لتتصرَّف الحيوانات (ومنها البشر) بأخلاقية، ستحتاج إلى وظائف عقلية تمكنها من التمييز، والوعي، واتخاذ القرارات، والشعور. التصرُّف بأخلاقية يعني أن يؤدي السلوك إلى تجنُّب إيذاء الآخرين ونفعِهِم ويؤدي إلى استقرار المجتمع (Barton and Dunbar 1997). ومن هنا يجب أن تكون هذه الحيوانات قد عاشت حياة اجتماعية لوقتٍ كافٍ.

 

المناطق الملونة تشير إلى القشرة قبل الأمامية التي تنشَّط أثناء اتخاذ القرارات

المناطق الملونة تشير إلى القشرة قبل الأمامية التي تنشَّط أثناء اتخاذ القرارات

قدرة التمييز recognition

وجدت الدراسات التجريبية على الماشية أنها يمكن تدريبها على التقرُّب من فردٍ بعينِهِ وتركِ فردٍ آخر في سبيل الحصول على مكافأة الطعام (Hagen and Broom, 2003). ووجدت دراسات أخرى أن الماشية يمكن أن تتعلَّم التمييز بين الأفرادِ من نفس نوعها والأفراد البشر (Kendrick et al, 2001). عندما ترى هذه الحيوانات وجهًا محددا تُنشَّط خلايا محددة في القشرة الوسطية الصُّدغية medial temporal cortex والقشرة ما قبل الأمامية pre-frontal cortex. بعد 8-12 شهرًا لاحقا، تُنشَّط نفس الخلايا ويحدث نفس التمييز السلوكي.

 

قدرة اتخاذ القرار decision-making

هذا بالإضافة إلى الجوانب المعرفية الأخرى المتعلقة بنمو السلوك الأخلاقي في الحيوانات. ففي دراسة على الماشية في مراعي جبال الألب، وُجِدَ أن القطيع الذي تقوده نعجة مُسِنَّة (كبيرة) تستهلك الطعام المتوفر في المرعى ثم تتوقف عن العودة إليه لمدة شهر تقريبا، أي الوقت الكافي لينمو من جديد (Favre, 1975).

 

قدرة الوعي  awareness

هناك مؤشرات إلى وجود وعيٍ مُحتمل في الحيوانات (وعي بأفعالها ووظيفتها). ففي تجربةٍ، وُضِعت العجول (صغار البقر) في حضيرة تُفتَحُ بوابتها عندما يضغط العجل بأنفه على لوحة، فيتمكن من الخروج للحصول على الطعام مسافة 15 مترا خارج الحضيرة. تعلمت العجول أن تضغط على اللوحة للخروج، وأظهرت تحمُّسًا أثناء التعليم أُطلِق عليه “تأثيرُ يوريكا” تمثَّل في زيادة سرعة نبضات القلب، والقفز، والجري. في نفس التجربة، لم يلاحَظ “تأثيرُ يوريكا” في العجول التي خرجت من البوابة بدون الحاجة إلى ضغط اللوحة (الفئة المرجعية في الدراسة)، ولا في العجول التي تعلمت من قبلُ كيف تفتح البوابة (Hagen and Broom, 2004).

لكي يتصرف الكائن الحي بأخلاقية، يجب أن يتوفر له نظام دافعي (أو تحفيزي) motivational system. هذا النظام هو مجموعة العوامل السببية (السبب-النتيجة، أو في المثال الأخير: الضغط على اللوحة بالأنف، الخروج من الحضيرة). والآليات التي تنتج هذه العوامل قد تطورت كأي نظام بيولوجي آخر (Broom, 1981). إذن، “فتطوُّر الأخلاق يعتمد جوهريًّا على تطوُّر النظام الدافعي. وستكون العمليات العقلية العُليا، التي تعمل عند استعمال المعلومات المتوفرة لاتخاذ القرارات المعقدة، جانبا مهما جدا من جوانب العملية البيولوجية وراء الأخلاق.”

المصدر:

Broom, D. (2006). The evolution of morality. Applied Animal Behaviour Science, 20–28.