عبر مئات السنوات، خاض الإنسان حروبا إستخدم فيها السيوف و الرماح وصولا للبنادق إلى أسلحة الدمار الشامل. لكن أن تقرأ عن حرب إستعمل فيها البشر أسلحة نووية و قبل الميلاد أيضا، فهذا يضرب المنطق والتاريخ عرض الحائط.

في هذه السلسلة الجديدة من دحض خرافة الفضائيون القدامى سأعرض الدلائل التي قدمها معارضو نظرية الحرب النووية القديمة في محاولة يائسة للإجابة عن سؤال المشككين ما إذا كانت حقا الحضارات السابقة خاضت حروباً مدمرة ضد بعضها البعض، أم الأمر مجرد تحريف للكتب التاريخية لتتوافق مع ادعاءات كل طرف.

قد تبدو الحرب النووية بين الحضارات القديمة كأنها ضرب من الخيال العلمي، لكن يمكن العثور على أوصاف مشابهة في نفس النص الذي نقله الطبيب ” اوبنهايمر “بعد الاختبار النووي في نيو مكسيكو

خرافة الفضائيون القدامى تزعم أن المهابهاراتا وهي ملحمة سنسكريتية قديمة تتحدث عن حرب نووية. دعونا نرى ما يقوله المؤيدون هنا :

” يتحدث مرجع واحد لدينا على سبيل المثال عن هذه الانفجارات التي كانت أكثر سطوعاً من ألف شمس. وعندما حدثت الانفجارات كانت الشموس تدور في الهواء و الأشجار احترقت بالكامل. إنه دمار شامل و الناس الذين نجوا بعد هذه الكارثة بدؤوا بفقدان شعرهم و بدأت أظافرهم في السقوط”.

” لدينا حقا مرجع مقتضب للتسمم بفعل الإشعاع النووي و يمتد عمر هذه النصوص إلى آلاف السنين”

المهابهاراتا في الحقيقة لا تقول أي شيء من ذلك و قد تكررت المزاعم نفسها عن سقوط الشعر و الأظافر و عن الانفجار الأكثر سطوعاً من ألف شمس في أقوال المروجين للخرافة مرات عديدة إلى درجة أنهم صدقوها. لكن أصل هذا السطر الذي يتحدث عن الانفجار يعود لكتاب يدعى صباح السحرة (The morning of the magicians) وليس للأسطورة.

لا يستطيع أحد ممن يدعون هذا الزعم أن يذكر فعلاً المكان، حيث ظهر هذا الادعاء في نص المهابهاراتا ما يجعل من الصعب جداً على الأشخاص العاديين المجادلة بهذا الشأن، لأن المهابهاراتا تحتوي أكثر من مليون كلمة، لذلك مثلاً إذا قلت لك:

“إنها في مكان ما من النص عليك أن تثق بي فقط ” فإنك بهذا الزعم لن تتعرض للنقد و اللوم.

لنلقي نظرة على سقوط الشعر و الأظافر بسبب هذا السلاح. قبل كل شيء لم يكن هناك أي سلاح مستخدم في تلك القصة كان ذلك جزءاً من نذير شؤم و هذا ما تقوله فعلاً:

“شوارع مكتظة بالجرذان. بدأت الأواني الطينية تتشقق و أخرى تتكسر دون سبب واضح. تأكل الفئران أثناء الليل شعر و أظافر الرجال النائمين”.

لم يكن ذلك نتيجة قنبلة نووية. ماذا عن الانفجار نفسه الذي كان أكثر سطوعاً من ألف شمس. جاء في الفقرة التالية:

“بعد أن شعر بالارتياح نحوه، أظهر القدوس أوتانكا ذلك الشكل الأبدي لفايشنافا الذي رآه دانانجايا بذكائه الشديد”

“أوتانكا رأى فاسوديفا بروحه العالية و ذي الشكل الكوني. تألق ذلك الشكل مثله مثل النار الملتهبة أو ألف شمس وقفت أمامه تملأ كل الفضاء. و كان لها وجوه من كل جانب. أنظر إلى شكل فايشنافا الرائع و العالي فيشنو. و بعد رؤية الرب الأعلى في ذلك الثوب أصبح براهمانا اوتانكا مليئا بالتعجب”.

يقول جيسون كولافيتو ما يلي : ” إن هذه الفقرة التي تذكر ألف شمس تشير إلى تجلي الإله فيشنو. هذه تمثل العديد و العديد من الفقرات التي يتم فيها استخدام البيت الشعري القياسي 10 آلاف شمس لوصف أحد الآلهة، و ليس إلى السطوع الناتج عن انفجار نووي إلا إذا كانت الآلهة نفسها هي من انفجرت”.

إذا كنت ترغب في معرفة المزيد عن إساءة الاقتباس من النصوص القديمة المرتبطة بفكرة الأسلحة النووية إقرأ كتاب جيسون كولافيتو (الواقع. الاحتيال، و أسطورة الحرب النووية ما قبل التاريخ – Ancient atom bombs).

ننتقل إلى المجموعة الثانية من الأدلة التي قدمها مؤيدو نظرية الحرب النووية التي تتمحور كلها حول المدينة الباكستانية القديمة “موهينجو دارو”  يزعم المدافعون عن هذه النظرية أن قنبلة نووية سقطت عليها في الماضي البعيد و دمرت كل شيء، و قدموا أسباباً لاعتقادهم هذا كما جاء هنا:

“تم العثور على هياكل عظمية مستلقية في الشارع. العديد منهم يمسكون بأيدي بعضهم البعض. و أشارت وضعية وجوههم إلى تعرضهم للموت العنيف والمفاجئ، لدينا قتلى في الشوارع. وجد علماء الآثار رفات بشرية و عرفوا أن شيئاً عظيماً قد حدث لهؤلاء الناس. لماذا يوجد هناك دليل على أن الحيوانات القمامة تتجنب التغذي على رفاتهم ؟ و لماذا حتى بعد آلاف السنين لم تتحلل العظام؟ و في مناطق معينة من هذا الموقع يمكنك العثور على مستويات زائدة من الإشعاع النووي؟” وفي السياق نفسه يقول الباحث البريطاني ديفيد دافنبورت أنه وجد مركز الزلزال بعرض 50 ياردة من موهينجو دارو حيث يبدو أن كل شيء فيها قد انصهر خلال عملية تحويلية تعرف بإسم التزجيج.

والتزجيج هي عملية يذوب فيها الحجر من النوع المعتاد رؤيته و يتحول إلى حالة منصهرة ثم يتصلب مرة أخرى لكن بمجرد التصلب يصبح ملمسه مثل الزجاج.

كذلك وجدنا دليلاً على هذه العملية التي لا تحدث إلا إذا تعرضت المواد للحرارة الشديدة مثل بعض أنواع الانفجارات.

لنلقي نظرة على النقاط التالية :

  • هياكل عظمية تمسك أيدي بعضها، حيث يبدو أن أصحابها ماتوا في نفس اللحظة.
  • لا وجود لدليل على الحيوانات المقامة.
  • العظام محفوظة بشكل جيد.
  • وجود الإشعاع في المكان.
  • مركز الزلزال حيث كان التزجيج موجودا.

تبدو هذه النقاط الخمسة مقنعة جداً عن حدوث حرب نووية مدمرة. على افتراض أن أياً من هذه الادعاءات صحيح و بالنظر إلى سجل مصداقية المؤيدين فإنه يتوجب التحقق من هذه المزاعم على نحو أفضل. أول الأخطاء في هذه الفرضية هي المدينة نفسها. إذ لا تزال مبانيها على حالها، بعضها بارتفاع 15 قدما، مبنية من الطين. لذلك هل تعتقد أن سلاحاً ذو قدرة تدميرية مرعبة سيكون غير قادرٍ على هدم مباني طينية؟ ماذا عن الهياكل العظمية ؟ لقد أوهمنا المنظرون أن الأمر يبدو كما لو تم العثور على الكثير من الهياكل بينما ما وجد في الحقيقة 37 هيكلا، و لا تظهر أي علامات على الموت المفاجئ بل يختلف تاريخ الوفاة بقدر ألف سنة!

ولم يعتقد أي من علماء الآثار المشاركين أن هذه الهياكل توحي بكارثة مفاجئة. و ما زاد الطين بلة أن جميعها كانت مدفونة

حيث لم تكن فكرة الجثث الملقاة في الشوارع حقيقية. في الواقع كل شيء مما قاله أصحاب خرافات الفضائيين القدامى ليس صحيحاً البتة. الأشخاص لم يموتوا في نفس اللحظة و كذا دفنت بالطريقة العادية و هذا يفسر عدم وجود آثار للحيوانات القمامة. لكن ماذا عن العظام المحفوظة جيداً بشكل لافت للانتباه ؟

إن موهينجو دارو بلا مبالغة واحدة من أكثر الأماكن سخونة على وجه الأرض، حيث تصل درجة الحرارة إلى 53 درجة مئوية وهي أيضاً جافة لتكون المكان المثالي لحفظ المتحجرات و السبب نفسه في أن المباني المشيدة من الطوب لاتزال قائمة

إن المشكلة في مزاعم وجود الإشعاعات أننا لا نعرف من أين جاءت هذه المزاعم، و بالتأكيد لم يكن أي من العلماء الذين عملوا هناك ليدعي ذلك. ولم يذكر المروجون لأفكار الفضائيين القدامى أية مراجع من التي اعتمدوا عليها. إذاً فإلى أن يتم إثبات وجود الإشعاع فإنه لا سبب للكلام عن هذا الأمر.

ماذا أيضاً عن التزجيج في مركز الزلزال ؟ وفقاً لعلماء الآثار فإن أحداً لم يحدد مركزاً لأي زلزال، كانت فقط مجرد مقدار صغير من الفخار المكسور، لأن الأخير يوضع في النار ليتصلب، فهو يحتوي على نوع محدد من التزجيج يسمى “الفريت”. لقد ألقوا بكلمة مركز الزلزال لجعل الأمر يبدو أكثر شرعية لكن ليس هناك مركز في الحقيقة.

رغم الدلائل التي قدمها معارضو فرضية الحرب النووية القديمة، إلا إن المؤيدين مستمرون في توصيل فكرتهم و أقوالهم الدعائية.

المقال الأصلي:

Ancient atom bombs, Ancient aliens debunked website, 2012, ancientaliensdebunked.com