اسباب قلق الرياضيات ، الذكاء الموروث أم سلوكيات الوالدين؟ إعتادَ الناسُ السيئونَ في الرياضيات على لومِ آبائِهم وأُمهاتهم، ووفقاً لدراسةٍ حديثة، فرُبما هم محقون تماماً. بالرَغم منْ لعبِ الجيناتِ الموروثة منَ الوالدين لدورٍ كبيرٍ في ذكائِنا، فقَدْ وجَدَ الباحثون بأنﱠ سلوك الوالدين تِجاه الرياضيات يُمكنُ أنْ يُؤثر بشكلٍ كبيرٍ على درجاتِ أبنائِهم في هذه المادة.

جميعُنا يعلمُ بأنﱠ بعضَ الناسٍ أفضلُ منْ غيرهم في الرياضيات، وفي أغلب الأحيان فإنﱠ بروزُ هذه المهارات الرياضياتية (أو عدمها) يسري في العوائل (أي ينتقل من الوالدين إلى الأبناء)، مؤخراً، قام فريقٌ منَ الباحثين منْ جامعة شيكاغو بالبحث فيما إذا كانت براعةُ الناسِ الرياضياتية تتأثرُ أكثر بالعواملِ الوراثية أم بالعوامل المحيطة.

قامَ فريقُ البحثِ بتحليلِ المهاراتِ الرياضياتية لـ400 طالبٍ في الصفﱢ الأولِ والثاني الإبتدائي مرتينِ في السنة، المرةُ الأُولى في بدايةِ العامِ الدراسي والمرةُ الثانية في نهايته. وقد طُلِبَ مِنْهُم أيضاً توضيحُ كيفيةِ شعورهم في الحالاتِ المرتبطة بالرياضيات كالإختبارات أو عندَ طلبِ الأُستاذِ منْهُم إجابةَ سؤالٍ إضافيٍ يطرحُهُ عليْهم. وقدْ شمل الإستطلاعُ أيضاً سلوكَ آباءِ وأمهاتِ الأطفالِ تجاهَ الرياضياتِ وتمﱠ سُؤالُهم عنْ عدد المراتِ التي ساعَدوا فيها أطفالهُم في واجبهم المنزلي خلالَ العامِ الدراسي.

كشفتِ نتائجُ البحثِ في نهايةِ العامِ الدراسي بأنﱠ وجُود أبوينِ يعانيانِ منْ قلقِ الرياضيات لم يكُن كافياً بمُفرده كمؤشرٍ على درجات الطلاب. بدلاً منْ ذلك، تم ملاحظةُ بأنﱠ الطٌلاب الذينَ لديهِم أبوينِ يُعانيان منْ قلقِ الرياضيات ويساعدانهم في واجباتهم المنزلية هُم فقط الذين عانوا منْ ضعفٍ في تعلٌمِ الرياضيات خلالَ العام الدراسي واكتسبوا قلقاً من الرياضيات مشابهاً للذي لدى أبويهم. أما الطُلاب الذين لديهم أبوين يعانيان من قلق الرياضيات ولكن لم يساعداهم في واجباتهم المنزلية فلم يُظهروا نفسَ النتائج. وهذا يقترحُ بأنﱠ جينات الأبوين ليست هي العاملَ الوحيد الذي يُساهم في إضعافِ مهاراتِ أبنائهم الرياضياتية، بل أنﱠ الأجواء المتوترة التي يخلُقها الأبوان عندَ مُساعدة أبنائِهم في حلﱢ الواجباتِ المنزلية تُساهم كذلك في إضعافِ المهارات الرياضياتية لأبنائهم.

“نحنُ لا نفكر غالباً بأهميةِ سلوكياتِ الأبوين تجاهَ أبنائِهم وكمْ لها من تاثيرٍ على تحصيلهم العلمي” هذا ما أوضحه أحدُ المُؤلفين المشاركين في البحث في تصريحٍ لهُ وأضاف قائلاً:”وهنا يجبُ أن نوضِح بأنﱠ قيامَ أحد الوالدين بتكرار جملٍ تثبيطيةٍ أمام أطفاله مثل ‘أنا أكرهُ الرياضيات‘ أو ‘هذه المادةُ تدفعُني للجنون‘ قد يؤدي إلى التقاط هذه الجمل من قبل الأبناء وبالتالي ستؤثر سلباً على نجاحهم.”

وفي دراسةٍ حديثةٍ أُخرى تدعمُ هذه النظرية، وجَدَت بأنﱠ جميعَ مناطق الذكاء في الدماغ تتأثرُ بنفسِ الجينات. وفقاً للبحث، فإن الأطفال يرثونَ ذكاءاً شاملاً في جميع المجالات وهؤلاء الذين يعانون من مجالِ واحدٍ فقط (مثل الرياضيات) فيعودُ سببُ معاناتهم هذه إلى العوامل المحيطةِ بهم وليس لإفتقارهم للمهارة.

مع ذلك، فإن هذه النظرية قد لا تُفسر جميع حالات قلق الرياضيات. فبالنسبة لبعض الطُلاب فإنﱠ وراثتهم لعوامل جينية تساعدُ على تطور القلق لديهم وكذلك وراثتهم لجيناتِ ذكاءٍ منخفضة قد تؤدي إلى إصابتهم بنمطٍ موروثٍ من قلق الرياضيات.

قلقُ الرياضيات هي ظاهرةٌ حقيقية وقد عانى منها الكثيرون، وهي ليست إنعكاساً لقدرة الطالب الحقيقية في الرياضيات بل هي مُشكلةٌ عاطفيةٌ من الممكن أن تتداخل مع عملية التعلم لديه. وفقاً للباحثين، فإن تحديد السبب الرئيسي لقلقِ الرياضيات لدى الطالب من الممكن أن يقود إلى إيجاد برامجٍ تعرضيةٍ لمساعدة الطُلاب في الوصول إلى أعلى درجةٍ في التعبيرعن إمكانياتهم الكامنة.

المصدر:

http://www.medicaldaily.com/parenting-and-bad-math-parents-negative-attitudes-can-cause-children-develop-math-347204