تحتاج الأجساد المعمرة إلى وقت أطول لكي تصلح نفسها. وقد تم توثيق هذا الأمر منذ الحرب العالمية الأولى، عندما لوحظ أن جروح الجنود الأكبر سنا تلتئم بشكل أبطأ. في ذلك الحين لم يستطع الباحثون من معرفة التغيرات المرتبطة بالعمر التي تعيق قدرة الجسد على إصلاح نفسه.

لكن التجارب الحديثة التي أجريت في جامعة روكفلر تمكنت من حل هذا اللغز الفسيولوجي من خلال دراسة المتغيرات الجزئية في شيخوخة جلد الفأر. وقد رسمت التجارب الحديثة كيف يشفي الجسد جروحة، وهذه التجارب نشرت في مجلة سيل (Cell).

وتقول إلين فوكس (Elaine Fuchs) وهي بروفيسورة في ربيكا سي لاندفيلد (Rebecca C. Lancefield) ورئيس مختبر (Robin Chemers Neustein) لبيولوجيا خلايا الثدييات, أن “بعد أيام من الإصابة تدخل خلايا الجلد إلى الداخل وتغلق الجرح. وهذا يتطلب تنسيق مع الخلايا المناعية المجاورة. وقد ظهر في تجاربنا أن انقطاع الاتصال بين خلايا الجلد والخلايا المناعية تبطئ هذه الخطوة”.
وتضيف فوكس “هذا الاكتشاف يوحي بأساليب جديدة لعلاج الجروح الحديثة عند كبار السن”. وتعمل فوكس حالياً باحثة في معهد هوارد هيوز الطبي.

التئام الجروح وعودة خلايا الجلد

عند حدوث جرح فإن الجسد يحتاج إلى شفاءه بسرعة لكي يبقي على الحماية التي يوفرها الجلد. ويقول برايس كييس (Brice Keyes) طالب ما بعد الدكتوراه والباحث في علوم الحياة في مختبر فوج (Fuch’s lab)، أن “التئام الجروح هي واحدة من العمليات الأكثر تعقيدا في جسم الإنسان”. ويضيف “هنالك أنواع عديدة من الخلايا والمسارات الجزيئية ومدة عملها تختلف بين عدة ثواني إلى عدة أشهر. وقد لوحظ وجود تغيرات في كل خطوة من هذه العملية اثناء عملية التقدم بالسن”.

كل من خلايا الجلد والخلايا المناعية تساهم في هذه العملية المعقدة، والتي تبدأ عند تكون البقع. بينما تقوم خلايا الجلد الجديدة والتي تسمى بالخلايا الكيراتينية (keratinocytes) بالسفر إلى منطقة الجرح وتكوين صفيحة تحت البقع.

وقد ركز الفريق على هذه المرحلة الأخيرة من الشفاء عند الفئران البالغة من العمر 2-24 شهر، والتي تعتبر عند البشر بالعمر 20-70 سنة. ووجد الباحثين أن الخلايا الكيراتينية تكون أبطأ عند الفئران الكبيرة بالسن عند سفرها إلى المنطقة تحت البقع، ونتيجة لذلك في الكثير من الأحيان تستغرق الجروح أيام لإغلاقه.

ومن المعروف أن التئام الجروح يتطلب وجود خلايا مناعية متخصصة في الجلد. فقد أظهرت تجارب الباحثين الجديدة أنه بعد الإصابة تقوم الخلايا الكيراتينية بالتواصل مع الخلايا المناعية عند حافة الجرح من خلال بروتينات معروفة بأسم ” Skints” والتي تظهر كتعليمات للخلايا المناعية لكي تتكتل في المكان وتساعد على سد الفجوة في الجلد. ولكن في الفئران الكبيرة في السن فشلت الخلايا الكيراتينية على إنتاج هذه الإشارات المناعية.

البحث عن حلول

لمعرفة اذا كان بإمكاننا تعزيز بروتين ” Skint” في جلد كبار السن، قام الباحثون بإضافة البروتين إلى الخلايا المناعية التي تفرز عادة بعد الإصابة. عند تطبيق ذلك على أنسجة الفئران الكبيرة في العمر والصغيرة في الطبق المختبري, لاحظ الباحثون زيادة في تنقّل الخلايا الكيراتينية، والذي كان واضح في جلد كبار السن، فقد تصرفت الخلايا الكيراتينية عند كبار السن بحيوية كبيرة.

يأمل العلماء أن يطبقوا نفس المبدأ في تطوير علاج الحالات تأخر الشفاء عند كبار السن.
فيقول فوكس “قد يمكننا  عملنا من تطوير عقاقير تساعد على خلايا الجلد عند كبار السن على التواصل مع الخلايا المناعية بشكل أفضل، وذلك بتعزيز الإشارات التي قد تنخفض مع التقدم في السن”.

المصدر

Rockefeller University. “Why wounds heal more slowly with age.” ScienceDaily. ScienceDaily, 17 November 2016.