فئران تعاني من التلعثم في النطق مشابه لتأتأة الانسان ربما تعطي رؤيا جديدة عن تلك الحالة التي حيرت العلماء لقرون، حسب دراسة قام بها باحثون من جامعة واشنطن مدرسة الطب والمعهد الوطني للصحة قد تعطينا المزيد من الامل في علاج التلعثم.

عمل الباحثون طفرة في فئران لجين يرتبط وجوده مع حدوث التأتأة عند الانسان، فوجدوا ان تلك الفئران تنطق بشكل غير طبيعي يشابه تأتأة الانسان. ان العمل على تلك الحيوانات قد يساعد العلماء على فهم الأسس الجزيئيّة والعصبية لهذا الاضطراب، ومن المحتمل تطوير علاج مناسب لهذا الاضطراب.

هذا البحث تم نشره في ١٤ من نيسان من هذا العام في مجلة علم الاحياء الحالي (Current Biology).

فيما مضى كان يعتقد ان السبب في ظهور التأتأة هو العصبية، التوتر او حتى معاملة الأبوين السيئة، اما الان فان الاعتقاد السائد هو ان أصل التأتأة  بايولوجي، مع ذلك فان للقلق دور في زيادة شدتها.

Credit: science daily

بعض الذين يعانون منها يمتلكون طفرة في جين يدعى Gnptab. قام دينيس دراينا وزملائه من معهد الصم واضطرابات التواصل الاخرى بعمل تلك الطفرة الجينية في فئران لدراسة النطق الصادر منها وذلك لإيجاد دليل على تشابهها مع الحالة الموجودة عند الانسان.

” الكلام هو قدرة فريدة امتاز بها الانسان، لكن أنماط الكلام بُنيت من لبنات بناء ابسط بكثير من الكلام نفسه” بحسب قول تيم هولي استاذ مساعد في علم الاعصاب وأحد كتاب هذا البحث حيث يقول ايضاً “يجب ان تكون قادراً على السيطرة على تنفسك والعضلات في لسانك وفمك. يجب ان تكون قادراً على المبادرة بالحركة. تلك الأشياء قد تكون مشتركة طوال الطريق من الفئران الى الانسان”.

الفئران تصدر أصوات معقدة طوال الوقت، عند طبقة صوتية عالية لا يستطيع الانسان سماعها.

” صغار الفئران تنطق عفوياً عند اخذها من الأمهات” تيرا بارنس، كبير العلماء في مختبر هولي. “الفئران تنطق عندما تتألم، تلتقي بفأر اخر او تنجذب لقرين.”

السمة الرئيسية للتأتأة انها تظهر عند التردد والذي يكسر التدفق المنسجم للحديث. بارنس وزملائها طوروا خوارزمية لتحليل طول التوقفات (عند الحديث) في النطق العفوي لصغار الفئران تتراوح إعمارها بين ٣-٨ ايام. ولقد وجدوا ان الفئران التي حملت الطفرة الجينية عانت من توقفات أطول مقارنة بتلك التي لم تمتلك تلك الطفرة.

استعمل الباحثون نفس تلك الخوارزمية لتحليل تسجيلات صوتية لأحاديث أشخاص، بعضهم يتأتأ وبعضهم لا. تميزت تلك الخوارزمية بدقة بين حديث الذين يعانون من التأتأة وبين الذين  يتكلمون بطلاقة.

وجد العلماء ايضاً ان المقاطع اللفظية نُطقت من قبل الفئران التي تعاني من الطفرة بشكل اقل عشوائية من المقاطع اللفظية التي نطقت بها الفئران التي لا تعاني من الطفرة. بتعبير اخر، مشابه للأشخاص الذين يعانون من التأتأة، فان الفئران مع الطفرة تعيد نفس المقاطع على الأغلب.

وتقول بارنس ” لقد وجدنا اضطرابات مشابه لبعض تلك الموجودة عند الانسان المتأتيء،”.

بخلاف المشاكل في التلفظ، فان تلك الفئران كانت طبيعية. ديڤيد ووزنيك استاذ الطب النفسي في جامعة واشنطن وزملائه وضعوا الفئران عبر بطارية للاختبار- لفحص توازنهم، قوتهم، التنسيق، حركتهم، التعلم المكاني، الذاكرة، قدراتهم الاجتماعية وغيرها- وجدوا انه لا يوجد فرق جوهري بين الفئران حاملة للطفرة وتلك غير الحاملة. في هذا الصدد، فان الفئران التي تعاني التأتأة كانت تحب الأشخاص الذين يعانون من التأتأة- الذين لا يمكن التمييز بينهم بشيء الا التأتأة.

” احد الأشياء التي وجدناها والمثيرة علمياً عن التأتأة انها مقصورة على الكلام بشكل دقيق،” هولي. “انها عيب نظيف في مهمة معقدة بشكل لا يصدق”.

انه ليس من الواضح لنا العلاقة بين هذا الجين والقدرة على الكلام. هذا الجين معروف عنه أنه مرتبط بمسار عملية تحطيم الجزيئات داخل الخلايا. ان الطفرات التي تؤدي الى فقدان تلك الوظيفة تؤدي الى أمراض أيضية تدعى mucolipidosis II/III، لكن الطفرات التي تؤدي الى التأتأة فقط يحافظ معها الجين على اغلب وظائفه.

” انه نوع من الجنون ان يكون الجين الذي يشارك في تحطيم النفايات الموجودة في الخلايا هو نفسه له ارتباط مع ظهور التأتأة،” هولي. ” ربما يكون الامر كذلك: البروتين لديه العديد من الوظائف وتلك الطفرة تؤثر على واحدة منها فقط. او يمكن القول ان الطفرة تلك تعمل على تسوية عمل تلك الوظيفة للبروتين، لكن هنالك مجاميع من الخلايا تكون حساسة بشكل متقن، فإذا قمت بتسوية عمل اي وظيفة في تلك الخلايا فان ذلك سيؤدي الى خلل سلوكي واضح.”

الان الباحثون يمتلكون تلك الفئران المتأتأة، لذلك هم يعملون على تطوير الأفكار لاكتشاف هذا الاضطراب بشكل أفضل. تقول بارنس “سنقوم بالكثير من الدراسات للتعرف على ذلك الاضطراب بشكل أفضل”.  

https://www.sciencedaily.com/releases/2016/04/160414144205.htm