الحاخام موشيه بن ميمون، من اليهود السفارديم (يهود المغرب العربي وجنوب غرب أوربا) أحد علماء الحضارة الإسلامية وأحد أهم فلاسفة ومفسري الديانة اليهودية. اشتغل طبيبا وفيلسوفا وكان أيضا زعيما للطائفة اليهودية عندما كان في مصر. يطلق عليه اليهود اختصارا اسم “رمبام،” أما في بقية أنحاء العالم فيعرف باسم “ميمونيدس”.

حياته:

 ولد موشيه في قرطبة بإسبانيا في الرابع عشر من نيسان، عشية عيد الفصح، في عام 1135. كان والده ميمون، وهو سليل مباشر من الملك داوود، قاضياً في المحكمة الحاخامية بالمدينة. توفيت والدته وهو مايزال طفلاً، ويرى بعض المؤرخين أن إخوته الأصغر سناً ولدوا بعد زواج أبيه مرة أخرى. في سن الثالثة عشرة، أُجبرت عائلته على الفرار من قرطبة عندما وقعت المدينة في يد إسلاميين متعصبين.

 ارتحل موشيه وعائلته من مكان إلى آخر، باحثين عن موضع يكون لهم بمثابة وطن جديد. لما لم يجد هو وأبوه وأخوه الأصغر داود مبتغاهم في إسبانيا، انتقلوا إلى مدينة فاس بالمغرب ومكثوا فيها لمدة خمس سنوات. في عام 1165، زار بن ميمون القدس ثم انتقل إلى الإسكندرية في مصر. بعدها، استقر في الفسطاط، المكان المعروف اليوم باسم القاهرة القديمة، حيث عاش حتى وفاته.

 

 في منتصف الخمسينات من عمره، عيّن موسى بن ميمون طبيبا شخصيا لأحد المحسوبين على حاشية البلاط الملكي، ثم ترقى لمنصب الطبيب الشخصي للسلطان صلاح الدين، حاكم مصر وسوريا في ذلك الوقت. منحه منصبه الجديد والواجبات التي بدأ الاضطلاع بها الاستقرار المالي الذي افتقده بعد وفاة أخيه، وكذلك المزيد من الوقت – بالرغم من محدوديته – للتركيز على الكتابة والتأليف. كان ابنه وتلميذه الأمين إبراهيم هو الوحيد الذي تبقى من عائلته. توفي موسى بن ميمون في عام 1204 ودفن في مدينة طبرية.

منجزاته العلمية

في كتاباته يتضح أن موسى بن ميمون كان قد اطلع بشكل جيد على كتابات جالينوس وأبوقراط وأرسطو. وقد انتقل الكثير مما قدمه ابن ميمون من معارف الى فلاسفة عصر النهضة مثل القديس توما الأكويني وريني ديكارت وايمانويل كانط وكان موسى بن ميمون من رجال الدين الذين يرون أن لا تعارض بين الدين والفلسفة.

تنوعت مؤلفات ابن ميمون وكثرت، وكان قد كتب مقالته الأولى “مقالة في اصطلاحات المنطق” باللغة العربية عندما كان بعمر 16 عاماً، والتي كانت دراسة للكثير من المصطلحات المنطقية والميتافيزيقية. وعمله الثاني بالعربية كان “مقالة في التقويم”.

الكتب العشرة التي كتبها باللغة العربية في مواضيع طبية مختلفة ما زالت غير معروفة للكثيرين ممن يعرفون موسى بن ميمون ومنها: كتاب حول البواسير، وآخر حول الربو، وآخر حول الجماع، وكتابه الأكبر المؤلف من 25 فصلاً كان حول الحكم والأمثال الطبية.

كان ابن ميمون يرى في كتابه أن الاهتمام بالصحة العقلية يعد سبباً أساسياً لمنع العلل الجسدية (هذه  الملاحظات لها مصداق في كثير من الأبحاث اليوم مثل تأثير التوتر والاكتئاب والقلق على عمل أعضاء الجسم)، أما كتابه (السموم والتحرز من الادوية القتالة) فقد كان من اوائل الكتب الشاملة حول أنواع السموم والترياق لكل منها وقد فصل في الكتاب مختلف أنواع اللسعات والعضات للحيوانات والحشرات المختلفة والترياق المطلوب لكل منها مما توفر من المواد الكيمياوية والأعشاب في وقته.

حتى يومنا هذا ما زال لبعض ما قدم موسى بن ميمون صحة وقيمة علمية، ومنها تركيزه على الوقاية وتمييزه بين السموم الباردة والحارة والتي تفسر اليوم بالهيموليسينات والسموم العصبية (hemolysins and neurotoxins) كالفرق بين سم العقرب وسم الأفعى، وقد ترجمت أعماله إلى العبرية، الانجليزية، الفرنسية، اللاتينية والألمانية.

المصادر:

Maimonides his life and works”, Chabad.org

Encyclopedia Britannica, Moses Maimonides

الأعلام للزركلي، موسى بن ميمون

Arthur Furst; Moses Maimonides, Toxicological Sciences, Volume 59, Issue 2, 1 February 2001, Pages 196–197, https://doi.org/10.1093/toxsci/59.2.196