لا شك في أن الرحلة العقلية التي قطعتها البشرية عبر تاريخها هي رحلة انتقال من الجهل والخرافة باتجاه العلم والبحث الموضوعي الذي يرتكز على أدلة مقنعة. ولقد ظلت البشرية تستند إلى رؤية خرافية في تفسير أحداث الكون إلى أن بدأ الإنسان رحلته الشاقة والطويلة لاستكشاف العلل الحقيقية التي تكمن وراء الأحداث .لكن الغريب أن الإنسان المعاصر الذي قطع أشواطًا بعيدة من هذه الرحلة نحو حضارة وتفكير يقومان على منطق السببية الذي يفسر الظواهر الطبيعية والبشرية منطلقا من أرضية البحث التجريبي هذا الإنسان لايزال يحمل فوق كاهله طبقات متراكمة من آثار تفكيره الخرافي في الحقب السابقة > فغدا يقف في مفترق طريق j للتفكير أحدهما يجذبه إلى إعمال العقل والآخر يغريه بالنكوص إلى مراحل الطفولة الإنسانية الذي يتلازم معها التفسير عشوائي للظواهر.

 

نحن بحاجة الى محاولات لاستبطان حيرة الإنسان المعاصر وهو يقف في هذا المفترق الحرج والطريق المتناقض في التفكير. كما يتعين علينا ان نكشف عن تورط بعض العقول في تبني الكثير من الأفكار الخرافية لتفسير بعض الظواهر ا لمعقدة وإسهام وسائل الإعلام في ترويجها. أن العجز المرحلي للعلم عن تفسير بعض ظواهر الكون لا يعني أن نندفع إلى الخرافة قفزا على قواعد التفكير السليم التي أثبتت قدرتها على تحقيق إنجازات هائلة انتقلت بالبشرية نقلة نوعية حاسمة > وبدلا من ذلك فإن علينا مواصلة البحث العلمي وتشجيعه لنستكمل رحلة الإنسان إلى عالم المستقبل وليس إلى غياهب الماضي.

 

د. عبد المحسن صالح