يتطور الذكاء الاصطناعي بسرعة كبيرة جداً، فبعد أن استطاع الذكاء الاصطناعي التفوق على الإنسان في مهمات معينة مثل لعبة الشطرنج، يتوقع العلماء أن يتجاوز الذكاء الاصطناعي الذكاء البيولوجي بشكل شامل خلال المستقبل المنظور.

يشغل موضوع تطور الذكاء الاصطناعي بال العلماء والمفكرين، فيبدو أن العالم الشهير ستيفن هوكينج Stephen Hawking))قلِق من تطور الذكاء الاصطناعي حيث قال في أحد المقابلات أن “البشر المقيدين بالتطور البيولوجي البطيء لا يستطيعون منافسة الذكاء الاصطناعي وربما يحل الذكاء الاصطناعي محلهم”. وكذلك بيل غيتس(Bill Gates) حيث قال: “أنا في معسكر القلقين حول الذكاء الاصطناعي”. في المقابل يبدو رئيس قسم الهندسة في جوجل والمعروف بدقة توقعاته راي كرزوايل) Ray Kurzweil) أكثر تفاؤلاً؛ حيث قال في أحد المؤتمرات أن القلق من الذكاء الاصطناعي سيقل تدريجياً كلما تزداد الفوائد التي يقدمها الذكاء الاصطناعي.

ولكن لا يبدو الأمر بهذا السوء؛ فتطور الذكاء الاصطناعي يرافقه اندماج هذا الذكاء مع البشر، فالمعرفة تندمج في حياة الإنسان تدريجياً. مثلاً، يمتلك شخص عادي من وقتنا الحالي من خلال الهاتف الذي يحمله في جيبه إمكانية الوصول إلى معلومات أكثر من الرئيس الأمريكي قبل 15 عام. وستزداد سرعة اندماج المعرفة والذكاء الاصطناعي مع الإنسان مع مرور الوقت. يقول راي كرزوايل المعروف بدقة توقعاته كما ذكرنا سابقاً أن الذكاء الاصطناعي لن يحل محل الذكاء البشري لأن البشر سيعززون ذكائهم عن طريق دمجه مع الذكاء الاصطناعي كما يتوقع أن نتمكن من إنشاء اتصال مباشر بين الدماغ والحاسوب بحلول الثلاثينيات من القرن الحالي.

وفي هذا السياق، تبدو آراء رائد الأعمال المرموق والرئيس التنفيذي لشركتي تيسلا (Tesla) وسبيس اكس (Space X) إيلون ماسك (Elon Musk) عن الذكاء الاصطناعي قليلة الوضوح. فبعد أن وصف الذكاء الاصطناعي قبل عدة سنوات بـ “استدعاء الشيطان” وأنه “قد يكون أخطر من الأسلحة النووية”، يبدو أنه أصبح أكثر تفاؤلاً حيث قال مؤخراً في القمة العالمية للحكومات في دبي:”أعتقد أنه سيكون هناك اندماج أكبر بين الذكاء البيولوجي والذكاء الرقمي مع مرور الوقت”. كما أعلن قبل عدة أيام عن شركة نيورالينك (Neuralink) وهي شركة تهدف إلى تعزيز عمل الدماغ البشري عن طريق تصميم أجهزة يتم زرعها في الدماغ. وبالتالي، يمكن في النهاية دمج البرمجيات في دماغ الإنسان وتمكينه من مواكبة تطور الذكاء الاصطناعي. كما يساعد هذا النوع من الأجهزة في المجال الطبي؛ حيث يمكن أن تحل محل بعض التراكيب الدماغية التي تتدهور كما في حالة مرض باركنسون.

في الواقع، ما زال الطريق إلى تعزيز قدراتنا الدماغية بكفاءة طويل؛ إذ أن كيفية عمل الدماغ الدقيقة وآليات قدرات الدماغ المعرفية ما زالت مجهولة، فهدف الشركة الأساسي هو اكتشاف كيفية عمل الدماغ بدقة بالدرجة الأولى قبل محاولات تعزيزه، وهذا يفسر تسجيل الشركة كشركة أبحاث طبية.

على الرغم من وجود شركات ناشئة أخرى في مجال تعزيز عمل الدماغ مثل كيرنيل (Kernel) وعلى الرغم من عدم إعلان إيلون ماسك عن كثير من التفاصيل حول هذه الشركة، إلا أن وسائل الإعلام تناقلت الخبر بحماس. ولكن حماس وسائل الإعلام لم يكن لخبر إنشاء الشركة بحد ذاته بل لارتباط اسم إيلون ماسك في هذا المجال. في الواقع، يمثل إعلان إيلون ماسك عن شركة نيورالينك نقطة مهمة في رحلة الإنسان نحو دمج دماغه مع الحاسوب حيث ان وجود اسم هذا الرجل يضفي بعد آخر لمجال حوسبة الدماغ، فالإنجازات والنجاحات التي حققها إيلون ماسك ابتداءً من الشركات الناجحة التي أسسها أو شارك في تأسيسها مثل: سبيس اكس وبي بال (PayPal) وتيسلا  وغيرها وصولاً إلى إدخاله لمفهوم الهايبرلوب-وهو أحد طرق النقل المتطورة- تجعلنا متحمسين للأمور التي قد تتمكن نيورالينك من تحقيقها.

المصادر:

Michael Sainato, Stephen Hawking, Elon Musk, and Bill Gates Warn About Artificial Intelligence, Observer, 18 Sep 2015

Solomon Israel, Artificial intelligence, human brain to merge in 2030s, says futurist Kurzweil, CBC News, 9 Jun 2015

Nick Statt, Elon Musk’s Neuralink is not about preventing an AI apocalypse, The Verge, 28 Mar 2017

Nick Statt, Elon Musk launches Neuralink, a venture to merge the human brain with AI, The Verge, 27 Mar 2017