هنالك عشرة طرق ممكن إن ننخدع بواسطتها بالأكاذيب أو المغالطات النفسية، وهذه الطرق عادة ما يكون الجميع معرض لها، حتى العلماء ولكن العلماء وجدوا أداة تحصنهم من الانخداع بالمغالطات العلمية، وهذه الأداة هي المنهج العلمي. إما الإفراد العاديين فعليهم إن يتعلموا هذه المصادر والحذر منها في كل مرة تطرح أمامهم قضية علمية، فلا ضرر في التشكيك وطلب المصادر عكس القبول بالادعاءات بدون التحقق منها.

745901_orig

المصادر العشرة هي:

  • تناقل الأحاديث: وتنقل اغلب خرافات علم النفس عن طريق الأجيال، جيل بعد جيل دون التحقق منها ودراستها، وترسخ هذه الادعاءات بعد إن نسمعها مرارا وتكرارا، حيث دائما ما يخلط بين شيوع عبارة ما وصحتها. فشعبية حجة معينة لا تكون دليل على صحتها.
    وقد بينت الدراسات إن الإنسان عند سماعه لشيء ما لعدة مرات من شخص واحد مثلا إن يقال له “نادي برشلونة أفضل نادي في العالم” فأنه سيفترض انه سمع ذلك من عدد من الأشخاص، وسيصدق ذلك على الأغلب “لكن الحقيقة إن ريال مدريد هو الأفضل 3J “.2- الرغبة في الأجوبة السهلة والحلول السريعة: من منا لا يرغب في حل سريع لمشاكله اليومية “مثل إنقاص وزنه عن طريق التأمل، والحصول على درجات عالية بتناول نوع معين من المكسرات”، فكلما كان الحل سريعا وبسيطا كان التصديق به أسرع وابسط.

3-الإدراك الانتقائي والذاكرة الانتقائية: فالإنسان دائما ما يقاد بدون وعي بميوله ومعتقداته فنفسر الأحداث وفق ما هو موجود في عقولنا مسبقا، وهذه المعتقدات والآمال تجعلنا اقل قدرة على تميز الخرافات (مثلا كمن يصدق بوعود شخص معين خلال حملته الانتخابية لأنه من أبناء طائفته، ولا يصدق بنفس الوعود لشخص أخر من غير أبناء طائفته)

4- استنتاج علاقة سببية من الارتباط: إن وقع حدثين ضمن أطار واحد “مترابطين” دائما ما يخطر على بالنا إن احدهما هو سبب لأخر، وهذا الافتراض خاطئ؛ كون هنالك ثلاث احتمالات، فقد يكون الحدث (أ) هو سبب (ب)، أو قد يكون (ب) هو سبب (أ) أو قد يكون هنالك حدث ثالث (ج) هو المسبب للحدثين. مثلا دائما ما يربط بين الاعتداء الجسدي في الطفولة وميل المعتدي إلى العنف عند البلوغ، فمن السهل قول إن الاعتداء على الأطفال هو سبب ميل الأطفال إلى العنف عند البلوغ. لكن هذا التفسير في الحقيقة خاطئ تماما؛ كون إن الاعتداء على الأطفال من قبل والديهم في الطفولة هو بسبب الجينات التي يحملها الوالدين وهذه الجينات تنتقل عن طريق الوراثة إلى الأطفال فيكون الأطفال أكثر ميلا للعنف. بمعنى إن الجينات هي المسبب في ارتكاب الوالدين للعنف وكذلك ميل الأطفال إلى العنف. أي إن حدثين يرتبطان معا ليس من الضرورة إن يكونان احدهما مسبب للأخر.
5- منطق “إذا وقع حدثان متتاليان، فالحدث التالي هو بسبب الأول: وهذا تقريبا نفس النقطة السابقة، حيث تستطيع القول إن الاعتداء على الأطفال سوف يجعلهم أكثر ميلا نحو العنف، وهذا غير صحيح كما بينت ذلك. ومثال أخر من الحياة حيث يعتقد البعض الذين يشعرون براحة نسبية بعد القيام بالحجامة “إخراج الدم من مواضع معينة في الجسد في أوقات معينة من الشهر القمري” إن الحجامة هي السبب في الشعور بالراحة. وهذا خاطئ تماما؛ حيث إن التبرع بالدم في المستشفى أو النزف العرضي سيشعر الشخص بنفس الراحة بدون التقيد بشروط الحجامة سيشعر المريض بنفس المقدار من الراحة، كما لم يثبت علميا أي فائدة للحجامة، لربما شعر المريض بالراحة نتيجة البلاسيبو “العلاج الوهمي”.

6- العينة المنحازة: حيث تعرض لنا في مختلف الوسائل الإعلامية العديد من الإحصائيات التي تستهدف عينات متلائمة مع الموضوع قيد البحث، وأكثرها ذات إغراض تجارية أو سياسية أو اقتصادية. مثلا إعلانات معجون الأسنان التي تفترض 7 من 10 أطباء يوصون بمعجون أسنان معين. أو إن الحزب الفلاني لديه نسبة تأيد حوالي 80 بالمائة في منطقة ما، وهذا ليس صحيح بالضرورة.
7- التفكير بمنطق درجة التمثيل: حيث يعتقد في الغالب إن الشيئين المتماثلين ظاهريا هما متقاربين، ويسميه علماء النفس ب”المنهج الاستكشافي القائم على التماثل”، وهو فيه جانب من الصحة جانب أخر من الخطأ، فالنمر والفهد متشابهات ظاهريا وهما يعودان إلى عائلة القطط وهذا صحيح، والجانب الخاطئ هو الحوت يشبه الأسماك ظاهريا إلا انه يصنف من ضمن الثدييات. فهذا المنطق لا يصيب دائما فالمراجعة والبحث والاستكشاف أفضل.
8- الطرح المضلل للموضوعات في وسائل الإعلام والسينما: فليس كل ما يطرح في وسائل الإعلام والسينما يكون حقيق أو ممكن بالضرورة، بل إن اغلبه لا يكون حقيقي لان وسائل الإعلام والسينما هدفها الترفيه أو قد يكون لها أهداف أخرى غير معروفة ومعروفة.  مثلا تصور وسائل الإعلام والأفلام العلاج بالصدمات الكهربائية على انه عقوبة أو مؤلم ويستخدم فيها كهرباء ذات عالية، وفي الحقيقة هي وسيلة علاجية يكاد المريض لا يشعر بالتيار الكهربائي ويعطى للمريض دواء مرخي للعضلات كي لا يشعر بالتيار الكهربائي. وكذلك تظهر الأفلام إن المصابين بمرض التوحد هم بارعين في العلوم، الرياضيات خصوصا، لكن الإحصائيات تشير إلى إن 10 في المائة فقط من المصابين بالتوحد يمتلكون هذه القدرات.

9- التهويل في التعبير عن جوهر الحقائق: بعض الحقائق العلمية التي تنشر في وسائل الإعلام قد لا تكون خاطئة، لكن قد يكون مبالغ فيها بعض الشيء أو تفسر بغير التفسير الصحيح لها، مثلا قد يكون هنالك اختلاف بين الرجال والنساء على مستوى السمات الشخصية وغيرها من الأمور النفسية، لكن يصور البعض هذه الاختلافات على إن الرجال من كوكب والنساء من كوكب أخر مثل جون جراي الذي طرح هذه الفكرة بشرح “الرجال من المريخ والنساء من الزهرة” واخذ يركز على الاختلافات بين الرجل والمرأة ويعظمها.

10 الخلط بين المصطلحات: وأخيرا قد تفسر بعض المصطلحات العلمية تفسير خاطئ، مثل كلمة “الفصام” والتي تفسر على أنها عقل منقسم تماما، أي إن المصابين بالفصام يمتلكون أكثر من شخصية، وهذا ما يعبر عنه في حياتنا اليومية فقد يوصف الشخص الذي لديه أكثر من رأي بأنه مصاب بالفصام كناية بالفهم الخاطئ للكلمة، والحقيقة إن المصابين بالفصام لديهم شخصية واحد لكنها أصيبت بالانهيار. ومثال أخر هو مصطلح “التنويم المغناطيسي” حيث يعتقد الكثيرون وكذلك روج له في الأفلام إن التنويم المغناطيسي هو نوع من النوم، حيث يخبر من يستخدم هذه التقنية على التلفاز الشخص الخاضع للتنويم بأنه يشعر بالنعاس، وهذا غير صحيح حيث لا يوجد علاقة بين النوم العادي والتنويم المغناطيسي، فالتنويم المغناطيسي يبقي العقل مستيقظ وكامل الإدراك لما يحيط به.

وفي الختام إن هذه الطرق قد تحميك من الكثير من المغالطات العلمية والنفسية خصوصا، فعليك إن تكون أكثر حذرا عند سماعك الأخبار وحديث الأهل والأصدقاء ولا تكون صيدا سهلا للمغالطات.

 

المصدر: كتاب (أشهر 50 خرافة في علم النفس – سكوت وستيفن وجاي وجون وباري)