نهاية الكون بأربع فرضيات محتملة : إن كان يوجد شيء يحب العلماء مناقشته أكثر من بداية الكون، فهو نهايته. هنالك حرفياً، مئات الأحداث النجمية التي قد تمحي الحياة من على وجه الأرض حتى قبل أن ندرك ما حصل. والنيزك الذي سقط في روسيا رسخ هذه الحقيقة نوعاً ما. بالرغم من هذا، فرص تعرض الأرض لكارثة على مستوى الكوكب، كارثة تمحق الحياة، هي في الحقيقة ضئيلة.

لكننا نعلم بقدوم مثل هذه الكارثة. على أقله، نعلم أنه من الممكن أن تحصل مثل هذه الكارثة عندما تمر الشمس بالفترة الانتقالية وتتحول إلى نجم عملاق أحمر.

بالرغم من ذلك، فإن نهاية الأشياء الأخرى، صعبة التنبؤِ بعض الشيء؛ لكن على كل حال، لن يقف هذا عائقاً في وجه العلماء في تخمين ووضع النظريات له. بأخذ هذا الأمر في عين الاعتبار، نقدم لكم أربع نظريات عن كيف يمكن أن ينتهي الكون.

ملاحظة: يعتقد علماء الفيزياء الفلكية أن مصير الكون يعتمد على ثلاثة أشياء:

  1. الشكل العام للكون.
  2. كثافته.
  3. كمية الطاقة المظلمة التي يتكون منها الكون.

في الحالتين الأولى والثانية، يعتمد الأمر على وجود الكون في نظام “مسطح” أو “مفتوح” (نظام مقوس سلبياً, أي نظاماً مقعّراً, كالسرج الذي يوضع على ظهر الخيل).

التمزق العظيم The-Big-Rip

أنا متأكد من كون أغلبكُم مُطّلعون على الطاقة المظلمة، وبشكل أكثر تحديدا، الدور الذي تلعبه هذه الطاقة في التوسع المتسارع للكون. تعتمد أحدى النظريات التي تتناول موضوع نهاية الكون على افتراضية أن توسع الكون سيستمر بشكل أبدي إلى أن تصبح المجرات، النجوم، الكواكب، والمادة (وحتى أجزاء الذرة الواحدة التي تعتبر المكون الرئيسي وحجر الأساس في تكوين المواد كلها) غير قادرة على التماسك؛ لذا، تتمزق. تسمى هذه النظرية بـِ “التمزق العظيم” وقد يحدث هذا لدى جارك أو قطتك، فقد يتمزقا أيضاً.

في هذا النموذج، إذا وجِد أن كثافة الكون أقل من الكثافة الحرجة (القيمة الحدودية بين النماذج المفتوحة التي تتوسع بشكل لايتوقف، والنماذج المغلقة التي تنهار مراراً وتكراراً) فسوف يكمل الكون بالتوسع، وكذلك التوسع المتسارع الذي يدفع بالمجرات بعيداً عن بعضها بسرعة فائقة. إذا أصبحت كثافة الكون مساوية لكثافته الحرجة، فإنه سيستمر بالتوسع، لكن هذا التوسع سيفقد سرعته تدريجياً. وأخيراً، إذا ما أصبحت الكثافة الحرجة أعظم من كثافة الكون، سيتوقف توسع الكون، ويبدأ الكون بالانهيار على نفسه، مُنتِجاً متَفرّداً جاذبياً؛ والذي قد يكون في المحصلة، بداية “الانفجار الكبير” القادم.

وفقاً لـِ روبرت كالدويل، مختص من كلية دارتموث، إذا أصبح التمزق العظيم هو السيناريو الرابح من بين هذه السيناريوهات الأربع التي تبدأ نهاية الكون,، فإن هذا الحدث سيحدث في فترة 22 مليار سنة، عندما تكون الشمس قد تحولت مسبقاً من مجموعة النجوم الطبيعية إلى عملاقٍ أحمر, والذي سيحول الأرض إلى رمادٍ، في النهاية، وتتحول إلى قزمٍ أبيض.

ولكِن إن استطاعت الأرض أن تنجو من دون عواقب، سينفجر الكوكب قبل النهاية العظمى بـِ 30 دقيقة.

التجمد العظيم Big-Freeze

من السيناريوهات المروعة الأخرى (والتي لاتبدو مناسبة حقاً بسبب حجم الدلائل) لنهاية الكون، والتي تستند على تفكيك أسرار طبيعة المادة المظلمة، هي “التجمد العظيم” (و يشار إليه أيظاً بـِ “موت الحرارة” أو “الصقيع العظيم”). في هذا السيناريو، يكمل الكون بالتوسع بسرعةٍ عالية التزايد. وبينما يحدث هذا الأمر، تتشتت الحرارة وتنثر على شكل كتل،مجرات, نجوم و كواكب وكلها تُسحب بعيداً.

سوف يستمر الكون بالبرود حتى تصل درجة الحرارة في جميع أنحاء الكون إلى الصفر المطلق (أو تصل إلى نقطة، لايعمل فيها الكون). بشكل مشابه، إذا أستمر توسع الكون، المجرات، النجوم والكواكب كلها ستُسحبُ بعيداً، إلى درجة أن النجوم ستفقد قدرتها على الوصول إلى المواد الخام التي تحتاجها في تكوين النجوم، و على هذا المنوال، ستُخمَد الأضواءُ إلى الأبد.

عند هذهِ النقطة, سيصل الكون إلى أقصى حالات العشوائية (الأنتروبية). وفي حال تبقي أي نجومٍ أخرى، ستستمر هذه النجوم بالاحتراق ببطئ, إلى أنطفاء أخر نجم. بدل أن تكون المجرات كسرائر متقدة, ستصبح توابيت ممتلئة ببقايا النجوم الميتة. قد قيل أنه في المستقبل البعيد جداً, ستقوم الحضارات الذكية بالنظر إلى السماء والظن أنهم بمفردهم. سيكون كل شيءٍ بعيداً جداً, قد لايصلهم الضوء من النجوم والمجرات البعيدة, وذلك بسبب توسع الكون.

العديد من رواد الفضاء والفيزيائيين على حدٍ سواء, يؤمنون بأن هذا من أكثر السيناريوهات أحتمالاً للحدوث, من السيناريوهات التي قد فكرنا بهِ لهذهِ اللحظة.

الانسحاق العظيم The-Big-Crunch

الانسحاق العظيم” يعتبر النتيجة الرئيسة من الانفجار الكبير. في هذا النموذج, *لايستمر* توسع الكون إلى الأبد. فبعد فترةِ غير محددة من الوقت (من الممكن أن تكون في ترليونات السنين), إذا أصبح معدل كثافة الكون كافياً لإيقاف التوسع, ستبدأ عملية انهيار الكون على نفسه. في النهاية, ستتداخل كل المادة والجزيئات في الوجود داخل بعضها البعض, لتشكل حالةً فائقة الكثافة (من المحتمل حتى أن تتحول إلى متفَرّدٍ شبيهٍ بالثقبِ الأسود).

علاوةً على ذلك، من الممكن أن حدثاً كهذا قد حصل من قبل. وصل بعض العلماء إلى نظريةٍ مفادها أن الكون الذي نراه ونعيش فيه, هو نتيجة تكراراتٍ دورية للانفجار الكبير, حيث أن الحدث الكوني الأول حصل بعد انهيار كونٍ سابق. و هذا ما يسمى بـِ “علم الكونيات الدوري الأمتثالي”.

على نقيض السيناريوهات، الأول والثاني، هذا النموذج يعتمد على الطبيعة الهندسية “المغلقة” (كسطحٍ كرة) للكون. حقاً حدثً مثل هذا قد يبدو مِثل “نَفَسٍ واحِد”. فسوف “يزفر” الكون الانفجار الكبير و “يشهق” الانسحاق العظيم. قد يكون سبب هذا إما انقلاب في تأثير التوسع الحالي للمادة المظلمة، أو كنتيجة للجاذبية التي تجمع أكملية الزمكان (الزمان-مكان) إلى نقطة واحدة.

نظرية “الوثبة الكبيرة” هي نظرية مشابهه لهذهِ النظرية (ولنظرية الانفجار الكبير أيضاً). في هذهِ النظرية يوجد نوع من التشابه؛ وهو أن الكون في الحقيقة في دورة مستمرة من التوسع ومن ثم الانهيار على نفسِه. وعلى هذا النحو الفعال, قد نكون نحن إحدى التكرارات المتنوعة لإحدى الأكوان التي كانت توجد في ما مضى. و لربما الأمر الأكثر غرابة عندما نفكر في هذا الموضوع, أنه من الممكن أنه في كل مرة يتجدد الكون, يستمر وينتهي بنفس الطريقة. من المحتمل أنك أنت الذي تقرأ هذا المقال الآن, أن تكون أحد النسخ العديدة من الـ “أنت” الذين وجِدوا قبل الأن. بالرغم من ذلك, قد يكون الكون مثل طائر الفينيق الأسطوري. في الموت, يولَد من جديد.

الشَفَط العظيم false-vacuum

قد قمت بالإبقاء على أفضل سيناريو (أو أسوأ, حسب منظورك) للنهاية، ألا و هو الشفط العظيم. هذه النظرية ظهرت قبل مدةٍ ليست بالطويلة، و ذلك بعد إصدار وتقديم كشوفات تتمحور حول الطبيعة الحقيقية لـِ هيكًز بوزون (حيث يتذكره أغلبكم على أنه الجزيء الذي يلعب دوراً في منح الكتلة للجزيئات الأولية)

في هذا النموذج، إذا وزِنَت جزيئة هيكًز بوزون عند كتلةٍ معينة، قد يشير ذلك إلى أن الغبار الكوني غير مستقر بطبيعتِه, أو يوجد بحالة “شبه مستقرة” دائمية، وهذا أصبح موضوعاً لنقاشاتٍ مطولة لمرات عديدةٍ من قبل. إن كانت هذهِ هي الحالة, فقد يواجه الكون هذا حدثاً كارثياً، عندما تظهر “فقاعة” من كونٍ أخر بديل، في كونِنا. وإذا كانت الفقاعة في مستوى طاقةٍ أدنى من مستوى طاقة فقاعتِنا, عندئذٍ قد يمسح كونُنا مِن الوجود.

عليَّ أن أشدد على أن هذا أمرٌ كارثيّ، لأنه قد يتسبب بتحلل البروتونات الموجودة في كل المواد في الكون. أي نَحن. وإن لم يبدو هذا الأمر سيئاً بما فيه الكفاية، قد يحصَل هذا الحدث المتعلق بالغبار الكوني شبه المستقر، في أي لحظةٍ, وأي مكانٍ في الكون. قد تظهر الفقاعة مجدداً وتبدأ بالتوسع بسرعة الضوء، حتى تبتلعنا جميعاً.

المصدر: