أحدث دليل يتناول هذا السؤال يأتي من دراسة أجريت في جامعة روزاليند فرانكلين للطب والعلوم، حيث وجد التحليل التجميعي (meta-analysis) من وحدات خزن صور اللوزة المخية (amygdala volumes) للإنسان أنه لا يوجد فرق كبير بين الجنسين. والتحليل التجميعي هو منهج إحصائي يجمع نتائج الدراسات المتعددة، وفي هذا الخصوص يجمع عشرات الدراسات حول التصوير بالرنين المغناطيسي للدماغ.

وقالت الدكتورة ليز إليوت (Lise Eliot)، وهي باحثة وأستاذة مساعدة في علم الأعصاب في جامعة روزاليند فرانكلين الطبية في شيكاغو، “على الرغم من الانطباع السائد بأن الرجال والنساء مختلفون بشكل كبير، إلا أن تحليل الكثير من الإجراءات التي يقوم بها الدماغ تجد أن هنالك تشابه أكثر من الاختلاف. فلا يوجد بشكل قاطع (دماغ الذكر) أو (دماغ الأنثى)، وهناك تشابه في إجراءات الدماغ بين الجنسين بشكل كبير”.

اللوزة المخية تكون بحجم الزيتون تقريبا، وهي بنية الدماغ الرئيسية المشاركة في جميع أنواع العواطف والسلوكيات الاجتماعية مثل العدوان والشهوة الجنسية. وقد أشارت دراسات أجريت على الحيوانات وتقارير التصوير بالرنين المغناطيسي التي أجريت في وقت مبكر أن اللوزة وعلى نحو غير متكافئ تكون أكبر في أدمغة الذكور. وقد دفعنا هذا الفارق إلى الاقتراح أنه حجم اللوزة يساهم في الفروق بين الجنسين في ما يخص الانفعالات وفي انتشار اضطرابات مثل القلق والاكتئاب.

علماء الأحياء يستخدمون مصطلح “الجنس الثنائي الشكل” (sexually dimorphic) والذي يقصد به “شكلين مختلفين”، لوصف الاختلافات بين الذكور والإناث. وتبين هذه الدراسة الجديدة أن هذا المصطلح لا ينطبق على حجم اللوزة البشرية. وتنضم إلى الأبحاث الحديثة الأخرى التي تتحدى المفهوم الثنائي للدماغ “دماغ الذكور” و “دماغ الإناث”، والتي يمكن أن تكون ذات صلة بالاضطرابات اللاإدراك بما في ذلك الاكتئاب، وتعاطي المخدرات، واضطراب الهوية الجنسية.

وقد شارك في كتابة التقرير كل من دريف ماروا و ميا هالاري، وهما طالبين في كلية روزماندي فرانكلين. وقد عملوا مع إليوت لتحديد منهجية جميع الدراسات الخاصة بالتصوير بالرنين المغناطيسي للوزة المخية في الإنسان على مدى 30 عام الماضية. ووجد الباحثون أن 58 مقارنة لحجم اللوزة المخية في مجموعات متطابقة من الرجال الأصحاء والنساء ممن نشرت تشير إلى أن حجم اللوزة المخية في هيكلها هي في الواقع أكبر بنحو 10% في أدمغة الذكور. ومع ذلك، هذا الاختلاف متشابه لكبر حجم الجسم، حيث أن الحجم أكبر 11-12% في أدمغة الذكور وفي الجسد بشكل عام. تبين الدراسات التي أبلغت عن وحدات الخزن اللوزة المخية بشكل عام، أن الفرق بالحجم ضئيل (0.1% في اللوزة اليمنى، و2.5% في اللوزة المخية اليسرى) وهي ليست ذات دلالة إحصائية. ونشرت هذه الورقة في مجلة التصوير العصبي (the journal NeuroImage).

وفي تحليل تجميع مشابه أجري في عام 2015، برئاسة الدكتورة إليوت وفريق مدرسة شيكاغو الطبية والتي فضحت زيف الاعتقاد على نطاق واسع أن الحصين (hippocampus) في الدماغ النساء مما هو في دماغ الذكور، والحصين هو جزء من الدماغ يشارك في تعزيز الذكريات الجديدة.

وقالت إليوت “هنالك أسباب سلوكية تشكك في وجود اختلاف في اللوزة المخية بين الجنسين. العاطفة والتعاطف والعدوان والشهوة الجنسية كلها تعتمد على ذلك، كما أن الأدلة من الدراسات التي أجريت على الحيوانات تشير إلى أن الاختلاف في حجم اللوزة أكبر مما هو عليه بالنسبة للحصين. ولذلك فإن هذا الاكتشاف هو أكثر غرابة من نتيجة الحصين لدينا ولذلك يقترح علينا أن العقول البشرية ليست ثنائية الشكل جنسيا (sexually dimorphic) مثل الجرذان”.

هذه الدراسة تعزز نسبة تشابه في المخ البشري بين الجنسين وكذلك في قدرتها، ولها آثار للجهود المبذولة لفهم دماغ المتحولين جنسيا (transgender).

المصدر:

Rosalind Franklin University of Medicine and Science. “Mounting challenge to brain sex differences.” ScienceDaily. ScienceDaily, 17 January 2017.