نظرية تمدد الكون وضع هذه النظرية وساهم فيها العديد من العلماء منهم أينشتاين الذي وضع الثابت الكوني (الكون في حالة سكون لا يتمدد ولا يتقلص) الذي اعتبره أكبر خطأ في حياته بعدما اكتشف ألكسندر فريدمان وهو عالم روسي الجنسية عام 1922 أن الكون ليس ثابتا كما قال أينشتاين بل هو في حالة حركة وتمدد.

آينشتاين في مواجهة تمدد الكون

اكتشاف فريدمان كان أول مواجهة واجهها أينشتاين والثانية جاءت من قبل العالم البلجيكي جورج لوميتر (واضع أساس نظرية الانفجار العظيم) عام 1929 الذي قال إن الكون يتمدد ونقطة بدايته هي الانفجار العظيم الانفجار العظيم الذي نشا من كتلة ملتهبة شديدة الحرارة، عندما انفجرت الكتلة ظهرت الجسيمات والجسيمات في وقتها كانت سريعة الحركة و لها طاقة حركية عالية بسبب درجة الحرارة فلا تتماسك ولا تتجاذب. لكن شروع الكون في التمدد يؤدي إلى تناقص سخونة الكون. وقد اعتُقِد أن الحرارة قد هبطت في نهاية الثانية الزمنية الأولى بعد الانفجار العظيم إلى حوالي عشرة آلاف مليون درجة؛ أي قرابة ألف مرة ضعف درجة حرارة مركز الشمس.

ثالث مواجهة ضد أينشتاين قام بها العالم أمريكي الجنسية إدوين هابل الذي اكتشف تأثير دوبلر او إزاحة دوبلر عام 1923 وأساسها أن أي جسم ينبعث منه ضوء إذا كان يقترب من الراصد فإننا نرى ضوءا أزرق أو إزاحة زرقاء أما إذا كان يبتعد نرى ضوءا أحمر أو إزاحة حمراء. إذن فالضوء ينتقل بسرعة ثابتة، والضوء الذي يصلنا الآن من مصدر بعيد لا بد أنه انبعث من هذا المصدر منذ وقت محدد في الماضي، وفي وقت انبعاث الضوء كان الكون أصغرعمرا مما هو عليه الآن وبما أن الكون أخذ في التمدد فلا بد أنه كان اصغر حجما مما هو عليه، وإذا كان الكون قد تمدد بمعامل ما بين انبعاث الضوء ورصده بواسطة التلسكوب فستستطيل موجات الضوء المنبعثة بالمعامل عينه مع انتقالها عبر الفضاء.

مثلا، إذا تمدد الكون بمعامل قدره 3 فسيتضاعف الطول الموجي ثلاثة أضعاف يعني زيادة قدرها ١٠٠٪ ومن ثم يُرصد المصدر على أن له إزاحة حمراء مقدارها 2. واذا كان معامل التمدد يبلغ 10% أي معامل قدره 1.1 فسيكون مقدار الإزاحة الحمراء 0.1 وهكذا فالإزاحة الحمراء تحدث نتيجة تمدد الزمكان الذي سببه التمدد الكوني.

ليست كل الأجسام متمددة فالأجسام التي تحتفظ بتماسكها بفعل قوى أخرى غير قوة الجاذبية لا تتمدد وهذا يشمل الجزيئات الأولية والذرات والجسيمات فهذه تبقى في حجمها الثابت ولا تتمدد. والأجسام التي تهيمن داخلها قوة الجاذبية تقاوم التمدد أيضا، فالكواكب والنجوم مترابطة مع بعضها بقوة شديدة بواسطة الجاذبية وهذا يمنعها من التمدد.

وعلى مقياس حجم أكبر من المجرات لا تتحرك جميع الأجرام بعيدا عن بعضها البعض أيضا مثل مجرة أندروميدا  m31 التي تقترب من مجرة درب التبانة لأن هاتين المجرتين مرتبطتين معا بواسطة قوة الجذب بينهما وأيضا بعض العناقيد المجرية الضخمة متماسكة مع بعضها البعض متحدية التمدد الكوني.

معادلة فريدمان وتمدد الكون

إن تطور الكون محكوم بمعادلة واحدة تعرف الآن بمعادلة فريدمان. معادلة فريدمان تعبر عن قانون حفظ الطاقة على مستوى الكون. هناك نوعان من الطاقة هما: (1) طاقة الحركة: مثل رمي كرة نعتبرها جسما متحرك وتعتمد حركته على كتلته ولذلك يحتوي الكون مقدارا من طاقة الحركة. (2) طاقة الوضع: كلما تحرك جسم معين وتفاعل مع قوة ما كان بإمكانه اكتساب طاقة الوضع أو فقدها.

تخيل انك ربطت قطعة من الحديد بخيط، إذا رفعت قطعة الحديد بواسطة الخيط فسيكتسب طاقة وضع لأنك تقاوم قوة الجاذبية، وإذا حركت قطعة الحديد يمينا ويسارا بواسطة الخيط فسيكتسب طاقة حركة وعند سقوطه سيفقد طاقة الوضع.

في هذه العملية تنتقل الطاقة بين النوعين لكن الطاقة الإجمالية تظل محفوظة وستتأرجح قطعة الحديد نحو النقطة السفلية من قوسها حيث لا تمتلك طاقة وضع. لكنها ستستمر بالتحرك وستكمل قطعة الحديد دائرة كاملة وتعود إلى النقطة العليا من قوسها الذي تتوقف عنده لحظيا قبل أن تبدأ دورة جديدة في التأرجح. وفي النقطة العليا تمتلك قطعة الحديد طاقة وضع تكون في أقصى درجاتها و لكن لا تمتلك طاقة حركة.

لكن أيا كان موضع قطعة الحديد تظل الطاقة الإجمالية ثابتة على المستوى الكوني. تعتمد طاقة الحركة على معدل التمدد أو على ثابت هابل وتعتمد طاقة الوضع على كثافة الكون أي على مقدار المادة الموجودة في كل وحدة حجم للكون وهذه الكمية غير معروفة بدقة بل مشكوك فيها أكثر من ثابت هابل.  لكن إذا استطعنا معرفة متوسط كثافة المادة و قيمة ثابت هابل فسنستطيع حساب طاقة الكون الإجمالية ويجب أن تكون أيضا ثابتة مع مرور الزمن.

إذا تجاوزت الكثافة الفعلية للمادة الكثافة الحرجة فسينهار الكون على نفسه وستكون طاقة الجاذبية كافية لإبطاء تمدد الكون ثم توقفه ثم تعكس مساره إلى أن ينهار على نفسه. وإذا كانت الكثافة الحرجة أقل من القيمة الحرجة صغيرة ستعتبر فراغا. والآن نتحدث عن الرمز أوميجا فهو نسبة الكثافة الفعلية للمادة في الكون إلى نسبة القيمة الحرجة التي تعتبر الحد الفاصل بين تمدد الكون وانكماش الكون.

القيمة ١=Ω هذا يعتبر الحد الفاصل، بينما ١>Ω تعني تمدد الكون بلا نهاية أما ١<Ω فتعني انكماش الكون وانهياره.

إن تأثير المادة دائما هو إبطاء معدل تمدد الكون. في نظرية النسبية العامة لأينشتاين تحدد اجمالي الطاقة والكثافة الانحناء للمكان حيث ينتج المكان ذو الانحناء السالب المتمثلة بالنسب التي تقل أوميجا عن واحد ويوصف بالكون المفتوح والنموذج ذو الانحناء الموجب التي تزيد قيمة أوميجا عن واحد يسمى بالكون المغلق وبين الاثنين يوجد النموذج الذي تتساوى فيه قيمة أوميجا مع واحد ويستعمل فيه الهندسة الإقليدية نسبة إلى إقليدس.

بقي سؤال واحد لابد أن يطرح وهو كوننا الذي يتمدد أين يتمدد؟ أيتمدد في كون آخر؟ أم نحن في كون واحد من الأكوان المتعددة؟

المصادر

1- علم الكونيات – بيتر كولز
2- أسرع من سرعة الضوء – جواو ماكيوجو
3- المجرات- جون جريبين