بقلم: بيثني بروكشاير
ترجمة: ندى محمد علاوي
تصميم بوستر: بهاء محمد…
——————————

تقترح دراسة أجريت على الفئران أن العمل المتكرر طوال الليل قد يُسبب فقدان في خلايا الدماغ.

يرغب معظمنا في الحصول على مزيداً من النوم. لكن شيء ما في كل ليلة- سواءً كان الأطفال، العمل، أو تصفح الأنترنت- يُبقينا مستيقضين حتى وقت متأخر، وفي بعض الأحيان يُبقينا مستيقضين طوال الليل. في كثير من الأحيان نُريح أنفسنا بفكرة اذا لم يفلح شيء فنحن نستطيع تدارك الأمر ببضع ليالٍ من النوم المتواصل خلال عطلة نهاية الإسبوع.

ولكن تُظهر أبحاث جديدة أن الدماغ قد لا يكون مُتسامحاً مثلما نأمل. بالرغم من انه يُمكن التغاضي عن بضع ساعات إضافية على الأنترنت، لكن في حالة العمل طوال الليل- مثل أولئك المرتبطين بعمل تناوبي (ناهيكاً عن الأمومة والأبوه) قد ينتهي الأمر بقتل الخلايا العصبية.

ليس هنالك شك أن النوم مهم. حيثُ إنهُ ينقي الدماغ و يساعد على توطيد ذاكرتنا. قلة النوم تُضعف قدرتنا على التركيز، تجعلنا سائقين خطرين، وقد تجعلنا نأكل بكثره. تشانغ جينغ وزملائها من جامعة مدرسة بنسلفانيا بيرلمان للطب في فيلادلفيا كانو مهتمين في دراسة آثار قلة النوم على الدماغ. ” أرهق الكثير منا نفسهُ ليالٍ طويلة و\أو الليل كله. وإعتقدنا بأننا بحالٍ جيدة.” يقول سيغرد فيزي عالم الأعصاب في جامعة بنسلفانيا والمؤلف المُشارك في الدراسة. ” لكن ماهو التأثير؟ هل هنالك آلية تعويضية؟ أو هل يدفع الدماغ ثمن قلة النوم المتكررة”.

كان الباحثون مهتمين بصورة خاصة بما يُعرف بالموضع الأزرق (Locus Ceruleus). وهي منطقة عميقة من الخلايا العصبية في جذع الدماغ. ويلعب الموضع الأزرق دوراً هاماً في الإنتباه. مثلاً الإنتباه للفرق بين Fight و Flight وكذلك في دورات النوم الإستيقاظ المتكررة. ولكن الموضع الأزرق حساساً جداً للإجهاد والنوم في وقت متأخر. في الواقع قد تُصاب تلك الخلايا بالأنهاك.

لدراسة كيفية إستجابة الدماغ لقلة النوم، وضعت تشانغ وزملائها فئران في بيئات جديدة مُثيرة للإهتمام للعب مع فئران أخرى ووضعوا الكثير من الأشياء المثيرة للإكتشاف. في ملعب الفئران هذا يُمكن للباحثين إبقاء الحيوانات مستيقظة خلال أوقات نومهم الخاصة. فحص العلماء الفئران بجدول نومها الطبيعي، وأخرى متأخرة بثلاث ساعات من وقت نومها المُعتاد، وأخرى أبقيت مستيقظة بجدول تناوب ليلي. في جميع الحلات يُمكن للفئران الحصول على القدر الذي تحتاجه من النوم الليلي خلال فترة نشاطها.

وفي الدراسة التي نُشرت في 19 من مارس في مجلة علم الاعصاب، أظهرت تشانغ وزملائها بأن ثلاث ساعات من فقدان النوم في الفئران تنتج زيادة في الSirtuiu3 أو SIRT3 وهو بروتين في مايتدوكوندريا الخلية. لدى ال SIRT3 يقوم بالعديد من الوظائف. واحدة منها هي التقليل من المواد الكيميائية المسماة “أنواع الأوكسجين التفاعلية” “Reactive Oxygen Species” إختصارها (ROS) هذه الجزيئات قادرة على تعطيل وإلزام كل أنواع العمليات الخلوية. الROS منتجة بصورة طبيعية خلال الفعاليات اليومية للخلية. ولكن تراكمها بشكل كبير داخل الخلية يُمكن أن يُشكل خطورة على ربط الجزيئات بالبروتينات الإعتيادية مما يُسبب أضراراً تؤدي بنهاية المطاف إلى موت الخلايا.

أزدياد بروتين SIRT3 نتيجة لإبقاء الفئران مستيقضة لوقت متأخر، جعل خلايا الدماغ في الموضع الأزرق مستعدة للتعامل مع الROS. ولكن عندما سهرت الفئران طوال الليل، تم عكس الوضع. قلت مستويات ال SIRT3في الرنا, في حين مستويات الROS إستمرت بالزيادة. مع ثلاثة أيام من الحرمان من النوم لمدة ثمانٍ ساعات، بدأت الخلايا العصبية في الموضع الأزرق بالموت فعلاً. القيلولة لم تعوض عن الفقدان في النوم.

يبدو أن بروتين SIRT3 هو المفتاح لحماية الخلايا العصبية من التلف جراء تراكم جزيئات الROS خلال وقت متأخر من الليل. أما الفئران التي تفتقر إلى الجين الخاص ب SIRT3 فأن الحرمان من النوم لثلاث ساعات ادى إلى تضرر الخلايا العصبية بسبب الROS.

“نحن لم نفكر أن الدماغ يتضرر نتيجة لفقدان النوم” يقول فيزي “ولكن الآن نحن نفعل”. وأوضح أن الخطوة التالية ستكون معرفة ما إذا كان هنالك ضرر مماثل في البشر الذين يؤدون كميات كبيرة من العمال المتناوبه الليليه، ربما من خلال فحص الأدمغة بعد الوفاة” يخطط فيزي أيضا لمعرفة ما إذا كانت زيادة ال SIRT3يمكن أن تحمي من ثأثيرات العمل الليلي.

يقول عالم بيولوجيا الخلايا ماثيو هيرشي من جامعة ديوك ” بينما يبدو من المُثير للإهتمام أن نرى دوراً جديداً لل SIRT3في النوم، وضيفة المايتوكوندريا تمس البايولوجيا كثيراً. أضف إلى ذلك، أن كل خلية في الجسم تملك بروتين SIRT3 في المايتوكوندريا الخاصة بها, فأن زيادة ال SIRT3يملك تأثيرات أكثر من حماية خلاياك العصبية من السهر لوقت متأخر في الليل” ويضيف ” بصورة عامة، يبدوا أنه شيءً جيداً، ولكن بعض الخلايا السرطانية تملك SIRT3 عالً كذلك”.

سيكون من المهم أيضاً معرفة ما إذا كان يمكن للموضع الأزرق إسترداد الفقدان في الخلايا العصبية. وحتى إن حدث ذلك، مجموعة تشانغ لم تقم بتنفيذ دراسة سلوكية لمعرفة ما إذا كان حرمان النوم في الفئران يسبب عجز في الإنتباه والذاكرة. أو إذا كانت هذه التأثيرات يمكن عكسها بنوم الإنتعاش. كما إنهم لا يعرفون إيضاً ما إذا كان الفقدان في الخلايا العصبية يستمر على طول فترة العمل التناوبي الليلي. أو أن يمكن للدماغ ضبط ذلك. ولكن يقول فيزي النتائج الحالية مخيفة كفايةً ” كل فرد منا في المختبر أخذ موضوع النوم بجدية اكبر مما كنا معتادين على أخذه”

رابط الموضوع : https://www.sciencenews.org/blog/scicurious/lost-sleep-could-mean-lost-neurons