قد لا تعرف تغييرات الشخصية عبر العمر لديك بعد ١٠ سنوات : لإستبيان قام به دانييل جيلبيرت بروفيسور علم النفس في جامعة هارفرد لعدد كبير من الاشخاص مستطلعاً تفضيلاتهم وجوانب كثيرة من شخصيتهم عبر 10 سنوات.

هل تعتقد بأنك ستكون نفس الشخص بعد عشر سنوات من الان؟ فكر بذلك مرة اخرى. معظم الناس يعتقدون بأنهم تغيروا في الماضي، لكن عدد قليل  يتوقع ان يتغير في المستقبل، هذا ما وجدته دراسة جديدة.

تغيرات الشخصية عبر العمر

تغيرات الشخصية عبر العمر قد تجعلك لا تعرف نفسك

رغم اعترافهم بان أذواقهم، قيمهم و حتى شخصيتهم تغيرت خلال العقد الأخير، فانهم يميلون للإصرار على انهم سيبقون على نفس شخصياتهم اليوم بعد عشر سنوات من الان- اعتقاد ناقض الدليل، طبقاً لدانيل گلبرت، عالم النفس في جامعة هارفاد.

” انه ليس اننا لا نلاحظ حدوث التغيير، والسبب اننا نعترف عند كل مرحلة من العمر ان هنالك الكثير من قد حدث لنا في العشر سنوات الاخيرة”، صرح گلبرت لـ Live Science. ” يبدو اننا كلنا نمتلك ذلك الشعور وهو ان عملية التطور قد أوصلتنا الى تلك المرحلة و الان انتهى كل شيء”.

الشخصية الدائمة

في دراسة نشرت في شهر كانون الثاني ٢٠١٣ في مجلة Science، گلبرت و زملائه لقب الاعتقاد الخاطئ “نهاية التاريخ” بالوهم. لا يهم في اي سن يتصرف الناس بان التاريخ قد شكل شخصياتهم و انتهى بهم الامر الى التشكيلة النهائية، طبقا لگلبرت.

هذا الوهم برز عندما قام الباحثون بالطلب من مشاركين ملء استمارات دراسة اون لاين تتضمن السؤال عن الشخصية، التفضيلات و القيم قبل عشر سنوات و بعد عشر سنوات من الان. ضمن سلسلة من الدراسات كان عدد اكثر من ١٩٠٠٠٠.

في كل حالة، قام الباحثون بمقارنة اجوبة النظرة الى الامام عند عمر الـ ١٨ سنة مع اجوبة النظرة الى الوراء عند عمر الـ٢٨ سنة، و هكذا ( مقارنة عمر ١٩ مع عمر ٢٩، عمر ٢٠ مع ٣٠ سنة) وصولاً الى عمر ٦٨ سنة. كبار السن دائماً بينوا انهم تغيروا خلال العقد الأخير، لكن الشباب لم يتوقعوا التغيير بشكل كبير في المستقبل بعكس تجارب كبار السن الذي افترضت ان هذا التغيير قد يحدث.

” عندما ينظر ذو الأربعين سنة الى الوراء، لقد تغيرت كثيراً فيما يتعلق بالشخصية، القيم و التفضيلات” گلبرت. ” لكن عندما ينظر ذو الثلاثون عاماً الى الامام، فانهم قالوا انهم لا يتوقعون التغير بشكل كبير ضمن تلك الأبعاد”.

للتأكد من ان تلك النتائج لم تكن نتائج لمبالغة الأشخاص في تقدير تغييرهم في الماضي بدلاً من فهمهم لتغيرات المستقبل، قام الباحثون بتحليل التغيرات الشخصية الفعلية لـ ٣٨٠٨ شخص من الذين قاموا بملء استمارة الاستبيانات الشخصية في ١٩٩٥-١٩٩٦ و مرة اخرى في ٢٠٠٤-٢٠٠٥. أكيد بشكل كافي، ان القياسات للتغير الفعلي لتلك المجموعة كانت تقريباً مطابقة للنتائج في تقارير التغيير للمشاركين في الدراسة الحالية. بتعبير اخر، الناس جيدون في تقدير مدى تغيرهم في الماضي. لكن المشكلة في تقديرهم للتغير في المستقبل.

وهم “نهاية التاريخ” ربما يحفز بواسطة عاملين، حسب گلبرت. الاول ان الناس يجدون انه من المريح لهم ان يعتقدوا بأنهم يعرفون أنفسهم وان المستقبل معروف بالنسبة لهم. لذلك، فانهم يَرَوْن الحاضر كشيء ثابت لا يتغير.

العامل الاخر انه صعب نوعا ما ان تتخيل المستقبل مقارنة بتذكر الماضي. الناس قد يواجهون صعوبة في تخيل كيف يمكن ان يتغيروا لذلك فانهم و بصورة خاطئة ينتهون الى الاعتقاد بأنهم لن يتغيروا أبداً، طبقاً لگلبرت.

عواقب تغييرات الشخصية

هذا التقدير غير العادل ممكن ان تكون له عواقب حقيقية، قال گلبرت. لشيء واحد، الناس يقومون بعدد من الخيارات في حياتهم، من الزواجات الى الوظائف، على افتراض انهم و لعقود من الان سيحبون نفس الأشخاص و النشاطات التي يقومون بها الان. ايضا قام الباحثون بإظهار بعض تلك العواقب من خلال سوْال ١٧٠ مشترك، تتراوح أعمارهم بين ١٨-٦٨ سنة، كم يمكن ان يدفعوا اليوم لروية اداء فرقهم المفضلة لعشرة سنوات قادمة. وايضاً سألوهم كم يمكن ان يدفعوا لروية فرقهم المفضلة قبل عشر سنوات تودي هذا الأسبوع.

كانت لدى المشاركون الرغبة في دفع ١٣٠$ لروية فرقهم المفضلة الحالية تودي بعد عشر سنوات قادمة. لكنهم تنازلوا عن ٨٠$ فقط لروية فرقهم المفضلة السابقة تودي الان. هذا الفرق بين كيف ان الناس يبالغون في تقدير ان تفضيلاتهم للاشياء ستبقى نفس التفضيلات الموجودة اليوم، التصريح لگلبرت.

يقول جلبرت علماء النفس يعرفون قليلاً عن كيفية تغير الشخصية والقيم اثناء الحياة. مثلاً، الناس يميلون لان يصبحوا اقل انفتاحاً مع الوقت لكن اكثر استجابة لضميرهم. و أيضاً كلما كنت اكبر سناً كلما كنت اقل احتمالاً للتغيير في المستقبل- مع ذلك فأنت تبقى تتغير اكثر مما انت تتوقع، طبقاً لتلك الدراسة.

يضيف جلبرت ” اذا كنّا نعرف بان تفصيلاتنا تكون اقل ثباتاً مما نشعر، فإن ذلك يجعلنا نفكر و نحذر بشكل كبير عند اتخاذ اي قرار. لذلك بإمكاننا ان ننشيء هامش للهرب، على سبيل المثال، اذا كنت ارغب بشراء تذاكر لحفلة تقام بعد ١٠ سنوات، فإنني يجب ان اشتري تذكرة قابلة للارجاع”.

لكن قبل ان تكتب بنود العهود الزوجية للعشر سنوات القادمة، احذر: في بحث اخر لگلبرت وجد فيه عندما يشعر الناس بان لديهم القدرة على تغيير اراهم، فانهم سيكونون اقل سعادة مع الخيارات التي اتخذوها في السابق. ان الناس الذين يصنعون خياراتهم النهائية يميلون لان يكونوا اسعد مع تلك الخيارات مقارنة مع الذين ممكن ان تتغير خياراتهم لاحقاً، الكلام لگلبرت.

” ان أفضل العوالم المُحتملة هو العالم بحيث تكون فيه قادر على تغيير رأيك او مزاجك ولكنك لا تعرف ذلك،” الكلام لگلبرت.

 

المصدر:

http://www.livescience.com/25951-future-change-more-than-expected.html