مؤشر مايرز بريغز لأنماط الشخصية (MBTI) مؤشر مايرز بريغز لأنماط الشخصية هو أحد أكثر إختبارات الشخصية شهرة تم تطويره في فترة الحرب العالمية الثانية ويقال أنه استند إلى أفكار كارل يونج (عالم نفس تحليلي برر كثيراً من الخرافات بشكل علمي زائف عبر ما أسماه التزامنية).

أسمي آدم غرانت وأنا أُعرف بشخصية العقل المدبر ( INTJ) كما تشير اليه أحد  أختبارات التنمية البشرية الذي يخوضه أكثر من (2.5)  شخص في السنة وتستعمله (89) شركة غنية في العالم من أصل (100) ويدعى مؤشر مايرز بريغز لأنماط الشخصية  (MBTI). كانت تشير عدد النقاط التي حصلت عليها في الأختبار  بأنني شخص أنطوائي أكثر من أجتماعي، وذو سرعة بديهة أكثر من كوني عاطفي وذو رآي أكثر من كوني ذو آدراك. وكذلك أفضل قضاء وقتي في قراءة كتاب على الذهاب الى حفلة صاخبة، في التعليم والتحدث على المسرح على الجلوس مفردا والأنطواء، ونادراً ما اكتب قائمة للأشياء التي عليا القيام بها.

عندما خضت الأختبار  مره أخرى وبعد عدة أشهر تبين أن شخصيتي من النوع  المسلي، فجاءةٍ أصبحت المحبذ وجوده في الحفلات، الشاب الذي  يتبع قلبه لا عقله. هل  تغيرت شخصيتي أم أن نتائج هذا الأختبار ليست كما يظن البعض؟ بدأت القراءة والبحث عن الدليل، ووجدت أن مؤشر مايرز بريغز لأنماط الشخصية لا يمكن الأستفاد منه إلا  كجهاز  كشف الكذب. وصف أحد الباحثين مؤشر مايرز بريغز بأنه يمثل فلسفة الهواة غير المسؤولة. وأننا إذا أردنا الحكم على الموضوع، بوضع الأبراج في كفة وشاشة مراقبة دقات القلب في كفة أخرى فأن مؤشر مايرز بريغز لأنماط الشخصية سيقع في المنتصف.

إن كنت من محبي مؤشر مايرز بريغز، ربما ستقول بأن من المنطقي أن تكون شخصية العقل المدبر على علاقة بالعلم. لكن بغض النظر الى نوع شخصيتك، فأن من الصعب مناقشة فكرة تقسيم الناس الى مجموعات وأن تكون هذه المجموعات ذات معنى. نستخدم معايير ثابتة في العلوم الأجتماعية لمعرفة نتائج هكذا أختبارات، فهل هذه المجموعات  موثوقة أم  صادقة أم مستقلة أم شاملة؟ بالنسبة لمؤشر مايرز بريغز فأن النتائج هذه ليست موثوقة جداً ولا صادقة ولا مستقلة وليست شاملة أيضاً.

1- أنا لست أنفصامياً

يكون الأختبار موثوقاً إن أعطى نفس النتائج لعينات مختلفة. إن كنت تعتقد أن ساقك قد كُسرت، فسوف تقتنع أكثر أن شَخَّصَ طبيبان أشعة الكسر. حيث يقصد بالمصداقية في الأختبارات الشخصية أعطاء نتائج ثابتة بمرور الزمن أو تسجيل نفس النقاط  عند تقييمك من قبل نفس الأشخاص الذين يعرفونك جيداً. كتبت آني ميرفي بول (Annie Murphy Paul) في كتابها “مذهب إختبارات الشخصية” (The Cult of Personality Testing) : “أظهر أحد البحوث بأن ثلاث أرباع الأشخاص الذين يخوضون هذا الأختبار يقعون في مجموعات مختلفة عند خوضهم الأختبار مره أخرى. وتقريبا ستة عشر نوع مختلف من أنواع الشخصية التي يصفها مؤشر مايرز بريغز ليس لها أي أساس علمي. وفي مقال كٌتب مؤخرا يضيف رومان كارزنرك (Roman Krznaric) : ” أن خضت الأختبار مرةً أُخرى بعد خمسة أسابيع مثلا، فأن هناك فرصة 50%  أن تشير نتائجك الى وقوعك في مجموعة مختلفة”.

2- تظهر الأشياء في المرايا أقل دقة مما هي عليه في الواقع

إذا أستخدمنا إختباراً ما لابد أن يكون له فائدة. مثلاً في منظمةٍ ما، يجب أن نسلط الضوء على كيفية أداء شخص ما في وظيفة معينة أو مع مجموعة من الأشخاص. كذلك على الرغم من أن بعض البيانات تقترح بأن هنالك مهنٌ مختلفةٌ تنجذب إلى أنماط مختلفة، ولكن ليس هناك دليل إثبات واحد أن أنواع أو أنماط من الشخصية هي من تُأثر على أداء الوظيفة أو فعالية الفريق. كتب الباحثان وليم غاردنر (William Gardner) ومارك مارتنكو (Mark Martinko): وُجِد أن هناك علاقاتٌ نادرةٌ وثابتةٌ بين نمط الشخصية والفعالية الأدارية”.

3- التفاح والبرتقال كلاهما فواكه وكذلك الطماطم لكن البطاطا ليست كذلك

تعتبر هذه المجموعات متباينة إذا صورت ميزات متشابهة بشكل مختلف، وجمعت سمات تحتوي على تشابهات. لكن مؤشر مايرز بريغز لايحتوي على هذه النقاط، دعني أشرح ذلك بمثالين :

  • مثال أ : في مؤشر مايرز بريغز يعتبر التفكير والمشاعر أقطاباً متنافرةً. ولكن في الحقيقة، هما مستقلان عن بعضهما حيث هناك أدلة على ذلك، ومنها  أن كنت تحب الأفكار والمعلومات، فسوف تحب الناس والعاطفة. في الحقيقة وفي أكثر من مرة يشير البحث بأن الناس الأقوياء الذين يمتازون بالمنطق، هم أفضل في التمييز والفهم وأدارة المشاعر. عندما سجلت النتائج بأني شخص مفكر وأخرى بأني عاطفي فذلك لأني أحب كلاهما التفكير والعاطفة، حيث كان يجب أن أحصل على نقاط منفصلة عن الأثنين.
  • المثال ب : هذا النوع من الأحساس يفترض أن يتدخل بميولي تجاه الأشخاص والعواطف. ولكنه يجمع بين ثلاث سمات منفصلة وهي تصور ميول أيجابية تجاه الآخرين والميل للشعور بالعاطفة السلبية والأستجابة لهذه العواطف.

4- الأختبار البدني يتجاهل جذعك وأحدى أذرعك

يقيم الأختبار الشامل المجموعات الرئيسية الموجودة. أحد العناصر الرئيسية المفقودة في مؤشر مايرز بريغز هو مايسميه الأخصائي النفسي الثبات العاطفي ضد الأستجابة، أي الميل للبقاء هادئ ورابط الجأش تحت الضغط. وهذا ينقلب ليصبح واحد من أهم المتنبئات المهمة عن الأفراد وأنماط الأفكار والمشاعر وأفعال المجموعات، لذلك فهو ذو أداء سيء. وكمثال آخر فأن ميزان الحكم على الإدراك يصور فيما أذا كنت منظم أو مدبر، لكن أخذ نظرة عن الأجتهاد والأنجاز الذين يبدوان بأنهما مصاحبين لهذه الخصائص. فهم يشكلون سمة شخصية تدعى الأجتهاد. وكما يختصرها علماء نفس الشخصية روبرت ماككاري وبول كوستا : “لا يعطي مؤشر مايرز بريغز المعلومات الشاملة عن المجالات الأربعة لكنه يعطي عيناتٍ فقط“.

حتى الأنطواء والأنبساط صورهم مؤشر مايرز بريغز بطريقة غير كاملة. ووفقا لهذا الأختبار فأن الأنبساط يعني المكان الذي تحصل على طاقتك منه، سواء كان العالم الداخلي أو الخارجي. وهذا نوعاً ما صحيح، وهو ليس بسبب أو بفضل التفاعل مع الناس. حيث تتشكل نقاطنا بكيفية أثارة أدمغتنا للقشرة المخية. وكما تشرح سوزان كاين (Susan Cain) في مجلة كوايت (Quiet) ” : أجرى العلماء حول العالم الاف الدراسات حول الأنطواء، بأنه أكثر تأثير من الأنبساط بمختلف أنواع المؤثرات من القهوة الى الدوي القوي الى الأزيز الممل لأحداث متشابكة. بالأضافة ، فأن ذلك يكشف بأن كل سمات الشخصية بما فيها الأنطواء والأنبساط يشكلون منحنى الجرس ليقع الأنطواء في المنتصف. الأغلبية الكبيرة من الناس هم  أشخاص متناقضون وكما يقول دان بانك” : (Dan Pink) فأن أغلب الأشخاص لا يُعتبرون أنبساطيين أكثر من اللازم ولا أنطوائيين الى حد بعيد”.

الوقوع  في الرومانسية السيئة في مؤشر مايرز بريغز

لماذا مايزال مؤشر مايرز بريغز مشهوراً على الرغم من كل هذه المشاكل؟ مورفي بول يقول بأن الأشخاص يخوضون هذا الأختبار لسببين رئيسين. الأول بأن الاف منهم يصرفون المال والوقت لأن يصبحوا مدربي ومتدربي لإختبارات تحليل الشخصية. ومن الصعب جداً أن يصبح هذا مألوفاً في مجتمعنا. فنحن نشعر بالدهشة عندما نرى نتائج أختباراتنا أو أختبارات الأشخاص الذين نعرفهم. يضيف مورفي : “أن هؤلاء الأشخاص الذين يحبون هذا النوع، عادة يكونون مهوسين بصورة الشخص المثالي التي يحتفظون بها في داخلهم. حيث أن إثارة الشكوك حول الصدق والثبات يشبه تماماً التعليق على طعم النبيذ، أو كيف أن القبعة مهمة لحماية رأسك.

قراءة الكف والأبراج يمكن أن تظهر بالصورة. ولكن ذلك لايعني بأننا يجب أن نتحدث عنها في عملنا. وكما تشير مجلة لتل (Little): “يمكن أن تنشأ تلك المحادثة بعد القاء نظرة عن مؤشر مايرز بريغز، لكن لسوء الحظ هي دائما تنتهي. لأنك تكون قد حصلت على نوع شخصيتك وقد طبع على جبينك وأنتهى الأمر”.

تسأل ليليان كانينغهام في صحيفة واشنطن بوست: “هل ندفع لكي نعرف ماهو نوع شخصياتنا؟ وفيما أذا كان بأمكاننا تعديل بنية مؤشر مايرز بريغز ؟

كانت الأجابة من مجلة لتل حيث قيل : ” الأمر شبيه بمقارنة سيارة دوج كارافان برولزرويس”. بدل ذلك قضى العلماء نصف القرن الماضي محاولين صنع سيارة من الخردة، ومستخدمين طريقة علمية في ذلك. كانت تعرف هذه السيارة بعناصر الشخصية الخمسة وهي: الأنبساط والأستقرار العاطفي والأنسجام والإجتهاد والأنفتاح. تمتاز هذه السمات الشخصية الخمسة بالموثوقية العالية في توقع أداء الوظيفة وفعالية الفريق. كذلك هناك معايير بيولوجية وجينية، حيث بدأ الباحثون بتخطيط هذه السمات الشخصية الخمسة وربطها على مناطق الدماغ.

هذه السمات بعيدة جدا على أن تكون كاملة، حيث أن هناك آراء داعمة لأختبار جديد لأنماط الشخصية يُعرف بالسداسي (HEXACO) وبذلك تمت أضافة سمة سادسة وهي الصدق والتواضع. أن التسويق أكبر ما يواجه الأنواع الخمسة للشخصية من مشاكل. معظم الناس يفضلون أن يعرفوا بأنهم راضين عن أنفسهم أكثر من كونهم غير راضين، نحتاج أن نعترف بأن أربعة أحرف لايمكنها الحكم على شخصية أحد ما. لذا يجب أن يشاركني القادة والمستشارين والمدربين والحكام والمعلمين لأيصال هذه الرسالة.

مؤشر مايرز بريغز لأنماط الشخصية، علينا الأنفصال عنه الآن، والسبب أنت ولست أنا.

 

ترجمة : نورس حسن

المصدر : https://www.psychologytoday.com/blog/give-and-take/201309/goodbye-mbti-the-fad-won-t-die