ما هو اضطراب التناسق النمائي وما هي اسبابه؟ عنوان بتصرف ترجمة: ريام عيسى والمقال الاصلي بقلم: روبرت س بارنهارت، ماري جو دافنهورت، سوزان ب أبس، فاي م نوردكويست.

 خلال ال100 عام الماضية، شُخِص ضعف الأداء الحركي عند الأطفال على أنه مشكلة تنموية. في بدايات عام 1937 تم تصنيف هؤلاء الاطفال على أنهم “خرقاء”. منذ ذلك الحين إستُخدِمت مصطلحات كـ”الحرج الحركي” او “الضعف الحركي” او “الحرج الجسماني” لوصف هؤلاء الأطفال، واستخدمت مصطلحات كـ “العمه الحركي التنموي” و”الصعوبات الإدراك الحسي الحركي” لوصف المشاكل التنموية. منذ إقامة المؤتمر الدولي المَعني بالأطفال المصابين بالخرق عام 1994 أصبح مصطلح “اضطراب التناسق النمائي ” يستخدم لوصف حالات الاطفال المصابين بانعدام التناسق الحركي.

الهدف من هذا المقال هو تحديد المعلومات التالية عن هذا المرض: 1. التعريف، 2. الانتشار، 3. تحديد أسباب المرض، 4. مناقشة الصعوبات في تصنيف هؤلاء الأطفال، 5. السمات الشائعة، 6. التنبؤ طويل الأجل، 7. إستعراض موجز لأساليب العلاج.

 تعريف اضطراب التناسق النمائي

اضطراب التناسق النمائي هو حالة مزمنة ودائمة وِجِدت في الأطفال وتُميز بملاحظة الاعاقة الحركية التي تتداخل مع أنشطة الطفل اليومية والانجازات الاكاديمية. لتشخيص الطفل المصاب بإضطراب الأداء التنموي يجب أن يكون الطفل يعاني من إعاقات حركية تؤثر على جوانب أخرى من حياته. إن الاعاقات وحدها لا تجعل من الطفل مصاب باضطراب الأداء التنموي، فالاعاقة الحركية يجب أن تكون بسبب او يكون لها أعراض مشكلة عصبية محددة. ويجب أن لا يعاني الطفل من أي إضطراب في حركة العضلات (الترنحات او التشنجات)، الضعف الحسي، او الحركات التلقائية. اذا كان التأخر العقلي موجود فإن إختبار الذكاء للطفل يجب أن يكون اكثر من 70 والضعف الحركي أكثر من الطبيعي المتوقع للاطفال المصابين بالتأخر العقلي. وأخيراً، فإن الطفل المُشخص بإضطراب الأداء التنموي ليس بالضرورة أن يكون مستوفي لمعايير التشخيص الشائعة للإضطراب التنموي.

الانتشار

يظهر اضطراب التناسق النمائي على أنه الاضطراب الأكثر شيوعاً في فترة الطفولة وعادة ما يكون في الأطفال بين عمر ال6 وال12. قبل حوالي عشر سنين خَمنت الدراسات أن إضطراب الأداء التنموي يحصل ل10% الى 19% من الاطفال في عمر المدرسة. من خلال التعريف الأكثر دقة لإضطراب الأداء التنموي فإن الإنتشار الحالي يُخمن بين 5% و 8% من كل الأطفال في عمر المدرسة، ويكون عند الأولاد أكثر من البنات. قد يعكس هذا الاختلاف النسب العالية للأولاد، لأن تصرفات الاولاد المصابين بإضطراب الأداء الحركي تكون أصعب من حيث السيطرة عليها في البيت وفي الصف. بالإضافة الى أن نسبة الإصابة بإضطراب الأداء التنموي تكون كبيرة بين الأطفال الذين عانوا صعوبات في فترة الولادة وما قبلها.

تحديد أسباب المرض

بسبب عدم التجانس في اضطراب التناسق النمائي فإن إيجاد مسبباته يكون صعب. تُخمن عدة نظريات أن أسباب مرض إضطراب الأداء التنموي هي جزء من إستمرار الشلل الدماغي؛ والصعوبات في مرحلة الولادة وماقبلها وبعدها؛  او يكون جزء منه من جراء تلف عصبي في المستوى الخلوي في المرسلات العصبية او أنظمة الاستقبال. بَنت هايردس ألغرا رؤيتها بأن مرض إضطراب الأداء التنموي هو نتيجة تلف في المستوى الخلوي بدليل أن الشلل الدماغي عادة يحدث بضرر قبل ولادي والذي لا يمكن تشخيصه بالتقنيات الحالية للتشخيص.

بالرغم من أن الإختبارات الوظيفية المعيارية وغير المعيارية متوفرة لتحديد حالات عجز محددة مجربة من قبل الطفل المصاب باضطراب التناسق النمائي، فإن ربط الإعاقة الملحوظة بالضعف الأولي او أي مرض عصبي ممكن لا يتم بسهولة. المشاكل التي يعاني منها الأطفال المصابين بإضطراب الأداء التنموي تنبع من تشوهات في الناقلات العصبية او أنظمة المستقبلات أكثر من تلف مجموعات محددة من الخلايا العصبية او مناطق محددة في الدماغ. الصعوبات التي تواجه الاطفال المصابين بإضطراب الأداء يمكن أن تنجم عن مزيج من واحد او أكثر من هذه الأسباب؛ ضعف في الاستقبال الحسي، البرمجة الحركية، التوقيت، او تسلسل نشاط العضلات. تطورت عدة نظريات في محاولة لإلقاء الضوء على العجز في عمليات عصبية محددة والتي تسهم في اضطراب الأداء التنموي. تستخدم النماذج الحالية لشرح التعليمات العصبية للموقف والحركة من خلال أن تكون التنمية بمثابة أساس لفحص وإدارة الأفراد المصابين بإضطراب الأداء. بإستخدام هذه النماذج يمكن تحديد ووصف العديد من أنواع العجز في التحكم الحركي لدى اولئك الاطفال.

توجد مجموعة متنوعة من النماذج النظرية لشرح دور الجهاز العصبي في النمو الحركي. قبل حوالي أربعين سنة مضت كان النموذج الإنعكاسي البدائي مقبول بشكل عام كنظرية تُستخدم لشرح الكيفية التي يُنظم بها الدماغ السلوك الحركي المبكر. باستمرار النمو، مارست المراكز العليا بسط لسيطرتها على ردود الفعل الاقل. أسست هذه النماذج المبكرة على التسلسل الهرمي للتحكم الحركي في المراكز العليا القادرة على تخطيط وتنفيذ الخطة الحركية بدون تغذية خارجية او داخلية من المراكز السفلى للجهاز العصبي المركزي.

الأنظمة النموذجية المقترحة في الأونة الاخيرة تشير الى تفاعل اكثر تعقيداً بين مستويات مختلفة من الجهاز العصبي المركزي. في نموذج الأنظمة، يتم تفسير ردود الفعل الحسية عن طريق الجهاز العصبي المركزي، وتحدد استراتيجية الحركة المناسبة بناءاً على التجربة الحالية، حالة البيئة الداخلية والخارجية، وذاكرة الحركات المشابهة. تتضمن نظرية اختيار المجاميع العصبية لإيدلمان جوانب من كل النماذج وتقترح أن المجاميع الوظيفية للخلايا العصبية توجد في كل مستويات الجهاز العصبي المركزي. يتم تحديد هذه المجاميع العصبية عن طريق التطور، ولكن سلامتها الوظيفية تعتمد على المعلومات الواردة التي تنتجها من خلال الحركة والخبرة. في هذا الصدد، هذه المجموعات من الخلايا العصبية محددة وراثياً في كل الهياكل القشرية وتحت القشرية كذخيرة للسلوك الحركي أو تلقي معلومات حسية محددة.

 وفقاً لنظرية اختيار المجاميع العصبية، يكون النمو الحركي بمرحلتين؛ الأولى هي مرحلة التباين الاساسي والتي تتميز بعدم الانتظام والنشاط الحركي الخام، والذي لا يتطلب معلومات حسية للشروع فيه او توجيهه. تؤدي هذه الحركات الذاتية التولد الى مدخلات ورادة (حسية وحركية وبصرية) مما يعزز الاتصالات المتشابكة والمحددة بكل مجموعة. تتبع الفترة الوسطية التي يتم خلالها اختيار الأنماط الفعالة بالمرحلة الثانوية المتغيرة. في هذه المرحلة تتفاعل العوامل الحسية والحركية لإنشاء اتصالات بين الخلايا والتي تنتج  أنماط محددة ومعقدة من الإنكماش العضلي الذي يتميز بالتناسق وحركة الهدف الموجه. تعزيز الاتصالات بين مجاميع الحركات المتناسقة في أجزاء الجسم المتنوعة وتمثل أجزاء مختلفة من الفضاء البصري ويتعزز مع تكرار كل وظيفة معينة. كما تمارس أنماط الحركة الأكثر كفاءة، تعزز وتبنى الدوائر المتشابكة الملائمة.

المصدر: http://physther.net/content/83/8/722.full