تعج مواقع الانترنت والمدونات التي تدعم “نظرية الخلق العلمية” أو “التصميم الذكي” بخرافة حد الاحتمال الكوني . وهي خرافة خرج بها ويليم ديمبسكي معتنق “التصميم الذكي” الشهير تنص على ان اي حدث قيمة احتماله اقل من 10 مرفوع للاس سالب 150 يكون حدث مستحيل الوقوع بكوننا

فهل هذا صحيح ؟ وهل يستند على اساس علمي ؟ و هل هنالك في الطبيعة احداث تحدث وقيمة احتمالها اقل من حد ديمبسكي للاحتمال ؟


هذا الافتراض بناه ديمبسكي على الاتي :
1) 10 مرفورعة للاس 80 تمثل عدد الجسيمات الاولية بعالمنا المنظور

2) 10 مرفوعة للاس 45 تمثل مقلوب زمن بلانك والتي تمثل الحد الاعلى المسموح لعدد العمليات الفيزيائية التي تحدث في الثانية الواحدة

3) 10 مرفوعة للاس 25 تمثل عمر الكون الافتراضي بالثواني
بضرب الارقام اعلاه تكون النتيجة 10 مرفوع للاس 150(اي واحد وعن يمينه 150 صفر) وهو بذلك  – حسب ديمبسكي- يمثل الحد الاعلى لعدد الحوادث لتي تحدث بعمر الكون اكمل . قلب ديمبسكي الارقم اعلاه ليحصل على 10 مرفوع للاس سالب 150 ليقول لنا انها حد الاحتمال الادنى , والذي من الممكن لحدث عشوائي ان يحث لو كان احتماله اكبر او يساويه اما الاحداث التي تكون قيمة احتمالها اقل من هذه القيمة فهي من غير الممكن حدوثها بكوننا وهي تكافئ من الناحية الواقعية الاحداث التي احتمالها 0 .

بودي ان اسلط الضوء في البدء على حسابات ديمبسكي قبل ان ابدي مثالي البسيط جدا لرد دعواه . يعلم من له اطلاع بسيط على الاحصاء ان عدد الجسيمات الاولية ليس له علاقة مباشرة بحساب احتمالية ما تنتجه من مركبات . بل علينا ان ناخذ بعين الاعتبار الطرق التي من الممكن ان ترتبط بها هذه الجسيمات . ولحسابها علينا الاعتماد على قوانين الفيزياء التي تحكم ربط هذه الجسيمات , على سبيل المثال فان ثلاثة كواركات والكترون ستشكل ذرة هيدروجين بمساعدة عدد من بوزونات القوى النووية والكهرمغناطيسية . لكن طريقة اختيار إلكترون من بين بلايين البلايين تعتمد على طرق رياضية معروفة وهي اكثر بكثير من عدد الالكترونات المتوفرة وكذلك بالنسبة لاختيار اختيار ثلاث كواركات . الحصيلة ان عدد الطرق التي تُحدَد بها هذه الجسيمات الاولية الاربع هي اكثر بكثير من عدد الجسيمات المتاحة . هذا في ما يتعلق بذرة هيدروجين واحدة فما بالك ببلايين الذرات من الهيدروجين او العناصر الاثقل مثل الكاربون والحديد او الجزيئات العناصر او جزيئات المركبات … إلخ . الحقيقة سنحصل على رقم مهول لا يقارن اطلاقا بالـ 10 مرفوعة للاس 80 الذي استخدمه ديمبسكي في حساباته .

ما ذكرته فقط لتبيان حجم التزييف والخلط الذي يستخدم بتمرير افتراض الحد الكوني للاحتمال اما الان فاود اعطاء مثال عن حدث بسيط احتماليته تتخطى من حيث الصغر حد الاحتمال الكوني وذلك سيراً على القاعدة المنطقية المتعارف عليها في الرياضيات وهي انك يجب ان تثبت ما تدعي انه صحيح بالبرهان الرياضي (proof) اما من يود ان يرد عليك قولك فيلزمه مثال يحقق الفروض ولا يعطي النتائج التي تبغيها انت .
مثالي بسيط جد يتكون من عدد من احجار النرد يبلغ 193 حجر نرد , لحجر النرد كما هو معروف ستة وجوه لذا فاحتمالية ظهور اي منها عند رمي الحجر تكون 1/6 او ما يعادله بالصيغة العشرية 0.16 , الان بما ان ظهور وجه معين لحجر نرد مستقل تماما عن ظهور اي وجه لأحجار النرد الاخرى فان قواعد الاحصاء الاولية تقول لنا ان احتمالية خروجنا بمتسلسلة من 193 وجه لاحجار النرد نحصل عليها بضرب احتمالية الحجر الواحد في نفسه 193 مرة – او برفع 0.16 للاس 193 – وعليه فان القيمة التي نحصل عليها اقل من حد الاحتمال الكوني حيث سنحصل تقريبا على 10مرفوعة للاس سالب 151 .

 خلاصة التجربة العشوائية للـ 193 نرد هي ان اي تسلسل لوجوه النرود الـ 193 الذي من المتوقع ظهوره عند رميها ستكون قيمة احتماله اقل بكثر من قيمة الحد الكوني للاحتمال , وهو مثال على حدث عشوائي يحدث بكوننا واحتماليته اقل من حد ديمبسكي للاحتمال .

الزيف لذي يروج له معتنقي “نظرية التصميم الذكي” مثل حد الاحتمال الكوني هو مثال عن مدى التزييف العلمي الذي تمارسه الايديلوجيا عند اقحامها في العلم . فالعلم ألية تحيد الحدس والقناعات الشخصية لصالح الاحكام الموضوعية , بينما الايدليوجيا لا تكون بغير قناعات مسبقة تحاول تفصيل الواقع على مقاسها .
المثير للسخرية ان رجال دين وايديلوجيا مثل الشيخ والخطيب عدنان ابراهيم و الخلقي التركي الشهير هارون يحيى يروجون لدعوى حد ديمبسكي الكوني للاحتمال دون تدبر او مراجعة وهم بذلك يظربون مثلا للتعجرف والتمسك بقناعاتهم الموروثة وتحييدهم للعقل على العكس تماما من دعواهم على المنابر وفي ديباجات الكتب .
من المتعارف عليه ان الاعتقاد الشخصي أمر مقدس ومكفول للجميع وليس من شاني او شان اي كان ان يتدخل بقناعات الناس الشخصية لكن على الجانب الاخر فان الحقيقة كما يوصينا برتراند راسل بوصيته للمستقبل يجب ان تطلب لذاتها لا لمدى دعمها لما نعتقده او ما مدى النفع المترتب عليها .