كثير من الحضارات حول العالم قامت ببناء هياكل عظيمة تجعلنا نتساءل عن كيفية تشييدها و متى كان ذلك. حجمها الضخم رسخ في عقول بعض الأشخاص أن مخلوقات فضائية هي السبب في ظهور هذه الصروح البشرية الصنع، مثل ” الأهرامات. القصور المنحوتة داخل الجبال.. إلخ ”  حتى أنهم أوجدوا لهذا الإدعاء فرضية أسموها “الفضائيون القدامى” التي تقول أن زواراً فضائيين كانوا هنا على الأرض قبل آلاف السنين، و تدخلوا في حياة البشر، و ساهموا بمستواهم التكنولوجي المعقد في بناء ما نراه الآن من آثار تاريخية بقيت صامدة،  كالمعابد، صروح بوما بونكو، والعديد من التماثيل الحجرية. إحدى هذه المزاعم تدور حول التماثيل الحجرية المعروفة لدى السكان المحليين لجزيرة الفصح التابعة لدولة التشيلي، والتي وجدت منتشرة في المقالع على جزيرة الفصح.

يعرف الكثير من الناس هذه التماثيل الحجرية المعروفة لدى السكان المحليين باسم ماوي (maoi). في المقابل يدعي القائمون على وثائقي ” الفضائيون القدامى ” الخاص بقناة هيستوري الأمريكية، ألا شئ معروف عنها.

يقولون:

“كيف صنعوا هذه التماثيل ؟ من أين جاؤوا بها ؟ و كيف استطاعوا تحريكها ؟ لا أحد يملك الإجابة على هذه الأسئلة.”

لكن هذا غير صحيح بالمرة. مثلا نحن نعرف كيف تم قطعها و تشكيلها أو نحتها، لأن الكثير من تماثيل الماوي تم التخلي عنها قبل إكمالها، و هذا أدى إلى توفر تماثيل غير كاملة و في كامل مراحل صناعتها، و كذلك الأدوات الحجرية التي استخدمت لتقطيع الصخر البركاني الهش الذي يتم صناعة التماثيل منه، وجدت منتشرة في المقالع على الجزيرة.

” 20 شخصا لنحت تمثال واحد لمدة تتراوح بين 5 إلى 6 سنوات حتى يصل التمثال إلى هذه المرحلة. و كذلك نرى مساحات تمثل أماكن عمل كل عامل في قص الحجارة، و كيف تم تقييم و توزيع مساحات عمل كل شخص. و تستطيع أن ترى الإختلاف بين كل مساحة عمل و الممثلة في اختلاف طريقة العمل بين شخص و آخر، و كذلك أثار أدوات الحفر و الخدوش التي تسببت بها في الصخر. يتم عزل النقطة المراد قطعها، و في النهاية يتكون شكل مشابه للقارب إلى أن يتم كسر التمثال عن القاعدة التي نحت منها و إخراجه بشكل كامل.”

تماثيل جزيرة الفصح

تماثيل جزيرة الفصح

يقضي أصحاب ومناصري خرافات الفضائيون القدامى أغلب وقتهم هنا بالتركيز على الطريقة التي يتم بها تحريك هذه التماثيل، و هم على الأغلب يعلمون بوجود عدة تجارب ناجحة قديمة لنقل تماثيل الماوي، تتمثل بمزالج خشبية وعدد قليل من العمال، و لذلك كان على أصحاب النظرية ممارسة هوايتهم المفضلة ألا و هي، إختراع مشكلة وهمية.

يقولون هنا :

“هنالك مشكلة فريدة بخصوص تحريك تماثيل الماوي عن طريق الزلاجات أو المتدحرجات. فإذا ذهبت إلى جزيرة الفصح فإنك لن تشعر بأنه كان هنالك ما يكفي من الخشب من أجل صناعة زلاجات. و في الواقع أنه في القرن 18، لم تعثر أول أربع بعثات استكشافية إلى جزيرة الفصح على شجرة واحدة في الجزيرة، و هذا هو اللغز الحقيقي المتعلق بالجزيرة. كيف تستطيع تحريك تمثال وزنه بالأطنان و أنت لا تملك الأشجار لصناعة الزلاجات الخشبية.”

حسنا. يقول وثائقي الفضائيون القدامى هنا، بأنه لا يوجد حاليا أشجار على جزيرة الفصح. إذا هم يستنتجون أنه لم تكن هناك أشجار في الجزيرة سابقا، و عليه فإن التفسير الوحيد المتبقي هو: الكائنات الفضائية. المشكلة في ادعائهم أنه كانت هناك الكثير من الأشجار بالفعل فيما مضى، ونحن نعرف ذلك عن طريق بقايا غبار الطلع الذي يلقح الأشجار. و أثاره و كمياته الموجودة بكثرة في البحيرات الغائرة في الجزيرة. بالإضافة إلى أدلة أخرى. في الواقع إن السبب الأساسي لعدم وجود أشجار على الجزيرة الآن على الأغلب هو أنه تم استخدامها من أجل رفع و نقل أكثر من 1000 تمثال خلال فترة زمنية تقدر بمئات السنين، بمعنى آخر، أن شعوب هذه الجزيرة استنزفوا كل الأشجار.

كذلك من الأشياء الأخرى المثيرة للإهتمام المتعلقة بجزيرة الفصح، هي إنحراف التربة على سطحها. إذا أخذت أرضا ما وكانت تحتوي على الكثير من الأشجار ثم تم قطعها، فهنا سنواجه مشكلة كبيرة بتآكل التربة، و ذلك يعود إلى زوال جذور الأشجار التي تثبت التربة في مكانها. و كذلك غياب ما يخفف من قوة تدفق مياه المطر النازلة على التربة.

جانب من التربة في جزيرة الفصح

جانب من التربة في جزيرة الفصح

إنجراف التربة في جزيرة الفصح معروف لدرجة أنه إذا كتبت عبارة إنجراف التربة (Erosion) في أي محرك بحث، فسوف تنتهي بصفحة ويكيبيديا المتعلقة بهذا الموضوع، و سترى صورة من جزيرة الفصح نفسها كمثال شهير على انجراف التربة. حتى أن بعض تماثيل رؤوس الماوي في الواقع لديها أجساد كاملة، فهي ليست رؤوسا فقط، لكن بسبب تآكل التربة لم يستغرق الأمر سوى القليل من الوقت حتى غمرت هذه التماثيل إلى أعناقها بالتربة، و السبب يعود إلى الأرض التي أزيلت منها الأشجار في مدة قليلة.

لهذا نعلم بشكل أكيد كيف تم تقطيع وتشكيل جزيرة الفصح، وذلك باستخدام أدوات بسيطة بدائية، و التي عثر عليها في المقالع التي تم قطع التماثيل منها. و كذلك نحن نعلم أنه إذا كان هناك أشجار في جزيرة الفصح فيما مضى، فلن توجد مشكلة في تحريك هذه التماثيل ووضعها في مكانها.

باختصار كانت توجد الكثير من الأشجار في الجزيرة إلى أن استنزفها النحاتون بسبب الحماسة لصناعة هذه التماثيل.

المقال الأصلي:

Easter island, ancientaliensdebunked.com