ترجمة استبرق طارق المهناوي

في كل شتاء تكتسح امراض البرد والانفلونزة البلدان بما تسببه من الالام وسيلان الانف والحمى عند ملايين الناس كما يمكن لفايروس الانفلونزة قتل الناس الضعفاء عند انتشاره كوباء؛ مسبباً ازمة صحية على صعيد البلد .
فقد قام العلماء بدراسة الفايروسات لبضعة سنوات من ضمنها تلك المسببة للحصبة والجدري اللذان يمكن التغلب عليهما بالتطعيم والعقاقير الطبية.
لكن بعض الفايروسات تعود كل عام لتعيث فساداً لذا يكمن السؤال :
لماذا لانستطيع التغلب على الفايروسات؟

آلية عمل الفايروس

ان الفيروسات كائنات اصغر بمائة مرة من الخلايا البشرية، تأتي في أشكال عديدة ومختلفة وموجودة أينما هناك خلايا لتصيبها.
و هي الوحدة البيولوجية الأكثر شيوعا على الأرض حيث تفوق نسبتها كل الأنواع الحية الأخرى مجتمعة.
فعند تسلل فايروس ما لاجسامنا فانه يحاول مهاجمة الخلية فإذا استطاع جهاز المناعة تمييزه كمتسلل فانه سيدمر قبل دخول الخلية والا فانها بداية الاصابة بالمرض.
فمنذ اول دخول للفايروس باستطاعته سرقة الية النسخ الخاصة بالخلية والتي تقوم بنسخ عديدة للفايروس حيث تقوم هذه الفيروسات بالانفجار خارج الخلية، مسببة تدمير الاخيرة محاولاً اصابة العديد من الخلايا ما لم تعالج من قبل النظام المناعي. كما أن العدوى يمكن أن تبدأ أيضا في الانتشار لأشخاص آخرين، هذه العملية تحدث بسرعة مسببة عواقب مدمرة .
كالانفلونزة الاسبانية التي حدثت عام ١٩١٨ والتي تعتبر واحدة من الاوبئة الفايروسية الاكثر فتكاً في التاريخ الحديث ، حيث يعتقد بانها تسببت بحوالي ٥٠ مليون حالة وفاة في جميع انحاء العالم .

ايقاف سريان الفايروس

يعد جهاز المناعة البشري فعال وبشكل ملحوظ في التعامل مع الغزاة الفيروسية.
فان بعض الأعراض التي تسببها الفيروسات مثل الحمى والقيء والتعب هي نتيجة لآليات الدفاع في الجسم. في كثير من امراض الانفلونزا وحالات البرد حيث يقوم الجهاز المناعي بتدمير العدوى.
ان المناعة المستجابة تؤدي الى مايسمى بالمناعة المكتسبة حيث يتذكر الجسم الفايروسات المتسللة في حال عودتها اليه مرة اخرى ويقوم بتدميرها في الحال بالاضافة لاكساب الجسم مناعة ضد تلك الفايروسات مستقبلاً فاصابة واحدة بالعمر على سبيل المثال لمرض الحصبة كافية لاكسابنا مناعة ضده مدى الحياة .
استخدم العلماء مفهوم الخداع وبنجاح ملحوظ لحماية الناس من الفايروسات وذلك بخداع جهازنا المناعي لتمييز الفايروسات من دون الاصابة بها كما يمكننا تطوير مقاومة فعالة للفايروسات الحقيقية ففي القرن السابع عشر كان الناس يقومون بدعك مكان ندب الجدري الجافة عند المصابين بجلودهم لخلق استجابة مناعية كوسيلة لتحصين انفسهم من الجدري وحماية انفسهم من الاصابة بالفايروس .
بعدها وفي عام ١٧٩٦ قام الطبيب البريطاني ادوارد جينر بتطوير اول لقاح ضد مرض الجدري مما ادى الى القضاء التام على المرض بحلول عام ١٩٨٠.
وكان هذا علامة فارقة في تاريخ التقدم الطبي. وللمرة الأولى على الإطلاق، حيث أعلنت منظمة الصحة العالمية أن الاجمالي العالمي للاصابة القاتلة للمرض كانت مرة واحدة فقط .
لماذا لايمكن للتطعيم ان يعمل ضد كل انواع الفايروسات ؟
يعمل نظامنا المناعي من خلال التعرف على البروتينات على سطح الفيروس. ولكن في أنواع معينة من الفيروسات، هذه البروتينات تتغير بتغير الفايروس، لذلك فان تطوير لقاح بمدة زمنية ما قد يكون غير فعال فيما بعد .
وقد أثبتت الفيروسات مثل فيروس نقص المناعة البشرية انه من المستحيل تطوير أي نوع من اللقاحات على الإطلاق للقضاء عليه.
بينما تعد العقاقير نوع اخر من الدفاع ولكن ولسوء الحظ فانها اقل فعالية ضد الفايروسات مما هي ضد البكتيريا .
فالمضادات الحيوية تقتل البكتيريا من خلال تعطيل جدران الخلايا الخاصة بها، بينما يغطي الفايروس غطاء خارجي يعرف باسم الغلاف الفايروسي، وهو مطابق تقريبا لأغشية الخلية المضيفة، مما يكون من الصعب استهدافه.
وقد تم تطوير بعض الأدوية المضادة للفيروسات. والتي تعمل عن طريق تعطيل جزء من دورة حياة الفايروس، واخرى تتداخل مع ارتباط الفايروس بالخلية، والبعض الآخر يوقف عمل المادة الوراثية للفايروس ويندمج معها داخل الخلية المضيفة.
فقد ثبت أن بعض الأدوية المضادة للفيروسات والتي تستخدم مجتمعة تكون فعالة ضد فايروسات معينة دون اخرى ،فالعقاقير المضادة للفيروسات يمكن أن تطيل بشكل كبير مثلاً على حياة الأشخاص المصابين بفايروس نقص المناعة البشرية.

ما يمكننا القيام به للحد من المخاطر ؟

بسبب القيود المفروضة على اللقاحات والأدوية فكثيراً مايوصي الاطباء ووكالات الحماية الصحية ب”العادات الجيدة” التي تهدف إلى الحد من فرصة الإصابة بالمرض وهي البقاء في المنزل عند الاصابة بمرض ما تجنباً لانتشار العدوى للآخرين، والحد من ملامسة جسيمات الفايروس وذلك عن طريق غسل اليدين جيدا وتنظيف الأسطح منعاً من انتشار الفيروس إلى الآخرين.
تعد الفيروسات كائنات بسيطة جداً ولكن فعالة للغاية في إلاصابة. وقد لا نكون قادرين على التغلب عليها تماما ،ولكن بامكاننا تسخير قوة التطعيم،و مضادات الفيروسات وتبني السلوك الصحيح، كأن تكون اكثر الطرق ايجابية لايقاف اغلب الآثار الضارة للفايروسات .

رابط المقال

http://www.bbc.co.uk/science/0/21143412