يستخدم العديد من صائدي الأشباح كاشف الموجات الكهرومغناطيسية لأنهم يعتقدون أن المجالات المغناطيسية المكثفة يمكن أن تخلق الهلوسة، والتي بدورها قد تخلق وهم رؤية الأشباح. أساس هذه الفرضية يأتي في المقام الأول من البحوث التي قام بها عالم الأعصاب الكندي المعرفي «مايكل بيرسينجر». حيث وجد أن الأوهام يمكن أن تنشأ عن طريق تحفيز مناطق محددة من الدماغ بنمط وطول موجي ثابت وبمستويات عالية من مجالات كهرومغناطيسية. واقترح أن الموجات هذه قد تكون مسؤولة عن كل شيء من مشاهدة أجسام غريبة إلى التجليات الدينية والأشباح.

كما لاحظ الباحث كريس فرينش أن التقلبات في المجال المغناطيسي للأرض يمكن أن تتفاعل مع الفص الصدغي، وخاصة في الأفراد الذين يتمتعون بفص صدغي شديد الحساسية، لإيجاد شعور بظهور كائن ما أو بهلوسة بصرية وهذا التفسير يرجح أن مثل هذا التحفيز المغناطيسي عبر الدماغ يكمن وراء العديد من التقارير حول ظهور أشباح و أرواح وما شابه.

إنها فرضية مثيرة للاهتمام. لكن للأسف، تبقى مجرد فرضية، وليس لها تأثير مثبت. في الواقع، هناك القليل من الأدلة أو لا يوجد دليل على الإطلاق لدعم فكرة أن الموجات الكهرومغناطيسية قد تخلق أشباحًا. فلم تظهر الأشباح في مختبر «بيرسينجر» التجريبي في أونتاريو. لكنها تظهر في المستشفيات المهجورة وأقبية الضواحي. فمثلًا ببساطة لا يوجد دليل على أن الأجهزة المنزلية العادية يمكن أن تولد موجات كهرومغناطيسية من التردد والقوة التي تحفز الهلوسة.

في الواقع، يقول عالم الأعصاب «ييل ستيفن نوفيلا» أن نظرية الموجات كمصدر للأشباح هي مجرد فكرة حتى هذه المرحلة. حيث قال أنها يجب أن يتم تريكزها، وبتردد معين من أجل الحصول على هذا التأثير. ويبدو من المستبعد أن يتم ضبط الحقول الكهرومغناطيسية الموجودة بما يكفي لتسبب هذا التأثير.

ريتشارد وايزمان، في كتابه «بارانورماليتي: لماذا نرى ما ليس هناك»، يلاحظ أن العديد من الباحثين حاولوا تكرار نتائج بيرسنجر. فدائما ما كانت تجاربهم موجهة لتأتي بنتائج معينة.

حاول فريق من علماء النفس السويديين بقيادة «بيهر غرانكفيست» تفادي هذا في تجربتهم التي اعتمدت على ان يرتدي كل المشاركين في التجربة خوذة مزودة بلفافات مغناطيسية تولد موجات عندما يتم تشغيلها ويضمن أن تلك اللفافات تم تشغيلها عند نصفهم فقط، حيث لم يكن المشاركون ولا المراقبون يعلمون اي من الخوذات تعمل وايها لا تعمل. والنتائج التي توصلوا اليها كانت جاذبة للانتباه، فالمجالات الكهرومغناطيسية لم يكن لها أي تأثير.

وعلى خطى «غرانكفيست» قام فريق آخر من كلية غولدسميثس في لندن بقيادة عالم النفس «كريس فرينش» عام 2009 بإجراء تجربة أخرى اعتمدت على إخفاء لفافات مغناطيسية خلف جدران غرفة بيضاء ثم طُلب من الناس التجول في الغرفة والإبلاغ عن أي أحاسيس غريبة. زار 79 شخصًا هذه الغرفة لمدة 50 دقيقة لكل منهم مع ضمان أن اللفافات تم تشغيلها لنصف الزيارات ولم يكن المشاركون ولا المراقبون يعلمون ما إذا كانت اللفافات تعمل أو لا أثناء أي من زيارات وبالمثل لم يكن لوجود المجال المغناطيسي أى تأثير.

فما نتوصل اليه أخيرًا أنه إذا كان بيرسنجر على حق في زعمه أن المجال الكهرومغناطيسي هو الذي يولد الإيحاء برؤية الأشباح أو لا فإن صائدي الأشباح الذين استشهدوا بأبحاث بيرسينجر في دعم أساليبهم يقوضون دون قصد حججهم الخاصة، فإذا كنت متأكدًا من أن هناك أشباح حقيقية (وليست نتاج هلوسة)، فلن يكون هناك أي منطق في استخدام جهاز للكشف عن الموجات.

ترجمة : سارة سمير

المصدر:

Benjamin Radford,” Can Electromagnetic Fields Create Ghosts?”, Skeptical Inquirer Volume 41.3, May/June 2017