ترجع أفكارنا الحالية عن حركة الأجسام إلى الوراء حتى جاليليو ونيوتن. كان الناس قبلها يصدقون أرسطو، الذي قال إن الحالة الطبيعية لجسماً ما هي أن يكون ساكناً، وأنه لا يتحرك إلا إذا دفعته قوة أو دافع. وبالتالي فإن الجسم الثقيل ينبغي أن يسقط أسرع من الجسم الخفيف، بسبب قوة الشد الكبيرة نحو  الأرض.

يؤمن التراث الأرسطي أيضا بأن المرء يستطيع أن يستنبط كل القوانين التي تحكم الكون بالفكر: فليس من الضروري التحقق بواسطة المشاهدة. وهكذا لم يهتم أحد حتى زمن جاليليو بأن يرى ما إذا كانت الأجسام ذات الوزن المختلف تسقط فعلاً في الحقيقة على سرعات مختلفة.

يقال أن جاليليو برهن على زيف اعتقاد أرسطو بسقوط أثقال من برج بيزا المائل. ويكاد يكون من المؤكد أن هذه القصة غير حقيقية، ولكن جاليليو قام فعلا بصنع شيء مماثل: فقد دحرج كرات من أوزان مختلفة أسفل منحدر ممهد. يشبه الوضع الأجسام الثقيلة عند سقوطها راسيا، لكنه أسهل في ملاحظته لأن السرعات تكون حتما أقل. وقد بينت قياسات جاليليو أن كل جسم قد زادت سرعته بالمعدل نفسه، بصرف النظر عن وزنه. فمثلا، يمكنك أن تطلق كرة على منحدر ينحدر مترا واحداً  لكل عشرة أمتار تقطعها، وتتحرك الكرة أسفل المنحدر بسرعة تقترب من متر في الثانية بعد ثانية واحدة، ومترين في الثانية بعد ثانيتين، وهكذا مهما كان ثقل الكرة.

وبالطبع فإن ثقلاً من الرصاص سيكون سقوطه أسرع من الريشة، ولكن السبب في هذا هو فقط أن مقاومة الهواء تقلل من سرعة الريشة، لأن تأثير الهواء على الريشة أكبر منها على الرصاص. لو أسقط المرء جسمين لا تعترضهم  مقاومة كبيرة من الهواء، مثل ثقلين مختلفين من الرصاص، فإنهما يسقطان بالمعدل نفسه.

استخدم نيوتن قياسات جاليليو كأساس لقوانينه  الحركية. وفي تجارب جاليليو إذا  تدحرج أحد الأجسام أسفل المنحدر فإنه يكون دائما تحت مفعول القوة نفسها (ثقل)، وتأثير ذلك هو أن تتزايد سرعته بثبات. ويبين هذا أن التأثير الحقيقي لقوة ما، هو تغييرها  من سرعة الجسم، وبدلا من أن تحركه فحسب، كما كان الاعتقاد من قبل. هذا يعني ايضا انه ما دام  أحد الأجسام غير واقع تحت مفعول أي قوة، فإنه سيظل يتحرك في خط مستقيم بالسرعة نفسها. وقد تم ذكر هذه الفكرة لأول مرة بوضوح في مؤلف نيوتن الاول.

ويوضح لنا قانون نيوتن الثاني ما يحدث لأحد الأجسام عندما تؤثر فعلا إحدى القوى عليه. ويقرر هذا أن الجسم يزيد تسارعه (عجلته) أو تتغير سرعته بمعدل يتناسب مع القوة. وكمثال، فان التسارع يتضاعف قدره عندما يتضاعف قدر القوة. والتسارع يقل ايضا بزيادة كتلة الجسم أو كمية مادته. عندما تعمل القوة نفسها على جسم له ضعف الكتلة سينتج عن ذلك نصف التسارع. ومن الأمثلة المألوفة ما يحدث للسيارة: فكلما زادت قوة المحرك، زاد التسارع، ولكن كلما ثقلت السيارة، قل تسارع المحرك نفسه.

وبالاضافة الى قوانينه الحركية، اكتشف نيوتن قانون يصف قوة الجاذبية، ينص على أن كل جسم يجذب جسماً  آخر بقوة تتناسب مع كتلة كل جسم. وهكذا فإن القوة التي بين جسمين ستزيد إلى الضعف لو أن أحد الجسمين أ مثلا تضاعفت كتلته. وهذا ما يمكن أن تتوقعه لأن المرء يستطيع أن يتصور الجسم الجديد  وكأنه مصنوع من جسميّن كل منهما بالكتلة الاصلية. وكل منهما سوف يجذب الجسم (ب) بالقوة الاصلية. وهكذا فإن القوة الكلية بين(أ) و(ب) تصبح ضعف القوة الاصلية. وإذا كان أحد الجسمين مثلا ضعف الكتلة، والثاني ثلاثة أضعاف الكتلة فإن القوة تصبح أشد بستة أضعاف. ويستطيع المرء الان ان يعرف لماذا تسقط كل الأجسام بالمعدل نفسه: فالجسم ذو الوزن المضاعف سيكون شده للأسفل بضعف قوة الجاذبية، ولكنه أيضا له ضعف الكتلة. وحسب قانون نيوتن الثاني، فإن هذين المفعولين يلغي أحدهما الآخر بالضبط؛ وهكذا فإن التسارع يكون ثابتا في كل الحالات.

قانون نيوتن للجاذبية يخبرنا ايضا انه كلما تباعدت الاجساد، صغرت القوة. ويقول نيوتن للجاذبية أن قوة جاذبية أحد النجوم مساوية لربع قوة جاذبية نجم مماثل على نصف المسافة ويتنبأ هذا القانون بأفلاك الأرض، القمر والكواكب بدقة عظيمة.

الفارق الكبير بين أفكار أرسطو و جاليليو و نيوتن هو أن أرسطو كان يؤمن بحال أفضل من السكون، يتخذه أي جسم ما دام لا تدفعه قوة أو دافع. أما ما يترتب على قوانين نيوتن ليس ثمة معيار واحد للسكون.

مقتبس من كتاب: تاريخ موجز للزمن