الكيمياء هي دراسة الشكل التركيبي والبنائي للمادة وتحولاتها، فعندما خط ّ أرسطو أطروحاته الأولى حيال الكيمياء في القرن الرابع قبل الميلاد، كان إدراكه وتصوره لطبيعة المادة مقترن بإستيعابه وإدراكه للظواهر التي يتم ملاحظتها. وفي القرن الواحد والعشرين، تعد الكيمياء الفرع العلمي الأكثر غزارة في الإنتاج البحثي، حيث ينشر سنوياً  ما يفوق النصف مليون ورقة بحثية تتراوح ما بين الأبحاث التجريبية المباشرة إلى الأبحاث النظرية.

ومع ذلك الإهتمام بالقضايا المفاهيمية الناشئة في الكيمياء – والتي سيطلق عليها فيما بعد فلسفة الكيمياء – وقد أضيفت حديثا لفلسفة العلوم.

تنقسم فلسفة الكيمياء إلى جزئين رئيسيين، أولهما يهتم بدراسة القضايا المفاهيمية داخل الكيمياء والتي يتم تحليلها وتوضيحها فعلى سبيل المثال، الأسئلة التي تطرح في الكيمياء بخصوص ماهية المادة والذرية والترابط الكيميائي والتخليق الكيميائي. والجزء الثاني الذي يهتم بالمواضيع الإعتيادية في فلسفة العلوم مثل الواقعية والاختزالية والتأكيدية والنمذجة والتأويل والتي ستتجلى في سياق الكيمياء.

1- المواد والعناصر والتركيب الكيميائي

فهمنا المعاصر للمواد الكيميائية هو الفهم العنصري والذري للمواد، حيث أن كل المواد تتكون من ذرات وعناصر مثل الهيدروجين والأكسجين.وأن الذرات بمثابة اللبنات البنائية للمركبات ومن ثم الوحدات الأساسية للتحليل الكيميائي. ومع ذلك فإن حقيقة الذرات الكيميائية كانت مثار جدل حتى بدايات القرن العشرين، حيث أن عبارة (اللبنات البنائية الأساسية) كانت جملة غامضة، وحتى في يومنا هذا يظل الإدعاء بأن جميع المواد تتكون من عناصر لا يعطينا توجيها كافيا عن الحالة الأنطولوجية للعناصر أو الحالة التي توجد عليها العناصر وكيف توجد العناصر بشكل منفرد.

حيث في هذا الجزء سنبدأ بقضية العناصر من الناحية التاريخية، حيث عرض علماء الكيمياء إجابتين على سؤال ما الذي يلزم شئ ما ليكون عنصرا؟

  1. العنصر هو مادة يمكن أن توجد في حالة منعزلة ولا يمكن تحليلها إلى ما هو أبسط والتي ستعرف مستقبلا بفرضية نهاية التحليل.
  2. العنصر هو مادة تتكون من مواد مركبة والتي ستعرف مستقبلا بفرضية المكونات الفعلية.

هاتان الإجابتان وصفتا العناصر بطرق مختلفة، حيث في الأولى يتم تعريف العناصر عن طريق إجراء خطوات معملية، حيث أن العناصر ببساطة عبارة عن مكونات لا يمكن فصلها إلى ما هو أبسط.أما الثانية فهي تفسير نظري أكثر من واضعاً العناصر برؤية أنها عبارة عن مكونات من أجسام مركبة، فقبل الحداثة كان يعد النظام الأرسطي والذي يعرف بفرضية نهاية التحليل هو الأكثر وجاهة، حيث اعتقد أرسطو أن العناصر هي الوحدات البنائية للمواد الكيميائية حيث من المحتمل فقط أن تكون فيه هذه المواد. التصور الحديث للعناصر يفرض أن العناصر هي المكونات الفعلية على الرغم من بقاء فرضية نهاية التحليل. في هذا الجزء سنوضح الخلفية المفاهيمية وراء تقدم الكيمياء من أول مفهوم إلى آخر، سنناقش ثبات التركيب الكيميائي والترابط بين تميز أو تفرد العنصر وتصنيفه. وأيضا معايير تعيين المواد النقية.

1-1- كيمياء أرسطو

تجلت  التحليلات المفاهيمية المبدئية الخاصة بالمادة وتحولاتها في العرف  الأرسطي. وكما في الكيمياء الحديثة، يكون التركيز على نظريات أرسطو حيال طبيعة المواد وتحولاتها، حيث عرض أرسطو أطروحاته وفرضياته المنهجية للنظرية الكيميائية بجانب فرضياته في التكاثر والفساد والأرصاد الجوية والفيزياء وحتى فرضياته في ماهية الجنة.

ارسطوطاليس

ارسطوطاليس

أعترف أرسطو بأن جميع المواد العادية تتكون من مكونات عدة على الرغم أنه كان معتقدا أن بعضاً من تلك المواد كانت تتكون من مادة نقية واحدة، لذلك كان يحتاج لمعيار أو مقياس للنقاوة لتحديد المواد النقية. حيث كان معياره هو أن المواد النقية تكون مواد متجانسة ما يعني أن جميع أجزاء تلك المواد متشابهة في جميع المستويات. فلو حدث مزج لتلك المواد يجب أن يكون المركب في صورة موحدة ما يعني أن جميع أجزاء هذا المركب متشابهة على الدوام فأي جزء من الماء هو الماء. فلو وجدنا الماس في الصخور أو الزيت في الماء أو الدخان في الهواء، فإن كيمياء أرسطو تخبرنا بأن هناك أكثر من مادة.

فعلى خطى بعض أسلافه، افترض أرسطو أن النار والهواء والماء والتراب هي الوحدات البنائية لكل المواد. ولكن على عكس أسلافه، أنشأ أرسطو هذه القائمة من المبادئ الأساسية، حيث افترض أن من المستحيل أن يكون نفس الشئ باردا وساخنا أو جافا ورطبا، فالنار ساخنة وجافة أما الهواء فهو  رطبٌ وساخن والماء بارد ورطب بينما التراب أو الأرض باردة وجافة. وعليه، صنّف أرسطو العناصر بدرجات عالية من الرطوبة والحرارة أو السخونة، بينما المواد الغير عنصرية تم تصنيفها بدرجات متوسطة بين الحرارة والرطوبة.

استخدم أرسطو هذه النظرية العنصرية، لحساب تعدد خواص المواد، فعلى سبيل المثال، التمييز بين السوائل والمواد الصلبة يكون عن طريق ملاحظة الخواص المختلفة لخاصيتين مميزتين وهما الجفاف و الرطوبة. فالرطوبة قابلة للتكيف من حيث الشكل ولا يمكن تحديدها بأي حد من تلقاء نفسها بينما الجفاف قابل لتحديد عن طريق تحديده من تلقاء نفسه وغير قابل للتكيف من حيث الشكل، فالأجسام الصلبة لديها شكلٌ وحجم بينما السوائل لديها حجم فقط. ميّز أرسطو أيضا السوائل عن الغازات والتي ليس لها حجم.وعلل أرسطو بأنه بينما الماء والهواء كلاهما مائع لأنهما رطبان، فالبرودة تجعل الماء سائلا والسخونة تجعل الهواء غازا. وعلى المثل لتلك الفرضيات، فالبرودة مع الجفاف تجعل الأرض صلبة والجفاف مع السخونة أو الحرارة تكون النار.

تركز الكيمياء على ما هو أكثر من مجرد وحدات بنائية للمواد، حيث تحاول الكيمياء بحساب التحولات التي تقوم بتحويل المواد إلى نوع آخر من المواد. ساهم أرسطو في التحليلات الهامة الأولى لهذه العملية حيث قام بتمييز بين التحولات، حيث تقوم مادة بنزع و التغلب على أخرى والخليط المناسب.حيث الأول هو ما نسميه التغير في الطور والأخير ما نسميه التركيب الكيميائي.

اعتقد أرسطو أن الخليط المناسب أو الصحيح يحدث عندما يتم إحضار مواد ذات كميات قابلة للمقارنة لإنتاج مواد أخرى تسمى المركبات وعليه فإن المواد التي نراها ونصادفها هي عبارة عن مركبات، وتلك المواد لها خاصية تحضيرها من مكونات أخرى.

ما الذي يحدث لتلك المكونات عند خلطها مكونة المركبات؟، فعلى خطى علماء الكيمياء الحديثة، افترض أرسطو من حيث المبدأ أنه يمكن الحصول على المكونات الأصلية بمزيد من التحولات، حيث افترض أنه من الممكن الحصول على الماء والملح من مياه البحار والحصول على المعادن من السبائك.ولكن وضّح أن حججه ليست مرفقة بالملاحظات.

يفترض أرسطو أن المخاليط الغير متجانسة يمكنها التفكك:

أوضحت الملاحظات أن الكتل المخلوطة غالبا تكون قابلة للتجزئة إلى أجزاء متجانسة فعلى سبيل المثال اللحم والعظام والخشب والأحجار حيث لا يمكن للمركب أن يكون عنصرا ولا يمكن لكل الأجسام المتجانسة أن تكون عنصرا.

ذهب أرسطو لعرض تعريف واضح للعنصر، حيث زعم بأن الأجسام المركبة تتركب من أجسام أقل بساطة (العناصر)، ولكن تلك الأجسام أو الكتل البسيطة موجودة في كل المركبات فكيف نميّز بين المركبات المختلفة؟ كان يتم الأمر بالعين في بادئ الأمر إنتهاءا بالكيمياء الحديثة، فإنه من الطبيعي أن تعتقد أن الدرجات المتفاوتة من الكميات الأولية من الرطوبة والحرارة يمكنها التمييز بين المواد المختلفة التي تنشأ من خلط نسب مختلفة من العناصر، ولكن ماذا تعني النسب المختلفة من العناصر؟القوانين الحالية للنسب المتعددة والثابتة تتعامل مع مفهوم النسب العنصرية والذي تم فهمه على أساس مفهوم الكتلة. بغض النظر عن كيفية فهم أرسطو للنسب العنصرية، حيث كان أرسطو واضحا جدا، فبينما يمكن استرداد العناصر، افترض أرسطو أن وجود العناصر في المركبات شئ محتمل افتراضي وليس فعلي، حيث كان هناك سببان وراء افتراض أرسطو أن العناصر ليست موجودة فعليا في المركبات:

  • السبب الأول هو طريقة خلط المواد تحدث بسبب الحساسية الأولية للمواد وتأثرها بمواد أخرى، وهذا يدل على أن المادة الأصلية تغيرت في حين أن مركبا جديدا تكون، حيث يخبرنا أرسطو أن المركبات تكونت عند معادلة المتضادات أو المواد المختلفة وإنتاج مرحلة أو حالة وسيطة فعلى سبيل المثال البرودة والحرارة.
  • السبب الثاني هو التجانس حيث يخبرنا أرسطو أن في حالة حدوث التكوين، يجب أن يكون المركب موحدا ما يعني أن كل جزء من هذا المركب متشابه فأي جزء من الماء هو الماء.

الخلاصة، وضع أرسطو الفكرة الأساسية للنقاش الدائر حول العناصر والمواد النقية والتركيب الكيميائي، حيث خلص إلى أن كل المواد النقية هي متجانسة وتتكون من أربعة عناصر وهما النار والهواء والماء والتراب أو الأرض، هذه المكونات الأربعة ليست موجودة فعليا في المواد ولكن من المحتمل وجودها، هذا الوجود المحتمل من الممكن أن يظهر عن طريق مزيد من التحليل والتحولات.

انطوان لافوازييه

انطوان لافوازييه

1-2-عناصر لافوازييه

أنه أنطوان لافوزاييه (1743-1794) والذي يطلق عليه غالبا أبو الكيمياء الحديثة، حيث بحلول عام 1789 قام بعمل قائمة بالعناصر والتي تم الاعتراف بها من قبل علماء الكيمياء الحديثة، فعلى الرغم من أن قائمة لافوازييه لم تكن مطابقة للقائمة المستخدمة في يومنا هذا. فبعض العناصر مثل الهيدروجين والأكسجين كانت تعتبر مركبات في قائمة لافوازييه حيث نعلم بالضرورة أن الهيدروجين والأكسجين هما عنصران وأن غازات الهيدروجين والأكسجين جزيئات. والعناصر الأخرى في قائمة لافوازييه كانت بقايا عناصر النظام الأرسطي والتي لم يعد لها مكان في النظام الحديث. فعلى سبيل المثال، ظلت النار في قائمة لافوازييه على الرغم من التغيير فيها بعض الشئ في شكل سعرات حرارية، وأيضا ظل الهواء في قائمة لافوزاييه، حيث تم تحليل الهواء إلى جزئين، جزء قابل للاستنشاق وهو الأكسجين والجزء الباقي هو الآزوت أو النيتروجين.

شغلت أربعة أنواع من التراب مكانا في قائمة لافوزاييه وهم المغنيسيا والجير والباريت والأرجيل، وعلى الرغم أنها مكونات بسيطة، فقد تكهن لافوازييه أن كل المواد المندرجة تحت فئة التراب هي عبارة عن أكاسيد معدنية.

الشيء الهام في نظام لافوازييه هو نقاشاته حول الأساس العنصري للمركبات، فعلى سبيل المثال، صنّف لافوازييه الماء بأنه عبارة عن مركب من الأكسجين والهيدروجين.

الأساس أو المبدأ الميتافيزيقي لحفظ المادة – لا يمكن للمادة أن تستحدث أو تفنى في العمليات الكيميائية – والذي سميّ هكذا على الأقل قديما بقدم أرسطو حيث مكّن هذا المبدأ لافوازييه من وضع ما افترضه أرسطو للمواد البسيطة لتكون أكثر فاعلية في الاستخدام التجريبي.

بعد رفض النظريات الذرية مباشرة، عقّب لافوازييه قائلا: “لو طبقنا مصطلح العناصر أو مبادئ الكتلة للتعبير عن نظرتنا حيال هذه المسألة الأخيرة والتي يمكن تحليلها، يجب أن نعترف أن العناصر وجميع المواد الداخلة فيها يمكن أن نبلغها بأي وسيلة لكي نختزل الكتل عن طريق التفكيك بمعنى آخر أنه تم تعريف العناصر على أنها المكونات الأصغر للمواد والتي يمكن إنتاجها تجريبيا”.

1-3-الجدول الدوري لمندلييف

تم تعديل وتصحيح قائمة لافوازييه وفصلها تزامنا مع اكتشاف عناصر جديدة في القرن التاسع عشر، عندما قام همفري ديفي (1778-1829) بفصل الصوديوم عن البوتاسيوم بالتحليل الكهربي معلنا أن قائمة لافوازييه كانت في الحقيقة قائمة مركبات وليست قائمة عناصر، كما أن مفهوم السعرات الحرارية اختفى من قائمة لافوازييه باكتشاف القانون الأول للديناميكا الحرارية في الأربعينيات من القرن التاسع عشر، وبناءا على هذا التغيير كانت هناك حاجة ملّحة إلى نظام جديد يجمع هذا الكم من العناصر.

ديمتري مندلييف

ديمتري مندلييف

كانت أول محاولة على يد العالم جون نيولاندز والذي أنشأ أول جدول دوري مشتملا على اثنين وستين عنصرا من أصل ثلاثة وستين عنصرا معروفا آنذاك، حيث أنشأ التصنيف الثماني للعنصر وهو تصنيف يعتمد على كل ثماني عناصر متشابهة الخواص من الاثنين وستين عنصرا.

لاحقا، قدما العالمان لوثر ماير وديميتري مندلييف بشكل مستقل نسخة أخرى من الجدول الدوري أقرب إلى الجدول الدوري الحديث مشتملا على الثلاثة وستين عنصرا.

كان الجدول الدوري لمندلييف هو الأكثر وجاهة، حيث صنّف العناصر تبعا لأوزانها الذرية والسلوك الكيميائي.

حدد مندلييف ثماني مجموعات لكل اثنتي عشرة فترة أفقية لتشمل الثلاثة وستين عنصرا، ما يعني أن هناك فراغات في هذا الجدول.

يشتمل الجدول الدوري والذي بني على جدول مندلييف على اثنين وتسعين عنصرا طبيعيا بالإضافة إلى العناصر الاصطناعية.

إن أخف عنصر في هذه العناصر هو عنصر الهيدروجين والذي تم وضعه على قمة أول مجموعة في الجدول الدوري يليه من حيث الوزن عنصر الهيليوم والموجود على قمة مجموعة الغازات الخاملة والتي لم تكتشف حتى نهاية القرن التاسع عشر.

الفترة الثانية، تبدأ بالليثيوم حيث يعد أول عنصر في المجموعة الأولى يتبع فلزات الأقلاء، بالمرور في هذه الفترة، تتابع زيادة الوزن الذري للعناصر حتى تنتهي بالنيون والذي يعد غازا خاملا مثل الهيليوم.

استنادا على الجدول النظامي الذي وضعه مندلييف، تمكّن مندلييف من تعديل وتصحيح قيم الأوزان لبعض العناصر الغير معروفة، وأيضا تنبأ بالعناصر الغير معروفة المناظرة للفراغات الموجودة في الجدول الدوري.

حيث جذب مندلييف الإنتباه عندما بيّن أن عنصر الجاليوم هو العنصر ذاته تحت مسمى آكا-ألمونيوم، بالإضافة إلى أن مندلييف أعطى حسابا لطبيعة العناصر والتي تنم عن فهمنا الفلسفي المعاصر للمادة والعناصر.

في هذه الأيام، تم تنظيم التسمية الكيميائية وتعريف العناصر عن طريق الإتحاد الدولي للكيمياء التطبيقية والبحتة “الأيوباك”.

1-4-تعقيدات الجدول الدوري

النظام الدوري لمندلييف كان موضع تساؤل لفترة وجيزة، فمع اكتشاف غاز الأرجون الخامل في 1894 والذي كان يجب وضعه خارج النظام القائم بعد الكلور.اعتقد وليام رامزي (1852-1916) أن المواد الخاملة تشكل مجموعة منفصلة عن مجموعة الهالوجينات ذات السالبية الكهربية وعن مجموعة فلزات الأقلاء ذات الإيجابية الكهربية.

وبحلول عام 1898 تم اكتشاف غازات خاملة أخرى والتي شكلت المجموعة 18 من الجدول الدوري الحديث.

برزت تحديات أكثر تعقيدا على الجدول الدوري، أهمّها عندما أنشأ عالم الكيمياء الإشعاعية فريدريك سود (1877-1956) في 1913 أماكنا في الجدول الدوري لعدة عناصر، حيث عن طريق اقتراح من الطبيبة مارجريت تود، سميّت هذه العناصر بالنظائر.

وفي نفس الوقت، تم قبول مفهوم بور الذري القائل بأن الذرة عبارة عن نواة موجبة الشحنة تدور الإلكترونات حولها كالنظام الشمسي.

1-5- الإشكاليات الحديثة المتعلقة بالمخاليط والمركبات

نشأت النظريات الكيميائية المعاصرة عن طريق الدمج بين النظريات القديمة بجانب مئات السنين من العمل التجريبي، مما صقل النظريات الحديثة وأعطاها الصدارة.

وحتى في الوقت الذي أعلن فيه لافوازييه الكيمياء الحديثة، كان للكيمياء قواعد ومبادئ قليلة للتحكّم بالعناصر الكيميائية التي تكون المركبات.في هذا الجزء سنناقش الجهود النظرية لدعم هذا التوجه.

كانت الخطوة الأولى نحو نظرية التركيب الكيميائي التي تم تضمينها في أعمال لافوازييه التجريبية على الماء.

حيث أنشأ لا فوازييه النسب الكتلية للأكسجين والهيدروجين عن طريق الاختزال الكلي للماء إلى عناصره.

وكون نتائجه استندت على تكرارات عدة لتجربة، اقترح أن مركبات مثل الماء تحتوي دائما على نفس العناصر لنفس النسب.

هذه النظرية أدت لصياغة قانون النسب الثابتة على يد العالم جوزيف لويس بروست في السنوات الأولى من القرن التاسع عشر، حيث كان هذا القانون ردا على أحد داعمي لافوازييه لويس برتوليه، والذي افترض أن المركبات تتنوع في تكوينها العنصري.

كان اهتمام علماء الكيمياء كبيرا نحو الاستقصاء أو التحقق من مركبات جديدة في النصف الأول من القرن التاسع عشر من أجل توسيع قاعدة الإثبات التي قدمها بروست حيث كان قانون النسب الثابتة مرضيا للأوساط العلمية والذي كان معيارا لوجود التكوين الكيميائي، لكن حتى نهاية القرن التاسع عشر حوّل الكيميائيون اهتمامهم إلى الحلول، واستند استقصاؤهم في الحلول على علم الديناميكا الحرارية الجديد الذي يخبرنا أن تغيرات الحالة الخاضعة لمواد تتم عندما تتلامس المواد ومن ثم التحكّم في الحالة عن طريق التحكّم في الطاقة والانتروبي.

مترجم من:

Weisberg, Michael, Needham, Paul and Hendry, Robin, “Philosophy of Chemistry“, The Stanford Encyclopedia of Philosophy (Winter 2016 Edition), Edward N. Zalta (ed.)