في عام 1983 اكتشف في حفرة ميسيل في ألمانيا أحفورة لكائن يشبه قرد الليمور والتي تشكل الحلقة المفقودة في شجرة التطور.  وقد قام بشرائها العالم جون هوروم من الذي وجدها بمبلغ مليون دولار اطلق عليها اسم “ايدا”.

الاسم العلمي لهذا الكائن الذي عاش قبل ٤٧ مليون عام هو “داروينوس مازيل”، و “ايدا” هي الاحفورة الأكثر اكتمالا التي عثر عليها لأي من مجموعة الثدييات العليا ( الرئيسيات) (ملاحظة: الثدييات العليا هي رتبة من الثدييات تشمل البشر والقرود والتي تضم قرد اللورس (الليمور الهندي) القردة المتطورة وبالطبع الإنسان.

ويوضع “ايدا” ضمن مجموعة من الحيوانات كانت المرحلة الانتقالية بين رتبة البروزيميات وهي (رئيسيات بدائية صغيرة الدماغ تشبه أسلاف الليمور المعاصر) ورتبة أشباه الإنسان وهذا ما دفع العلماء إلى تسمية الاحفورة بالحلقة المفقودة. إقرأ في العلوم الحقيقية ايضاً لماذا لا نجد أباً مباشراً في عملية التطور.

السمات التشريحية لـ ايدا الحلقة المفقودة

  1. بروزا واضحا لعظمة الكعب (الكاحل) في قدم “ايدا” وهي سمة مشتركة مع السمات التشريحية للإنسان.
  2. غياب مشط الأسنان ووجود صف أسنان ملتحمة في منتصف الفك السفلي ومخلب على الأصبع الثاني للقدم وهذه سمات تعود إلى قردة الليمور لكنها غائبة في القرود المتطورة وهو ما يشير إلى انتقال ايدا إلى الرئيسيات الشبيهة بالإنسان.
  3. تنتهي أطراف أصابع ايدا إلى أظافر بدلا من المخالب وهذا ما يدل على انتقال ايدا إلى الرئيسيات الشبيهة بالإنسان أيضا.
  4. احتوت محاجر عينيها على عينين كبيرتين منحتها الرؤية الجيدة تفيدها في البحث عن الطعام ليلا.

الفرضيات الأربعة

أولاً فرضية الترسير

أشار العالم البريطاني ريجنالد اينيس بوكوك في عام 1918 بأن الشفة العليا وأنف كل من إنسان الغاب والتفسير انوف جافة وشفاه عليا غير مشقوقة. وبناء على تلك الملاحظة يبدو معقولا ان تجتمع المجموعتان في مجموعة واحدة اكبر يطلق عليها اسم (هابلور هاينز) وتعني الأنوف البسيطة. لقردة الترسير أعين كبيرة تساعدها على عيش حياة الليل، فهي تفتقر إلى البساط وهو طبقة نسيج عاكس في مقدمة شبكية العين، وتلك خاصية بدائية في الثدييات تجعل عيون كل الأنواع تلمع عندما ينعكس الضوء عليها مثل القطط. بينما تفتقر قردة إنسان الغاب إلى البساط لكن لماذا لا تمتلكه؟

ان عدم امتلاك قردة إنسان الغاب إلى البساط يرجع إلى ان السلف المشترك لمجموعتي الترسير وإنسان الغاب فقدوا البساط قبل ان يتشعب الى مجموعتين. تعد هذه الفرضية معقولة لكن معظم علماء الأحياء غير مقتنعين بها فأرجع التشابه بين الشفاه والأنف ماهي إلا أشياء سطحية فمن المحتمل ان الأسلاف السابقة كانت لديها انوف رطبة ويحتمل ان كائنات الترسير وإنسان الغاب قد طورت أنوفها الجافة بشكل منفصل.

ثانياً فرضية الاوموميد

هذه الفرضية تقول ان فصيلتي الترسير والاوموميد مجموعتان شقيقتان ويمكن ان يتم دمجهما في مجموعة واحدة، تلك المجموعة ربما تكون المجموعة الشقيقة لقردة إنسان الغاب ويعني ذلك ان قردة إنسان الغاب والترسير والاوموميد، وتشترك تلك المجموعة في السلف ذاته. ولكن العالم “فيليب جرينتش” وهو واحد من العلماء الذي درس “ايدا” يقول : “ان حفريات الاوموميد التي تم العثور عليها لا تظهر أي علاقة بينها وبين إنسان الغاب لكن بعض الحفريات تبدو كما لو كانت من فصيلة الترسير وبالنسبة الى فصيلة “النيكرولمور” وهي احدى شعب الاوموميد نرى التحام عظمة الساق الكبرى مع الكاحل ومثل ذلك الكائن الذي يبدو عضوا مميزا في فصيلة الترسير لا يمكن ان تنحدر منه قردة إنسان الغاب).

ثالثاً فرضية ادابيفورمز

فرضية تقول ان فصيلة إنسان الغاب تشترك في الكثير من الصفات مع سلالة “النوثاركتيدز” وهي سلالة من الادابيفورمز و ذلك من خلال :

١- التشابه بين القواطع السفلية لسلالة الادابيفورمز مع القواطع السفلية لدى قردة إنسان الغاب بصورة اكبر من الاوميديز.

٢- وتتشابه الفكوك السفلية بين الادابيفورمز مع قردة إنسان الغاب حيث يكون الفك السفلي ملتحما دون فاصل بين العظمتين مع وجود مفصل ذقني.

٣- في سلالات الادابيفورمز من يظهر ازدواجا جنسيا مثلها في ذلك مثل العديد من فصائل القرود والقردة الكبيرة.

٤- تتشابه الكواحل لدى الادابيفورمز بشكل أكبر مع قردة إنسان الغاب.

رابعاً فرضية ايوزيمياس

تنفي هذه الفرضية صحة كل الفرضيات السابقة ويؤيدها العالم “كريس بيرد”، حيث تقول هذه الفرضية ان الأصول الحقيقية لقردة إنسان الغاب موجودة في آسيا، حيث يفرض بيرد صحتها من خلال حفرية وجدها في الصين عام 1994 يرجع تاريخها الى بداية منتصف العصر الايوسيني وهي حفرية أصغر من “ايدا” ويصفها بيرد:( هذه الحفرية تظهر خليطا من السمات التشريحية البدائية المتقدمة كما انه بالفعل من بدائيات إنسان الغاب ). وقد أسمى الحفرية “الايوزيمياس” والتي تعني القرد البدائي.

ولهذه الفرضية عدد من النقاط التي تنتقد عليها حيث يرى بعضهم عدم وجود تشابه بينها وبين إنسان الغاب ويرى البعض الآخر أنه إذا كانت هذه الفرضية صحيحة فان ذلك يعني ان معظم الحفريات التي نحتاج إليها لتخبرنا عن القصة الكاملة لأصول قردة إنسان الغاب تعد غير موجودة.
ان حفرية ايدا تدعم فرضية جرينتش حول تطور الرئيسيات التي تدل على ان قردة الغاب قد انحدرت من سلالة الادابيفورمز ( الفرضية الثالثة).

المصادر

الحلقة المفقودة-كولين تادج
أعظم استعراض فوق الأرض – ريتشارد دوكنز