أكاديمية خان (khan Academy) يتمحور هذا الموضوع عن التواصل بين الحيوانات حول ما يلي:

1- التواصل هو العملية التي يقوم فيها أحد الحيوانات بنقل معلومات الى حيوان آخر مسبباً تغيراً في سلوك الحيوان المُستلم للمعلومات.

2- يحصل التواصل عادة بين الحيوانات التي تنتمي إلى النوع نفسه، ولكن من الممكن أن يحصل بين حيوانان من نوعين مختلفين.

3- تتواصل الحيوانات باستخدام الإشارات، والتي تشمل الإشارات البصرية، السمعية، اللمسية، الكيميائية كما في الفيرومونات.

4- يساعد التواصل الحيوانات في العثور على شريك، إثبات الهيمنة، الدفاع عن الارض، تنسيق سلوك المجموعة، ورعاية الصغار.

المقدمة

هل تسألت يوماً كيف يتبع النمل مسارات غير مرئية تقوده إلى الطعام؟ لماذا تحدد ذكور الكلاب مناطقها بالتبول على الشجيرات وأعمدة الانارة عندما تأخذها في نزهة؟ ما الذي تقوله الطيور لبعضها البعض عندما تغرد خارج نافذتك؟

إذا كانت الإجابة نعم، فأنت في المكان الصحيح! في هذه المقالة، سنلقي نظرة على العديد من أشكال وطرق التواصل المستخدمة في المملكة الحيوانية.

يأخذ التواصل اشكالاً مختلقة

عندما نتحدث عن سلوك الحيوانات فإن أي عملية يتم خلالها نقل معلومات من حيوان إلى آخر مسببة تغير أو استجابة في سلوك الحيوان المستلم يطلق عليها اسم تواصل. حيث يتطلب التواصل وجود مرسل ومستلم لتحقيق الاستفادة لكلا الطرفين. لكن في بعض الأحيان يكون طرف واحد فقط هو المستفيد ، كما سنبين في بقية المقال.

هل يحدث التواصل عشوائياً عن طريق الصدفة؟

في بعض الحالات، يكون التواصل متعمدًا، حيث يرسل كائن واحد رسالة يتلقاها المستلم المستهدف. في حالات أخرى، قد تصل الاشارات إلى مستلم غير مقصود. على سبيل المثال، تجد بعض الحيوانات المفترسة فريستها استنادًا إلى الإشارات التي تستخدمها الفريسة للتواصل مع الأعضاء الآخرين في مجموعتها.

يحصل التواصل غالباً بين أفراد النوع الواحد، وكذلك من الممكن أن يحصل بين الأنواع المختلفة. فعلى سبيل المثال، قد ينبح كلبك عليك لطلب العلاج! بعض الأنواع اجتماعية للغاية، تعيش في مجموعات وتتواصل طيلة الوقت، التواصل شيء رئيسي لبقاء هذه المجموعات منظمة ومتماسكة. ومع ذلك، حتى الحيوانات التي تعيش وحيدة غالباً عليها التواصل ولو بشكل قليل للعثور على شريك.

ما هي الأشكال التي يأخذها التواصل؟ الأجهزة الحسية للحيوانات تختلف إلى حد كبير. ومثال على ذلك، حاسة الشم لدى الكلاب أقوى بـ 40 مرة مما لدى الإنسان! بسبب هذا الاختلاف، فإن الحيوانات تتواصل بأستخدام مجموعة واسعة من المنبهات، التي يطلق عليها اسم الإشارات.

فيما يلي أكثر أنواع الإشارات شيوعاً:-

  1. الفيرومونات- كيميائية.
  2. الإشارات السمعية- الصوت.
  3. الإشارات البصرية.
  4. الإشارات اللمسية

وفي بعض الأحيان، من الممكن أن تكون الإشارات كهربائية! فبالنسبة إلى الحيوانات المائية التي تعيش في المياه العكرة، تُعتبر الإشارات الكهربائية وسيلة مثالية للاتصال.  حيث تمتلك أسماك القرش القدرة على الكشف عن الإشارات الكهربائية باستخدام مستقبلات كهربائية خاصة في منطقة الرأس ، والتي تستخدم للكشف عن الموجات الكهربائية في المناطق البيولوجية الفقيرة لاصطياد فرائسها.

من أين أتى الاختلاف في سلوكيات التواصل؟ كما في السلوكيات الاخرى، تنشأ سلوكيات التواصل أو القدرة على تعلمها من الانتخاب الطبيعي. تميل سلوكيات التواصل الموروثة التي تزيد من احتمالية نجاة  الكائن الحي للبقاء والتكاثر إلى الاستمرار وتصبح شائعة بين السكان أو الأنواع.

في بقية المقال، سنتطرق الى بعض الأمثلة للطرق التي يمكن أن تتواصل بها الحيوانات مع بعضها البعض.

1-الفيرومونات

الفيرمونات هي مادة كيميائية تفرز لتحفيز الاستجابة في فرد آخر ينتمي إلى النوع نفسه. تعتبر الفيرومونات شائعة بين الحشرات الاجتماعية كالنمل والنحل. تستخدم الفيرومونات لجذب الشريك، للتنبيه، تحديد مسار الطعام، وغيرها من السلوكيات المعقدة.

تبين الصورة الموضحة في الأسفل مسارات الطعام التي وضعها النمل لإرشاد الأفراد الآخرين في المستعمرة إلى مصدر الطعام. عندما يكون مصدر الطعام وافراً وغنياً، يضع النمل الفيرومونات في طريقي الذهاب والعودة لتحديد مسار الطريق وجذب نمل أكثر. وعندما يكون مصدر الطعام على وشك النفاذ، يتوقف النمل على وضع الفيرومونات في طريق العودة، مما يؤدي إلى اختفاء الطريق.

تواصل النمل عبر الفيرمونات

                         Image credit: Knapsack ants by Dake, CC BY 2.5

يستخدم النمل الفيرومونات أيضاً للتواصل الاجتماعي، وتحديد دورهم في المستعمرة، وقد يستجيب النمل من “طبقات” مختلفة لإشارات الفيرومونات بطرق مختلفة. وقد يفرز النمل المسحوق  الفيرومونات لتحذير بقية النمل من الخطر أو تحريضهم على الهجوم واللدغ.

تستخدم الكلاب أيضاً الفيرومونات للتواصل. ويقومون بشم بعضهم البعض لجمع المعلومات الكيميائية، وتُفرز عدد من المواد الكيميائية خلال البول. فمن خلال التبول يبين الكلب هويته للكلاب الأخرى المارة، وقد يستخدمه للمطالبة بالأراضي المجاورة.

كذلك فإن الفيلة الآسيوية، تستخدم عضو جاكبسون (العضو الميكعي الأنفي) لفحص الإشارات الكيميائية في بول الإناث واكتشاف ما إذا كانت متقبلة جنسياً للتزاوج.

2- الإشارات السمعية

التواصل السمعي هو نوع  من التواصل الذي يعتمد على الصوت، ويستخدم بشكل واسع في مملكة الحيوانات، لأن الصوت يمكن أن يتكيف مع مجموعة واسعة من الظروف البيئية والحالات السلوكية.

يعتبر التواصل السمعي مهم في الطيور بشكل خاص، حيث تَستخدم الصوت لنقل التحذيرات، جذب الشركاء، الدفاع عن أرضها، وتنظيم سلوك المجموعة. تصدر بعض أنواع الطيور اغاني، وأصوات تكون طويلة نسبياً وذات لحن وغالباً ما تكون متشابهة بين أفراد النوع الواحد.

هناك ايضاً العديد من الأنواع (غير الطيور) تستخدم الصوت للتواصل فيما بينها:-

  1. تصرخ القرود تحذيراً عند اقتراب مفترس ما، معطية فرصة للأفراد الآخرين في المجموعة للهرب، وتستخدم قرود الفرفت نداءات مختلفة للإشارة إلى المفترسات المختلفة.
  2. تقوم الضفادع بالنقيق لجذب الإناث الأخريات كشريكات. في بعض أنواع الضفادع، يمكن سماع الصوت على بعد ميل!
  3. تستخدم قرود الغابون النداءات والصيحات لتحديد أرضها، والحفاظ عليها من المنافسين المحتملين، قد يقوم الذكر والأنثى، وحتى ذريتهم بإطلاق الصيحات معاً.
  4. من الامثلة على التواصل السمعي والذي يستفاد فيه طرف واحد فقط، ما يحصل بين نوع من الخفافيش تسمى (fringe-lipped bats)، ونوع من الضفادع المسماة (tungara frogs)، حيث يكون المستلم هنا هو المستفيد الوحيد من التواصل. تقوم الضفادع الذكور بدعوة الإناث للتزاوج عن طريق استخدام إشارات سمعية لجذب الإناث إلى موقعهم، يتم التقاط هذه الإشارات من قبل الخفافيش فتستطيع بذلك تحديد موقعهم واصطيادهم

 

يستطيع الماء، كما في الهواء، أن يحمل موجات صوتية، كما أن الحيوانات البحرية تستخدم الصوت للتواصل. فعلى سبيل المثال، تنتج الدلافين ضوضاء مختلفة، بما في ذلك الصافرات، والنغمات، والنقرات، وترتبها في أنماط معقدة. فكرة أن هذا قد يمثل شكلا من أشكال اللغة هو مثير للاهتمام ولكن مثير للجدل ايضاً.

3- الإشارات البصرية

هو نوع من التواصل الذي يتضمن إشارات يمكن رؤيتها. كما في الايماءات، تعابير الوجه، لغة الجسد، و التغير في اللون.

تعتبر الإيماءات ولغة الجسد أكثر أنواع الإشارات البصرية استعمالاً. على سبيل المثال، يقوم الشمبانزي بنقل التهديد عن طريق رفع ذراعيهم، الضرب على الأرض، أو التحديق المباشر في الشمبانزي الآخر.  تستخدم الايماءات ولغة الجسد بشكل واسع في طقوس الزواج وقد يتم استخدام إشارات أخرى مثل تغير لون جزء من الجسم إلى لون مشرق.

ايضاً يتم استخدام تعابير الوجه لنقل المعلومات في بعض الأنواع. على سبيل المثال، ما يعرف بتعبير الخوف الذي يظهر على وجه صغار الشمبانزي عند اقترابهم من الذكور الأقوياء و المهيمنين ضمن مجموعتهم للتأكيد على قبول هيمنتهم.

التغير في اللون يعتبر أيضاً من الإشارات البصرية. كما في بعض أنواع القردة، حيث يتغير لون الجهاز التناسلي للإناث إلى ألوان مشرقة عندما تصبح الأنثى في مرحلة التزاوج. يعطي تغير اللون انطباعاً أن الأنثى تقبل اقتراب الخاطبين.

وكذلك فإن لون الكائن الحي-غير تغير اللون- قد يعمل كأشارة بصرية. ومثالاً على ذلك، اللون المشرق لبعض الأنواع السامة، مثل ضفادع دارت السامةpoison dart frog) )، حيث تعمل كتحذير للمفتراسات الأخرى لعدم اكلهم.

Ranitomeya amazonica

 

ومن الأمثلة الأخرى على الإشارات البصرية، اللون الأحمر البارز في جناح طائر الشحرور فهو  مهم جدا للدفاع عن أرضه. عندما قام الباحثون بتجربة ازالة اللون الاحمر من الجناح وجعله اسود اصبح الذكور عرضة لمعدلات اعتداء أعلى بكثير من قبل الذكور الآخرين.

طائر الشحرور

ومن الامثلة ايضاً على التواصل البصري الذي يستفيد فيه طرف واحد فقط. ما تقوم به إناث اليراعات التي تسمى (photuris) باليراعات الأخرى الأصغر، وبالذكور الأخرى ايضاً عن طريق تقليد الإشارة الضوئية الصادرة من قبل اناث يرعات أخرى تسمى(photinus).فعندما يقوم الذكور بالتحري عن مصدر الضوء يتم استغلالهم بشكل كبير من قبل اليراعات الأكبر. وهذا مثال واضح على الحالة التي يستفاد منها المرسل بدون فائدة للمستلم

4- الإشارات اللمسية-اللمس

يعتبر اللمس من سلوكيات التواصل المحدودة مقارنتاً بالسلوكيات الأخرى، حيث يتطلب تواجد كائنين بالقرب من بعضهما ليتم التواصل. ومع ذلك يبقى إحدى طرق التواصل المهمة في العديد من الأنواع.

الإشارات اللمسية شائعة بشكل كبير بين الحشرات. على سبيل المثال، يقوم النحل بعد العثور على مصدر الطعام بالقيام بسلسلة من الحركات المعقدة تسمى الرقصة الاهتزازية لتحديد موقع الطعام. وبما أن هذه الرقصة تتم في الظلام داخل الخلية، يتعرف النحل الآخر على هذا الرقص من خلال التلامس.

تلعب الإشارات اللمسية دوراً مهماً في العلاقات الاجتماعية. على سبيل المثال، يقوم العديد من أنواع الرئيسيات بالاعتناء ببعضهم البعض، كإزالة الطفيليات وتنظيف بعضهم. يعزز هذا السلوك التعاون والترابط الاجتماعي بين أفراد المجموعة.

كما تلعب الإشارات اللمسية دوراً في النجاة لدى العديد من الكائنات الصغيرة. على سبيل المثال، تقوم الجراء حديثة الولادة بالتوجه بشكل غريزي إلى الغدد اللبنية للأم، مسببة إفراز هرمون الأوكسيتوسين وإنتاج الحليب.

فيم يستخدم التواصل؟

تشرح الأمثلة السابقة أن الحيوانات تتواصل بأستخدام طرق وإشارات مختلفة، كما يتم استخدام هذه الإشارات في نطاق واسع. فيما يلي أكثر الوظائف شيوعاً للتواصل:

  1. الحصول على الشركاء. لدى العديد من الحيوانات سلوكيات متقنة في التواصل فيما يخص التزاوج، والتي قد تنطوي على جذب شريك أو التنافس مع الخاطبين المحتملين الآخرين للوصول إلى الشركاء.
  2. نشر الهيمنة أو الدفاع عن الأرض. في كثير من الأنواع، تكون سلوكيات التواصل مهمة في ترسيخ الهيمنة في التسلسل الهرمي الاجتماعي أو الدفاع عن الأرض.
  3. تنظيم سلوك المجموعة. في الأنواع الاجتماعية، يعد التواصل أمرًا أساسياً في تنسيق أنشطة المجموعة، مثل اكتساب الغذاء والدفاع، والحفاظ على تماسك المجموعة.
  4. رعاية الصغار. ضمن الأنواع التي توفر الرعاية الأبوية لذريتهم، يشكل تنسيق التواصل بين سلوكيات الوالدين وسلوك النسل ضماناً للمساعدة في بقاء النسل ونجاته.

وكما تظهر هذه الأمثلة السابقة، يساعد التواصل الكائنات الحية على التفاعل لتنفيذ وظائف الحياة الأساسية، مثل البقاء على قيد الحياة، والحصول على الأصحاب، ورعاية الصغار.

المصدر:-

Animal communication“, khanacademy.org

Erin Gillam, “An Introduction to Animal Communication“, Nature Education Knowledge, 2011