ارتباط ظهور الحضارات مع الآلهة المعاقِبة. في تجربة نفسية ان الاعتقاد بالآلهة التي تعرف كل شيء والمعروف عنها ايضا انها تعاقب المخطئون ساعد في ظهور الحضارات الانسانية الحديثة، طبقاً لدراسة جديدة عابرة للثقافات.

ان التعاون بين جماعات من الغرباء في المجتمعات الكبيرة يتطلب وجود إيمان مشترك بآلهة اخلاقية، الكلام لبنيامين بورزيكي وزملاءه عالم الأنثروبولوجيا من جامعة برتش كولومبيا في ڤانكوڤر. بالنسبة للمؤمنين فان تلك الآلهة مهتمة بتصرف الانسان سواء منها الخاطيء او الصحيح، وهي تعرف بما يفكر الانسان وما يفعل، وهي تعاقب الآثمين منهم عقاباً كبيرا.

ارتباط ظهور الحضارات مع الآلهة المعاقِبة

العلاقة بين ظهور الحضارات مع الآلهة المعاقبة يرتبط بزيادة ثقة تلك المجتمعات التي تؤمن باله يعاقب بالاخرين واستعدادهم للتعاون التجاري مع الاخرين

ان اشتراك الجماعات في معتقداتها التي تستند الى وجود آلهة تعاقب الخاطيء، مهد الطريق لاتساع طرق التجارة، الاسواق والمؤسسات المجتمعية والتي تتضمن الحكومات والمحاكم، نشر العلماء ذلك في مجلة الطبيعة Nature في شهر شباط.

“ان الجزء الكبير من نجاح الحضارة الانسانية ربما يعود الى الايمان بوجود آلهة، سواء اكانوا حقيقيين او لا”، كتب  دومنيك جونسون أخصائي في علم الأحياء التطوري وعالم سياسة من جامعة أوكسفورد في مجلة الطبيعة Nature.

الصيادون في العصر الحجري كانوا لا يتبادلون الخدمات و الاستحسان الا مع أصهارهم او رفاقهم. لكن قبل حوالي ١٠٠٠٠ سنة بدأت الجهود للوصول الى صفقات عادلة مع غرباء من مجتمعات اخرى وقد  تزامن هذا مع انتشار المجتمعات الزراعية.

ولاكتشاف ما اذا كان الاعتقاد بآلهة تعرف كل شيء  وتعاقب المذنب شجع على التعاون بين الغرباء، قام بورزيكي وفريقه بإجراء مقابلة واختبار لـ ٥٩١ شخص من ثمان مجتمعات مختلفة، تضمنت مزارعي  نبات من جزيرة تانا، أجراء عمل من فيجي والبرازيل، رعاة وأجراء عمل من سيبيريا وصيادين من شرق افريقيا. تلك المجاميع تنتمي الى أديان رئيسية في العالم، تضمنت المسيحية، الهندوسية والبوذية، بالاضافة الى ايمانها بآلهة محلية مختلفة.

قام المشاركون بلعب لعبتان بشكل فردي بعيدا عن الآخرين. في كل لعبة، كان لدى كل واحد منهم ٣٠ قطعة نقدية يجب عليهم ان يضعوها في احد الكأسين الموجودين في اللعبة، اعتماداً على النرد. مع كون المتسابق لوحده، فان ذلك منح لهم إمكانية تجاهل النرد وان يضع القطعة النقدية في اي كأس يشاء.

في احدى اللعب، كان على اللاعبون الاختيار بين كاسين احدهما يعود الى شخص غير معروف لهم لكنه يتبع نفس الدين ومن مجتمعهم وكأس اخر يعود لشخص ما يتبع نفس الدين لكنه من مجتمع بعيد عنهم. في اللعبة الثانية، فان المشارك يختار بين كأسه وكأس اخر يعود لشخص يتبع نفس الدين لكنه من مكان بعيد.

الرهانات كانت عالية. اذا قام اللاعب بالاحتفاظ بجميع القطع النقدية في اللعبة الثانية، فانه باستطاعته استبدال تلك الغنيمة بأجرة يوم او لصيد يوم، كمية كبيرة من الذرة.

ان توزيع القطع النقدية عكس طبيعة الآلهة للاعبين. ان الاختبارات تم اعدادها بطريقة تضمن توزيع متعادل للقطع النقدية لكلا الكأسين. لكن كلما زاد اعتقاد المشارك بآلهة تعرف كل شيء، تهتم للاخلاق وتعاقب المذنب، كلما زاد عدد القطع النقدية التي يتم اعطائها للغرباء القادمون من مجتمعات بعيدة لكنهم يتبعون نفس الدين. أولئك الذين يؤمنون بان ألههم يعاقب مرتكب السلوك السيء، أعطوا اكثر من قطعتين نقديتين في المعدل  لغرباء بعيدين عنهم في كلا اللعبتين،  مقارنة بأولئك الذين لا يعرفون اذا كان ألههم يعاقب الآثمين.

الأيمان بالاديان الاخلاقية والآلهة الذين يعاقبون الاثم يثير العاطفة تجاه الغرباء الذين ينتمون لنفس الدين، وكذلك يرفع اهتمام الفرد بسمعته الشخصية كمؤمن مخلص. طبقاً لكيم هيل عالم الأنثروبولوجيا من جامعة ولاية اريزونا في تيمبو، والذي يقوم بدراسة الانسان الصياد الحديث.

ان نتائج بورزيكي تساعد على توضيح سبب انتشار الأديان الرئيسية والتي تؤمن بآله معاقب عالمياً على حساب العديد من المعتقدات المحلية، قال هيل. لذلك تجد ان اتباع ثلاث معتقدات دينية رئيسية والتي فيها يشغل الالتزام بتعاليم السماء الاخلاقية حيزاً كبيرا- المسيحية، الاسلام والهندوسية يشكلون حوالي ٧٠٪‏ من الكثافة السكانية للعالم في عام ٢٠١٠.

ان العديد من الجماعات القبلية ترغب في تبني احد الأديان الرئيسية مثل المسيحية وبذلك يستطيعون الحصول على فرص اقتصادية أفضل في المجتمعات الكبيرة، أكد هيل ذلك. التحولات الدينية الستراتيجية من ذلك النوع زادت من فرص نجاة واستمرار تلك المجموعات عن طريق التجارة مع الغرباء الذين يعتنقون نفس الدين، الكلام لهيل. في وجهة نظر كيم، فان هذا يوضح سبب انتشار الأديان مثل المسيحية بين القبائل بدلاً من الفكرة القائلة بأن الأديان انتشرت عن طريق الاكراه من قبل الغرباء.

https://www.sciencenews.org/article/rise-human-civilization-tied-belief-punitive-gods