرابط: http://imgur.com/a/mTq6o) وأن هذه معجزة لأن القرآن تنبأ بهذا العدد النهائي (11 كوكب) في حلم النبي يوسف عندما رأى 11 كوكبا في منامه.

منذ ذلك الحين وحتى الآن اكتشاف 19 كوكب على الأقل في المجموعة الشمسية كلها كروية تدور حول نفسها وحول الشمس[2] وعشرات الاجسام الاخرى في طور التصنيف إلى كواكب حسب تعريفكم[3] ومئات الكواكب في المجموعات الاخرى. هل تسحبون وتعتذرون عن ادعائكم؟ أم أنكم تصرون على ادعاء ان الله أخطأ في العدد حسب ادعائكم؟ هل اتضح لكم يا استاذنا أن العلم متغير ويتقدم مع مرور الوقت وان ادخال النص الديني في معمعة مجال علمي متغير ومتقدم باستمرار سيؤدي إلى مثل هذه الإساءات إلى الدين؟

أحاديث مختلقة

قلتم في أحد أشرطتكم أن الرسول قال أن الشمس “تغرب عن قوم وتطلع على قوم، وتغرب عن قوم وتطلع، فقوم يقولون غربت، وقوم يقولون طلعت”[4] وقلتم أن هذا دليلٌ على كروية الأرض في الحديث. مع الاسف قلبت كتب الحديث رأسا على عقب ومحركات البحث كلها وفعل مهتمون ومختصون بالحديث[5] نفس الامر ولم يجد أحد أثرا لهذا الحديث سوى في شريطكم. هل عندكم دراية بمدى جسامة صياغة أحاديث جديدة لم ترد عن الرسول؟ ممكن مراجعة جميع النصوص الدينية الأخرى التي رويتم بغرض طمأنة قرّائكم ومشاهديكم انكم لا تختلقون الأحاديث؟ هل ممكن تقديم اعتذار عن الامر أمام طلبة كلية الشريعة بفاس على الأقل؟

الحجر الأسود والضابط الإنجليزي الذي قام بتحليله

ادعيتم في المقالة رقم 67 من موقعكم[6] أن ضابطا بريطانيا اسمه ريتشارد فرانسيس بورتون (Richard Francis Burton) قام بسرقة الحجر الأسود من مكة وتهريبه إلى بريطانيا حيث تم تحليل الحجر وأنه تبين له (حسب قولكم) ان الحجر الأسود “من أحجار السماء وله تركيب خاص مختلف عن ما سواه” وأن الضابط عندما توصل لهذا أسلم وكتب قصة رحلته في كتاب. عند البحث عن هذا الضابط تبين أنه موجود فعلا[7] ولكن عند الاطلاع على كتابه[8] تبين أن الضابط لم يسلم، ولم يسرق الحجر بل قال أنه أثناء رحلته الاستكشافية لمنطقة الحجاز مر على الكعبة ولمس الحجر الأسود وقال انه بدا له أنه حجر نيزكي وقال بالحرف في كتابه: “لن أتعرض هنا للأصل الخرافى للحجر الأسود، بعض الاعتقادات بخصوص هذا الحجر حقا منافية للعقل (absurd)“.

الاستاذ الفاضل زغلول هل من الممكن لكم من الآن فصاعدا أن تقوموا بإيراد مراجع حقيقية للقصص الخارقة التي تروون، بحيث أنه عندما نفتح المرجع نجد كلاما مطابقا لا مناقضا للقصص التي تروون على التلفزة وفي محاضراتكم؟ خاصة أنه صار سهلا في عصر الإنترنت التحقق من المراجع خلافا لحقبة السبعينات والثمانينات.

الكعبة مركز الأرض

ادعيتم في حلقة كاملة على الجزيرة[9] أن مكة المكرمة موجودة في مركز اليابسة بينما في العلم الحديث الارض شكلها كروي وبالتالي جميع نقط يابسة الأرض هي مراكز لليابسة،وهذا يعني بأنه ليست الكعبة وحدها مركزًا لليابسة ولكن كذلك الفاتيكان ومدينة بومباي في الهند وبيتكم الكريم في الاردن وهذه الجامعة التي تحاضرون فيها. كلها مراكز لليابسة بفعل كروية الارض[10].

أشعة الشمس منحازة ضد النساء ولذلك شرع الحجاب

ادعيتم[11] أن هناك “دراسات” (دون ذكر أي مرجع) “أثبتت” أن الأشعة فوق البنفسجية الضارة تؤثر في النساء أكثر من الرجال ولهذا فرض الله الحجاب كي يحمي النساء من الأشعة فوق البنفسجية. مع الاسف لا يمكن وجود دراسة علمية في هذا المنحى لأن هذا مخالف لما نعلمه عن أشعة الشمس. القطن مثلا يحجب فقط 15% من الاشعة فوق البنفسجية[12] يعني مثلا حجاب من القطن سيمرر 85% من الأشعة فوق البنفسجية واذا افترضنا منطقكم استاذي الكريم فكان على القرآن إذا أن يفرض على النساء والرجال ارتداء قبعات حديدية لتمنع وصول الأشعة فوق البنفسجية.) طبعا الحكمة القرآنية وراء الحجاب موجودة فنص الآية نفسها وهو “ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين” أي أن الغرض حسب القرآن نفسه هو تمييز نساء المدينة الاحرار من العبيد. هل ممكن التراجع عن هذا الادعاء والاكتفاء بالحكمة التي يقولها القرآن نفسه بدل تقويله أمرا مخالفا لقوانين الفيزياء؟

إعجاز تباطؤ الأرض

ادعيتم[13] أن هناك معجزة في اخبار القرآن بتباطؤ دوران الأرض فيزيائيا بفعل المد والجزر حتى تتوقف وأن ذلك هو يوم القيامة (صعود الشمس من مغربها).كيف توفّقون أخي الكريم زغلول بين هذا الادعاء وبين كون أن تباطؤ الأرض بفعل المد والجزر سيأخذ 1900 مليار سنة قبل توقف الارض[14]. بينما في نفس النموذج الذي اعتمدتم، بعد فقط 5 مليارات سنة من الآن ستكون الشمس قد ابتلعت الأرض وأحرقتها بفعل توسع الشمس إلى عملاق أحمر؟ يعني أن الأرض ستبتلع من الشمس وستختفي قبل توقفها بمئات الملايير من السنين. كيف توفقون كذلك بين وصف النصوص الدينية للساعة على انها قريبة وأنها ستأتي “بغتة” وليس بعد تباطؤ طوله 1900 مليار سنة حسب ادعائكم أخي الكريم؟

جواب الأستاذ زغلول النجار حول عدد الكواكب:

ـ “لا هذا كلام غير صحيح. ليس هناك 19 كوكب بل هناك 11 كوكب وهي عطارد والزهرة والمريخ والأرض والمشتري وزحل ونبتون وأورانوس وبلوتو وكوكب آخر تم اكتشافه منذ اربع او خمس سنوات” ـ نص الجواب غير مضبوط بالحرف في انتظار توفر تسجيل للمحاضرة. سأقوم بتعديل المنشور لإدراج النص بالحرف للجواب.

تعقيبي:

ـ لا أخي الفاضل زغلول الكواكب لم تتوقف عند بلوتو أو “الكوكب الحادي عشر”. بل تم اكتشاف الأجسام التالية الشبيهة ببلوتو وسيدنا (الذي قلتم أنه الكوكب الحادي عشر النهائي) وكلها كروية وتدور حول الشمس (وتخضع لتعريفكم للكوكب في مقالكم والذي أكدتم عليه اليوم):

  1.     Ceres
  2.     Haumea
  3.     Makemake
  4.     Eris
  5.     Orcus
  6.     2002 MS4
  7.   Salacia
  8.     Quaoar
  9.     2007 OR10
  10. Sedna

تتضمن المصادر لائحة بالمصادر التي تذكر تلك الأجسام جميعاً[15].

في النهاية، ألا ترون اخي الفاضل زغلول أن مجمل اعمالكم هي إساءات للديانة الإسلامية وللمسلمين وتصور عقل الإنسان العربي والمسلم أنه عقل ساذج يستهلك أي شيء دون تمحيص ودون طلب للمراجع ودون نقد ما ان يتم تقديم هذا الشيء له تحت إطار ديني؟

نشر هذا المقال في صفحة الفيسبوك لنجيب المختاري ضمن منشور أول وآخر متبوع بإجابة زغلول النجار. ويُنشر المقال في العلوم الحقيقية استناداً الى موافقة صاحبه نجيب المختاري المختص بتبسيط العلوم الى اللهجة الدارجة.

المصادر

[1]  زغلول النجار، “إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ“، elnaggarzr.com، تمت مراجعته: 17 نيسان 2017

[2] Wikipedia, “List of solar system objects by size”, viewed at 17th April 2017

[3] Wikipedia, “List of possible dwarf planets”, viewed at 17th April 2017

[4]  زغلول النجار، محاضرة “العلم والقرآن – دوران الأرض“، منشور بتاريخ 9 اغسطس 2013 في اليوتيوب

[5]  أرشيف ملتقى أهل الحديث “سؤال عن حديث اورده الدكتور زغلول نجار“، تمت مراجعته بتاريخ 17 نيسان 2017،

[6]  زغلول النجار، “إنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وَضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ ، فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً“، com، تمت مراجعته: 17 نيسان 2017

[7] Sir Richard Francis Burton: 1821-1890, burtoniana.org

[8]  Burton, Richard Francis, Sir, 1821-1890, “Personal narrative of a pilgrimage to Mecca and Medina”, Published 1874

[9]  أحمد منصور، “الإعجاز العلمي لمكة المكرمة، ضيف الحلقة: زغلول النجار“، عرضت بتاريخ: 19 نوفمبر 2003، قناة الجزيرة

[10]  نجيب المختاري، منشور في الفيسبوك حول مركز يابسة الأرض، 18 فبراير 2017

[11]  زغلول النجار، “الاعجاز العلمي في فرض الحجاب“، قناة اقرأ، تمت مراجعة الرابط في يوتيوب بتاريخ 18 نيسان 2017

[12]  United States. National Bureau of Standards, “Ultra-violet Transmission of Fabrics”, p.121, Bureau of Standards journal of research, Volume 1, Research papers Nos. 1 to 36

[13]  زغلول النجار، “طلوع الشمس من مغربها“، مقطع يوتيوب، الدقيقة 13.

[14] Anthony Watts, “Science spin of the worst kind: National Geographic’s ‘When The Earth Stops Spinning“, wattsupwiththat.com, December 2, 2012

[15] Wikipedia, “List of possible dwarf planets”, viewed at 17th April 2017