ظهرت مؤخراً لفيروس كورونا علاجات زائفة كثر تداولها في الإعلام بالعالم العربي والشرق الأوسط، كما ظهرت ردات فعل خطيرة غير علمية صادرة من جهات ذات مسؤولية حكومية وليس فقط دور ديني.

نبتدئها بتصريح سیدمحمد سعیدی امام مرقد السيدة المعصومة في قم، حيث كانت بداية الكورونا في إيران، حيث يقول سعيدي رداً على وزير الصحة الإيراني أنه يرفض إغلاق المرقد وأنه دار لشفاء الناس من الأمراض الروحية والجسدية ولا يُمكن إغلاقه. وهكذا فإن رجل الدين هذا لم يتعظ من كون المدينة المقدسة لدى طائفة الشيعة المسلمين كانت نقطة انطلاق للمرض، بل يراهن على كون المرقد وسيلة للشفاء.

وربما كان المذيع الاذاعي العراقي ماجد سليم يمزح أو أنه كان يعتقد بالأمر فعلياً عندما نشر الفيديو في صفحته الشخصية، غير أن هناك من صدق ما قاله حول تأثير الكحول المعقم ودوره في القضاء على الفيروس. وإن كان أغلب المستمعين أخذوا الأمر بطابع السخرية.

المحتال الكردي المعروف ملا علي كلك كان له صولته على الفيروس أيضاً، زاعماً أنه قادر على معالجة المصابين بالمرض ونشر فيديوهات عديدة عن ذلك. ولحسن الحظ فقد تم اعتقاله في المملكة العربية السعودية بتهمة الاحتيال وذلك اثناء زيارته للمملكة، وتجدر الاشارة إلى أن حكومة إقليم كردستان قامت بإيقافه عن العمل سابقاً لكنه عاد بعد فترة وجيزة لينشر الفيديوهات التي يدفع بها للفقراء لقاء تظاهرهم بالشفاء كنوع من الدعاية الرخيصة لأكاذيبه.

إلى جانب ذلك، فإن كثيراً من الأدعية والدعوات لإقامة طقوس مثل إعداد الطعام ودعوات نشر الأدعية كانت قد شاعت في وسائل المراسلات المجانية مثل واتسب، وليس لدينا معرفة بمستوى التصديق بها، لكنها قيد التداول بين عدد كبير من الناس.

رجل دين آخر استعرض من على منبر صلاة الجمعة مجموعة من العلاجات وهو يتكلم بطريقة يستخف بها بالمرض. يتكلم رجل الدين عن السگوة (السقوة) وهي مواد سامة خطرة تعطى للأطفال وتتسبب بعدد كبير من الوفيات سنوياً في العراق، كما تكلم عن التمر واللبن والبابونج وقراءة الفاتحة لإحدى الشخصيات المقدسة كطريقة للعلاج من المرض، مرفقاً كلامه ببعض الكلمات بالانجليزية ليظهر بمظهر العالم أمام جمهوره المتخلف.

ومن اليمن، أعلنت ابنة المحتال الشهير عبدالمجيد الزنداني أن الكورونا ليس سوى شيطان يتلبس بالبشر، مثيرة السخرية بين كثيرين، ومؤثرة بالتأكيد على جمهور أبيها الواسع الذي يغرق بالجهالات التي ينشرها وأمثاله.

أكاذيب الطب الشعبي الصيني وصلت أيضاً للعالم العربي وانتشرت بالعربية، فإحدى الرسائل المتداولة في واتسب كانت تزعم أن علاج كورونا يتم وفقاً للطب الصيني الشعبي بالثوم المغلي. عرفنا الثوم علاجاً لكل شيء كما تخبرنا الخرافات، وهو يتصدر المشهد هنا أيضاً.

أما صاحب مؤسسة الطب البديل الكويتية هشام الجاسر والذي يدعو نفسه طبيباً رغم أنه لا يحمل سوى شهادة زائفة في الطب اليوناني أخذها من الهند، فقد زعم أنه أوجد علاجاً للكورونا من خلال منع “الألبان ومشتقاتها والحلويات والخيار والخس والبطيخ والأجاص والخبز الأبيض والمايونيز والمشروبات الباردة” ومضيفاً لذلك خرافات أخرى حول المكونات العشبية وحول طب العناصر الأربعة الذي كان شائعاً في العالم الاسلامي سابقاً.

إن فيروس كورونا الذي ظهر اليوم كوباء يجتاح دول عديدة في العالم لم يضع الطب أو البحث العلمي على خط المواجهة بقدر ما وضعه من تحدي أمام الثقافة السائدة في مواجهة أخطار مماثلة وأمام الأنظمة الإدارة الصحية والحكومات في العالم. أوضحت المؤسسات الطبية العالمية طرقاً عديدة للحد من الانتشار وللقيام بالحجر الصحي بالشكل الصحيح، فضلاً عن الدعوة لتطبيق طرق الفحص والتحقق بشكل صحيح، لكن مع ذلك ما زالت الدول في الشرق الأوسط والعالم العربي تفتقر للكثير من الشفافية وللإجراءات الصحيحة للتعامل مع الأمر، بينما تلتهم الخرافات والأكاذيب الوعي الشعبي غير المسلح بالعلم.