كيف تطورت بدائيات الى  حقيقيات النوى

ترجمة: منى خلف…

تصميم بوستر: علي صلاح
للوهلة الاولى ,يمكن لشجرة ان لاتختلف كثيرا عن اليرقات التي تأكل اوراقها  او الفطر الذي ينبت من لحائها او الاعشاب التي تنمو من جذعها  او البشر الجالسين تحت ظلها.
المظاهر من الممكن ان تكون خادعة  لكن بالتقريب اكثر وصولا للمستوى المجهري سترون جميعها تتشارك بخلايا تمتلك بنية خلوية متشابهة .
هذه الخلايا تحتوي نواة مركزية محشوة بالحمض النووي محاطة بغشاء الذي بدوره  يحيط به العديد من  الاجزاء المستقلة التي تتصرف كأجهزة صغيرة تُنفذ مهام خاصة كتخزين الجزيئات وصناعة البروتينات من بين هذه الاجزاء المايتوكوندريا _ذات الشكل الشبيه بحبة الفاصولياء_التي توفر الطاقة اللازمة للخلية. هذا التركيب الخلوي تتشارك به  تقريبا كل خلايا  الموجودة في الحيوان والفطريات  و الطحالب  و مجموعة الكائنات الحية المعروفة بحقيقية النواة.
البكتريا كمجموعة اخرى .تمتلك بنية خليوية ابسط سبقت حقيقيات النوى بمليار سنة على الاقل. هذه تدعى بدائيات النوى تتكون دائما من خلية واحدة وتكون اصغر من الخلية الحقيقية النواة النموذجية لاتحوي بعض الاجزاء كالنواة  والمايتوكوندريا بالرغم من بساطة بنيتها فالبكتريا تعتبر الات حية مثيرة للأعجاب تستوطن كل ما ممكن من على بعد اميال فوق السحاب الى اعماق المحيطات . لديها خدع بيولوجية تسمح لها بالتسبب بالامراض او  تناول النفط الخام   او القيام بتيارات كهربائية  او استخلاص الطاقة من الشمس اوالاتصال فيما بينها.
لكنها وبالرغم من هذا تبقى بدون نواة حقيقية مقيدة يالحجم والتعقيد بالتاكيد هي تملك مهارات مذهلة لكنها لا تقارن بما تفعله الخلايا حقيقية النواة فهي تغطي الارض في الغابات والمراعي تنتقل بالكوكب بحثا عن غذاء وتبني صواريخ تصل الى المريخ.
الانتقال من مرحلة بدائية النواة الى حقيقية النواة يعتبر اهم حدث في تاريخ الحياة على الارض ففي اكثر من 3 مليارات سنة من وجودها حدث ذلك مرة واحدة بالضبط.  الحياة مليئة بتراكيب معقدة تطورت مرارا وتكرار فالخلايا الفردية اتحدت مع بعضها لتُشكل العديد من الكائنات وحيدة الخلية كالحيوانات والنباتات بحوادث كثيرة منفصلة وينطبق الكلام نفسه على العين التي تطورت بشكل مستقل مرارا وتكرار لكن الخلايا حقيقية النواة  ابتُكرت(تطورت) من مرة واحدة فقط.
لقد حُثت البكتريا  مرارا وتكرار نحو التعقيد .بعضها كبير جدا كالمايكروبات ,والبعض الاخر يتحرك بمستعمرات تتحرك كأنها فرد واحد. لكن اي منها لم تحصل على الميزات الحاسمة التي  تميز حقيقيات النوى :الحجم الكبير ,وجود الاجزاء المستقلة الداخلية ,المايتوكوندريا واكثر من ذلك. “البكتريا قدمت كل سبل البداية لحقيقية النواة لكنها توقفت بأختصار لماذا؟؟”
اهم حدث في تاريخ الحياة على الارض:
العالم يعج ببدائيات النواة تتطور بمعدلات  مثيرة مع ذلك لم تكن سريعة للوصول للخلايا حقيقية النواة الحفريات تخبرنا بان اقدم بكتريا نشأت قبل حوالي 3 ال   3.5 مليار سنة مضت لكن لا وجود لحقيقياة النوى قبل  2.1 مليار سنة لماذا بقيت  الخلايا البدائية النواة على بساطتها كل هذه الفترة الطويلة ؟
هناك العديد من التفسيرات الممكنة، لكن واحدة منها اكتسبت في الفترة الاخيرة شعبية كبيرة هي ان واحدة من هذه الخلايا البدائية النواة وجدت طريقها في داخل خلية اخرى وقامت بتشكيل شراكة مع مضيفها هذه الخلية الداخلية _البكتريا_تخلت عن وجودها الحر لتتحول بنهاية المطاف  الى مايتوكوندريا   التي هي محطات الطاقة الداخلية التي جهزت المضيف بالطاقة وسمحت له بالتطور وشق طريقه في اتجاهات جديدة التي لم تستطع بدائيات النوى الوصول لها مطلقا .

اذا كانت هذه القصة حقيقية _هنالك من يشك بها لحد الان_ اذن سيصبح كل حقيقيات النوى (كل زهرة او فطر او عنكبوت او عصفور  او رجل او امرأة  ) تنحدر من اندماج مفاجيءبشكل مذهل بين مايكروبين اثنين. المايكروبات تعتبر اجداد اجداد اجداد……اجدادنا وعند اندماج اثنين منها وضعت حجر الاساس لأشكال الحياة على الأرض وجعلت منه ذلك الكوكب المميز .العالم كما نراه الان بعينين
-هي ايضا تطورت من خلايا حقيقية النواة_تم تغييره بشكل لارجعة فيه اساسا من ذلك الاتحاد لو لم يوجد هذا الاتحاد لبقيت الحياة في عالمنا تسيطر عليها المايكروبات ولماتطور اي شيء جميل ومذهل كالأشجار التي نراها والفطر واليرقات ونحن .

في عام 1905عالم  الأحياء الروسي كونستانتين ميريشكاوزيكي اول من اقترح مبدأ التكافل وان هنالك بعض الاجزاء في الخلايا حقيقة النواة هي عبارة عن معايش داخلي (جواني) هو عبارة عن خلايا حرة استقر بشكل دائمي في داخل الخلية  هو اعتقد بان النواة نشأت بتلك الطريقة كما تفعل البلاستيدات الخضراء التي تسمح لخلايا النباتات من استخدام اشعة الشمس غاب عن تفكيره المايتوكوندريا ,التي ربط العالم الامريكي والين ايفان بينهم في عام 1923. هذه الافكار تم تجاهلها لعقود الى ان قدمت لين مارغوليوس عالمة الاحياء الامريكية بحث في عام 1923 اشارت فيه  الى ان المايتوكوندريا والبلاستيدات الخضراء كانت عبارة عن خلايا بكتيريا حرة اجتاحت بكتريا اخرى لتتطور الى ما  هي عليه الان ولهذا السبب فهذه الاجزاء ما زالت تمتلك الجينوم الصغير الخاص بها والشكل الذي يبدو ضاهريا مثل البكتريا.هذا البحث في حينه كان يحمل استنتاجات غير تقليدية حيث كان في ذلك الوقت يعتقد ان مايتوكوندريا تشكلت من اجزاء اخرى من الخلية يقول عن تلك الفترة بيل مارت من جامعة دوسلدورف “ان التعايش الداخلي (Endosymbiosis)كان من ضمن المحرمات ..عليك ان تتسلل لتفصح عنه بخزانة “.فبذلك واجهت لين انتقادات عنيفة لكنها قاومتها بشجاعة متسلحة بأدلة الدراسات الجينية التي اظهرت ان الحمض النووي في المايتوكوندريا مشابه لذلك الموجود في البكتريا الحرة الان عدد قليل من العلماء يشكون بان الاخلايا حقيقية النواة متحدرة من البكتريا القديمة .
لكن توقيت هذا الاندماج وطبيعة المشاركين به وما اهميته بالنسبة للأرتقاء الى حقيقيات النوى كل هذه الامور مازالت محل جدال .
في العقود الاخيرة انتتشرت قصص كثيرة لمنشأ خلايا الحقيقية النواة بشكل متزايد عما كان سابقا لكنها بالغالب تقع ضمن نطاق معسكرين منفصلين .
الاول دعنا نسميهم جماعة المنشأ-التدريجي يدعون بأن بدائيات النوى تطورت الى حقيقية النواة بواسطة زيادة تدريجية  بالحجم والتقاطها لصفاة كالنواة والقابلية على ابتلاع خلايا اخرى بمرور الوقت.هذه الخلايا البدائية حقيقية النواة حصلت على المايتوكوندريا لانها وبصورة منتظمة قامت بأبتلاع البكتريا الاخرى هذه القصة تعتبر_ بطيئة وثابتة وداروينية كلاسيكية في الطبيعة _ فكان الحصول على مايتوكوندريا ماهو الى خطوة اخرى من ساسلة طويلة من الانتقال التدريجي وهذا ما يعتقده المؤمنين بفكرة لين مارغوليس بانه الحق حتى النهاية.

المعسكر الثاني دعنا ندعوهم بجماعة المنشأ -المفاجيء يختلف كليا عن الاول يستغني عن البطء والتقدم الدارويني بقوله  ان حقيقيات النوى ولدت  من خلال  اتحاد مفاجيء ومثير لاثنين من بدائيات النوى احداهما البكتريا والاخرى  هي من   سلالة كبيرة من بدائيات النوى تدعى العتائق هذان ظاهريا متشابهان لكنهما مختلفان من حيث كيميائهم الحيوية.الدمج بينهم ولد اول حقيقيات النوى .

بيل مارتن ومايكل مولر قدما واحدة من اقدم النسخ من هذه الفكرة وسمياها بفرضية الهيدروجين التي تضمنت ما يلي :العتائق القديمة تسحب الطاقة عن طريق الربط بين الهيدروجين وثنائي اوكسيد الكاربون لانتاج الميثان وبذلك هي تشارك البكتريا التي تنتج الكاربون وثنائي اوكسيد الكاربون التي تستطيع العتائق ان تستخدمهما ومع مرور الوقت اصبحو غير قابلين للفصل والبكتريا تحولت الى مايتوكوندريا.
توجد نسخ متعددة من هذه الفرضية التي تختلف في اسباب الاندماج وتحديد هويات العتائق والبكتريا التي اندمجت.لكن كل تلك النسخ اشتركت بميزة حاسمة بصرف النظر عن التطور التدريجي للفكرة الاصلية بها وهي ان ان الخلية المضيفة كانت بدائية النواة وهي العتائق التي لم تتوقف عن الزيادة بالحجم لكن بالرغم من هذا لم تمتلك نواة ولم تكن بطريقها لان تصبح حقيقية النواة هذا حدث فقط حين اندمجت مع بكتريا ومن ثم توالت الابتكارات.
تبعا لفكرة المنشأ -المفاجيء  المايتوكوندريا ليست مجرد احدى اختراعات (تطويرات)حقيقيات النوى الاولى بل كما يقول لين “الحصول على المايتوكوندريا هو اصل حقيقيات النوى وهما يمثلان حدث واحد”ولو كان  هذا الكلام صحيح فصعود حقيقيات النوى مختلف جذريا عن التطور الذي ولد العين او التمثيل الضوئي او الانتقال من البحر لليابسة..فهو    حدث  اعتمد على الحظ  وامكانية حدوثه كانت لاتُصدق ..كما نعلم ان هذا لم يحدث الا بعد مليار سنة من الحياة على الارض ولم يتكرر بعد مرور ملياري سنة الى الان ..

في 1977 عالم الاحياء الدقيقية كارل ووس جاء بفكرة اعتماد التسلسل الجيني لمقارنة الكائنات الحية بدلا مما كان مستخدما حينها   من قبل العلماء بالاستدلال بالصفات الجسدية  لاستنتاج العلاقات التطورية بين الانواع المختلفة للأحياء ..تلك الفكرة كانت جريئة وجديدة وقد لعبت دورا حاسما في اظهار كيفية نشوء حياة معقدة مثلنا ومثل حقيقيات النوى ..
ركز ووس على جين ال 16S rRNA الذي يُشارك في المهمة الاساسية بتكوين البروتين وموجود في كل الكائنات الحية .اسباب ووس لاختيار هذه الطريقة هي  عندما تتباعد الكائنات فيما بينها مكونة انواع جديدة ستكون نسخهم من الجينات ايضا متباينة على نحو متزايد.وبمقارنة الجين عبر مجموعة من بدائيات النوى وحقيقيات النوى ستكشف شجرة الحياة عن فروعها .
نتج عن اختبارات ووس ما لم يكن متوقع .فشجرة ووس للحياة تكونت من ثلاث فروع اساسية فبالاضافة للبكتريا وبدائيات النوى التي كانت معروفة سابقا اضاف فرع ثالث من مجموعة غامضة من بدائيات النوى تُوجد في البيئات القاسية الساخنة اسماها العتائق كان الجميع قد اعتبرها انواع جديدة غامضة  من البكتريا لكن ووس اعتبرها فرع ثالث للحياة.
في شجرة ووس الكلاسيكية الثلاثية للحياة تعتبر حقيقيات النوى والعتائق مجموعات شقيقة تطورت من سلف مشترك فصلها عن البكتريا في تاريخ متقدم من الحياة على الارض .لكن هذه الصورة الانيقة للشجرة تغيرت في تسعينيات القرن  المنصرم مع بزوغ عصر الوراثة الحديثة وبدا العلماء  بتتبع جينات اكثر لحقيقيات النوى.التي اظهر بعضها  تقارب اكبر مع جينات العتائق بينما الاخر اكثر تقاربا مع جينات البكتريا. حقيقيات النوى بهذا اصبحت خليط مربكا اكثر  فالانتمائات التطورية  بقيت محفوظة مع كل تسلسل جيني جديد.
في 2004 جيمس ليك غير قواعد اللعبة فبدل من النظر لكل جين على حدا ومقارنته قرر ومعه زميلته ماريا ريفيرا  مقارنة الجينوم باكمله لاثنين من حقيقيات النوى وثلاثة من البكتريا وثلاث من العتائق .ونتائجهم أيدت فكرة الاندماج الاول (merger-first) فقد توصلوا الى ان سلف مشترك واحد انقسم الى بكتريا وعتائق التي تطور كل منهما على حدى الى ان حصل اندماج مفاجيء بين اثنين منهما ادى لظهور حقيقياة النوى واغلق بذلك ما معروف الان بدورة الحياة قبل هذا الاندماج المصيري كانتالحياة مقتصرة على البكتريا والعتائق وبعد هذا تطورت الى ثلاث اصناف بعد اضافة حقيقيات النوى.
ريفيرا وليك أُنتقدوا لاحقا بسبب انهم بحثوا في سبعة انواع فقط لكن لم يستطع احد انتقاد عالم الاحياء التطوري الايرلندي ايريش سنة 2007  بنفس الانتقاد لانه اجرى بحوثه على 5,700 جين من مختلف انحاء الجينوم ل 168 بدائيات النوى و17 من حقيقيات النوى والذي توصل لنفس ما توصل له ريفيرا وليك مسبقا بأن حقيقيات النوى نتجت عن اندماج بكتريا وعتائق كانو متعايشين معا .
الجينات لهؤلاء الشركاء لم تتكامل  بسهولة  في حقيقيات النوى .الجينات تتصرف كالمهاجرين في مدينة نيويورك من اسيا وامريكا اللاتينية الذين يتشاركون بنفس المدينة لكنهم عادة يستقرون على مساحات مختلفة,عادة الجينات التابعة لنفس النوع تتفاعل مع بعضها البعض فجينات العتائق تتفاعل مع جينات العتائق الاخرى وكذلك جينات البكتريا مع جينات البكتريا الاخرى يصف مكينيرني هذا بانه اشبه”مجموعتين في الملعب يلعبون مع بعضهم الاخر بطريقة مختلفة لانهم قضوا فترات مختلفة من الوقت مع بعضهم الاخر.”
وكذلك تلك الجينات تقوم بمهام مختلفة فجينات  العتائق على الارجح تقوم بالنسخ وتُستخدم في ال الحمض النووي ,الجيني اما جينات البكتريا فتقوم بتبسيط الغذاء,صنع المغذيات .  جينات العتائق هي السائدة في حقيقيات النوى بنسبة4 /1 من جينات البكتريا
وبذلك تبدوا اكثر اهمية فهي تقريبا لها ضعف النشاط وهي تنتج البروتينات التي تلعب الدور الرئيسي في تلك الخلايا  وعادة ما يموت مُضيفها  اذا ما حُذفت بالخطأ.وعلى مدى اربع سنوات مضت وجد مكينيرني هذا النمط من التفاعلات يتكرر في الخميرة ,في البشر,في العشرات من حقيقيات النوى الأخرى.
وبذلك تبدوا اكثر اهمية فهي تقريبا لها ضعف النشاط وهي تنتج البروتينات التي تلعب الدور الرئيسي في تلك الخلايا  وعادة ما يموت مُضيفها  اذا ما حُذفت بالخطأ.وعلى مدى اربع سنوات مضت وجد مكينيرني هذا النمط من التفاعلات يتكرر في الخميرة ,في البشر,في العشرات من حقيقيات النوى الأخرى.

هذا كله يعطيك احساس لو كنت تؤمن بفكرة المنشأ المفاجيء عندما اندمج هؤلاء الشركاء سابقا فجينات البكتريا هاجرت الى الشبكة الاصلية لجينات العتائق التي سبق وان تطورت مع بعضها البعض  لأجيال لاتعد ولاتحصى.فبعد الاندماج عددا من جينات العتائق أُلغيت لكنها لم تكن من الأساسية .بعد مرور 2 بليون سنة من هذا التطور الا ان هذه الشبكة الاساسية مازالت على ماهي عليه ومازالت تحتفظ بدورها الرئيسي .

فرضية المنشأ المفاجيء تحوي نقطة حرجة وهي ان كل حقيقيات النوى يفترض ان تمتلك مايتوكوندريا لكن في الثمانينيات من القرن المنصرم بدأ ان هنالك استثناء .لو كنت تشرب ماء في البقعة الخاطئة من العالم فقد تصبح امعائك منزل لطفيلي الجيارديا.فبعد اسابيع سيصبح لديك تقلصات معدة شديدة واسهال عنيف .الموضوع ليس هنا بل بمعالم الجيارديا التشريحية المثيرة والغريبة فهي تتكون من خلية واحدة كأنها دمعة مع اربع خيوط تشبه الذيول في داخلها لايوجد نواة واحدة بل اثنين فمن الواضح بانها حقيقية نواة لكنها لاتمتلك مايتوكوندريا.

توجد هنالك ما لا يقل عن الف نوع من حقيقيات النوى معضمها من الطفيليات والتي تفتقرمعضمها  للمايتوكوندريا   تُدعى بالاركيزون التي تفتقر لمصادر الطاقة مما جعلها نقطة مركزية حول نقاش اصل حقيقيات النوى .انها تبدوا كما لو انها بقيت من وقت تحول بدائيات النوى الى حقيقيات النوى لكن قبل الحصول على المايتوكوندريا .وجود هذه الانواع بين انه وجود المايتوكوندريا حصل متأخرا عن صعود حقيقيات النوى وبذلك وُجهت ضربة لفكرة المنشأ _المفاجيء .
لكن هذه الضربة ارتدت في التسعينيات عندما ادرك العلماء ان الجيارديا وامثالها تملك جينات توجد فقط في المايتوكوندريا لحقيقيات النوى الاخرى .فهذه الاركيزون لابد من انها كانت تملك المايتوكوندريا سابقا وخسرتها لاحقا كما حدث عند الديدان الشريطية والطفيليات الاخرى التي فقدت الاعضاء  المعقدة  بعد اعتمادها الحياة الطفيلية. مع هذا التفسير للأركيزون عادت فكرة المنشأ المفاجيء للواجهة وبقوة.

اذا كانت المايتوكوندريا مهمة لهذه الدرجة لماذا تطورت لمرة واحدة فقط؟؟ولماذا لهذا السبب تطورت حقيقيات النوى لمرة واحدة ايضا ؟؟

نيك لين وبيل مارتن اجابا عن هذا السؤال في 2010 في ورقة بحثية نُشرت حينها ..ببساطة ان بدائيات النوى بقيت بسيطة لانهم لم يتحملوا نمط الحياة التي تستهلك الكثير من الغاز التي تولدها حميع حقيقيات النوى.
لين ومارتن جادلوا بانه لتصبح الخلية اكبر تحتاج لجينوم اكبر كمثال معدل جينوم حقيقيات النوى حوالي 100 الى 10000 مرة اكبر من معدل الجينوم لبدائيات النوى .لكن هذا الكُبر للجينوم لا يأتي مجانا بل الخلية به تحتاج الى طاقة اكبر لنسخ ال دنا واستخدام المعلومات المشفرة بواسطة الجينات لصنع البروتينات وهذه العملية هي  المهمة الاكثر تكلفة التي تقوم بها الخلية تستنزف ثلاث ارباع الطاقة الاجمالية .فالبكتريا او العتائق تحتاج 10 اضعاف الطاقة لتوسعة جينومها لعشرة اضعاف وذلك لتمويل بناء البروتينات الاضافية .

للحصول على جينوم اكبر لا بد من دفع التفاعلات المنتجة للطاقة لبدائيات النوى نحو الاغشية وبذلك خلية اكبر مع اغشية اكبر توفر امدادات طاقة اكبر .لكن خلية اكبر تحتاج ايضا الى صنع بروتينات اكثر ممايستلزم طاقة اكثر من التي حصلوا عليها من التوسع  .فلو خلية بدائية النوى ارتقت الى نفس حجم وجينوم خلية حقيقية النوى  يجب ان تنتهي ب 230000مرات  اقل من الطاقة التي تصرفها على كل جين حتى لو بقيت هذه على قيد الحياة وبشكل منعزل سيسهل التغلب عليها من بدائيات النوى الاخرى.

وبذلك علقت بدائيات النوى بالوادي الذي يبقيها بسيطة وصغيرة .لم يملكوا طريقة للخروج منه فقط لمرة واحدة هربت  هذه البادائيات من الوادي  بخدعة محتملة لتكتسب المايتوكوندريا.
المايتوكوندريا يحتوي داخليا اغشية مطوية على بعضها بشدة مما يعطي مساحة سطحية اكبر للتفاعلات الكيميائية  .لانتاج  الطاقة للخلية المضيفة له .هذه الاغشية تتضمن سلسلة من البروتينات تستخلص الطاقة من  تحرير  الالكترونات من جزيئات الطعام مُمررة اياها على طول السلسلة  مُضيفة  لها الاوكسجين .هذا وهذا ينتج فولتية عالية وجزيئات غير مستقرة فاي شيء خاطيء يؤدي بسهولة لموت الخلية.
لكن المايتوكوندريا لديها ايضا مخزون صغير من الدنا يُرمز  حوالي 12 من البروتينات التي تشارك في سلسلة نقل الالكترون.يمكنها ان تصنع اكثر او اقل من البروتينات المتشاركة للحفاظ على الفولتية عبر اغشيتها فهم يملكون القوة والسيطرة على تلك القوة ويفعلون هذا من دون الحاجة الى نواة وتلك البروتينات متخصصة بتسخير الطاقة المايتوكوندريا هي حقا مركز قوة الخلية حقيقية النواة.

بدائيات النوى لاتملك مراكز طاقة بل هي المراكز للطاقة لم تستطع ان تطوي اغشيتها الى الداخل اكثر للحصول على مساحة اكثر لتوليد الطاقة لكنها لم تكن تملك الحمض النووي الثانوي استيطاني منتج للجزيئات ذات الطاقة العالية فبالتالي لم يكن  للنواة الوقت او الطاقة الكافية للقيام بتجارب تطورية .والطريقة الوحيدة لعمل هذا هو الاندماج مع خلية اخرى عندما احد العتائق قامت بهذا قفزت بدائيات النوى من الوادي وبذلك دُعمت لتوسع جينومها للتجربه مع انواع جديدة من الجينات والبروتينات لتصبح اكبر وتُطور باستمرار طرق جديدة ومبتكرة يمكنها ان تشكل نواة لأحتواء المادة الجينية وامتصاص ميكروبات اخرى لتستخدمها كأعضاء صغيرة جديدة فيها مثل البلاستيدات الخضراء التي تؤدي عملية التمثيل الضوئي في النباتات.

حجة لين ومارتن اثبات قوي لفرضية المنشأ المفاجيء.فلتصبح الخلايا معقدة تحتاج الى استقرار ومجهزات طاقة لم تستطع ان توفرها غير المايتوكوندريا التي لولاها لبقيت بدائيات النوى الاخرى على كل ماقدمته من براعة تطورية لبقييت بسيطة وعبارة عن خلية واحدة دائما .
حجة لين ومارتن اثبات قوي لفرضية المنشأ المفاجيء.فلتصبح الخلايا معقدة تحتاج الى استقرار ومجهزات طاقة لم تستطع ان توفرها غير المايتوكوندريا التي لولاها لبقيت بدائيات النوى الاخرى على كل ماقدمته من براعة تطورية بقييت بسيطة وعبارة عن خلية واحدة دائما .الاندماج الذي ولد المايتوكوندريا احتماليته تبدوا مستحيلة الحصول فبه  ولمرة واحدة بدائيات النوى منذ اكثر من 3 مليار سنة  وبالرغم من ملامستها لبعضها البعض فبه فقط وجدت طريقها للتطور .
هذه اللااحتمالية لها اثار في البحث عن حياة اخرى في الكون ففي عالم اخر وبنفس الضروف الكيميائية لين مُتأكد ان       الحياة ممكن ان تظهر لكن بدون هذا الاندماج المصيري ستبقى الى الابد  مكروبية وربما سيكون هذا الجواب على  مفارقة فيرمي  بين الامكانية العالية لظهور ذكاء بين ملايين الكوكب في مجرة درب التبانة  وبين عدم وجود اي اشاره على هذا فلين كتب في عام 2010 ان الاستنتاج الذي لامفر منه الكون ممكن ان يكون ممتليء بالبكتريا لكن الحياة الاكثر تعقيدا سوف تكون نادرة.واذا وجدت حياة ذكية اخرى لابد ان يكون لديهم شيء ما يشبه المايتوكوندريا ايضا.

اصل حقيقيات النوى اصبح محسوما انه من بدائيات النوى بالرغم من الادلة الكثيرة التي تشير الى فكرة المنشأ المفاجيء لكن توجد هنالك معارضىين ايضا فهنالك من يدعم نظرية التطور البطيء من البدائيات الى الحقيقيات وهنالك من مازال متأثرا بشجرة ووس.ففي عام 2007 انتوني بول وديفيد بيني  انتقدوا نظرية المنشأ المفاجيء بقولهم”الاليات تم تصورها بخيالات غير مقيدة ” فالعتيقة والبكتريا لاتبتلع بعضها البعض.من السهل تصور كيف حقيقيات النوى البدائية اكتسبت مايتوكوندريا بابتلاع البكتريا لكن من الصعب جدا تصور كيف للعتائق البسيطة ان تفعل هذا..

لكن هذا الانتقاد فقد شيء من قوته بعدما وجد ان  حشرة البق   الدقيقي  توجد في خلاياها بكتريا تدعى تريمبالا تحتوي  بدورها على بكتريا بكتريا اخرى تُدعى ال مورنالا وبذلك هنا وجدت بدائية نواة في داخل بدائية نواة اخرى  حياة بطريقة او اخرى

لا تزال تفاصيل كيف حدث الاندماج الاولي مجهولة مع تفاصيلها لكن مارتن وضح قائلا “اعتقد ان لدينا خارطة الطريق العامة لكن ليس بكل تفاصيل ومعالم المكان فلدينا الصورة الكبيرة لكن ليس بتفاصيلها ”

http://nautil.us/issue/10/mergers–acquisitions/the-unique-merger-that-made-you-and-ewe-and-yew