كتاب السر ، حقيقة أم زيف؟ استضاف مقدم البرامج الأمريكي الشهير لاريك كينك “Larry King” مؤخرا حدثاً خاصاً تمت إذاعته في الكثير من المسارح في جميع أنحاء أمريكا، وكان عنوان الحدث هو “ما وراء السر: الطاقة الروحية وقانون الجذب”، حيث استند البرنامج على كتاب التنمية البشرية “السر  The Secret” الأكثر بيعا في العصر الحديث للمؤلفة روندا بيرن “Rhonda Byrne”، ويدعي هذا لكتاب بأنه بالإمكان جعل الأحلام تتحقق من خلال التفكير الايجابي بها، أو هذا ما يدعيه المؤلف والناشرين.

كتاب السر جلب لصاحبه الكثير من الأموال، لكن يبقى هنالك شكوك حول صحته. فمؤلفة كتاب السر يدعي أن الكتاب يقوم على أساس علمي، فتقوم باستخدام بعض العبارات من فيزياء الكم، لكن الأساس الذي يقوم عليه هذا الكتاب تم تفنيده. حيث انه وفقا لبيرن يستند كتاب السر على فكرة معالجي العصر الجديد (New age) والتي هي خرافة تدعى “قانون الجذب Law of Attraction” والذي ينص على أن الأشياء المتماثلة يجذب بعضها البعض، فالأفكار الايجابية تحقق أشياء ايجابية والأفكار السلبية تجذب إحداث سلبية. بمعنى انه بمجرد التفكير في الأشياء التي نريدها سوف نحصل عليها.
لكن أن رجعنا إلى الفيزياء سوف نجد أن الأضداد هي التي تتجاذب وليس المتشابهات. وبشكل عام يمكن اعتبار كتاب السر لا علاقة له بالعلم، فلا يمكن للمرء أن يحظى بالأشياء لمجرد التفكير، فالأمنيات والأفكار لا تجعل من الحلم حقيقة.

المنطق الرديء

عادة ما يقوم العلماء بشرح كيف تعمل نظرياتهم الجديدة، لكي يتم اختبارها. لكن في كتاب السر تقع المؤلفة في ورطة كبيرة عند محاولة شرح كيفية عمل قانون الجذب، بالقول أن أفكارنا ترسل بطريقة أو بأخرى مثل الاهتزازات فيحدث شيئا ما في الكون ويستجاب لنا. فإذا كنا نرغب بسيارة جديدة فان الكون سوف يعرف ما نفكر فيه بطريقة ما، ولتسهيل نشوء الأفكار الايجابية علينا أن نتبع نظام غذائي معين وممارسة التمارين الرياضية أو علينا كسب المال لشراء سيارة جديدة، ولكن حتى لو كان قانون الجذب موجود حقا، كيف يمكن للسيارة أن تظهر من العدم، أو أن تأتينا بدون جهد؟

هنالك مشكلة كبيرة وخطيرة حين يدعي شخص ما وجود أساس علمي لكتاب السر.

فوفقا للكتاب “كل ما حدث لك في حياتك هو نتيجة لما تجذبه أفكارك إليك” هل هذا صحيح؟ في العادة كل من يلعب اليانصيب يفكر في الفوز، لكي يصبح غنيا (وإلا لن يلعب)، ولكن هنالك عدد قليل جدا من الفائزين. فإذا كان قانون الجذب يعمل حقا لماذا تكون النسب قليلة؟ ألا يجب أن يفوز جميع اللاعبين، وخصوصا إذا كان كل ما يتطلبه الفوز هو الرغبة التفكير في الفوز؟

وكذلك ينص قانون الجذب على انه كل ما يحصل لك في حياتك من إحداث سيئة أو أمراض هو ما تجنيه أنت على نفسك، من خلال أفكارك السلبية. فإذا مات عدد من الأشخاص في حادث سقوط طائرة، فهذا يعني أن هنالك شخص أو أكثر سبب ذلك من خلال تفكيرهم السلبي! لكن ماذا عن تفكير باقي ركاب الطائرة؟ لماذا الأفكار السلبية لعدد قليل من الأشخاص تتفوق على الأفكار الايجابية لباقي ركاب الطائرة؟

هنالك شيء ايجابي وسط التفاهات. فبكل تأكيد التفكير الايجابي أفضل من التفكير السلبي. ونعم أفكارنا ومشاعرنا تؤثر على الكيفية التي ننظر فيها إلى العالم من حولنا، لكن هذا ليس سر، وليس له علاقة لا من قريب ولا من بعيد بالخرافة التي تدعى “قانون الجذب”.

أصل كتاب السر

في الأدب يعتبر مصطلح الكرنك “crank” هو إشارة للشخص الملهم والذي يعتبر المصدر الرئيسي للوحي، فلا يوجد أساس علمي لكتاب السر، ولم تقم بيرن بإكتشاف شيء جديد.

كما قالت أنها هي من وجدت قانون الجذب، بالترقيع ببعض الأفكار مثل فيزياء الكم والتصوف في عصره الجديد ومبادئ الفطرة السليمة وكتاب منذ 1910 يدعى “العلم يجعلك غني The Science of Getting Rich”. فقد ادعت بيرن أنها وجدت مفتاح الكون، وكتبت كتاب عن أفكارها، فأي شخص يبحث في كتاب السر سوف لن يواجه أي عناء حتى يعرف كمية المغالطات المنطقية والعلمية الموجودة فيه.

سر نجاح كتاب السر هو الحملة لتسويقية الماهرة، وخلط البديهيات مع التفكير الغامض بحيث يوهم القارئ انه يقدم معلومات مخفية. فكتاب السر لم يقدم شيء جديد، كما انه ليس بسر اعتباره احد كتب التنمية البشرية والتي تقدم أجوبة سهلة كحلول لمشاكل الحياة. فإذا كان هذا الكتاب يعمل بحق، ويجعلنا نمتلك ثورة كبيرة وسعادة فلماذا هنالك حاجة لنشر المزيد من الكتب، مثل “ما وراء السر Beyond the Secret” و “عودة السرية Return of the Secret” وكذلك “ابن السر Son of the Secret”.

المصدر: http://www.livescience.com/5303-pseudoscience-secret.html