من اصل 138 مريضاً تم نقل 26% الى وحدة العناية المركزة، 4.3% من هؤلاء لقوا حتفهم، والبقية ما زالوا يتلقون العلاج. كان هذا بتاريخ 7 فبراير وفق دراسة نشرتها صحيفة (JAMA) الامريكية حول وفيات فيروس كورونا في ووهان الصينية [9]. التهديد يبدو حقيقياً وهو يسبب الذعر للكثيرين وفي فوضى الأرقام والتنبؤات حول فيروس كورونا وانتشاره في العالم، حاولنا في هذا المقال تلخيص بعض الأرقام وتوضيح بعض الحقائق حول نسب الوفيات الناجمة عن المرض لما رأينا من قصور في ما نقلته وسائل الاعلام، أو أن الجمهور بشكل عام لم يستوعبه بشكل جيد.

إن تقدير مدى الفتك لهذا الوباء بقسمة عدد الوفيات المؤكدة على عدد الحالات المؤكدة هو أمرٌ مغرٍ، إلّا أنه لا يعدو كونه أمراً محالاً! فكيف يتم إحصاء معدلات الاماتة للوباء وقت التفشي وأين الخلل الذي نراه في الأرقام؟

إن معدل الإماتة ((The case fatality rate (CFR) يمثل نسبة الحالات التي أدى الوباء إلى هلاكها. متى ما انتهى تفشي الوباء، فيمكن حسابه كالتالي: عدد الوفيات \ عدد الحالات المصابة. لكن؛ في حالة كورونا فما زال الوباء حاضراً، لذا فإن الصيغة السابقة للحساب هي في أحسن الأحوال “بدائية”، وموهمة في حال كون نسب المصابين الكلية غير معروفة.[8]

بعبارة اخرى، فإن عدد الوفيات الحالي يمثل نسبة من عدد مصابين في السابق، وليس في الوقت الحالي. لذا فإن الحصيلة (ممن تم شفائهم أو موتهم) تمثل نسبة من عدد (مصابين) لم يتم تحديده. لذا فإن الصيغة الأقرب للصواب تكون كالتالي:

معدل الإماتة = عدد الوفيات (في وقت محدد) \ عدد المصابين (في الوقت المحدد – متوسط الوقت ما بين تأكيد المرض وحتى الوفاة)

وهكذا يمكن استغلال الأعداد المتوفرة لحساب النسبة لنفس المجموعة من المصابين. وإحدى المشاكل المتعلقة بهذه الطريقة هي عدم وجود بيانات كافية عن الأعداد في المدة الزمنية المراد اجراء الحساب خلالها.

فعلى سبيل المثال؛ البيانات المتوفرة بتاريخ 8 فبراير 2020 كانت (813) حالة الوفاة، و (37,552) حالة إصابة عالمياً. فإذا استخدمت الصيغة (عدد الوفيات \ عدد الإصابات) تكون النسبة 2.2% (وهي النسبة ليوم 8 فبراير 2020). وبما أن المدة المقدرة بين تأكيد الإصابة والموت هي 7 أيام (مع تحفظنا على هذه الفترة لكن لنأخذها كمثال)، فتصحح النسبة باستخدام أعداد المصابين المسجلة بتاريخ الأول من فبراير وهي 14,381 لتكون النسبة الأدق هي: عدد الوفيات (في 8 فبراير) \ عدد المصابين (في 1 فبراير)، بقسمة أعداد المصابين في الأول من فبراير على الوفيات في الثامن فبراير (نكون بذلك قد شملنا فترة اسبوع) تكون النسبة: 5.7%.

ووفقاً لصيغة أخرى ذكرت في المجلة الأمريكية للدراسات الوبائية (American Journal of Epidemiology study) فإن النسبة تحتسب من أعداد المرفودين إلى المشافي في مدة محددة، وحسب الصيغة التالية: –

معدل الإماتة CFR = (عدد الوفيات) \ (عدد الوفيات + عدد الذين تم شفاؤهم).

وحسب آخر البيانات المتوفرة، تكون النسبة:

2,701 / (2,701+27,687) = 9%

وإن تم استثناء الأعداد المتوفرة من الصين (مركز الوباء)، تكون النسبة كالتالي (عالمياً باستثناء الصين):

38 / (38+259) = 12.8%  

إن البيانات المتوفرة محدودة جداً، لكن المفارقة الكبيرة في النسبة بين الصين وخارجها (إن تم تأكيدها بأعداد أكبر وبيانات أدق) قد تدل على الدقة الأعلى في الكشف عن المرض خارج الصين، الخصوص مع التركيز على مقاطعة ووهان (مركز انطلاق المرض) حيث أن الأولوية تكون للحالات الشديدة والحرجة، بسبب حالة الطوارئ الحالية. وبصرف النظر عن أي تقديرات، فإن النسبة الحقيقية للحالات (غير المسجلة) التي لا يمكن تجاهلها لمعرفة خطورة الوباء تبقى قيد الحسبان.

وعلينا ألّا نغفل ما حدث في عام 2003 وقت تفشي وباء SARS، حيث أعلنت منظمة الصحة العالمية (WHO) أن معدل الإماتة هو 4% (أو بنسبة متدنية تبلغ 3%)، بينما بلغت النسبة النهائية للوباء 9.6% [1][2].

تقول مفوضية الصحة الصينية أن معظم الإصابات بفيروس كورونا كانت طفيفة.  وفي معرض الإجابة عن سبب زيادة الحالات في مقاطعة ووهان دون غيرها، عَزت المفوضية السبب إلى في نقص الموارد داخل المقاطعة، حيث أن عدد أسِرّة الحالات الحرجة في مشافيها الثلاث مجتمعةً هو 110 سرير فقط[7].

ورغم تأكيد منظمة الصحة العالمية على عدم التسرع في إطلاق التصريحات الحاسمة، غير أنها ذكرت مرتين في نهاية يناير وفي العاشر من فبراير أن نسبة الإماتة تصل إلى 2%. غير أن ما تذكره منظمة الصحة العالمية محدود بما هو مسجل لديها من معلومات، والتشكيك الذي عرضناه حول طرق احتساب معدلات الإماتة قد ينطبق على ما ذكرته منظمة الصحة العالمية ويجعلها في معرض الشك أيضاً.

وبحسب دراسة أولية نشرت على موقع لانسيت [3] (The Lancet) قدرت بأن معدل الإماتة لفايروس كورونا هو 3%، مع التشديد على الحذر مع التعاطي الحذر مع البيانات حول الوباء، حيث أن الأعداد الحقيقية للمرضى وحالتهم لم يتم معرفتها بعد، كما ذكرت أن التقديرات الأولية لوباء جديد عادة ما يتم المبالغة في تقديرها بسبب التركيز على الحالات شديدة التأثر، وبالتالي؛ فإن البيانات المستقبلية لشريحة أكبر من المتأثرين بالفيروس قد تؤدي لخفض النسبة.

بالمقارنة مع أمراض أخرى، فإن للالتهاب الرئوي الحاد (SARS) معدل إماتة يبلغ (9.6%)، وأما متلازمة الشرق الأوسط التنفسية فإن معدلها بين المصابين يبلغ 34% [4]، وبالنسبة للإنفلونزا الموسمية، فإنها تتسبب عالمياً بما يتروح ما بين 3 إلى 5 ملايين حالة شديدة و650 ألف حالة وفاة.

في الدراسة المذكورة آنفاً من صحيفة (JAMA) بتاريخ (7 فبراير)، ذكر أن متوسط الفترة ما بين ظهور أول الأعراض وبين ضيق التنفس هو 5 أيام، أما المتوسط حتى دخول المستشفى هو سبعة أيام، وبالنسبة لحدوث متلازمة ضيق التنفس الحاد (ARDS) فإن المتوسط هو 8 أيام [9].

فيما ذكرت مفوضية الصحة الصينية في الدراسة المنشورة بتاريخ 22-1-2020 عن أول 17 حالة وفاة، أن المتوسط ما بين ظهور أولى الأعراض وحتى الموت هو 14 يوماً (بين 6 إلى 41 يوم)، وتميل المدة إلى الانخفاض عند المرضى ممن تتجاوز أعمارهم الـ 70 عاماً، بمتوسط (11.5) يوم (من 6 إلى 19 يوم)[6]. وذكرت دراسة على الذين تم تسريحهم من المشافي، أن معدل بقائهم فيها كان 10 أيام [9].

هناك حالة أخرى ينبغي ربما أن نتابعها قبل انهاء هذا المقال، وهي السفينة دايموند برينسس (Diamond princess) التي أصيب كافة من فيها تقريباً قرب سواحل اليابان. يبلغ عدد المصابين في السفينة 681 مصاباً حتى تاريخ تحرير هذا المقال في 26 فبراير 2020. وقد توفي 4 من هؤلاء حتى الآن. بالطبع فإن السفينة المحتجزة ليست مناسبة لاستعراض انتشار المرض. فقط أردنا الاشارة إليها كحالة فريدة حيث يقبع المرضى في مكان منعزل وتتم متابعة الوفيات. في الختام، ندعو لعدم التسرع والجزم بالأحكام، سواء نحو التفاؤل أو التشاؤم، فالصورة غير واضحة.

 

المصادر:

1. Update on the situation regarding the new coronavirus [transcript] – World Health Organization (WHO), January 29, 2020

2. WHO: “Live from Geneva on the new #coronavirus outbreak”

3. A novel coronavirus outbreak of global health concern – Chen Wang et al., The Lancet. January 24, 2020

4. Case fatality risk of influenza A(H1N1pdm09): a systematic review – Epidemiology. Nov. 24, 2013

5. Clinical features of patients infected with 2019 novel coronavirus in Wuhan, China – Huang et al., The Lancet. January 24, 2020

6. Updated understanding of the outbreak of 2019 novel coronavirus (2019nCoV) in Wuhan, China – Journal of Medical Virology, Jan. 29, 2020

7. NHS Press Conference, Feb. 4 2020 – National Health Commission (NHC) of the People’s Republic of China

8. Methods for Estimating the Case Fatality Ratio for a Novel, Emerging Infectious Disease – Ghani et al, American Journal of Epidemiology

9. Clinical Characteristics of 138 Hospitalized Patients With 2019 Novel Coronavirus–Infected Pneumonia in Wuhan, China – Wang et. al, JAMA, Feb. 7, 2020

10. Virus-hit Wuhan speeds up diagnosis, treatment of patients – Xinhua Net, Feb. 2, 2020

11. Coronavirus: 100,000 may already be infected, experts warn – The Guardian, Jan. 26, 2020

12. “Influenza (Seasonal)”, World Health Organization (WHO). 6 November 2018.

13. World Health Organization (WHO) (Press release). 14 December 2017.