يبدو أن المجتمع الحديث يعاني الخوف من البكتيريا “germophobic” إي بمعنى أن كلمة “بكتيريا” ترتبط دائما بالإمراض السيئة والإصابات الخطيرة في أذهان الناس. لكن البكتيريا والفطريات والميكروبات الأخرى تساعد وتدعم بعض الدورات الأساسية  للحياة والموت على هذا الكوكب. فمن الممكن أن تستخدم في بناء المباني وإصلاحها، وكذلك في بطاريات الطاقة.
باختصار، الميكروبات مهمة، وهنا بعض الأمور التي تفعلها البكتيريا:

العلوم الحقيقة

1- دعم الحياة
تحتاج النباتات والحيوانات إلى النيتروجين لبناء البروتينات والأحماض الأمينية والتي تعتبر من الأمور المهمة بايولوجيا. بينما النيتروجين يشكل 80% من غلافنا الجوي، وهو بصورة غاز يكون خامل ولا يمكن استخدامه من قبل معظم الكائنات الحية. إذ لابد أن يتحول إلى مركبات ثابتة مثل (النترات، النتريت، الأمونيا). ولتحويل النيتروجين إلى هذه المركبات تدخل البكتيريا الحرة الموجودة في التربة والبكتيريا التي تعيش في علاقة تكافلية مع النباتات، مثل البكتيريا العصوية. وهذه البكتيريا تقوم ببناء العقد الجذرية المثبتة للنيتروجين من النباتات البقولية مثل البازلاء والفول والبرسيم. وما أن يتم تحويل النيتروجين إلى مركبات ثابتة حتى يستخدم لبناء البروتينات النباتية، والتي تؤكل من قبل الحيوانات وتحولها إلى البروتينات الحيوانية. بدون هذه البكتيريا لم تكن لتتكون الحياة التي نعرفها على الأرض.

 

2- أكل الموتى
هنالك عدد كبير من الميكروبات التي تقوم بتحليل النباتات والحيوانات عند موتها، وكذلك الجثث الخاصة بنا. ومن هذه الأنواع “Firmicutes ، Proteobacteria” والتي ترتبط بتحليل الحيوانات. ولكن يعتقد العلماء أن هنالك العديد من المحللات لم تكتشف بعد. ويقول ايرك بينبو عالم الحشرات في جامعة ميشيغان “Michigan State University” انه ربما ليس هذان النوعان الرئيسان من البكتيريا اللذان يدخلان في عملية تحليل الأجساد فحسب، لكن هنالك العديد من الأنواع والتي تعمل معا لإعادة تدوير المواد الغذائية والطاقة في الجثة المتحللة.

 

3- المساعدة في التحقيقات الجنائية
هنالك تجمعات بكتيرية تعيش على الإفراد، وبين الأشخاص يوجد فروق دقيقة في أنواع أو أعداد البكتيريا التي تعيش عليهم وكذلك في المناطق التي تعيش عليها من الجسد. وهذا يعني أن كل إنسان يحمل “بصمة بكتيرية” والتي يمكن من خلالها التوصل إلى شخص معين، مثلاً مشتبه بجريمة قتل. فهنالك فرق بحثية من جامعتي ميشيغان وتكساس تقوم حاليا بالبحث عن كيفية إدخال هذه البصمة في التحقيقات الجنائية في المستقبل. وقد تكون للمجتمعات البكتيرية التي تعيش علينا دور مهم في الكشف عن الوقت الذي قتلت فيه الضحية، وما إذا تم نقل جثته، وكذلك معرفة الأشخاص الذين تواجدوا في مكان الحادث حيث حدوثه.

 

4- المضادات الحيوية
في عام 1928 لاحظ الكسندر فليمنغ أن فطر البنسليوم أوقف نمو البكتيريا العنقودية في مختبره، في واحد من الانجازات العلمية العظيمة. فقد أدرك الإمكانيات العلاجية لفطر البنسليوم. وسرعان ما أصبح البنسلين من الأمور التي لا تخلو منها إي مستشفى. وهنالك مضادات حيوية أخرى تم إنتاجها من الفطريات وتشمل “Vancomycin” والذي استخلص لأول مرة في عام 1952 من عينة من تربة في جزيرة بورنو، وهنالك مضادات حيوية جديدة معروفة باسم “Teixobactin” والتي استخلصت من عينة من تربة ولاية ماين، وقام بوصفها فريق من جامعة نورث ايسترن”Northeastern University”.

 

5- حماية النحل
في عام 2005 حدد اليخاندرا فاسكيز “Alejandra Vásquez” وتوبياس اولوفسون”Tobias Olofsson” من جامعة لوند”Lund University” في السويد 13 بكتيريا مفيدة في العسل البري، والتي تحمي النحل من مسببات الأمراض. وقد تم استخدام العسل في الطب الشعبي منذ ألاف السنين، لكن إلى الآن لم يكتشف العلماء الميكروبات المسؤولة عن ذلك، قد يكون من الممكن أن تحصل تطورات طبية اعتمادا على البكتيريا الموجودة في النحل. ووفقا لفاسكيز فان البكتيريا تعمل على الدفاع عن مضيفهم من خلال إنتاج المئات من المضادات الميكروبية، والتي من الممكن أن تصنع أفضل البدائل للمضادات الحيوية الموجودة لدينا الآن.

 

6- هضم صحي للغذاء
داخل أحشائنا هنالك معركة تجري بين الميكروبات المفيدة والضارة، وفي السنة الواحد يستهلك كل شخص منا ما يعادل غالون من الزبادي والمشروبات المعلبة التي تحتوي على مادة “probiotics”، لزيادة عدد البكتيريا النافعة، ومساعدتها للقضاء على البكتيريا الضارة، فهي تساعد على الهضم وتعطي فوائد صحية أخرى. فيمكن لمادة “probiotics” أن تقلل من أعراض التهاب القالون التقرحي. وهو مرض غير معروفة أسبابه حتى الآن، ويسبب التهاب وتقرحات في القولون والمستقيم. كما أن بكتيريا ملبنة روتيرية “Lactobacillus reuteri” الموجودة في الحليب البشري لها تأثير مضاد للغازات التي يعاني منها الطفل الرضيع عند إصابته بالمغص، وفقا لدراسة أجرتها جامعة بولونيا “University of Bologna”. وبدون التخثير الذي تكونه بكتيريا “Lactococcus lactis” لن نستطيع إنتاج المنتجات اللبنية أو النبيذ.

 

7- صناعة البروتين
عادة ما تستخدم البكتريا في المختبرات في مجال تكنولوجيا الحيوية لتصنيع كميات كبيرة من البروتينات. فعلى سبيل المثال يتم تصنيع الأحماض النووية المهجنة عن طريق اخذ أجزاء من الحمض النووي البشري والتي تعطي تعليمات معينة لإنتاج احد البروتينات ويضاف إليها بكتيريا، لكي تقوم الخلايا بالتضاعف، ومن ثم خلق مستعمرات ومن الكائنات المستنسخة، والتي تقوم بتكوين البروتين المطلوب. الأنسولين البشري الاصطناعي الذي يستخدمه مرضى السكري هو أحد منتجات الأكثر شيوعا من هذه التكنولوجيا.

 

8- إنتاج طاقة نظيفة
ابتكر باحثون من جامعة ستانفورد “Stanford University” نموذج تجريبي لبطاريات تولد الطاقة الكهربائية من مياه الصرف الصحي، باستخدام الميكروبات التي تكون بشكل طبيعي محطات طاقة مصغرة. فالميكروبات تنتج الكهرباء عن طريق هضم المخلفات النباتية والحيوانية، ويأمل الباحثين أن يطوروا هذه التكنولوجيا لاستخدامها تجاريا في محطات معالجة مياه الصرف الصحي. وبعمل فريق أخر من نفس الجامعة على طرق لإنتاج غاز الميثان عن طريق تغذية بعض الميكروبات بغاز ثاني أكسيد الكربون من الجو. ووفقا لأحد أعضاء فريق البحث مارك شوارتز “Mark Swartz” أن هدف من هذا البحث هو إنشاء مصانع لتوليد الميثان على نطاق واسع وبكميات كبيرة لاستخدامه كبديل متجدد للغاز الطبيعي المستخدم حاليا. كما أن علماء من جامعة بنسلفانيا “Penn State University” قاموا بإنتاج خلايا وقود ميكروبية، وهذه الخلايا تقوم بتحويل المواد العضوية إلى طاقة.

 

9- صناعة وقود الطائرات
يمكن استخدام الفطريات لإنتاج وقود حيوي. فقد قام فريق بحثي من جامعة واشنطن “Washington State University” بنشر ورقة بحثية تبين كيفية إنتاج وقود الطائرات من الفطر الأسود الذي يوجد على الأوراق المتحللة والتربة والفاكهة المتعفنة. فعندما يتغذى احد أنواع الفطريات ويدعى “Aspergillus carbonarius” على الشوفان والقمح والقش وكذلك بقايا الطعام والذرة فانه يقوم بتكوين هيدروكاربونات مماثلة لتلك التي تستخدم كوقود للطائرات. ويعتقد الباحثون أن الوقود الحيوي من الممكن استخدامه في الطائرات في غضون الخمس سنوات القادمة.

 

10- اصلاح المباني ذاتيا
قام باحثون من جامعة دفلت “Delft University” للتكنولوجيا في هولندا بجعل البكتيريا تنتج حجر جيري، والتي تقوم بإصلاح التشققات في الخرسانة ذاتيا. حيث يتم إضافة البكتيريا إلى مواد البناء، وتكون خاملة إلى أن يصل إليها الماء عبر الشقوق، لتقوم بتحويل أملاح الكالسيوم الموجود في الخرسانة إلى حجر جيري، وبذلك تصبح الخرسانة مضادة للمياه مرة أخرى. ووفقا لأحد الباحثين أن هذا سوف يقلل من تكاليف الصيانة والإصلاح ويطيل عمر مشاريع البناء ويحمي الحديد من التآكل.

 

11- البكتيريا هي أسلافنا
في نهاية رواية حرب العوالم للروائي “H-G Wells” يتم إنقاذ البشرية بعد محو المريخ من المحتلين بسبب عدم امتلاكهم لمناعة من البكتيريا الأرضية. ولكن هل يمكن أن تكون للبكتيريا أصول من خارج الأرض؟
فمن المعروف انه يمكن للبكتريا أن تبقى في سبات لفترات طويلة واستثنائية، ويمكن لبعض أنواع الميكروبات أن تعيش في بيئات قاسية جدا، مثل “methanogens” التي تستطيع العيش بدون أوكسجين. وهذا أدى إلى التكهن بان الميكروبات يمكنها البقاء على قيد الحياة في الفضاء. فأنصار نظرية الابذار يعتقدون أن الحياة على الأرض بدأت بواسطة جراثيم فضائية محمولة على الكويكبات أو المذنبات وسقطت على كوكبنا في فترة بدائية من حياة الكوكب.

 

المصدر:  http://www.smithsonianmag.com/science-nature/11-reasons-love-bacteria-fungi-and-spores-180955627/