ما هو ترافق الحواس ؟ معظم الأفراد يستشعرون الأشياء التي حولهم بواسطة الحواس، وبطرق متعددة. فنحن نسمع كلام الأشخاص الآخرين ونرى شفاهم تتحرك وهم يتحدثون. كما نشم ونسمع ونرى البصل عند تقطيعه، ونشعر به عن طريق دموع العين.

فنحن نستطيع أن نرى أن المدخلات الحسية تترافق، وبالتالي فمن المرجح أنها متصلة بشيء واحد، كما هو الحال في أدمغة الحيوانات التي طورت ترافق الحواس من خلال الخبرة. فقد قام العلماء بدراسة توضح كيفية حدوث ترافق الحواس بدراسة الشراغف “صغار الضفادع tadpoles” كنموذج لهذه العملية.

ومن خلال الدراسة يأمل العلماء أن توصلهم النتائج إلى فهم أفضل للكيفية التي تنحرف فيها ترافق الحواس، والتي تسبب بعض الأمراض من ضمنها مرض التوحد. فقد اقترحت بعض الدراسات أن صعوبة دمج الصوت مع الرؤية في بعض حالات التوحد يؤدي إلى عجز لغوي.

قال كالوس ايزيمان (Carlos Aizenman) أستاذ الأعصاب في جامعة براون (Brown University)، واحد المشاركين في الدراسة، انه “إننا قمنا بصقل آلية عمل الدماغ بهذه الكيفية عن طريق صدفة زمنية .. وقد قمنا بإعداد الدراسة بحيث يمكننا أن ندرس الكيفية التي يتم فيها الجمع بين المدخلات المختلفة في خلية واحدة في منطقة معينة من الدماغ”.

ففي الدراسة التي نشرت في (journal eLife)، كان ايزيمان والباحث الرئيسي في الدراسة دانيال فيلتش (Daniel Felch) وكذلك بارد كولج (Bard College)، قادرين على القيام بالتحفيز الكهربائي لحاسة النظر والحركة  خلال المراحل الرئيسية لنمو الجهاز العصبي في أدمغة الشرغوف، وقد فعلوا ذلك بدقة عالية، تصل إلى أجزاء من الثانية. ثم قاموا بتتبع الاستجابات في الخلايا العصبية التابعة للسقف البصري (optic tectum) في دماغ الشرغوف، حيث تتم معالجة المعلومات الحسية ودمجها. في البشر وباقي الثديات الأخرى تسمى هذه المنطقة بالأكمية العلوية (superior colliculus)، وهي مجموعة من الخلايا العصبية وتقوم بنفس العمل الذي يقوم به السقف البصري عند الشرغوف.
ووجد العلماء أن الخلايا العصبية في السقف البصري في أدمغة الشرغوف الغير ناضجة نسبيا تثار عن طريق استقبال نوعين من المحفزات، حتى وان كانت المحفزات بعيدات عن بعضها البعض في المدة الزمنية. وكل ما نضجت أدمغة الشرغوف في المراحل اللاحقة من تطور الدوائر العصبية كلما كانت قادرة على تثبيط المحفز الأولي إذا جاءت المحفزات متباعدة نسبيا. وكل ما نضجت الأدمغة كلما كانت أكثر دقة في تحديد المحفزات المتراكبة والتي تأتي في وقت واحد، وقادرة أكثر على تثبيط المحفزات التي لا تأتي في وقت واحد.

وتشير النتائج إلى أن عقول الشرغوف عند النمو سوف تزيد من التوازن في عدد الخلايا المثبطة للمحفزات مع عدد الخلايا المثارة، مما يؤدي إلى تمييز أدق للمدخلات الحسية التي تحدث في وقت واحد من المدخلات الحسية التي تحدث بشكل بعيد نسبيا من ناحية الوقت. وفي تجربة واحدة من الدراسة، قام العلماء بمنع الخلايا المثبطة من العمل في أدمغة الشرغوف، فكانت النتيجة أن فقد الشرغوف على التمييز بين المدخلات.

الشرغوف

الشرغوف يمتلك نمطاً بسيطاً من ترافق الحواس

التشويش في العملية

قال ايزيمان “أن الدراسة توضح كيف تشكل التجارب الحسية في مراحل نمو الدماغ … وفي بعض الأحيان يقوم الدماغ بعمل سيء، وفي أحيان أخرى يؤدي وظيفته بشكل أكثر دقة”. والجديد في هذه الدراسة هو أنها توضح الآلية التي تسبب خروج الدماغ عن مساره.
وأضاف ايزيمان “أن الموازنة بين التحفيز والتثبيط في الدماغ مهم لخلق نوع من الإحساس الزمني .. فإذا عطل هذا التوازن سوف تعالج الحواس المترافقة بشكل غير طبيعي”.

وفي مستقبل الأبحاث المتعلقة في هذا الموضوع يأمل ايزيمان أن تتم دراسة العملية خلال مراحل معالجة ترافق الحواس واثارها على سلوكيات الشرغوف، مثل إيجاد الطعام أو تجنب الخطر.

الشرغوف لا يتطيع الكلام، لكن نتائج هذه الدراسة تساهم بشكل اساسي على إيجاد فرضيات حول الكيفي التي تؤثر فيها ترافق بها الحواس في مراحل نمو الإنسان. فعلى الرغم من أن الضفادع والانسان طوروا اليات مختلفة إلا أنهم يشتركون في نفس البنية الاساسية للدماغ.

المصدر: https://www.sciencedaily.com/releases/2016/06/160603092832.htm