بعد مسيرة صاروخية في مجال “مال وأَعمال الدين” لعمرو خالد الذي يعد أغنى واعظ ديني مسلم حسب مجلة فوربس، بمداخيل قدّرت عام 2007 ب2.5 مليون دولار سنويا[1].. ومنتوج ديني مع حملات اعلامية لمشروب كوكاكولا[2] (تنبيه: الاكثار من مادة السكّر الابيض يعدّ احد أكبر أسباب الامراض القاتلة في العديد من الدول).. الاخ عمرو خالد يتّجه إلى منتوج جديد وهو منتوج الاعجاز العلمي. وللأسف فكلما بدء الناس بفهم أن الاعجاز العلمي هو اساءة للدين، تخرج ماكنة إعلامية جديدة لنشره.

بحسب عمرو خالد[3]، الاية الكريمة “والسماء ذات الرجع” هي سبق علمي موجود في القرآن يثبت ان الاصل الالهي للقرآن هو حقيقة علمية كونية، وليست مسألة إيمان كما يؤمن جميع المؤمنين بجميع الاديان بمعتقداتهم دون الحاجة إلى دليل علمي. معنى “الرجع” بالنسبة للاخ عمرو خالد هو اهتزاز الزمكان في موجات الجاذبية فيمكن مشاهدة فيديو سابق في قناة تبسيط العلوم في اليوتوب حول الموضوع:

طبعا هذا الكلام الفارغ (مع الاحترام للاشخاص) لا يدل إلا على الجهل العميق بماهية النسبية. حيث أن الزمكان ليس هو “السماء”. الزمكان يحتوي كذلك على الارض ويحتوي بالاضافة إلى المكان كذلك على الزمان. اعتبار أن الزمكان هو المكان فقط (مع حذف الزمان) هو خطأ علمي فادح. والاخ عمرو خالد هنا بعبارة اخرى يقول ان الله تعالى لا يستطيع التمييز بين المكان (بناء فيزيائي رياضياتي له ثلاثة أبعاد) وبين الزمكان (بناء له أربعة أبعاد).

وحتى إن أردنا أن نعذر الاخ عمرو خالد على جهله بالفيزياء، فلا يمكن أن نعذره على تقاعسه (مع افتراض حسن النية) عن أبسط مبادئ “البحث قبل تهيئة المحتوى المعرفي”. لأن الاخ عمرو كان عليه فقط ان يبحث عن معنى كلمة الرجع في معجم لسان العرب القديم[4]. وسيتبين له أن الرجع في لغة العرب القديمة له سيل هائل من المعاني كلها مسنودة في المعجم بأبيات شعرية للعرب القدامى. ومن بين هذه المعاني طبعاَ معنى الماء والمطر. وهو المعنى الواضح للاية. السماء ذات الرجع والارض ذات الصدع أي السماء التي تمطر الماء فتتصدع الارض وتنبت النباتات والاشجار.

يقول الشاعر المتنخل الهذلي:

أبيض كالرجع رسوب .. إذا ما ثاخ في مختلف يختفي

(شاعر عربي يصف خفّة السيف ويشبّهه بالماء.. وليس بموجات جاذبية البرت اينشتاين).

معجم لسان العرب فيه عشرات المعاني لكلمة الرّجع.. عندها علاقة بالدوابّ والماء والردّة وقيء الكلب والطلاق. لكن لا وجود فيه مطلقاً حتى بإشارة بسيطة لأي معنى قريب او بعيد لمفهوم “تموج ارتدادي في المكان والزمان” لأن مفهوم التموج الارتدادي في المكان والزمان لم يتم اكتشافه إلا من طرف الأناس الذين لم يلجؤوا لكتابهم الديني ولكن لجؤوا لاعمال التجارب على الطبيعة والحسابات النظرية القابلة للتفنيد التجريبي. وقاموا بكتابة اكتشافهم بشكل رياضياتي واضح دون ليّ لأعناق معاني الكلمات. وفيما يلي فيديو سابق حول “ما هو العلم”:

ليس فقط السكّر الذي في كوكاكولا ما يضر بالانسان. ولكن كذلك عدم القدرة على امتلاك حسّ نقدي ما أن يغلّف أحدهم الكلام الفارغ والتّرهات بغلاف الدين. متى سيتمّ تدريس الفكر النقدي في حصة العلوم في المدرسة الابتدائية والاتيان بالاعجاز العلمي للتلاميذ كمثال لـ “العلم الزائف” والمغالطات المنطقية حتى نحمي أطفالنا من مثل هذه الاساءات للعقل وللدين على حد سواء.

 

[1] “Amr Khaled richest Islamic preacher: Forbes”, alarabiya.net, 28 February 2008

[2]  برنامج “في السكة دي” تقديم عمرو خالد.

[3]  عمرو خالد، “بالحرف الواحد | بين السماء والأرض – الحلقة (1)“، قناة عمرو خالد، دقيقة 3:00، 13 Dec 2017

[4]  إبن منظور، معجم لسان العرب، “رجع“، موقع درر العراق