كتابة: فيليب بول

ترجمة: ريام عيسى

قوى فيزيائية اكثر براعة من النحل تصنع الخلايا السداسية

بقي الشكل السداسي لمجموعة اقراص عسل النحل محط إعجاب لألاف السنين كمثال على نمط تشكيلي طبيعي، ولكن وفقا لدراسة جديدة فإن هذه الاشكال هي من صنع قوى فيزيائية بسيطة اكثر من احتمال صنعها من قبل النحل.

يقول المهندس بوشان كاريهالو وزملائه من جامعة كارديف في المملكة المتحدة ان النحل ببساطة يجعل الخلايا التي تكون دائرية في مقطع عرضي لتتجمع مع بعض مثل طبقة من الفقاعات. وبحسب دراستهم التي نُشرت في مجلة واجهة الجمعية الملكية، تعمل حرارة أجساد النحل على تخفيف الشمع، ثم تسحبه الى خلايا سداسية بواسطة التوتر السطحي في التقاطعات حيث تلتقي ثلاث جدران.

هذا يغذي الحقائق في نقاش طويل الأمد حول ما اذا كان العسل هو مثال للهندسة البيولوجية البديعة ام للفيزياء العمياء.

ان مجموعة هندسية منتظمة من خلايا متطابقة مع مقاطع عرضية بسيطة متعددة الاضلاع يمكن ان تأخذ واحد من ثلاث اشكال: مثلث او مربع او شكل سداسي. يعمل الشكل السداسي على تقسيم الفراغ باستخدام اصغر مساحة من الجدار، وبالتالي لأقراص العسل والشمع اقل.

وقد لوحظت هذه الطريقة في القرن الرابع الميلادي من قبل عالم الرياضيات بابوس الاسكندري والذي اعتبر ان النحل لديه ما يسمى بـ “التدبر الهندسي المدروس”. لكن في القرن السابع عشر اقترح عالم الرياضيات الدنماركي ايراسموس بارثولين ان الحشرات لا تحتاج الى مثل هذا التدبير، وقال ان الشكل السداسي سينتج تلقائيا من الضغط الذي تصنعه كل نحلة محاولة جعل خليتها كبيرة قدر الامكان، بقدر ضغط الفقاعات المعبأة في طبقة واحدة لخلق رغوة سداسية.

 في العام 1917، ناقش عالم الحيوان الاسكتلندي دارسي تومبسون ذلك مرة اخرى، فعن طريق قياس الفقاعات فإن التوتر السطحي في الشمع اللين سيسحب جدران الخلايا السداسية ثلاث اضعاف التقاطعات. بعدها قام فريق من جامعة فورتسبورغ في المانيا بقيادة كرستيان بيرك عام 2004 بدراسة أظهرت أن سكب الشمع المنصهر في فضاء بين مجموعة سداسية منتظمة من سدادات المطاط الاسطوانية لا تتراجع لتصبح شكل سداسي لأنها تبرد وتتصلب.

شـــمع ســاخن

انتزع كاليهارو وزملائه الحجة من دراستهم. فقد عملوا على إيقاف فريق نحل العسل عن صناعة أقراص العسل عن طريق افتعال دخان خارج الخلية، ووجدوا ان الخلايا التي بُنيت مؤخرا لها شكل دائري، في حين تطورت الخلايا الاقدم بقليل بشكل سداسي. ويذكر مؤلفي الدراسة ان النحلات العاملة التي تصنع قرص العسل تعجن وتسخن الشمع بواسطة اجسادها حتى تصل الى 45 درجة مئوية ودافئة بما يكفي للتدفق كسائل لزج.

 ان فكرة ان النحل يصنع خلايا دائرية تصبح فيما بعد سداسية اقترحت من قبل العالم تشارلز داروين، لكنه كان غير قادر على الاتيان بأدلة مقنعة عنها. وشرح كاليهارو انه وزملائه حصلوا على فكرتهم من التجارب التي اجريت في وقت سابق على حزمة من القش البلاستيكي الدائري، والتي تطورت لشكل سداسي في المقاطع العرضية عند تسخينها وتقلصها.

 على الرغم من انه لم يبق للنحل الكثير للقيام به مرة اخرى لعمل خلايا دائرية، لكن كما يبدو فأن لهم خبرة في البناء. فعلى سبيل المثال يمكنهم استخدام رؤوسهم كخط شاقولي لقياس التعامد، إمالة محور الخلايا بإرتفاع طفيف جدا عن المستوى الافقي لمنع العسل من التدفق، وقياس سمك جدار الخلية بدقة متناهية. لأنها قد لا تزال تلعب دورا نشطا في تشكيل خلايا سداسية من الدائرية، بدلا من السماح للتوتر السطحي للقيام بهذه المهمة؟ الفيزيائي وخبير الفقاعات دينيس ويرز من كلية ترينيتي في دبلن يشتبه بأنها قد تفعل ذلك على الرغم من انه يعترف بأن التوتر السطحي يجب ان يلعب دورا في ذلك.

 ويضيف ويرز : اذا كانت درجة الحرارة الداخلية تكفي لإذابة الشمع، فإن درجة الحرارة في الخلية ستكون دائما على مقربة من درجة الانصهار، وبالتالي فإن الشمع سيكون قريب الى ان يكون سائل وقد يكون مصدر ازعاج اكثر من كونه ميزة.

 المصدر:

http://www.nature.com/news/how-honeycombs-can-build-themselves-1.1338