فوائد البصل، فوائد الزنجبيل، فوائد الكركم، فوائد التفاح، فوائد الموز، فوائد الرمان.. والقصة لا تنتهي لمقالات وفيديوهات تتكلم عن فوائد المنتجات الطبيعية بشكل يجعلك تظن أن تناولك لتلك المادة سيحل جميع مشاكلك الصحية، وربما مشاكلك في الحياة ايضاً. ليس هذا فحسب بل تختص تلك المقالات أحياناً بفائدة معينة مثل: فوائد البصل في تقوية الإنتصاب، فوائد الحلبة لمرض السكري، فوائد التفاح في منع سرطان البروستات.

لن نعيب أي من تلك المقالات لو كانت تستند إلى مصادر مرقمة ومذكورة بالسنوات والجامعات والعلماء وفرق البحث وإجراءات القيام بالبحث، لكن معظمها لا يستند إلا إلى بضعة أحاديث نبوية، أو أقوال من حكماء العرب، أو من الطب التقليدي الصيني أو العربي  (حتى لو لم تكن تلك الأصناف من الطب التقليدي ضارة ولا تمت لتسمية الطب أو العلم بصلة)، والأدهى هو ما يتخذ صفات العلم بشكل مبهم فيقولون مثلاً: أثبت باحثون، قالت دراسة، أثبتت التجارب، وأحياناً تستند إلى التجارب المحلية القريبة مثل: قال الحلاق القريب من بيتي، قالت جدتي، تقول والدتي…الخ.

كما أننا في هذا المقال لا نقول بأن تلك المواد الطبيعية ضارة بالضرورة، لكن الضرر يكمن عندما يعتمد عليها بعض المرضى كبديل لأدويتهم وعلاجاتهم التي وصفها الأطباء، أو أن الضرر يحل عندما يعول أصحاب الأمراض المستعصية كالسكري من النوع الأول أو السرطان على المواد الطبيعية كبديل لعلاجاتهم، وكاتب المقال شاهد على أمثلة كثيرة من مرضى السكري من النوع الأول ممن تركوا الإنسولين لفترات خطيرة تنفيذاً لدعوات من هذا النوع يزيدها سوءاً العشابون الذين يشترطون على المريض ترك العلاج من أجل الوصول للمفعول الفعلي للمادة الطبيعية الفلانية كشرط لعودة البنكرياس للعمل.

أما بالنسبة لما يستند إلى الدراسات، فإن الدراسات غالباً ما تنبع من أبحاث لصناعة الأدوية تركز بشكل رئيسي حتى على التأثيرات الطفيفة للمادة وتقوم بإعطاءها للحيوانات بشكل مركز ومن ثم تدرس ذلك التأثير. كما تقوم كثير من الدراسات بدراسة مستخلصات للمواد لإستخدام مادة معينة تحتويها المادة الطبيعية في تطوير دواء معين، مثلاً تأثير البصل على الإنتصاب، لم تصرح دراسة بذلك على الإنسان بل هناك دراستين تكلمت عن تأثير معين للبصل على الهرمون الذكري للفئران[1] [2]، هل يعطينا ذلك الصلاحية لنقول بأن البصل يحسن الإنتصاب عند الإنسان؟

مادة كالكركم مثلاً تحتوي على المئات من المركبات ولربما يوجد مركب واحد فقط له فائدة صحية.  يقوم العلماء باستخلاص هذا المركب وتركيزه ليكون له فعالية داخل الجسم.  اما اذا تستخدم الكركم شخصيا وتقوم باضافة ملعقتين من الكركم للاكل،  ماهي كمية المركب المفيد؟  لا شيئ يذكر في الجسم ولهذا لا يكون له فائدة صحية عند استخدامه من المادة الاولية.

النقطة الأهم في هذا المقال، أننا يُمكن أن نقوم بإعداد مقال حول فوائد أي مادة طبيعية بل وحتى المواد الضارة، الكحول مثلاً تذكر مصادر طبية بأنه يقلل من خطر الموت من أمراض القلب، ويقلل من إحتمالية الإصابة بسكتة التروية الدماغية (Ischemic stroke) ويقلل من خطر الإصابة بالسكري[3]. السجائر أيضاً مثل هذا المقال الذي يتكلم عن 5 فوائد للسجائر منها خفضه لمخاطر عمليات إستبدال الكاحل، وتقليل الاحتمالية للإصابة بمرض الباركينسون. تلك أمثلة فقط ليس القصد منها المقارنة مع المواد الطبيعية ولكن أن نبين أننا يُمكن أن نبين فوائد أي مادة نتناولها في العالم.

الكلام عن فوائد المواد الطبيعية لا يعني أبداً أن تتناول المادة الفلانية لتكون علاجاً، معظم ما تنشره مقالات الفوائد يخلو من دراسات داعمة، وما يتضمن دراسات داعمة فإن تلك الدراسات لا تصرح بالفائدة اليومية أو الاسبوعية لتناول البصل أو الخوخ أو التفاح.

[1] Malviya, N. E. E. L. E. S. H., et al. “Management of drug induced sexual dysfunction in male rats by ethyl acetate fraction of onion.” Acta Pol Pharm70.2 (2013): 317-322.

[2] Khaki, Arash, et al. “Treatment effects of onion (Allium cepa) and ginger (Zingiber officinale) on sexual behavior of rat after inducing an antiepileptic drug (lamotrigine).” Balkan medical journal 29.3 (2012): 236.

[3] Alcohol: If you drink, keep it moderate, mayoclinic.org, 3 August 2016

مراجعة: Raghda Ibrahem