لربما جميعنا قد جربنا أن نسرح بخيالنا لمدة من الوقت، خصوصا عن قيامنا بأعمال مملة بعض الشيء، مثل الجلوس في الصف إثناء المحاضرة لأحد المدرسين المملين بالشرح!، فننفصل عن الواقع لفترة قصيرة أو طويلة، قد يسميها البعض “شرود ذهني”. فترانا في تلك اللحظات من أحلام الواقع نفعل كل ما نتمناه، لكن فقط داخل عقولنا.
هنا وفي هذا المقال سوف اذكر لكم ما هو تعريف أحلام اليقظة، وما هي فوائد هذه الأحلام ومضارها.

العلوم الحقيقة

وتعرف أحلام اليقظة بأنها: انفصال قصير المدى وفوري عن البيئة المحيطة، ويذهب الشخص من الواقع إلى الخيال، وعادة ما تكون أحلام اليقظة عبارة عن خيالات سعيدة من أفكار ممتعة، أمال وطموحات، يتصور خلالها الشخص انه قد يحققها عند الانتهاء. وحسب علماء النفس لا يوجد تعريف ثابت لأحلام اليقظة.

أحلام اليقظة بين فرويد والأبحاث الحديثة
اعتبر فرويد أحلام اليقظة كتعبير عن الرغبات المكبوتة، كما هي الأحلام الليلية. فرويد اعتبر أحلام اليقظة عبارة عن تفريغ للكبت وأيضا تحقيق لأمنيات الطفولة، التي لم يستطيع الشخص تحقيقها بسبب الرقابة المفروضة عليه من الأهل والمجتمع. وعرفها فرويد بأنها حالة بين الاستيقاظ والنوم.

فرويد والعلم الحديث

أما الدراسات والأبحاث الحديثة، فقد قام اريك كلينجر في عام 1980 بالعديد من الأبحاث حول أحلام اليقظة، ووجد أن أحلام اليقظة تكون حول الإحداث اليومية العادية للشخص، وهي تساعدنا على التذكر مهامنا الحياتية. فهي ليس كما قال فرويد، رغبات مكبوتة. كما أظهرت دراسات اريك أن 75% من العاملين بوظائف مملة، مثل سائقي الشاحنات، يستخدمون أحلام اليقظة للتخفيف من الممل الذي يصيبهم بسبب طبيعة وظائفهم الروتينية والمملة، كما وجد كلينجر أن اقل من 5% من الأحلام تكون ذات طابع جنسي أو عنيف.
وقد أظهرت دراسات حديثة أخرى أن وظيفة أحلام اليقظة تساعدنا على التعلم وتدريب الدماغ، مثل الأحلام الليلية الاعتيادية “وهنالك المزيد من الفوائد سوف نستعرضها في الفقرة المخصصة لأهمية أحلام اليقظة”.

 

مضار أحلام اليقظة
أحلام اليقظة تكون مضرة أن كنت تحلم كثيراً، فالكثرة من أحلام اليقظة قد يسبب لك بعض الأضرار، مثل أن تنسى معلومات هامة، أو فقدان التركيز أن حلمت أثناء قيامك بمهمة ما أو إثناء العمل أو عند القراءة. وأيضا تكون مضرة لكونها تتداخل مع الإنتاجية، فتسبب بتوقف عملك أو إبطائه لدقائق معدودة، أما أذا كنت تعمل على الآلات الثقيلة فمن الممكن أن تجعلك تفقد تركيزك فتصاب بأذى.
وعلى العموم، أن مضار أحلام اليقظة في هذه الأمور قليلة، ومن الممكن تفاديها بتقليلها، وخصوصا عند القيام بواجباتنا اليومية، أو العمل على الآلات خطرة. ولكن تتركز مخاطرها عندما تتعلق الأحلام بالأفكار السلبية، فأحلام اليقظة تؤذي أدمغتنا أن كانت حول أفكار سلبية، فهنالك عدد من الأشخاص تكون أحلامهم حول أفكار ايجابية، وأشخاص آخرون تكون حول أفكار سلبية، مما قد تقودهم هذه الأحلام إلى الانتحار في الغالب. لذلك ينصح توجيه أحلام اليقظة نحو الأفكار الايجابية.
quite-frustrating

فوائد أحلام اليقظة

وفي مقابل مضار أحلام اليقظة هنالك فوائد، وفوائدها أكثر من مضارها. فبإمكان إي شخص أن يستخدم الوقت المناسب لأحلام اليقظة، مثل عند العودة من المدرسة أو العمل، فضبع دقائق من أحلام اليقظة سوف تعود علينا بفوائد كثيرة، مثل تخفيف الضغط والتوتر الناتج عن العمل أو الدراسة، وكذلك تساعدك على نسيان أحداث سلبية، والهروب من الظروف الصعبة. وهذه الأمور تساعد دماغك على الحفاظ على سلامته. وهنا عشرة فوائد لأحلام اليقظة:

1-تدريب الدماغ:
أن أحلام اليقظة تقول بتدريب دماغك على الأعمال الشاقة وعمل بعض الوظائف المهمة، كما تقول عالمة الأعصاب ميريان ايرش، حيث أن تذكر الماضي وتوقع المستقبل وهو شكل معقد للغاية من التفكير، الإنسان هو الكائن الوحيد الذي يملك أحلام اليقظة. وهي مرتبطة بالتكوين المادي للدماغ فذلك يساعد بدوره على تغيير مستمر في شكل المسارات العصبية، وبسبب المرونة العصبية التي نمتلكها تتكون لدينا مسارات جديدة.

images (1)

2- أعطاء أجزاء الدماغ المختلفة قدرا من الراحة:
فهنالك نظامين رئيسين في الدماغ: الأول تحليلي ويرتبط بعدد من الأمور مثل صنع القرار، والثاني عاطفي ويرتبط بالأمور العاطفية. وعندما نستخدم احد هذين النظامين في الحياة الواقعية، لا يقوم النظام الآخر بالتوقف. أما عند الاستغراق في أحلام اليقظة فان الحركة الطبيعية للسوائل تكون دورية بين النظامين، وعلى نحو متقطع، ما يسمح للنظام الآخر أن يحصل على جزء بسيط من الراحة.

3- تجعلك أكثر إبداعا:
هنالك الكثير من المبدعين الذين يدينون لأحلام اليقظة، لكونها السبب وراء تولد الأفكار الإبداعية لديهم، ومن هؤلاء المشاهير (Woody Allen،JK Rowling). عندما يكون شخص ما في احد أحلام اليقظة تتولد لديه أفكار إبداعية، فعقلك ينتقل بين أجزاء مختلفة من الدماغ، ويقول بربط أجزاء من المعلومات، وهذه الارتباطات والاتصالات بين المعلومات تكون بدايات الأفكار الإبداعية.

4- تجعلك أكثر تعاطفاً، وانفتاحاً، وتفاهم:
فأحلام اليقظة مثل ما تساعد على تذكر الماضي وتوقع المستقبل، تساعدك على تصور وجهة نظر الأشخاص الآخرين. فأنت في جزء من أحلام اليقظة تفكر في أشخاص آخرين وتحاول فهم أفكارهم ومشاعرهم، وبذلك يمكنك أن تغير من معاملة الناس في الحياة الواقعية.

5- يمكن أن تشعر بالمزيد من الحب، والاتصال بأقرب الناس إليك:
فقد اظهر الأبحاث أن نوع معين من أحلام اليقظة، إي الأحلام التي تركز على العلاقات الاجتماعية، سوف تزيد من قوة علاقتك بالأشخاص المقربين منك. ويجب أن تكون هذه الأحلام ايجابية، أما الأحلام السلبية من الممكن أن تعطي نتائج عكسية.

the_feeling_of_love_before

6- أحلام اليقظة تحسن من عمل الذاكرة:
تعمل الذاكرة عادة على تخزين واسترجاع المعلومات، فقد أجريت عدد من البحوث في جامعة ويسكونسن ومعهد بلانك للإدراك البشري وعلوم الدماغ، وقد أظهرت هذه الأبحاث علاقة بين تحسن الذاكرة وأحلام اليقظة.

7- من المحتمل أن تحسن الأداء عند الأشخاص:
وهذه الفائدة من أكثر الفوائد التي اثبت ارتباطها بأحلام اليقظة، ففي دراسة أجريت في جامعة كوريل وجد أن الأداء تحسن مع أحلام اليقظة. ووجدت دراسة أخرى أجريت في جامعة بار-ايلان أن الأفكار العفوية والأفكار الذاتية تتحسن مع أحلام اليقظة.

8- تحسن من صحتك:
حيث اثبت بحث علمي أن أحلام اليقظة تساعد على خفض مستويات الإجهاد الذي تتعرض له، وذلك يساعد على الحفاظ على صحتك الفسيولوجية. كما يمكنك أن تواجه التوتر السابق لتقديمك على تجربة جديدة بممارسة أحلام اليقظة، فذلك يقلل من التوتر. كما ترتبط أحلام اليقظة بصحة الدماغ، فان المرضى الذين يعانون من التوحد أو الزهايمر لا تحدث لهم أحلام اليقظة. وأخيرا أحلام اليقظة تساعدك على النوم بشكل أفضل.

9- تساعدك على تحقيق أهدافك:
وبما أن أحلام اليقظة تساعدك على أن تكون أكثر إبداعا، وتحسن الأداء، وتخفض من مستويات الإجهاد، وتحسن الذاكرة، فإنها بكل تأكيد سوف تساعدك على تحقيق أهدافك. فقد أثبتت الأبحاث أن إطلاق العنان لخيالك يساعدك على حل مشاكل الدماغ، ويجعلك أكثر نشاطا مقارنة مع تركيزك على النشاطات الروتينية.

10- تجعلك أكثر سعادة:
ومع كل هذه الفوائد التي تجنيها من أحلام اليقظة، فإنها من الممكن أن تجعلك أكثر سعادة، فالأمل والترقب يرتبطان على حد سواء بالسعادة.

سعادة

 

في الختام

نستطيع أن نخرج من هذا المقال بعدة أمور، الأول يجب أن نتجنب تفسيرات علم النفس الفرويدي؛ فقد نقض تفسيراته وفرضياته من قبل العلم الحديث. الثاني هو أن لا نكثر من أحلام اليقظة؛ لكون اغلب المخاطر مرتبطة بكثرتها، والحرص على السلامة الشخصية والعقلية. والثالث هو أن أردت العيش بهدوء وإبعاد الضغط النفسي، فقد تساعدك أحلام اليقظة على ذلك، لكن هذا لا ينفع في كل مرة لذلك لا تعتمد على هذا العامل فقط.

كتب المقال بالاعتماد على:
1- https://en.wikipedia.org/wiki/Daydream

2- http://www.lifescript.com/well-being/articles/p/positive_and_negative_effects_of_daydreaming.aspx

3- http://www.lifehack.org/279770/10-benefits-daydreaming