هذا عرض لكتاب العالم البيئي البريطاني جيمس لفلوك (وجه غايا المتلاشي) صاحب نظرية غايا* المثيرة للجدل, ونظرية غايا تقول ان:”كل الاجزاء الحية وغير الحية من كوكب الارض تعمل معا في تناغم لتكون كائنا حيا واحدا،وترى هذه النظرية _يعتبرها البعض استبصارا أكثر منه نظرية ان لهذا النظام هدفا هو التحكم في الظروف على سطح الارض بحيث تكون ملائمة ما امكن للحياة”.

يتناول لفلوك في كتابه “وجه غايا المتلاشي ” التغيرات المناخية والاحترار العالمي برؤية مختلفة بل وناقدة ل”اللجنة
الحكومية لتغير المناخ “IPCC”,,
حيث يرى الكاتب ان وجه الارض او ملامحها من غابات او قبعات جليدية واحياء تتلاشى بسبب الاحترار العالمي
وان قرارات IPCC
تراعي التوافق بين الدول المشاركة على حساب الحقيقة العلمية ,التي يظن الكاتب ان توقعات IPCC
اقل مما تم قياسه على ارض الواقع من CO2 في الجو وتناقص الجليد في القطبين حيث يقول:”
ان ما اوحى لي ان اؤلف هذا الكتاب هو انني سمعت في خريف العام 2007 ان IPCC
توصلت الى “اتفاق حول قضية علمية ,انها كلمة جديدة ونافعة ولكنها تنتمي الى السياسة ؟!”

ويرى لفلوك ان النماذج التي صنعتها IPCC للتنبؤ بالمناخ هي اقل كثيرا مما تسجله ملاحظات العلماء الذين نزلوا
باجهزتهم الى ارض الواقع لتسجل البيانات الخطيرة بشان الاحترار العالمي.
يؤكد لفلوك ان الدليل المناقض لتنبؤات IPCCياتي من ملاحظات التناقص في مساحة المحيط المنجمد الشمالي
ففي العام 1980 والسنوات السابقة اظهرت المساحة المغطاة في نهاية سبتمبر “عندما يكون غطاء الجليد اقل ما يمكن
بعد صيف من الذوبان”
10 ملايين كيلومترا مربعا من الجليد ,وهي مساحة بحجم الولايات المتحدة تقريبا .
وفي العام 2007 انحسرت الى 4 ملايين كيلومترا مربعا ,اي اذا استمر الذوبان بهذا المعدل فان القطب المنجمد
الشمالي سيكون بلا جليد تقريبا في الصيف خلال 15 سنة بينما تنبؤ اللجنة يقول ان هذا غير محتمل فبل 2050.

جماعات السلام الاخضر والطاقة النووية

وينتقد لفلوك جماعات “السلام الاخضر والمحاولات لايجاد طاقة بديلة نظيفة من قبل الحكومات الغربية , لانها
برايه محاولات بائسة محدودة بينما الافضل هو التوجه للطاقة النووية التي يجادل انها الاكثر امنا والاكثر صداقة للبيئة
حيث يرى لفلوك ان محطة من الطاقة النووية لانتاج الكهرباء يمكن انشاءها خلال 5 سنوات ,ويذهب لفلوك
ان الحكومات الغربية فشلت في الترحيب بالطاقة النووية على انها مصدر جيد وموثوق به لاننا ضللنا مسبقا بشكل
خطير بسلسلة من الاكاذيب عن عدم امان الطاقة النووية التي اثبتها الاعلام في ذهن المواطن.
فمحطة الطاقة النووية”يقول الكاتب “وهي تعمل لا تصدر CO2 على الاطلاق وتصدر كمية صغيرة
اثناء نقل الوقود الى المحطة وترحيل النفايات منها ,كما ان النفايات النووية ذات المستوى العالي الناتجة
من محطة نووية ليست اكثر اشعاعا من خام اليورانيوم الذي اتت منه ,كما ان كميات النفايات الصادرة لاتبعث على القلق
فالانتاج السنوي من النفايات من محطة نووية بقدة الف ميغاواط كاف لملء سيارة متوسطة الحجم ويمكن دفنها بسهولة.

المحيطات تتصحر

يحذر لفلوك بان البئات المحيطية الضخمة التي كانت تمتص CO2 غير قادرة على ذلك الان,
لان المحيطات تحولت الى “صحارى” ,مع زيادة درجة حرارتها وارتفاع حموضتها وهناك ايضا الامتصاص الاضافي
لحرارة اشعة الشمس مع ذوبان الجليد العاكس لاشعة الشمس واستبداله بارض المحيطات الداكنة.
ان قوة هذه المحصلة وعدم قدرة الارض الان على مقاومتها هما اللذان يضطرانني”يقول لفلوك” لرؤية الجهود
المبذولة لتثبيت ثاني اوكسيد الكاربون ودرجة الحرارة ليست افضل من علاج كوني بديل .
ويسترسل لفلوك بتحذيره فيقول:”ان الافتراض بان المناخ يمكن ان يستقر بتخفيض اصدارات ثاني اوكسيد الكاربون
عند تركيز 550 ج.ب.م لثاني اوكسيد الكاربون وبدرجة حرارة عالمية اعلى من العادية ب 4 درجات ليس
له اساس علمي وبدلا من ذلك فلربما التزم نظام الارض مسبقا بتغير لا رجعة فيه
حتى لو نفذنا كاملا تخفيض غازات الدفيئة الموصى به بنسبة 60 %.
ويواصل لفلوك تحذيره بالقول:”لقد ذهبت كمية كبيرة من حرارة الاحترار العالمي الى تسخين الكتلة الهائلة
من مياه المحيطات وفي صهر الجليد ,وقد يكون هذا واحدا من اسباب عدم تسخنه اكثر ,لكن بمجرد ان
ينصهر الجليد ويصل مزج مياه المحيطات الى توازن ديناميكي سيمضي الاحترار العالمي بسرعة اكبر من السابق
واستطيع مقارنة الارض بشراب مثلج حيث يبقى الشراب باردا الى ان تذوب اخر قطعة من الثلج ثم يبدا
التسخين بصورة اكبر.

التكيف مع الاحترار هو الحل

يرى لفلوك انه لا يمكن القضاء على الاحترار العالمي بالامكانات الحالية ,بل كل ما يمكننا فعله هو التقليل
من تاثيره والتكيف للعيش في العالم الحار ,فاصدارات غازات الدفيئة اقتربت من حدوده القصوى ,والتقدم التقني
ونمط المعيشة الاستهلاكي يجعلنا نصدر غازات اكثر ,ومع اكثر من 7 مليارات من البشر وحيواناتهم الداجنة
التي تصدر 23 بالمائة من ثاني اوكسيد الكاربون ,فان الحلول الحالية من الهندسة الجيولوجية غير قادرة على خفض
الاصدارات
_________
*غايا:في الاسطورة اليونانية هي ربة الارض التي تزوجت اورانوس,وهي ايضا الالهة التي جلبت النظام من الفوضى
هذا الكتاب صادر عن سلسلة عالم المعرفة الكويتية في شهر مايو 2012 بترجمة الدكتور سعد الدين خرفان